قال ابن عطاء الله:
1- متى فتح لك باب الفهم في المنع ،صار المنع عين العطاء....
2- لا يكن تأخر أمد العطاء مع الإلحاح في الدعاء موجبا ليأسك، فهو ضمن لك الإجابة، فيما يختاره لك، لا فيما تختاره لنفسك، و في الوقت الذي يريد لا في الوقت الذي تريد.
الحركة في سيرها إلى الله لتحقيق أهداف الإسلام الكبرى من عبودية وتمكين ،تعترض طريقها المحن والعوائق والموانع: امتحانا وتمييزا وابتلاء وتصفية...
فلا ينبغي لقادتها وابنائها أن ييأسوا وينكمشوا وينفضوا أيديهم من العمل والأمل.. بل تزيدهم حرارة التحديات والمظالم ثباتا وايجابية ونشاطا ..
فمن ظلمات اليأس يولد فجر الأمل..: حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا...
ومن صخرة الحصار ينبثق نور التمكين والمراغمة والاصرار: ولا يتسع الأمر إلا إذا ضاق: الله أكبر فتحت اليمن...الله أكبر فتحت الشام....
وبين مطرقة التزوير وسندان التقصير تتشكل معالم التحدي والتغيير...:يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون...
ومن ضيق الصدر وفقدان الأمل وقمة الاحباط وذهاب الرؤية...تشتم رائحة اليقين والسكينة والتمكين من بعيد: فلما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون.
منح ولطائف في ظلال الحرمان والمنع:
إن المتأمل والمحلل لنتائج الانتخابات الأخيرة التي طبخت فيها الأرقام ونفخت وسلخت:
إذا نظر إليها من زاوية الحرمان ونصف الكأس الفارغ:
- يصاب بالإحباط والقنوط ...
- ييأس من الجماهير وعملية التغيير...
- يكره كلمة ساس ويسوس وسياسة...
- يشك في منهجه السلمي التدرجي الهادئ...
- يتعاطف مع المقاطعين والمتوترين...
- يجلد حركته وقيادته وإخوانه....
أما إذا نظر إليها من زاوية عين العطاء و نصف الكأس المملوء:تيقن من الحقائق الآتية:
- أولا: هذا آخر مسمار يدق في نعش التزوير والظلم و الاستهتار..
- ثانيا: معايشة الناس والتخندق معهم:حبا وخدمة وفرحا وحزنا هي أقرب طريق للوصول..:من قال هلك الناس فهو أهلكهم..أو قد أهلكهم...
- ثالثا: الرضا عن النفس والاعجاب بكثرة العدد والعدة لا تغني شيئا:ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين..
- رابعا: فقه التبرير وتآمر الآخر ليس مبررا كافيا لدفن الأخطاء وتبرير الفشل والخلل:
يقول المفكر: بكار: علينا أن نكف عن ممارسة دور الضحية ودور المظلومين الذين اعتُدي عليهم، وسُلبت حقوقهم. الأمة تعزو تخلفها إلى الاستعمار القديم والجديد، والمدارس تعزو إخفاقها في تخريج جيلٍ يعرف ويحب المعرفة إلى تقصير الأسر أو تقصير الجهات العليا في إمدادها بحاجاتها، والموظف المفصول من وظيفته يشكو ظلم رؤسائه... وهكذا فإنك لا تواجه إلا المظلومين، ولا تواجه ظالمين أو معتدين. كل واحد فينا يذكر محاسن ذاته، ويتحدث عن الأعمال العظيمة التي قام بها... ومن النادر أن نجد فردًا أو جماعة أو فريقًا يتحدث عن إخفاقاته أو أخطائه، ومن النادر جدًّا أن تجد كاتبًا من كُتَّابنا يتحدث عن قصور معالجته لمسألة من المسائل أو يقول: إن هذه المسألة لم تتضح في ذهنه على النحو المطلوب. كل شيء على ما يرام. كلنا ضحايا. نحن لم نفعل إلا ما يجب فعله. والآخرون دائمًا هم المذنبون، وهم المطالبون بالتغيير!!....
لا شك أن شيئًا مما نقوله صحيح، لكن الأصح منه هو ما لا نقوله. الحقيقة المؤكدة هي أن إساءاتنا لأنفسنا هي أكبـر بكثير من إسـاءات الآخرين لنا، بل لا يستطيع الغرب والشرق وكل الخصوم والمنافسين أن يفعلوا بنا أسوأ مما فعلناه بأنفسنا، والله -جلَّ وعلا- قال لمن هم أكرم منا وأتقى وأنبل: {قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسسِكُمْ} [آل عمران: 165].
- خامسا: الربانية والاقبال على الله وقدرة الصلاح الحاسمة وحركة اصداء الورع وانعكاس الاختيار الذاتي هي مفردات النصر الحاسمة:
يقول الشيخ محمد أحمد الراشد في كتابه تنظير التغيير:
على الإسلاميين أن يعلموا أنهم أمام أكبر تحديات من بينها:
الحفاظ على التربية الإيمانية الروحية والأخلاقية عند نزول الدعوة إلى غمرة العمل السياسي والانشغال بحيثيات التغيير والتنمية ويوميات الممارسة البرلمانية والوزارية والإدارية وسعة العلاقات العامة ورعاية التيار المؤيد ومتابعة الأخبار، فكل ذلك منهك ويلهي ويغري البعض بتأخير الصلاة عن وقتها وقلة تلاوة القرآن والعيش المسجدي ، فتذبل الروح مع مرور الأيام، وتسري إلى القلوب قسوة، وقد يجنح البعض إلى تفكير دنيوي ومشاركة في المغانم، وإنما الذي ميز الإخوان وانجح عملهم وأدى إلى قبول الناس لهم هو تجردهم وسمتهم الإدماني وأخلاقهم العالية وعيشهم مع القرآن وانطلاقهم من المساجد، فإذا ضعفت حقيقتهم الإيمانية فإن جمرة التغيير ستخبو، ولذلك يجب أن تقوم فيهم رقابة قيادية ومنهجية تديم الوتيرة التربوية يوم الانغماس الكثيف في السياسة، مما هو متوقع في المرحلة القادمة، وهذا سهل في اللسان والتخطيط وصعب في عالم الواقع.
- سادسا: التكتل والوحدة والعمل المؤسساتي والايجابية والفعالية والفورية والتلذذ بالمتاعب -لا التلذذ بالرقود- هي المقدمات الصحيحة القوية للتفوق والتألق...:يا يحيى خذ الكتاب بقوة....
- سابعا: كما أن التوبة -وتجديدها - ترد ما لا ترده السيوف.. فإن للمعاصي والذنوب آثارا مدمرة تقود إلى الفشل والانهيار: إني لأعصي الله فأجد ذلك في خلق دابتي وامرأتي وفأر بيتي....
- ثامنا: لا أحد يعلو فوق الشورى: حينما تنتهي الجماعة إلى رأي فعلى الجميع الالتزام به: توحيدا للكلمة والتوجه. ولا يجوز لصاحب الرأي المخالف أن يتحدث بعد ذلك عن رأيه داخل الصف، حتى لو أثبتت التجربة أن رأيه الذي لم يؤخذ به كان الأصوب فلأن يجتمع الصف على الصواب خير من أن يتفرق حول الأصوب. ففي الاجتماع على الصواب يمكن أن نصل إلى الأصوب، أما لو حدث الافتراق فلن يكون هناك اجتماع على صواب، ولا على أصوب..
- تاسعا: حب الرئاسة من مناصب ومكاسب - ولو على حساب المبادئ والقيم يؤدي إلى فقدان المنصب والمبدأ معا...ذلك هو الخسران المبين...
- عاشرا: الجماعة التي يسود فيها فقه المناصحة والتصويب والترشيد تفلح وتنجح وتنتصر وتمكن..: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض: يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله...
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر : حمس