حسن القباني
لقد حسم الاخوان المسلمين في مصر موقفهم من العنف والارهاب منذ الفترة الأولى للتأسيس ومرورا بمراحل النضال والصمود والتضحيات التي مرت بها اطوار الجماعة ، وتفاعلها مع الوطن والأمة ، وكان من الممكن في أي لحظة في التاريخ الممتليء بالتنكيل السلطوي الديكتاتوري ان تشعل الوطن عنفا أو ارهابا ، ولكن أبت الجماعة وقبضت على جمر الحق والتزمت الخط المستقيم والنهج السلمي والنضال المدني والتدافع السياسي و التمسك بأليات الديمقراطية وخيارات الشعب وربت أجيالا عدة على ذلك النهج القويم العظيم .
وعندما جاءت مرحلة التدافع الجديدة ، بعد الانقلاب العسكري الإرهابي ، الذي ارتكب العديد من المجازر البشرية وفي مقدمتهم مذبحتي رابعة العدوية والنهضة ، وبعد تضحيات جسام منذ ثورة 25 يناير ، أظهرت الجماعة – قولا وعملا- تمسكا واضحا بالسلمية والمقاومة المدنية السياسية ، وسط حملة شيطنة من اعلام الانقلاب واذراعه الامنية والعسكرية والخائفين من السلطان الجائر الخائن ، تستهدف دفع المصرييين وفي القلب منهم الاخوان المسلمين الي العنف لتكون الكفة سواء ولكن هيهات.
وعقب مهزلة المنيا الخاصة بقرار اعدام 529 مناهضا للانقلاب بينهم عدد من الاخوان ، كان بيان الاخوان مكررا لذات المعاني الداعمة للسلمية حيث قال : ’’ إن غرض الانقلابيين القتلة من مثل هذه الأحكام هو إخراج الثورة المصرية عن سلميتها المبدعة ولكن هذا لن يكون بإذن الله، وستبقى ثورتنا سلمية، ولن يزيدنا هذا الظلم والبغي والعدوان إلا ثباتًا وصمودًا، وإصرارًا على دحر الانقلاب العسكري الدموي، واستعادة حريتنا وكرامتنا وسيادتنا’’.
لقد كان خط الانقلابيين واضحا بناء علي نصائح الأستاذ المغرور في تدبير عمليات قذرة في أرجاء الوطن علي غرار عمليات مخابرات الجزائر أيام جبهة الانقاذ ، والصاق تهم الارهاب والعنف في الاخوان المسلمين رغم النفي المتكرر من الجماعة وقياداتها والتمسك بالسلمية الموثق في بيانات واضحة ، بل تم لصق اعضاء بالجماعة على الحقيقة بعد ان اثاروا خواطرهم عن حمل السلاح في مواجهة الإنقلاب ، وتم التسارع في الاعلان غير القانوني بان جماعة الاخوان ’’ارهابية’’ ، في الوقت الذي تحدثت في تقارير اعلامية متواترة عن صلة الانقلابيين المباشرة بكل العمليات القذرة الخاصة بقتل ابناء الجيش والشرطة والتفجيرات الاثمة.
والغريب ان كاتبا بحجم الزميل الكبير فهمي هويدي ، لازال يتساءل عن موقف الاخوان من العنف والارهاب ، ودبج مقالا طويلا تحت عنوان ’’ليحسم الاخوان موقفهم من العنف والارهاب’’ ، وهو المقال الذي حمل تساؤلات معلومة اجاباتها عند الاخوان بالضرورة أو بالبديهة عند مفكر بحجم الكاتب فهمي هويدي، أوغيره ، والذي يدفعنا لرد الأمر له بنفس الطريقة والمنطق ليكون الطلب واضحا تحت عنوان : ’’ليحسم فهمي هويدي موقفه من العنف والارهاب’’.
إننا لن نسأل الكاتب فهمي هويدي ، لماذا لم يكلف نفسه بالمقابل عناء كتابة مقال تحت عنوان ’’ ليحسم السيسي موقفه من العنف والارهاب’’ أو ’’ليحسم المتسيسون موقفهم من المدنية والديمقراطية ’’ ، قبل أن يطالب أحد ضحايا السفاح وانصاف الساسة بالحكي في المحكي واعادة المواقف المحسومة شرعا وفقها عند الاخوان المسلمين، فهذا شأنه وحده .
ولكن لنساءل هويدي ، عن اصراره المتكرر على فترات متباعدة على ربط الاخوان بالتفكير في السلطة لا الوطن ، رغم ان السلطة ليست عيبا او حراما او جريمة خاصة اذا جاءت بطريق شرعي شعبي ديمقراطي ، إلا أن الرجل يتجاهل ان السلطة المنتخبة هي ارادة الشعب التي يعتبر المساس بها مساس بالوطن ، فكيف لوطن أن يعيش بصناديق الذخيرة لا صناديق الاقتراع ؟!، وكيف لوطن ان يعيش بارادة جلاد خائن لا ارادة شعبه؟! ، وكيف نقنع عسكري بالديمقراطية واحترامها ومفكر لازال يفكر في مخرج غير آمن للوطن ومؤسساته وشعبه ويتجاهل الديمقراطية؟!
لقد تحدث الكاتب فهمي هويدي بغير قراءة صحيحة للواقع عن هدنة وكأننا في حرب لا ثورة ، ومارس استباقا غير مبررا واعتبر معارضة افكاره القديمة تعصبا وتشددا ، وهو أمر غير صحيح ، وغير دقيق، وطرح تصورا واحدا للمشهد ليس فيه من الحكمة والحقوق ومراعاة الدماء شيئا ، وأعاد نفس السم الزاعف الذي وضعه في مقال ’’من يتجرع السم من أجل الوطن’’ بدون أي سبب ، كما لم نجد خطابا بنفس القوة والجرأة والمضامين المكررة لسفاحي الانقلاب وصقور السلطة الديكتاتورية غير الشرعية.
إن الاخوان – وفي القلب منهم شبابهم الثائر الحر - لا يحتاجون كل دقيقة الي اعادة التذكير بموقفهم الثابت والاستراتيجي باعتماد النضال السلمي والمدني لاسترداد الثورة ومكتسباتها الديمقراطية واقرار اهدافها التغيرية بما يحفظ المؤسسات ويحقق السلم الاهلي عبر عدالة حقيقة وتمكين واضح للثورة وارادة الشعب ، ولعل قراءة صادقة في واقع الثورة المتصاعد الذي يشارك الاخوان فيه كجزء مهم في قلب الحراك الشعبي الواسع ، تمنح أي محلل أو مفكر مستقل رؤية مغايرة لما طرحه هويدي.
وبقيت كلمة
لازال رصيد الكاتب الكبير فهمي هويدي كافيا لدينا شخصياً على الأقل ، ولكن الدعوة موصولة له ، أن يحافظ على قلمه وتاريخيه في هذه اللحظات الفارقة، وأن يبدع في نسج حل سلمي شامل وعادل لصالح الشعب وارادته ومصر ومؤسساتها ، كما ابدع آلاف المرات في نسج مقالاته ، وإلا فليطرق أبوابا أخرى فلا يكلف الله نفسا الا وسعها ، ويكفى مصر عنصرية الأستاذ المغرور!
--------------------------------------
*منسق حركة صحفيون من أجل الإصلاح
لقد حسم الاخوان المسلمين في مصر موقفهم من العنف والارهاب منذ الفترة الأولى للتأسيس ومرورا بمراحل النضال والصمود والتضحيات التي مرت بها اطوار الجماعة ، وتفاعلها مع الوطن والأمة ، وكان من الممكن في أي لحظة في التاريخ الممتليء بالتنكيل السلطوي الديكتاتوري ان تشعل الوطن عنفا أو ارهابا ، ولكن أبت الجماعة وقبضت على جمر الحق والتزمت الخط المستقيم والنهج السلمي والنضال المدني والتدافع السياسي و التمسك بأليات الديمقراطية وخيارات الشعب وربت أجيالا عدة على ذلك النهج القويم العظيم .
وعندما جاءت مرحلة التدافع الجديدة ، بعد الانقلاب العسكري الإرهابي ، الذي ارتكب العديد من المجازر البشرية وفي مقدمتهم مذبحتي رابعة العدوية والنهضة ، وبعد تضحيات جسام منذ ثورة 25 يناير ، أظهرت الجماعة – قولا وعملا- تمسكا واضحا بالسلمية والمقاومة المدنية السياسية ، وسط حملة شيطنة من اعلام الانقلاب واذراعه الامنية والعسكرية والخائفين من السلطان الجائر الخائن ، تستهدف دفع المصرييين وفي القلب منهم الاخوان المسلمين الي العنف لتكون الكفة سواء ولكن هيهات.
وعقب مهزلة المنيا الخاصة بقرار اعدام 529 مناهضا للانقلاب بينهم عدد من الاخوان ، كان بيان الاخوان مكررا لذات المعاني الداعمة للسلمية حيث قال : ’’ إن غرض الانقلابيين القتلة من مثل هذه الأحكام هو إخراج الثورة المصرية عن سلميتها المبدعة ولكن هذا لن يكون بإذن الله، وستبقى ثورتنا سلمية، ولن يزيدنا هذا الظلم والبغي والعدوان إلا ثباتًا وصمودًا، وإصرارًا على دحر الانقلاب العسكري الدموي، واستعادة حريتنا وكرامتنا وسيادتنا’’.
لقد كان خط الانقلابيين واضحا بناء علي نصائح الأستاذ المغرور في تدبير عمليات قذرة في أرجاء الوطن علي غرار عمليات مخابرات الجزائر أيام جبهة الانقاذ ، والصاق تهم الارهاب والعنف في الاخوان المسلمين رغم النفي المتكرر من الجماعة وقياداتها والتمسك بالسلمية الموثق في بيانات واضحة ، بل تم لصق اعضاء بالجماعة على الحقيقة بعد ان اثاروا خواطرهم عن حمل السلاح في مواجهة الإنقلاب ، وتم التسارع في الاعلان غير القانوني بان جماعة الاخوان ’’ارهابية’’ ، في الوقت الذي تحدثت في تقارير اعلامية متواترة عن صلة الانقلابيين المباشرة بكل العمليات القذرة الخاصة بقتل ابناء الجيش والشرطة والتفجيرات الاثمة.
والغريب ان كاتبا بحجم الزميل الكبير فهمي هويدي ، لازال يتساءل عن موقف الاخوان من العنف والارهاب ، ودبج مقالا طويلا تحت عنوان ’’ليحسم الاخوان موقفهم من العنف والارهاب’’ ، وهو المقال الذي حمل تساؤلات معلومة اجاباتها عند الاخوان بالضرورة أو بالبديهة عند مفكر بحجم الكاتب فهمي هويدي، أوغيره ، والذي يدفعنا لرد الأمر له بنفس الطريقة والمنطق ليكون الطلب واضحا تحت عنوان : ’’ليحسم فهمي هويدي موقفه من العنف والارهاب’’.
إننا لن نسأل الكاتب فهمي هويدي ، لماذا لم يكلف نفسه بالمقابل عناء كتابة مقال تحت عنوان ’’ ليحسم السيسي موقفه من العنف والارهاب’’ أو ’’ليحسم المتسيسون موقفهم من المدنية والديمقراطية ’’ ، قبل أن يطالب أحد ضحايا السفاح وانصاف الساسة بالحكي في المحكي واعادة المواقف المحسومة شرعا وفقها عند الاخوان المسلمين، فهذا شأنه وحده .
ولكن لنساءل هويدي ، عن اصراره المتكرر على فترات متباعدة على ربط الاخوان بالتفكير في السلطة لا الوطن ، رغم ان السلطة ليست عيبا او حراما او جريمة خاصة اذا جاءت بطريق شرعي شعبي ديمقراطي ، إلا أن الرجل يتجاهل ان السلطة المنتخبة هي ارادة الشعب التي يعتبر المساس بها مساس بالوطن ، فكيف لوطن أن يعيش بصناديق الذخيرة لا صناديق الاقتراع ؟!، وكيف لوطن ان يعيش بارادة جلاد خائن لا ارادة شعبه؟! ، وكيف نقنع عسكري بالديمقراطية واحترامها ومفكر لازال يفكر في مخرج غير آمن للوطن ومؤسساته وشعبه ويتجاهل الديمقراطية؟!
لقد تحدث الكاتب فهمي هويدي بغير قراءة صحيحة للواقع عن هدنة وكأننا في حرب لا ثورة ، ومارس استباقا غير مبررا واعتبر معارضة افكاره القديمة تعصبا وتشددا ، وهو أمر غير صحيح ، وغير دقيق، وطرح تصورا واحدا للمشهد ليس فيه من الحكمة والحقوق ومراعاة الدماء شيئا ، وأعاد نفس السم الزاعف الذي وضعه في مقال ’’من يتجرع السم من أجل الوطن’’ بدون أي سبب ، كما لم نجد خطابا بنفس القوة والجرأة والمضامين المكررة لسفاحي الانقلاب وصقور السلطة الديكتاتورية غير الشرعية.
إن الاخوان – وفي القلب منهم شبابهم الثائر الحر - لا يحتاجون كل دقيقة الي اعادة التذكير بموقفهم الثابت والاستراتيجي باعتماد النضال السلمي والمدني لاسترداد الثورة ومكتسباتها الديمقراطية واقرار اهدافها التغيرية بما يحفظ المؤسسات ويحقق السلم الاهلي عبر عدالة حقيقة وتمكين واضح للثورة وارادة الشعب ، ولعل قراءة صادقة في واقع الثورة المتصاعد الذي يشارك الاخوان فيه كجزء مهم في قلب الحراك الشعبي الواسع ، تمنح أي محلل أو مفكر مستقل رؤية مغايرة لما طرحه هويدي.
وبقيت كلمة
لازال رصيد الكاتب الكبير فهمي هويدي كافيا لدينا شخصياً على الأقل ، ولكن الدعوة موصولة له ، أن يحافظ على قلمه وتاريخيه في هذه اللحظات الفارقة، وأن يبدع في نسج حل سلمي شامل وعادل لصالح الشعب وارادته ومصر ومؤسساتها ، كما ابدع آلاف المرات في نسج مقالاته ، وإلا فليطرق أبوابا أخرى فلا يكلف الله نفسا الا وسعها ، ويكفى مصر عنصرية الأستاذ المغرور!
--------------------------------------
*منسق حركة صحفيون من أجل الإصلاح