مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
تعوّد قلبي!

تعوّد قلبي!
بقلم: د . سلمان بن فهد العودة
هل بمقدرونا أن نتحكّم بمشاعر القلوب؟ لدينا قدرة هائلة على التأثير شريطة أن نؤمن بذلك، وأن نعرف الطريق إليه. من يقول: لا فائدة، لن ينجح، ومن يجهل الطريق يطول عليه. ما نسميه بالأشياء «اللاإرادية» ليس شيئاً عادياً يسهل تغييره، ولكن بمقدورنا التحكم في وقته، وفي مقداره، وفي وجهته بالتدريب والتمرين والتدريج، وتخيل أن كل شيء ممكن. اقرأ مقالاً أو كتاباً أو استمع لبرنامج عن فوائد ما تريد أن تحبه وتفاصيله وتاريخه. تدرج في تعاطيه بطريقة عفوية هادئة. تخيّل نفسك وقد أصبح هذا الشيء جزءاً من حياتك وعاداتك. تذكّر تجارب من اعتادوا على ما ينفعهم حتى أحبوه ورتبوا أشياءهم ومواعيدهم حسب ما يريدون، حتى مواعيد الأكل والشرب والنوم والاغتسال. قوله تعالى: { وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ } (الأنفال:24)، لم يمنع من مطالبة الناس بالإيمان. وقوله ’’صلى الله عليه وسلم’’: «اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِى فِيمَا أَمْلِكُ فَلاَ تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلاَ أَمْلِكُ»؛ يعني: الحب، لا يجافي «أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما..». القلب وإن لم يكن بمقدورنا التحكم السريع والمباشر بوظائفه، إلا أنه ليس بمعزل عن العين حين تبصر، والأذن حين تسمع، واللسان حين يهمس، واليد حين تمتد، والرجل حين تمشي، والعقل حين يفكر أو يحلل أو يتخيل. الحب الإنساني هو الآخر عادة، وليس «عيداً» يحتفل فيه العشاق بـ«الفالنتاين»، لا يفهم كثيرون من شباب اليوم أن الحب تضحية وصدق وعطاء، هو عندهم أغاني وقلوب ورسائل وورود وكلام وأوهام ومتعة عابرة. الكذب في الحب عادة، وإذا قلت: أحبك حتى وأنت كاذب فسوف تسقط في فخ عينيك وتنسى الحروب والحرائق السابقة، وتحيا لحظة بصدق كذبك، كما تقول غادة السمان. من عادات الحب أن يتخلى عنك أحياناً عند منتصف الطريق، أو عندما يتم اللقاء، وكانت العرب تقول: «إذا نكح الحب فسد!». لن تنفع «أقفال الحب» حيث اعتاد الحبيبان في أوروبا وبعض دول المغرب على كتابة اسميهما على قفل حديدي ثم ربطه بمعلم أو مكان مشهور أو شجرة عريقة ورمي المفتاح في النهر على اعتقاد أن الحب يدوم بذلك. هل الألفة تذهب الحب؟ أم تنضجه؟ في القرآن الكريم: { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً }(الروم 21). تبقى المودة إذا حرص الطرفان على بقائها وحمايتها من الأعاصير «بينكم». وحين تذهب يبقى الوفاء وتبقى الرحمة بين الشريكين. وثمَّ قلوب طرية خضراء اعتادت أن تنبض بالحب، فلا يتوقف عنها الحب ما دامت الحياة. وقلوب وقعت في «حب فوق العادة» فتولّهت بالعشق والجنون؛ «ومن الحب ما قتل»، وغالباً ما يكون الحرمان هو السبب. قد يقتل الحب انتقاماً من حبيب غدر أو أشرك! كتمان الحب عادة عند الأسرة المحافظة وكأنه عيب أو ضعف يحجم اللسان عن التعبير عنه، بينما هو ظل يجب أن يتفيأه الزوجان والذرية ويتحقق به الإشباع والنضج والانتماء. الحب أساس كل خير، وأساس الحب حب الله، وهو شعور مقدَّس ومقدَّم على الخوف وعلى الرجاء، هو رأس الإيمان ولسان الميز
*lمجلة المجتمع
أضافة تعليق