مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
...يا فرحة ما تمت..
محسنة راشد
رغم انفتاح العالم وتطوره إلا أننا لا نزال متمسكين ببعض عادات الجاهلية وأفكارها، فكأنما فكرة وأد الفتاة لا تزال واردة إلى يومنا الحاضر، ولكنها وردت بطرق كثيرة وحديثة، متمثلة باضطهادها لأنها إنسانة ضعيفة وليس لديها أية حيلة، لذا أبسط ما يقومون به لممارسة ذلك الوأد الخفي هو سحق أضعف طمحوها بكلمة عيب، وأن تصبح التربية متمثلة في أن المرأة بدون رجل لا شيء! لذا من الصغر تعود الأم طفلها الولد بأنهُ رجل البيت، حيث إنه يكون محرماً لها لما تروح السوق، ومحرماً لأخواته البنات، بل وأن يفرض سيطرته على أخته الأصغر منه والأكبر، لأنه رجال، وإذا في يوم كبر ومد الولد يده على أخته، تقول الأم: أنا ما ربيتك على كذا!! بل وأن يصبح الجواب المثالي لأي طلب تقوم بطلبه الفتاة من أهلها إن كان سفرة أو ذهاب إلى مكان ما: «إن شالله بكرة بتعرسين وزوجك بيوديك!! وتكبر البنت، وكلها أمل في ذلك الرجل الذي سوف يتزوجها، المشكلة أن أساس التربية الذي تعتمده بعض العوائل هنا خاطئ، لما فيه من تكبير لرأس الطفل، فيكبر على هذه الفكرة ويصبح الآمر الناهي في البيت، وهو لا يهمه أحد، بل يسرح ويمرح، ظناً منه أنه بذلك الرجل القوام على النساء، وللأسف نرى هذه النوعية من الشباب كثيراً هذه الأيام، فالرجولة ليست فرض سيطرة، أو كفاً عطيته لأختك أو زوجتك، الرجولة مواقف، وبأن تصبح قادراً على استيعاب ذلك الكائن الضعيف في نظرك! الحقيقة ليس هذا موضوعي، ولكن جزءاً كبيراً منه يخص الموضوع الذي سوف أتحدث عنه الآن، فبالرغم من تفتح بعض العوائل بتقبل فكرة أن يتزوج الابن أجنبية، إلا أنهم لا يزالون يرفضون أن يزوجوه من امرأة مطلقة! وإذا جيت بتسألهم شنو السبب؟ يجاوبون: البنت مطلقة، وأكيد ما طلقوها إلا بسبب منها! ويبدأ سوء الظن، ولن يكتفوا بذلك، فلأنها مطلقة، كل التهم التي تخص السمعة، ستبقى معلقة بها، والمسكينة تعيش في حالة اكتئاب نفسي، وهم رغم ذلك يتكلمون عليها بالفاضي والمليان، فهل باعتقادك أنهم يعتمدون نفس الطريقة مع المطلق؟ فلو مثلاً تقدم رجل مطلق لفتاة عانس، الأهل رح يتقبلونه بصدر رحب جداً، ولا بعد يقنعون البنت أنه عريس لقطة، وإن كل الأخلاق الحلوة موجودة فيه، والله أعلم إذا كان كذلك أو لا، وإن تم رفضه، يتم رفضه لأسباب أخرى، وليس لأنه مطلق! نظراً لاعتباره رجلاً، ولا يعيب الرجل شيء! أما المطلقة، كل خطوة محسوبة عليها، كل نظرة، كل تصرف، وإن كانت في بيتها، لا يكفون عن مضايقتها لأنها مطلقة، فهل معنى كلمة مطلقة بالنسبة للوقت الحالي مختلفة عن الوقت الذي عاش فيه الرسول صلى الله عليه وسلم؟ فالرسول صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق تزوج من مطلقة، فمن أنت لتحسب نفسك أفضل منه؟ الطلاق ليس حراماً، بل هو أبغض الحلال، وليس لأنه أبغض، قريتوها حرام، فهو حل، كالانفصال من علاقة، فتلك تحدث بالسر، وهذه تحدث بالعلن، فلماذا الحل العلني يصبح دائماً شيئاً لا يمكن تقبله، بعكس تلك الأشياء الخفية! أو كأننا أصبحنا في زمن أصبح الحلال فيه حراماً!!، راعوا الله في كل كلمة تقال عن المطلقة، فليس لأنها امرأة، تضطهد لطلاقها، فلا أحد يعلم بالظروف التي دفعتها ذلك، فالمطلقة هي فقط حالة اجتماعية مثلها مثل المتزوجة مثل العزباء مثل الأرملة! ولكن لأننا في مجتمع جاهلي، أصبحنا نقرأ كل حالة اجتماعية بسمة معينة، مؤكدين أن أفضل حالة بينهم هي المتزوجة، فلا تلوموا الرجل، ولوموا المجتمع المريض الذي جعل المرأة أول همومه، وآخر اهتماماته!
*العرب القطرية
أضافة تعليق