مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
ربيع السقوط
بقلم منال الأديمي
لم تكن الثورات العربية التي شهدتها المنطقة وعرفت باسم (الربيع العربي) ربيع سقوط زعماء ديكتاتوريين ، وأنظمة ديكتاتورية ، وحسب ، الأمر تعدى سقوط الأشخاص ليصل لسقوط مجتمعات ، وقيم ، وثوابت ، حتى القانون سقط ، وتبعته الإنسانية في السقوط سقطت هامات دينية ،ودعاة ،ونخب كانت في ميادين الثورة سقط ثوار وسقطت أقنعة وتكشف وجه آخر للثورة وللحرية وظهر لباس آخر للحرية والعدل يفصل على هوى المصالح .
في اليمن سقوط الحصانة مازال لعنة تلاحق الأبرياء كل يوم ، مجزرة ،تليها مجزرة وينتهي بنا الأثر إلى الحصانة ، مجزرة الضالع وقبلها العُرضي مشهد من مجموعة مشاهد لسيناريو مدروس ، لإفشال المرحلة ،والتسوية ، فشهية الانقلابيين باتت مفتوحة جداً بعد بريق انتصاره الزائف في مصر، لنتوقع الأبشع لأن في جعبة السيناريو مازال الكثير ،والكثير وفجائعنا في دماء الأبرياء لن تتوقف ..فسُحقاً لسقوط الحصانة ، وسُحقاً لمن منحها ، ولكل من نالهُ ذاك السقوط! .
في مصر اغتيلت الثورة بين ليلة وضحاها بيد ثوارها ، وطعنت في الظهر غدراً ، وترنح القضاء سُكراً وانقلبت موازين العدالة ،وأصبح كل شيء يسير على نحو مقلوب ،أطلق كل الذين أدخلتهم ثورة يناير ،وقامت ضدهم خارج القضبان التي يستحقونها ،وألقي زوراً ،وبهتان كل من جاءت بهم عدالة ، وحرية الثورة خلف القضبان ،صار للعدل ، وللإجرام معايير،جديدة مقبوضة الثمن .
لم يسقط القضاء هناك وحسب ، فقد سبقه سقوط الإعلام ، ومختلف النخب ، وسقوط الفن ، حتى الأزهر سقط حين اعتلى قمة الفتوى علي جمعة ، كل شيء هناك سقط سقوطاً مدوياً ، كان له صداه الباعث بالصدمة ، في قلب كل أحرار الدنيا ،ومازال السقوط مستمراً دون تمهل في إيذانٍ وشيك على النهاية، لأن ثائر يناير الحقيقي لم يستسلم بعد وللشر جولات ، وللخير جولة نصر ساحقة .
في سوريا سقط العالم اجمع ، وسقط العرب بشكل خاص ، على نحو يبعث القرف ، والاشمئزاز ، والعار ، من الانتساب لهذا الصمت المشين ، ففي الوقت الذي يموت فيه أطفال سوريا في مخيمات اللجوء ، من شدة البرد ، يقبع كثيرون تحت بطانيات اللامبالاة ، وانعدام الإحساس ، يشاهدون على قنوات الخيانة برامج السُخف ،والتفاهة ، والإسفاف .. يصوتون لنجم غناء ، و رقصٍ جديد ، ليزيدون في غثاء الأمة .
يسقطون بشكل مخزٍ في الوقت الذي يموت فيه الشعب السوري جوعا ، لانعدام الغذاء ، والدواء، في حين تتحضربعض المدن لأكبر حدث ، وإنجاز لها ، في هذا العام ، وهو صرف مليارات الدولارات في رأس السنة الميلادية تكلفة لألعاب نارية، مزمع إهدارها في السماء ، في رأس السنة الميلادية ، أو ليس أطفال سوريا ،في مخيمات اللجوء الباردة ، وجياع الصومال ، والعالم أولى بهذه المليارات ..؟
همســــة.. يا الله كن معهم سلامـــــــاً ،وبرداً ، ونصراً قريباً ، وعجل بنهاية هذا السقوط وكل من سقطوا !.
موقع*الصحوة نت*
أضافة تعليق