مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/02/23 17:38
اليمن بين طريقين لا ثالث لهما

د. محمد صالح المسفر

د. محمد صالح المسفر

صفحة الكاتب

يتردد في وسائل الإعلام الخليجي المناصر لعاصفة الحزم كلام لا يوحي بالطمأنينة على مستقبل اليمن وعاصفة الحزم المناصرة للقيادة اليمنية الشرعية بقيادة عبد ربه منصور هادي، إنها أفكار شيطانية يروج لها بحسن نية كتاب سعوديون مرموقون.

(2)

تعب الرئيس السابق علي عبد الله صالح والحوثي من القتال، وضاقت دائرة نفوذهم على صعيد اليمن، دمروا اليمن على مدار خمس سنوات، على ما فيه من دمار، طوال حكم الرئيس السابق المتنقل بين دواعيس صنعاء ومغارات جبالها وكذلك الحوثي وزبانيته، فراحوا يبحثون عن مخرج والالتفاف على مستقبل اليمن بأفكار شيطانية حبك صياغتها خبراء إيرانيون بالتعاون مع صالح والحوثي. يقود تلك الأفكار ويروجها، ومع الأسف، شخصية يمنية لأسرته تاريخ مجيد وتم اختياره ناطقا باسمها.

ولا أدري إن كان ترويجه لتلك الأفكار يتم بحسن نية أم أنه أداة من أدوات شياطين الأفكار الالتفافية. الأستاذ مصطفى النعمان المروج لتلك الأفكار سفير سابق وليس بعيدا عن دائرة على عبد الله صالح يدعو إلى "طريق ثالث" كما يقول لأن السلطة الشرعية لم تحقق انتصارا على خصومها الحلف الثنائي (صالح والحوثي)، ولأن الحلف الثنائي أيضاً لم يحقق انتصارا على الشرعية وعلى ذلك يروج فكرة "الطريق الثالث"

(3)

إذا نظرنا وتفحصنا السيرة الذاتية لقيادات الطريق الثالث المقترحة أسماؤهم، هنا نستشعر الخطر، أذكر منهم على سبيل المثال السيد أحمد الكحلاني، كان أمين العاصمة اليمنية صنعاء، وقد مكن الحوثيين من مفاصل العاصمة إداريا واقتصاديا وأمنيا، أصغر بناته زوجة للرئيس المخلوع صالح، ولن يذهب بعيدا عنه، إسماعيل الوزير المستشار القانوني للأماميين والحركة الحوثية، ومن أهم إنجازاته عندما كان وزير عدل تمكين الأماميين من جهاز القضاء، وممثل الحوثيين في لجنة صياغة الدستور الذي انقلب عليه تضامنا مع القيادة الحوثية. العميد على الكحلاني مدير المؤسسة الاقتصادية العسكرية والمشهود لها بالفساد والتبعية وهو شقيق أحمد الكحلاني، وكذلك أحمد محمد صوفان نائب رئيس الوزراء ووزير التخطيط سابقا شهد بفساده البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وأوصيا بتنحيته.

إنها قائمة تطول، وبمكر ودهاء من علي عبد الله صالح وغرفة إدارة الأزمة اليمنية التي تجتمع مع أركان هذا الطرف في دولة خليجية لتدارس الأفكار وحبك المؤامرات ضد المملكة العربية السعودية لإجهاض مشروع عاصفة الحزم التي هللنا لها وأيدناها عن وعي لا عن انفعال، وفي الوقت نفسه يقول أركان " الطريق الثالث " إنهم لم يؤيدوا عاصفة الحزم ولم يعارضوها، وفي تقديري من لم يكن مع عاصفة الحزم فهو ضدها ويعمل على هزيمتها.

مع الأسف استطاعت تلك الفرقة إقناع بعض أصحاب الرأي وكتاب الأعمدة في الصحافة الخليجية خصوصا السعودية بتبني تلك الأفكار والترويج لها بوعي أو من دون وعي راحوا يكتبون داعين لتبني ذلك المشروع "الطريق الثالث"

(4)

ما هو المطلوب اليوم؟ والحق أن المطلوب هو ألّا يعلو صوت على صوت مشروع عاصفة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية وأشقائها في مجلس التعاون الخليجي والذي يرتكز على معاونة السلطة الشرعية على استعادة اليمن من خاطفيه صالح والحوثي، و تطهير اليمن من إتباع الولي الفقيه في طهران وقطع دابرهم في كل أرجاء جزيرة العرب، و دعم القيادة اليمنية في عدن لتتمكن من تحرير تعز وترسيخ قواعد الأمن في كل أرجاء اليمن.

يدور حديث بين كثيرين من رواد المجالس الخليجية أن تحرير تعز متعطل لأسباب تعود إلى وجود شبهة في أن القيادات الفاعلة على أرض تعز هم من حزب الإصلاح وعلى ذلك تمتنع بعض أطراف التحالف العربي من إمداد القوى الشعبية المقاتلة والجيش اليمني في تعز وعلى تخومها بالسلاح والذخائر المتطورة، والمال الكافي للمقاتلين، رغم تشكيل قيادة عسكرية وتغيير المحافظ وتشكيل إدارة ليست قائمة على طرف دون طرف. والرأي عندي تعالوا نحرر تعز ونعيد الأمن إلى رحابها وتعالوا استلموها وأديروها كما تشاؤون بعيدا عن الحزبية والتطرف.

تتردد معلومات أن تحرير ميد قد تم، ولكن انتكس في اليومين الأخيرين لأسباب تعود إلى عدم توسيع دائرة تحرير ميد وتزويد القوة المقاتلة الشرعية بالسلاح والذخائر اللازمة بما في ذلك كاسحات ألغام لأن الحوثيين زرعو الأرض ألغاما في كل اتجاه وغير مجد الزج بقوات مشاة دون إزالة الألغام، وبما أن القوة التابعة لصالح والحوثي تعرف مواقع الألغام استطاعت إعادة الكرة على قوات الشرعية.

(5)

النتيجة التي أريد الوصول إليها: أن على القيادة الميدانية في جبهات القتال ضد الخارجين عن الشرعية في اليمن، والقيادة السعودية عليها تحديدا أن تجري مراجعة حقيقية لتعاملها مع العنصر القبلي، أن ذلك التعامل مع القبيلة لن يجدي نفعا، وأن التعامل مع جهاز الدولة اليمنية هو الأصح والأبقى والأكثر فاعلية، لأنك تعرف من تحاسب في حالة الفشل، أما الشأن القبلي فالهزيمة لا أب لها ولا تستطيع المحاسبة ولو أنفقت مال قارون. لقد مررنا بالتجربة القبلية في مطلع ستينيات القرن الماضي وبقينا في حرب دامت أكثر من خمسة أعوام إلى أن تعاملنا مع الدولة ووضعت الحرب أوزارها في ذلك الزمان.

إن الإنفاق على الجيش وقياداته وتسليحه مدعوما بالقوى الوطنية التي تقاوم الباغين على السلطة بأحدث الأسلحة وهي متوافرة في مخازن دول التحالف العربي ولعلي لا أذيع سرا عسكريا إذا قلت إن كل انتصار لقوات التحالف في كل الجبهات يعقبه انكسار والسبب كما يقول المراقبون والمتابعون للواقع اليمني عدم الاستمرار في دعم الجبهات المتقدمة بالسلاح المتطور والذخيرة والمال.

إني أنبه صناع القرار في الرياض خصوصا وفي عواصم مجلس التعاون عموما إلى خطورة الصمت أو التعامل أو التقليل من خطورة الأفكار المطروحة للتداول اليوم على وسائل الإعلام وفي بعض العواصم الأجنبية الداعية إلى "فكرة الطريق الثالث" إنها أفكار التفافية لتدعيم مكانة الحوثيين التابعين لإيران وعلي عبد الله صالح وعودتهم إلى السلطة، ويجب التأكيد على أن هناك طريقين لا ثالث لهما إما أن تكون مع الشرعية وعاصفة الحزم وإما أن تكون مع البغاة على السلطة وأتباع الولي الفقيه وأدعو سليل بيت العلم والوطنية السفير مصطفى النعمان ترك هذه العصبة المخيفة في غيها.  

 

أضافة تعليق