مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/07/18 18:56
أيها الدعاة الزموا مساجدكم

بسم الله الرحمن الرحيم
 
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين
 
أما بعد:
 
أيها الدعاة الكرام يا ورثة الأنبياء ويا أحسن الناس عملا (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ).
 
يازينة الدنيا ويا هداة القوم في الظُلَم:
 
 إني والله أحبكم وأحب عملكم الجليل فخذوا نصيحة محب: الزموا مساجدكم فهو خير لكم .
 
في زمن الغربة التي نعيشها والهجمة الشرسة التي توجّه لنا من جهات شتى تلبس لباسنا وتنطق بألسنتنا ويقوم عليها بعض بني جلدتنا في حرب فكرية تهدف إلى زعزعة ثوابت الدين ومحكمات الشريعة عبر برامج وأفلام ممنهجة، فإن القوم لما عرفوا -من خلال ممارستهم الطويلة في الإفساد- أن المواجهة والتشويه لم تجد شيئا، زيّن لهم الشيطان المكر الكبّار في غزو حصون المسلمين، مستغلّين غفلة حرّاس الحصن عن حصنهم، وذلك بتزويق الباطل واتخاذ منهج التشكيك في الأحكام.
 
ومثال ذلك: حجاب المرأة، وكشف وجهها، وسماع الأغاني، وغيرها.
 
وحرب التشكيك بدأت بتشويه العلماء والدعاة أولاً، ثم مرروا التشكيك إلى باب العقيدة، فجعلوا الحق والباطل في كفة واحدة مرتدين ثوب محاربة الطائفية، وما علموا أن أهل السنة هم الأمة ومن سواهم هم الفرق الباطلة.
 
كل هذا وأنتم يا معشر الدعاة تبذلون جهداً مشكوراً إلا أنه خارج الحصن.
 
معشر الدعاة ألستم ممن شرف بلزوم المساجد مع علماء أجلاء علّموكم ووجّهوكم؟ فقمتم بعد ذلك في الدعوة إلى الله.
 
بدايتكم المساجد، شهرتكم من المساجد، القبول لكم حصل من المساجد، فلما خرجت التقنيات الحديثة هجر البعض منكم المساجد مستغنيًا بالتقنية الحديثة عنها.
 
لماذا المساجد؟
 
لأنها البيوت التي يحبها الله.
 
ولأنها سبب التلاحم بين المؤمنين.
 
ولأن أهلها هم الممدوحون في كتاب الله. 
 
ولأنها تقوي الرابطة الإيمانية بينكم وبين طلابكم.
 
ولأنها التي تصقل القدوات.
 
أما التقنية الحديثة (برامج فضائية، تويتر، سناب، انستغرام، مواقع على الشبكة) مع نفعها إلا أنها تابع لا متبوع، تابع للمسجد لا مستقلٌّ عنه.
 
فهي لا تربطك بمتابعيك كالمسجد.
 
ولا تحقق الأخوة الإيمانية بين طلابك كما المسجد.
 
ولا يتحقق فيك الاقتداء كما في المسجد.
 
انظر حال السلف مع المسجد وأين نحن منهم: 
 
قال ربيعة بن يزيد : ما أذن المؤذن لصلاة الظهر منذ أربعين سنة إلا وأنا في المسجد إلا أن أكون مريضًا أو مسافرًا. [السير 5/240]
 
وقال يحيى بن معين عن يحيى بن سعيد : إنه لم يفته الزوال في المسجد أربعين سنة. [السير 9/181]
 
وقال سعيد بن المسيب: ما فاتتني التكبيرة الأولى منذ خمسين سنة وما نظرت في قفا رجل في الصلاة منذ خمسين سنة. [وفيات الأعيان 2/375]
 
ونقل ابن سعد عنه أنه قال: ما سمعت تأذيناً في أهلي منذ ثلاثين سنة. [الطبقات 5/131]
 
وقال وكيع بن الجراح: كان الأعمش قريبًا من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى. [تذكرة الحفاظ 1/154]
وبعض السلف لم تفته التكبيرة الأولى مع الإمام إلا في يوم واحد منذ أربعين سنة ولعذر، فقد قال ابن سماعة: مكثت أربعين سنة لم تفتني التكبيرة الأولى إلا يوم ماتت أمي. [السير 10/646]
 
وهذا إبراهيم بن ميمون المروزي أحد الدعاة المحدثين الثقات من أصحاب عطاء بن أبي رباح، وكانت مهنته الصياغة وطرق الذهب والفضة، قال ابن معين: كان إذا رفع المطرقة فسمع النداء لم يردّها. [تهذيب التهذيب1/151]
 
وقد حث سفيان بن عيينة على السير إلى الصلاة حتى قبل النداء فقال: لا تكن مثل عبد السوء لا يأتي حتى يدعى، ائت الصلاة قبل النداء. [التبصرة 1/137]
 
وإذا كان هذا ما عرفناه من اهتمامهم بالصلاة وبتكبيرة الإحرام خصوصًا، فلا غرابة إذا قال إبراهيم النخعي: إذا رأيت الرجل يتهاون بالتكبيرة الأولى فاغسل يديك منه. [صفة الصفوة 3/88] 
لا تعليق على ما مضى.
 
أيها الدعاة الأكارم الزموا مساجدكم لتجفّفوا منابع الغلو والجفاء.
 
الزموا مساجدكم لتفنّدوا شبه المرجفين.
 
أعيدوا وهج المساجد ودورها.
 
الرزيّة كل الرزيّة أن يتابع الشباب اليوم وسائل التقنية الحديثة ثم يشرعون في طرح مواد مرئية ومسموعة ومكتوبة وكثير منهم لم يقرأ على شيخٍ عقيدة السلف أصحاب الحديث أو كتاب التوحيد للمقريزي أو الواسطية أو الطحاوية أو كشف الشبهات أو القواعد الأربع أو الأصول الثلاثة، ثم يخوض في مسائل لو عرضت على عمر رضي الله عنه لجمع لها أهل بدر.
 
فضلاً عن الجهل في أحكام العبادات، فكثير من الشباب اليوم لا يعرف العمدة، ولا الروضة الندية، ولا بداية المجتهد، ولا زاد المستقنع، وإلى الله المشتكى!
 
أيها الدعاة:
 
لا أقلل من جهدكم المبارك إلا أنَّ ثني الركب في المساجد هي سبيل بناء وثبات الحق.
وأخيراً:
 
أيها الدعاة:
 الزموا مساجدكم 
 
وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
 
وكتبه وليد بن عثمان الرشودي
أضافة تعليق