العمرة والحج.. سلوك وتربية
نبيل جلهوم
هناك مجموعة من السلوكيات والأخلاقيات التي يجب أن يتحلى بها الحاج أو المعتمر وأن يمارسها خلال رحلته العظيمة. وسوف أتناول هذه السلوكيات بالتفصيل لعل الله ينفع بها وتكون معالم على طريق المعتمرين والحجيج: (1) اجتهد قبل الذهاب لهذه الرحلة المباركة في تعلّم مناسك العمرة والحج كى تؤديها بشكل صحيح بعيداً عن كل شبهة وحرج . (2) احرص على إخلاص النية لله تعالى قبل عمرتك وحجك، وأظهِرْ لربك من نيتك خيراً تجد منه كل الخير. (3) كُنْ ليّن الجانب في التعامل مع الجميع ممن تعرفه وممن لاتعرفه من داخل الحملة أو من خارجها.. واجعل من نفسك نموذجاً للمعتمرين والحجاج يحتذون به. (4) اجعل البسمة والبشاشة تعلو على وجهك الطيب واستخدم في كل شيء الألفاظ الإسلامية المعروفة في المناسبات المختلفة ليتعلم الناس منك مثل: جزاكم الله خيراً.. بارك الله فيك.. نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك.. لا بأس طهور إن شاء الله.. وغيرها. (5) درّب نفسك على خلق إيثار الغير على نفسك في المطعم والمشرب والغطاء والصعود للباصات والنزول ودخول الحمام والوضوء وسائر الأمور. (6) مادمت قادراً وطلب منك غيرك أن تتوكل عنه في الرمي حال الحج فاقبل ذلك مجرد العرض عليك ففي ذلك نفع كبير للناس وأنت منوط بك دائماً أن تكون نافعاً لغيرك.. فهو الإسلام بعينه. (7) جاهد نفسك أن تجعلها آخر من ينام وآخر من يشرب وآخر من يركب وآخر من يتألم وتفانى في خدمة الآخرين بروح وأداء للدرجة التي تترك الأثر العظيم في نفوس الناس حتى بعد انتهاء العمرة والحج.. وكُنْ ذا أثر. (8) استشعر دائماً أن سيد القوم خادمهم.. وأن مساعدتك للغير ابتغاء المثوبة والأجر من الله ترفع شأنك عند الله وعند الناس. (9) امنح دائماً اهتماماً كبيراً بالمعتمرين والحجاج أصحاب العائلات والمصطحبين لأطفال . (10) لا تترك أبداً مجالاً يحتاج لإرشاد ونُصح وتعليم وموعظة إلا وتطرقه لينتفع بك الغير ولتبلّغ عن حبيبك المصطفي ولو آية، فأنت شامة وعلامة.. البنان دائماً يُشار نحوك.. فكن لذلك أهلاً . (11) تذكّر قول أم المؤمنين في وصفها للحبيب محمد صلى الله عليه وسلم عندما سؤلت كيف كان؟ فوصفته بقولها: كان قرآنا يمشى على الأرض.. فكن قرآناً يمشى على الأرض في الحج والعمرة وما بعدهما. (12) أسرع في إعطاء المسكنات للمتألمين وإسعاف المصابين، وكن في ذلك على جهوزية تامة وعالية. (13) تفقّد باستمرار أصحاب الأعذار والاحتياجات الخاصة والعجزة والمسنين دون أن يطلبوا منك ذلك واستشعر أن في ذلك زكاة لشبابك وصحتك.. وأنك في نعمة. (14) اجعل فقرات يومك متنوعة مشوّقة لاتجعل الوقت يضيع منك في الأحاديث الجانبية، والدنيوية فأنت في عبادة وفرصة مع الرب كبيرة قد لاتتكرر. ( 15 ) اجعل هدفك النهائي من العمرة والحج هو إرضاء ربك بالعودة بعمرة وحج مبرور وذنب مغفور وتجارة مع ربك لن تبور والفوز بالجنة والنجاة من النار والرجوع من العمرة والحج كيوم ولدتك أمك. (16) لا تنس المعتمرين والحجاج الصغار وأشركهم في أعمالك وراحتك ولا تقل صغاراً، فكم من صغار سبقوا كباراً في الفهم والعلم والأدب والدين أشركهم بحُب وتعرّف على الأبناء والآباء وكل من يقابلك فإن أساس ديننا الحب والتعارف. (17) التزم دائماً وبكل تمام في الأداء بكل ما كلفك به متعهد الحملة ومشرفيها وإن أردت الاجتهاد فلا بأس من أخذ رأيهم ومشورتهم.. لكن في احترام رأيهم إنجاح لحملتهم وعملهم وبرنامجهم الذي أعدوه لك... وكن سريع الاستجابة والتلبية. (18) كن على جهوزية تامة بمساعدة غيرك إذا طلب منك ذلك.. بل وقدّم المعونة والمساعدة حتى إن لم يطلبوها طالما أن الأمور تستدعى ذلك . (19) احذر دائماً من إبليس ولا تعطي له فرصة ليقع بك في حبائله: السمعة.. الرياء.. الغضب.. الشهرة.. السبّ.. الشتم.. الألفاظ البذيئة وخلافه من محبطات الأعمال وكن في جهاد مع نفسك وأمسكها عن ذلك تغنم . (20) ابذل جهداً كبيراً في الدعاء والإلحاح على الله والتضرع فالحج والعمرة من الطاعات التى يستجاب فيها الدعاء سواء عند الطواف أو فوق الصفا والمروة أو غيرها.. ورتّب حاجاتك التى تريد من الله قضائها، وكن على ثقة ويقين بأنه لن يخذلك وسيستجيب لك. (21) اعلم وتذكر دائماً أنك يجب أن تكون في أجمل هيئة وأناقة ليس في المظهر فحسب بل في الأقوال والأفعال أيضاً.. فأنت رمز... والرمز يجب أن يٌشار إليه بالبنان. (22) انتبه إلى سلوكياتك دائماً وغيّر فيها السلوكيات غير المرغوبة وكن أكثر تفاعلاً وفاعلية في داخل مجتمع المعتمرين والحجاج.. واجعل من أدائك للعمرة والحج بداية حقيقية لصلاح نفسك وإصلاحها وتغييرها لكل ما هو جميل وحسن. (23) عندما ترغب في التحدث للغير من المعتمرين والحجاج حدّد جيداً من أين ستبدأ وكيف تنتهى ، ولاتكن ثرثاراً ومضيعاً لوقتك فالوقت هو الحياة وتذكّر أنك في فرصة عبادية تعبدية روحانية عظيمة قد لاتتكرر بعد ذلك فانتهزها ولاتضيع جزءاً من وقتك دون فائدة. (24) لا تنتظر في جميع أعمالك تجاه الغير شكراً من أحد ويكفيك الأجر من الفرد الصمد. (25) اعلم أن إكرام الله لك بأداء العمرة والحج هو فرصة عظيمة لتكون مسلماً جديداً ترجع من عمرتك وحجك كيوم ولدتك أمك معافى من ذنوبك ممحية سيئاتك مباه ٍ بك ربك ملائكته.. فاحمده دائماً على ذلك وهنيئاً لك باختيار الله لك لتكون من المعتمرين ومن حجاج بيته الواقفين بعرفاته، الطوافين بكعبته، الشاربين زمزمه الطاهر. (26) كن مؤدباً ومهذباً ومتواضعاًعندما تتحدث مع المعتمرين والحجاج أو مع شيوخك وأساتذتك.. واعلم أنه إذا كان لكل داء دواء يعالج به، فإن الحماقة أعيت من يداويها . (27) اجعل كلامك كله شهداً عسلاً طيباً فالكلمة الطيبة صدقة تنشرح لها الصدور وتمتص بها متاعب القلوب. (28) كن مع المعتمرين والحجاج، بل والناس جميعا؛ كالشجر.. يقذفه الناس بالحجر ويهديهم هو بأحلى الثمر. (29) احذر العُجب برأيك ونفسك واحذر تسفيه آراء الآخرين؛ حيث أن ذلك من أكبر الرذائل الخبيثة التى ابتليت بها المجتمعات المختلفة.. عافانا وإياك الله منها. (30) تجنّب الخلافات الشخصية بينك وبين المعتمرين والحجاج وضع دائماً في مخيلتك قول الله تعالى: (وأصلحوا ذات بينكم ) (31) إيّاك وكثرة الجدل فإن المراء لا يأتي بخير، وتذكّر قول الحبيب المصطفي: ’’ أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء ولو كان محقا...’’ (32) لاتغضب من أي معتمر أو حاج؛ فالغضب لهيب من نار تشتعل في قلب الإنسان وهو حالة ضعف تصيب الانسان وليست حالة قوة ’’ ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد الذي يملك نفسه عن الغضب’’. (33) إن أحسنت في أدائك العمرة أو الحج فاحمد الله .. وان أسأت فاستغفر الله.. فما كان من توفيق فيه فالفضل لله وحده لا لنفسك. (34) ألح على الله دائماً أن يتقبل منك العمرة والحج واحمده أن وفقك لأدائها، وتذكّر أن هناك من المسلمين من تكون أمنيته وأمله أن يذهب للعمرة والحج، لكنّ ظروفه لاتسمح ولايوجد لديه من المال مايعينه على أدائها، فكن لله شاكراً وحامداً . (35) استشعر في عمرتك وحجّك ما يجري لمسلمي الصومال وغيرها من بلاد المسلمين وكيف تفتك بهم المجاعة ولا تنساهم من الدعاء الكثير.. فمن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم . (36) اجعل من عمرتك وحجّك انطلاقة جديدة نحو الطهر والنقاء في علاقتك مع الله وعلاقتك مع الناس، واعلم أنك مطالب بتحقيق العلاقة الحسنة مع الله ومع النفس ومع الناس . (37) حاول في عمرتك وحجّك أن تبكى من خشية الله على ما قدمته يداك من تقصير، وإن لم تستطع البكاء فتباكى، فقد روى أبو هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم ’’ (رواه أحمد والترمذي). (38) بايع ربك وأنت في الحج والعمرة على الصدق والعودة الحقيقة إليه وأن ترجع عبداً ربانياً. (39) اجتهد أن يستحكم الإيمان الحق على قلبك في العمرة والحج.. فالإيمان الحقّ بالله إذا استحكم في القلب استحكاماً صادقاً قذف الله في ذلك القلب نوراً يشع على صاحبه، وهداية تدفعه لكل خير، وإحساساً يجعله يشعر بمن هم في حاجة وكرب، وهمًّا يجعله يشعر بهموم الاخرين من حوله ..بل ويتعدى ذلك إلى أن هذا الإيمان الصادق والمعرفة الحقة بالله تصل بالعبد إلى أن يكون عبداً ربانياً يتكلم بكلام الله وينطق برحمات الله ويسعى إلى رحمة عباد الله.. ويتحول إلى كتلة من النور وشعاعاً يشع به على الناس بكل الخير وعظيم السرور. فيلين الجانب، ويساعد المحتاج ، ويطبب العليل ، ويصنع الخير، ويغلق الشر، ويتحول إلى منارة وشامة وعلامة في دنيا أصابها الزمان بعطب في نفوس كثير من الناس، فصارت قاسية لا تتأثر ولا تتحرك حتى في مجرد محاولة تغيير النفس إلى ما فيه خيريتها قبل خيرية الآخرين . خاتمة: أخى المعتمر .. أخى الحاج: اعلم أن الخير يسكن في قلوب العابدين وأن الحق يسكن في قلوب العارفين وأن الجمال يحيا في قلوب المحبين وأن هؤلاء جميعاً يحيون ويسكنون ويعيشون في نور الله المبين. فكن من العابدين.. العارفين.. المحبين.. تكن حياً في نور الله المبين. عمرة مقبولة وحجاً مبروراً وذنباً مغفوراً وسعياً مشكوراً وتجارة لن تبور بإذن الله. ( *) عضو رابطة أدباء الشام– لندن.*مجلة المجتمع
نبيل جلهوم
هناك مجموعة من السلوكيات والأخلاقيات التي يجب أن يتحلى بها الحاج أو المعتمر وأن يمارسها خلال رحلته العظيمة. وسوف أتناول هذه السلوكيات بالتفصيل لعل الله ينفع بها وتكون معالم على طريق المعتمرين والحجيج: (1) اجتهد قبل الذهاب لهذه الرحلة المباركة في تعلّم مناسك العمرة والحج كى تؤديها بشكل صحيح بعيداً عن كل شبهة وحرج . (2) احرص على إخلاص النية لله تعالى قبل عمرتك وحجك، وأظهِرْ لربك من نيتك خيراً تجد منه كل الخير. (3) كُنْ ليّن الجانب في التعامل مع الجميع ممن تعرفه وممن لاتعرفه من داخل الحملة أو من خارجها.. واجعل من نفسك نموذجاً للمعتمرين والحجاج يحتذون به. (4) اجعل البسمة والبشاشة تعلو على وجهك الطيب واستخدم في كل شيء الألفاظ الإسلامية المعروفة في المناسبات المختلفة ليتعلم الناس منك مثل: جزاكم الله خيراً.. بارك الله فيك.. نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك.. لا بأس طهور إن شاء الله.. وغيرها. (5) درّب نفسك على خلق إيثار الغير على نفسك في المطعم والمشرب والغطاء والصعود للباصات والنزول ودخول الحمام والوضوء وسائر الأمور. (6) مادمت قادراً وطلب منك غيرك أن تتوكل عنه في الرمي حال الحج فاقبل ذلك مجرد العرض عليك ففي ذلك نفع كبير للناس وأنت منوط بك دائماً أن تكون نافعاً لغيرك.. فهو الإسلام بعينه. (7) جاهد نفسك أن تجعلها آخر من ينام وآخر من يشرب وآخر من يركب وآخر من يتألم وتفانى في خدمة الآخرين بروح وأداء للدرجة التي تترك الأثر العظيم في نفوس الناس حتى بعد انتهاء العمرة والحج.. وكُنْ ذا أثر. (8) استشعر دائماً أن سيد القوم خادمهم.. وأن مساعدتك للغير ابتغاء المثوبة والأجر من الله ترفع شأنك عند الله وعند الناس. (9) امنح دائماً اهتماماً كبيراً بالمعتمرين والحجاج أصحاب العائلات والمصطحبين لأطفال . (10) لا تترك أبداً مجالاً يحتاج لإرشاد ونُصح وتعليم وموعظة إلا وتطرقه لينتفع بك الغير ولتبلّغ عن حبيبك المصطفي ولو آية، فأنت شامة وعلامة.. البنان دائماً يُشار نحوك.. فكن لذلك أهلاً . (11) تذكّر قول أم المؤمنين في وصفها للحبيب محمد صلى الله عليه وسلم عندما سؤلت كيف كان؟ فوصفته بقولها: كان قرآنا يمشى على الأرض.. فكن قرآناً يمشى على الأرض في الحج والعمرة وما بعدهما. (12) أسرع في إعطاء المسكنات للمتألمين وإسعاف المصابين، وكن في ذلك على جهوزية تامة وعالية. (13) تفقّد باستمرار أصحاب الأعذار والاحتياجات الخاصة والعجزة والمسنين دون أن يطلبوا منك ذلك واستشعر أن في ذلك زكاة لشبابك وصحتك.. وأنك في نعمة. (14) اجعل فقرات يومك متنوعة مشوّقة لاتجعل الوقت يضيع منك في الأحاديث الجانبية، والدنيوية فأنت في عبادة وفرصة مع الرب كبيرة قد لاتتكرر. ( 15 ) اجعل هدفك النهائي من العمرة والحج هو إرضاء ربك بالعودة بعمرة وحج مبرور وذنب مغفور وتجارة مع ربك لن تبور والفوز بالجنة والنجاة من النار والرجوع من العمرة والحج كيوم ولدتك أمك. (16) لا تنس المعتمرين والحجاج الصغار وأشركهم في أعمالك وراحتك ولا تقل صغاراً، فكم من صغار سبقوا كباراً في الفهم والعلم والأدب والدين أشركهم بحُب وتعرّف على الأبناء والآباء وكل من يقابلك فإن أساس ديننا الحب والتعارف. (17) التزم دائماً وبكل تمام في الأداء بكل ما كلفك به متعهد الحملة ومشرفيها وإن أردت الاجتهاد فلا بأس من أخذ رأيهم ومشورتهم.. لكن في احترام رأيهم إنجاح لحملتهم وعملهم وبرنامجهم الذي أعدوه لك... وكن سريع الاستجابة والتلبية. (18) كن على جهوزية تامة بمساعدة غيرك إذا طلب منك ذلك.. بل وقدّم المعونة والمساعدة حتى إن لم يطلبوها طالما أن الأمور تستدعى ذلك . (19) احذر دائماً من إبليس ولا تعطي له فرصة ليقع بك في حبائله: السمعة.. الرياء.. الغضب.. الشهرة.. السبّ.. الشتم.. الألفاظ البذيئة وخلافه من محبطات الأعمال وكن في جهاد مع نفسك وأمسكها عن ذلك تغنم . (20) ابذل جهداً كبيراً في الدعاء والإلحاح على الله والتضرع فالحج والعمرة من الطاعات التى يستجاب فيها الدعاء سواء عند الطواف أو فوق الصفا والمروة أو غيرها.. ورتّب حاجاتك التى تريد من الله قضائها، وكن على ثقة ويقين بأنه لن يخذلك وسيستجيب لك. (21) اعلم وتذكر دائماً أنك يجب أن تكون في أجمل هيئة وأناقة ليس في المظهر فحسب بل في الأقوال والأفعال أيضاً.. فأنت رمز... والرمز يجب أن يٌشار إليه بالبنان. (22) انتبه إلى سلوكياتك دائماً وغيّر فيها السلوكيات غير المرغوبة وكن أكثر تفاعلاً وفاعلية في داخل مجتمع المعتمرين والحجاج.. واجعل من أدائك للعمرة والحج بداية حقيقية لصلاح نفسك وإصلاحها وتغييرها لكل ما هو جميل وحسن. (23) عندما ترغب في التحدث للغير من المعتمرين والحجاج حدّد جيداً من أين ستبدأ وكيف تنتهى ، ولاتكن ثرثاراً ومضيعاً لوقتك فالوقت هو الحياة وتذكّر أنك في فرصة عبادية تعبدية روحانية عظيمة قد لاتتكرر بعد ذلك فانتهزها ولاتضيع جزءاً من وقتك دون فائدة. (24) لا تنتظر في جميع أعمالك تجاه الغير شكراً من أحد ويكفيك الأجر من الفرد الصمد. (25) اعلم أن إكرام الله لك بأداء العمرة والحج هو فرصة عظيمة لتكون مسلماً جديداً ترجع من عمرتك وحجك كيوم ولدتك أمك معافى من ذنوبك ممحية سيئاتك مباه ٍ بك ربك ملائكته.. فاحمده دائماً على ذلك وهنيئاً لك باختيار الله لك لتكون من المعتمرين ومن حجاج بيته الواقفين بعرفاته، الطوافين بكعبته، الشاربين زمزمه الطاهر. (26) كن مؤدباً ومهذباً ومتواضعاًعندما تتحدث مع المعتمرين والحجاج أو مع شيوخك وأساتذتك.. واعلم أنه إذا كان لكل داء دواء يعالج به، فإن الحماقة أعيت من يداويها . (27) اجعل كلامك كله شهداً عسلاً طيباً فالكلمة الطيبة صدقة تنشرح لها الصدور وتمتص بها متاعب القلوب. (28) كن مع المعتمرين والحجاج، بل والناس جميعا؛ كالشجر.. يقذفه الناس بالحجر ويهديهم هو بأحلى الثمر. (29) احذر العُجب برأيك ونفسك واحذر تسفيه آراء الآخرين؛ حيث أن ذلك من أكبر الرذائل الخبيثة التى ابتليت بها المجتمعات المختلفة.. عافانا وإياك الله منها. (30) تجنّب الخلافات الشخصية بينك وبين المعتمرين والحجاج وضع دائماً في مخيلتك قول الله تعالى: (وأصلحوا ذات بينكم ) (31) إيّاك وكثرة الجدل فإن المراء لا يأتي بخير، وتذكّر قول الحبيب المصطفي: ’’ أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء ولو كان محقا...’’ (32) لاتغضب من أي معتمر أو حاج؛ فالغضب لهيب من نار تشتعل في قلب الإنسان وهو حالة ضعف تصيب الانسان وليست حالة قوة ’’ ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد الذي يملك نفسه عن الغضب’’. (33) إن أحسنت في أدائك العمرة أو الحج فاحمد الله .. وان أسأت فاستغفر الله.. فما كان من توفيق فيه فالفضل لله وحده لا لنفسك. (34) ألح على الله دائماً أن يتقبل منك العمرة والحج واحمده أن وفقك لأدائها، وتذكّر أن هناك من المسلمين من تكون أمنيته وأمله أن يذهب للعمرة والحج، لكنّ ظروفه لاتسمح ولايوجد لديه من المال مايعينه على أدائها، فكن لله شاكراً وحامداً . (35) استشعر في عمرتك وحجّك ما يجري لمسلمي الصومال وغيرها من بلاد المسلمين وكيف تفتك بهم المجاعة ولا تنساهم من الدعاء الكثير.. فمن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم . (36) اجعل من عمرتك وحجّك انطلاقة جديدة نحو الطهر والنقاء في علاقتك مع الله وعلاقتك مع الناس، واعلم أنك مطالب بتحقيق العلاقة الحسنة مع الله ومع النفس ومع الناس . (37) حاول في عمرتك وحجّك أن تبكى من خشية الله على ما قدمته يداك من تقصير، وإن لم تستطع البكاء فتباكى، فقد روى أبو هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم ’’ (رواه أحمد والترمذي). (38) بايع ربك وأنت في الحج والعمرة على الصدق والعودة الحقيقة إليه وأن ترجع عبداً ربانياً. (39) اجتهد أن يستحكم الإيمان الحق على قلبك في العمرة والحج.. فالإيمان الحقّ بالله إذا استحكم في القلب استحكاماً صادقاً قذف الله في ذلك القلب نوراً يشع على صاحبه، وهداية تدفعه لكل خير، وإحساساً يجعله يشعر بمن هم في حاجة وكرب، وهمًّا يجعله يشعر بهموم الاخرين من حوله ..بل ويتعدى ذلك إلى أن هذا الإيمان الصادق والمعرفة الحقة بالله تصل بالعبد إلى أن يكون عبداً ربانياً يتكلم بكلام الله وينطق برحمات الله ويسعى إلى رحمة عباد الله.. ويتحول إلى كتلة من النور وشعاعاً يشع به على الناس بكل الخير وعظيم السرور. فيلين الجانب، ويساعد المحتاج ، ويطبب العليل ، ويصنع الخير، ويغلق الشر، ويتحول إلى منارة وشامة وعلامة في دنيا أصابها الزمان بعطب في نفوس كثير من الناس، فصارت قاسية لا تتأثر ولا تتحرك حتى في مجرد محاولة تغيير النفس إلى ما فيه خيريتها قبل خيرية الآخرين . خاتمة: أخى المعتمر .. أخى الحاج: اعلم أن الخير يسكن في قلوب العابدين وأن الحق يسكن في قلوب العارفين وأن الجمال يحيا في قلوب المحبين وأن هؤلاء جميعاً يحيون ويسكنون ويعيشون في نور الله المبين. فكن من العابدين.. العارفين.. المحبين.. تكن حياً في نور الله المبين. عمرة مقبولة وحجاً مبروراً وذنباً مغفوراً وسعياً مشكوراً وتجارة لن تبور بإذن الله. ( *) عضو رابطة أدباء الشام– لندن.*مجلة المجتمع