هل من تمرد عربي على محور السعودية القاهرة؟؟
هل سينجح ’التمرد’ ضد هيمنة النظامين المصري والسعودي على اليات العمل العربي؟
لندن - خالد الشامي:
كانت الضبابية مازالت تخيم على ما بدت وكأنها ’حرب قمم عربية’ لاتقل في شراستها عن العدوان الاسرائيلي على غزة. وكانت الشكوك تتراكم حول اذا ما كانت اي من القمم ستنجح في اتخاذ القرارات القادرة على انقاذ اهل غزة من الثور الاسرائيلي الهائج.
وبين قمة الكويت الاقتصادية المقررة الاثنين، وقمة الدوحة الطارئة من اجل غزة المقررة الجمعة، وقمة الرياض الخليجية الطارئة المخصصة لغزة المقررة اليوم، تزدهر بورصة التكهنات والتوقعات، ولسان الحال لدى البعض يقول: تعددت القمم والعجز العربي واحد.
فهل قمة الرياض تهدف لمساعدة غزة حقا ام الى اجهاض قمة الدوحة؟ وما الجديد الذي ستقدمه لغزة هذه المرة، ولم تقدمه في اجتماعها الاخير؟ وهل ستنجح قمة الدوحة في حال انعقادها بمن حضر في اتخاذ قرارات عملية، ام انها ليست الا فرصة للانقلاب على هيمنة النظامين المصري والسعودي على آليات العمل العربي الرسمي؟ واين كل هذه القمم بينما كان اهل غزة يتعرضون للذبح طوال العشرين يوما الماضية؟ وهل سيؤدي جرح غزة الى تعميق الانقسام العربي بين محوري مصر ـ السعودية / قطر ـ سورية بدلا من ان تساعد في تقليصه؟ ام ان صراخ الضحايا في غزة ليس سوى دليل على المخاض الصعب الذي سيؤدي الى ولادة نظام عربي جديد، لايحتكره قادة ما يسمى بمحور الاعتدال؟
تبدو الاسئلة اكثر من الاجابات الا ان مجرد دعوة الدوحة للقمة الطارئة نجح دون شك في وضع ضغوط قوية على القاهرة والرياض اثمرت في الحالة الاولى عن تعديل الخطاب الرسمي المصري تجاه موقف حماس من مـــبادرة الرئيس مبارك بهدف التوصل الى وقف العدوان قبل يوم الجمعة مما سيؤدي عمليا الى افـــراغ قمة الدوحة من مغزاها، وفي الحالة الثـــانية اجبرت السعودية على الدعوة الى قمة ’استبــاقية’ بهدف حرمان قطر من شرف السبق لعقد قمة من اجل غزة.
انه صراع قديم/ جديد يتجاوز السياسة الى الاعلام ولا تقصه الابعاد الاقليمية، لكنه يبدو عند هذه النقطة يصل الى ذروة غير مسبوقة، قد لا يخرج النظام العربي منها بأي قدر من المصداقية على اي حال.
ويرى مراقبون ان العدوان على غزة وما يصاحبه من تقلصات وحروب داخل النظام العربي تؤكد مجددا حاجته الى اعادة انتاج نفسه في مواجهة عالم واقليم متحولين.
ويبدو ان الانظمة العربية التي تقود ما يمكن وصفه بتحدي هيمنة المحور المصري السعودي لا تقتصر على اولئك المحسوبين على ما يعرف بالمحور الايراني، بل تشمل زعامات شابة عديدة ترى ان الوقت حان لاعادة النظر في فاعلية عمل النظام العربي عبر تطويرميثاق الجامعة العربية الذي مازال يشـــترط الاجماع لاتخاذ القرارات، ناهيك عن افتقاره الى آليات لتنفيذ القرارات الضرورية للحفاظ على القدر الادنى من المصــداقية. وكان الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى اقر ضمنيا بمدى ’الاهتراء والهوان’ في العمل العربي، ما اعتبره البعض خطاب نعي للنظام العربي الرسمي التقليدي دون ان تتضح ملامح نظام جديد، ما يترك الجميع في حالة من الفراغ او الفوضى بين مرحلتين.
ولا شك ان قادة النظام العربي ’القديم’ اصبحوا يشعرون بمدى التهديد الذي يواجهونه، ما دفعهم الى حملة دبلوماسية واسعة لمنع النصاب المطلوب لقمة الدوحة من الاكتمال، الا انهم لن يستطيعوا تفادي الضرر الذي سيلحق بهم، حتى اذا كان ما ستشهده الدوحة مجرد اجتماع بمن حضر وليس قمة رسمية برعاية الجامعة العربية. وسيرى كثيرون في الشارع العربي ان نظامي مصر والسعودية يتحملان مسؤولية تكريس الانقسام العربي، ناهيك عن التقاعس عن انجاز تحرك عربي ملموس لانقاذ غزة.
وفي القاهرة التي اصبحت مركزا اساسياً للتحركات الدبلوماسية خلال الايام الماضية، بدا وزير الخارجية احمد ابو الغيظ مستاء من الدعوة لقمة الدوحة، معللا مقاطعة مصر بانها تهدف الى’حماية قمة الكويت’، كما انه لم يتورع عن تسمية الدول الرافضة للحضور في تجاوز للاعراف الدبلوماسية التي تقتضي ان تعلن تلك الدول مواقفها بنفسها.
الا ان مصدرا دبلوماسيا اكد ان الموقف من قمة الدوحة تمليه عوامل لا علاقة لها بقمة الكويت، وهي:
ـ ان القاهرة تعتبر ان قمة الدوحة ستنفذ جدول اعمال ايرانيا يقضي بالضغط على مصر بشأن معبر رفح وقطع العلاقات مع اسرائيل.
- ان القاهرة تشعر باستياء من اي دعوة لقمة عربية طارئة لا تتم بالتشاور معها باعتبار انها دولة المقر، وترى فيها محاولة لعزلها.
- ان القاهرة تحمل القيادة القطرية مسؤولية ما ترى انها حملة اعلامية قادتها قناة الجزيرة ضد الموقف المصري منذ بداية الازمة.
الا ان ما لا يتحدث عنه المسؤولون المصريون والسعويون هو انهم غاضبون مما يعتبرونه ’تغولا’ من قطر على مجالات نفوذهم الطبيعية وخاصة في السودان، والصــــومال، ولبنان واليمن وغيرها. وهكذا يبدو ان غزة تدفع ثمن تراث ثقيل من التعقيدات والخلافات العربية العربية. وليس من الواقعي تصور امكانية تجاوزها بين ليلة وضحاها.
ولا يساعد كون سورية الرئيس الحالي للقمة العربية على حضور مصر والسعودية لاي اجتماع برئاستها. بل ان معلومات تسربت في القاهرة تشير الى ان التمثـــل المصري للقمة الاعتيـــادية التي ستستضيفها قطر في نهــاية شهر آذار (مارس) المقبل سيكون في ادنى مستوى ممكن، ما سيطرح اسئلة حول ان كان النظام العربي قابل للاصلاح اصلا في صيغته الحالية ام ان العرب يحتاجون مؤسسة حديثة قادرة على تأمين مصالحهم في القرن الواحد والعشرين.
وهكذا اصبح حضور القمم العربية من عدمه او مستوى التمثيل فيها سلاحا سياسيا في العلاقات العربية العربية. وتشير دعاية تلفزيونية انتجتها حكومة الكويت حول القمة المقررة الاثنين المقبل الى ان الاهمية الدعائية للقمم العربية ربما اصبحت تفوق ما دون سواها. اما ما يمكن ان تتمخض عنه القمم فسيبقى غالبا محل تندر وسخرية في العالم العربي حتى اشعار اخر.
*عن موقع الملاذي
هل سينجح ’التمرد’ ضد هيمنة النظامين المصري والسعودي على اليات العمل العربي؟
لندن - خالد الشامي:
كانت الضبابية مازالت تخيم على ما بدت وكأنها ’حرب قمم عربية’ لاتقل في شراستها عن العدوان الاسرائيلي على غزة. وكانت الشكوك تتراكم حول اذا ما كانت اي من القمم ستنجح في اتخاذ القرارات القادرة على انقاذ اهل غزة من الثور الاسرائيلي الهائج.
وبين قمة الكويت الاقتصادية المقررة الاثنين، وقمة الدوحة الطارئة من اجل غزة المقررة الجمعة، وقمة الرياض الخليجية الطارئة المخصصة لغزة المقررة اليوم، تزدهر بورصة التكهنات والتوقعات، ولسان الحال لدى البعض يقول: تعددت القمم والعجز العربي واحد.
فهل قمة الرياض تهدف لمساعدة غزة حقا ام الى اجهاض قمة الدوحة؟ وما الجديد الذي ستقدمه لغزة هذه المرة، ولم تقدمه في اجتماعها الاخير؟ وهل ستنجح قمة الدوحة في حال انعقادها بمن حضر في اتخاذ قرارات عملية، ام انها ليست الا فرصة للانقلاب على هيمنة النظامين المصري والسعودي على آليات العمل العربي الرسمي؟ واين كل هذه القمم بينما كان اهل غزة يتعرضون للذبح طوال العشرين يوما الماضية؟ وهل سيؤدي جرح غزة الى تعميق الانقسام العربي بين محوري مصر ـ السعودية / قطر ـ سورية بدلا من ان تساعد في تقليصه؟ ام ان صراخ الضحايا في غزة ليس سوى دليل على المخاض الصعب الذي سيؤدي الى ولادة نظام عربي جديد، لايحتكره قادة ما يسمى بمحور الاعتدال؟
تبدو الاسئلة اكثر من الاجابات الا ان مجرد دعوة الدوحة للقمة الطارئة نجح دون شك في وضع ضغوط قوية على القاهرة والرياض اثمرت في الحالة الاولى عن تعديل الخطاب الرسمي المصري تجاه موقف حماس من مـــبادرة الرئيس مبارك بهدف التوصل الى وقف العدوان قبل يوم الجمعة مما سيؤدي عمليا الى افـــراغ قمة الدوحة من مغزاها، وفي الحالة الثـــانية اجبرت السعودية على الدعوة الى قمة ’استبــاقية’ بهدف حرمان قطر من شرف السبق لعقد قمة من اجل غزة.
انه صراع قديم/ جديد يتجاوز السياسة الى الاعلام ولا تقصه الابعاد الاقليمية، لكنه يبدو عند هذه النقطة يصل الى ذروة غير مسبوقة، قد لا يخرج النظام العربي منها بأي قدر من المصداقية على اي حال.
ويرى مراقبون ان العدوان على غزة وما يصاحبه من تقلصات وحروب داخل النظام العربي تؤكد مجددا حاجته الى اعادة انتاج نفسه في مواجهة عالم واقليم متحولين.
ويبدو ان الانظمة العربية التي تقود ما يمكن وصفه بتحدي هيمنة المحور المصري السعودي لا تقتصر على اولئك المحسوبين على ما يعرف بالمحور الايراني، بل تشمل زعامات شابة عديدة ترى ان الوقت حان لاعادة النظر في فاعلية عمل النظام العربي عبر تطويرميثاق الجامعة العربية الذي مازال يشـــترط الاجماع لاتخاذ القرارات، ناهيك عن افتقاره الى آليات لتنفيذ القرارات الضرورية للحفاظ على القدر الادنى من المصــداقية. وكان الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى اقر ضمنيا بمدى ’الاهتراء والهوان’ في العمل العربي، ما اعتبره البعض خطاب نعي للنظام العربي الرسمي التقليدي دون ان تتضح ملامح نظام جديد، ما يترك الجميع في حالة من الفراغ او الفوضى بين مرحلتين.
ولا شك ان قادة النظام العربي ’القديم’ اصبحوا يشعرون بمدى التهديد الذي يواجهونه، ما دفعهم الى حملة دبلوماسية واسعة لمنع النصاب المطلوب لقمة الدوحة من الاكتمال، الا انهم لن يستطيعوا تفادي الضرر الذي سيلحق بهم، حتى اذا كان ما ستشهده الدوحة مجرد اجتماع بمن حضر وليس قمة رسمية برعاية الجامعة العربية. وسيرى كثيرون في الشارع العربي ان نظامي مصر والسعودية يتحملان مسؤولية تكريس الانقسام العربي، ناهيك عن التقاعس عن انجاز تحرك عربي ملموس لانقاذ غزة.
وفي القاهرة التي اصبحت مركزا اساسياً للتحركات الدبلوماسية خلال الايام الماضية، بدا وزير الخارجية احمد ابو الغيظ مستاء من الدعوة لقمة الدوحة، معللا مقاطعة مصر بانها تهدف الى’حماية قمة الكويت’، كما انه لم يتورع عن تسمية الدول الرافضة للحضور في تجاوز للاعراف الدبلوماسية التي تقتضي ان تعلن تلك الدول مواقفها بنفسها.
الا ان مصدرا دبلوماسيا اكد ان الموقف من قمة الدوحة تمليه عوامل لا علاقة لها بقمة الكويت، وهي:
ـ ان القاهرة تعتبر ان قمة الدوحة ستنفذ جدول اعمال ايرانيا يقضي بالضغط على مصر بشأن معبر رفح وقطع العلاقات مع اسرائيل.
- ان القاهرة تشعر باستياء من اي دعوة لقمة عربية طارئة لا تتم بالتشاور معها باعتبار انها دولة المقر، وترى فيها محاولة لعزلها.
- ان القاهرة تحمل القيادة القطرية مسؤولية ما ترى انها حملة اعلامية قادتها قناة الجزيرة ضد الموقف المصري منذ بداية الازمة.
الا ان ما لا يتحدث عنه المسؤولون المصريون والسعويون هو انهم غاضبون مما يعتبرونه ’تغولا’ من قطر على مجالات نفوذهم الطبيعية وخاصة في السودان، والصــــومال، ولبنان واليمن وغيرها. وهكذا يبدو ان غزة تدفع ثمن تراث ثقيل من التعقيدات والخلافات العربية العربية. وليس من الواقعي تصور امكانية تجاوزها بين ليلة وضحاها.
ولا يساعد كون سورية الرئيس الحالي للقمة العربية على حضور مصر والسعودية لاي اجتماع برئاستها. بل ان معلومات تسربت في القاهرة تشير الى ان التمثـــل المصري للقمة الاعتيـــادية التي ستستضيفها قطر في نهــاية شهر آذار (مارس) المقبل سيكون في ادنى مستوى ممكن، ما سيطرح اسئلة حول ان كان النظام العربي قابل للاصلاح اصلا في صيغته الحالية ام ان العرب يحتاجون مؤسسة حديثة قادرة على تأمين مصالحهم في القرن الواحد والعشرين.
وهكذا اصبح حضور القمم العربية من عدمه او مستوى التمثيل فيها سلاحا سياسيا في العلاقات العربية العربية. وتشير دعاية تلفزيونية انتجتها حكومة الكويت حول القمة المقررة الاثنين المقبل الى ان الاهمية الدعائية للقمم العربية ربما اصبحت تفوق ما دون سواها. اما ما يمكن ان تتمخض عنه القمم فسيبقى غالبا محل تندر وسخرية في العالم العربي حتى اشعار اخر.
*عن موقع الملاذي