د. يونس الأسطل
المبشرات بالنصر تدمغ مؤشرات الهزيمة
﴿ يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87].
لعلَّ الناظر في ظاهر الأحداث يُمسي مقتنعاً بأن فلسطين يوشك أن تضيع بالكلية، فاليهود ماضون في تهويد القدس، والاستيلاء على الضفة الغربية بسُعار الاستيطان، وتحويل المدن الكبرى فيها إلى سجون معزولة بالحواجز العسكرية، أو الجدر الإسمنتية، فضلاً عن كونها تحت نيران المستوطنين، ومن يفكر من أهلها في المقاومة أو الاحتجاج السلمي فإن سلطة (دايتون)، وقوات (الضميري) وأضرابه لهم بالمرصاد، ولم يسلم من الخنق والملاحقة إخواننا في القرى والمدن فيما يعرف بعرب (48).
وفي نفس الوقت فإن أقصى ما تتطلع إليه السلطة هو قبول الصهاينة بمفاوضات غير مباشرة، وبدون شروط مسبقة، وبرعاية من أمريكا التي جعلت الاحتلال قاعدة عسكرية استراتيجية لها.
ولعل الأنكى من ذلك أن يكشف العرب عن هوانهم بتلبية الرغبة اليهودية؛ حين أعطوا المفاوضات غير المباشرة غطاءً سياسياً مدة أربعة أشهر، وهم يتأهبون لقمةٍ عربية، من المتوقع أن تكون زيادةً رقميةً في احتفاليات الجامعة العربية، ولا تكاد تخرج إلا بقائمة طويلة من التوصيات التي تأخذ أدراجها إلى الأرفف المُغْبَرَّة، أو الأدراج المَنْسِيَّة.
ثم إن الأنباء تتنفس عن مفاوضات سرية مباشرة بين حركة فتح والاحتلال في بعض العواصم الأوروبية منذ أكثر من شهرين، ولا غرابة في ذلك؛ فإن التعاون الأمني والعسكري المباشر لم يتوقف، وقد أثنى الصهاينة والأمريكان على السلطة مؤخراً في قدرتها على إخماد أنفاس أهل الضفة الغربية؛ حتى لا يُظْهِروا إنكارهم للسياسة اليهودية الهادفة إلى تقويض المسجد الأقصى، وتهويد مئات المساجد والمعالم الأثرية التي بنيناها وزَيَّنَّاها عبر أربعة عشر قرناً أو يزيد.
إن كل هذه السياسات وغيرها، خاصة في ظل التصعيد الجديد للصهاينة، والعودة إلى القصف المركَّز في قطاع غزة، واستمرار القتل ومواكب الشهداء، كل أولئك قد يورث اليأس من تَغَيُّرِ الأحوال في المنظور القريب، ويجلب علينا من الإحباط والقنوط، ومن الهَمِّ والغَمِّ ما يجعلنا حَرَضاً، أو نكون من الهالكين.
لكنَّ هذه الآية، وعلى لسان سيدنا يعقوب عليه السلام، تنهانا عن اليأس من رَوْحِ الله ورحمته، كما لم يكن سيدنا يعقوب نفسه آيِسَاً من عودة يوسف وأخويه؛ إِذِ احْتُجِزَ احدهما بتهمة السرقة، وأصرَّ كبيرهم على البقاء في مصر حتى يأذن له أبوه، أو يحكم الله له، وهو خير الحاكمين، على الرغم من أن الأسى الذي استبدَّ به قد تسبب في بياض عينيه، وذهاب بصره، لشدة ما يكظم من الغيظ، فما كان يشكو بَثَّه وحُزنه إلا إلى الله، وهو موقن أن الله تبارك وتعالى سيأتيه بهم جميعاً، رغم أن بَنِيهِ قد عاتبوه على استمراره في الأسف على فَقْدِِ يوسف، حتى أوشك أن تذهب نفسه عليه حسرات، أو يصبح باخعاً نفسه على غيابه المجهول.
لذلك فقد أمر بَنِيهِ بلهجة التعطف أن يذهبوا فيبحثوا عن يوسف وأخيه، ونهاهم أن ييأسوا من العثور عليهما، فإن رحمة الله قد وسعتْ كل شيءٍ، وإنه لا ييأس من رَوْحِ الله إلا القوم الكافرون؛ فإنهم لا يؤمنون بأن الله قد وسع كل شيءٍ رحمة وعلماً، ولا يعلمون أنه لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، كما لا يعجزه شيءٌ في الأرض ولا في السماء، إنما أَمْرُهُ إذا أراد شيئاً أن يقول له كُنْ فيكون.
إن الواجب علينا نحن - المؤمنين - ألَّا نقنط من رحمة الله، فإنه لا يقنط من رحمة ربه إلا الضَّالون، وقد أرانا كثيراً من آياته الكبرى، وأخرى تحبونها؛ نصرٌ من الله وفتح قريب.
هل كان سهلاً على شارون أن ينسحب من قطاع غزة، وهو يعلن أن مستوطنة نتساريم في جنوب مدينة غزة مثل تل أبيب؟!، بل هل خطر ببال أحدنا أننا بتلك السرعة سنخرجهم من القطاع أذلةً وهم صاغرون؟!، ومن كان يرى في المنام، أو حتى في أحلام اليقظة، أن الفلتان سَيُقْضَى عليه في ثلاثة أيام ليس أكثر؟!، بل مَنْ كان يتصور أن القطاع المحاصر لثلاث سنين عجاف قادر على التصدي لحرب عالمية، وأن يفشل أهداف ذلك العدوان، وأن يَرُدَّ الصهاينة ومن وراءهم بغيظهم لم ينالوا خيراً، وأن يكون ما حصل لهم في غزة من الانسحاب ثم الانهزام نسخة أخرى مما نزل بساحتهم في جنوب لبنان، وقد ساء صباحهم فيها كرتين، كما أسأنا وجوههم ههنا مرتين، ثم لا يتوبون، ولا هم يَذَّكَّرون.
إن كثيراً من المؤشِّرات والمبشِّرات يربط الله بها على قلوبكم؛ لتكونوا من المؤمنين، وهاَؤُمْ طرفاً منها:
1- إن اندلاع الانتفاضة في كل من القدس والخليل يوشك أن تتطور إلى المجابهة المسلحة؛ كالحال في ثورة المساجد أولاً، ثم في انتفاضة الأقصى ثانياً، وإن سيناريو غزة يجري اجتراحه في الضفة، والنتيجة واحدة، ولن تجد لسنة الله تبديلا.
2- إن جبهة الممانعة قد حسمت أمرها في حِلْفٍ عسكري واحد يضم كلاً من سوريا وإيران، بالإضافة إلى حزب الله وحركة حماس، ومعها فصائل المقاومة في الشعب الفلسطيني، والباب مفتوح لمن أراد الانضواء تحت رايتهم، وقد جعل هذا الحلف الصهاينة في مأزقٍ كبير؛ فإن أيَّ عدوانٍ على أيٍّ من أطرافه سيشعل المنطقة كلها بإذن الله.
3- إن تركيا تعود اليوم تدريجياً إلى أمجاد الخلافة، وتتخذ من فلسطين قضية مركزية لنشاطها الدبلوماسي، ودعمها الاقتصادي، وبين الحين والآخر توجه صفعةً مؤلمة للاحتلال.
4- كما نتوقع تغييراً سياسياً وشيكاً في مصر، ومهما كان لونه فلن يكون أشدَّ علينا من النظام الحالي الشائخ في الحكم، الشائح بوجهه عن القطاع والشرعية الشعبية المنتخبة فيه.
وعندما تلتقي القيادة السياسية التركية القوية بقيادة روحية مصرية مماثلة؛ سنشهد ميلاد الولايات المتحدة الإسلامية إن شاء الله.
5- إن أمريكا تُجري انتخاباتٍ مزيفةً في العراق وأفغانستان بين يدي هروبها من الخسائر البشرية والمادية اليومية، وعندها سينكشف الغطاء عن الصهاينة، وعن كثير من الأنظمة المسبحة بحمده.
6- إن المقاومة اليوم ليست كما كانت بالأمس؛ فإن كل شبر في فلسطين يمكن أن يكون هدفاً لصواريخها من جنوب لبنان أو جنوب فلسطين، والمتوقع أن تكون هناك مفاجآت وكرامات ربانية عديدة في بضع سنين، ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله، ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/World_Muslims/0/58994/#ixzz2dQLggEsQ
المبشرات بالنصر تدمغ مؤشرات الهزيمة
﴿ يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87].
لعلَّ الناظر في ظاهر الأحداث يُمسي مقتنعاً بأن فلسطين يوشك أن تضيع بالكلية، فاليهود ماضون في تهويد القدس، والاستيلاء على الضفة الغربية بسُعار الاستيطان، وتحويل المدن الكبرى فيها إلى سجون معزولة بالحواجز العسكرية، أو الجدر الإسمنتية، فضلاً عن كونها تحت نيران المستوطنين، ومن يفكر من أهلها في المقاومة أو الاحتجاج السلمي فإن سلطة (دايتون)، وقوات (الضميري) وأضرابه لهم بالمرصاد، ولم يسلم من الخنق والملاحقة إخواننا في القرى والمدن فيما يعرف بعرب (48).
وفي نفس الوقت فإن أقصى ما تتطلع إليه السلطة هو قبول الصهاينة بمفاوضات غير مباشرة، وبدون شروط مسبقة، وبرعاية من أمريكا التي جعلت الاحتلال قاعدة عسكرية استراتيجية لها.
ولعل الأنكى من ذلك أن يكشف العرب عن هوانهم بتلبية الرغبة اليهودية؛ حين أعطوا المفاوضات غير المباشرة غطاءً سياسياً مدة أربعة أشهر، وهم يتأهبون لقمةٍ عربية، من المتوقع أن تكون زيادةً رقميةً في احتفاليات الجامعة العربية، ولا تكاد تخرج إلا بقائمة طويلة من التوصيات التي تأخذ أدراجها إلى الأرفف المُغْبَرَّة، أو الأدراج المَنْسِيَّة.
ثم إن الأنباء تتنفس عن مفاوضات سرية مباشرة بين حركة فتح والاحتلال في بعض العواصم الأوروبية منذ أكثر من شهرين، ولا غرابة في ذلك؛ فإن التعاون الأمني والعسكري المباشر لم يتوقف، وقد أثنى الصهاينة والأمريكان على السلطة مؤخراً في قدرتها على إخماد أنفاس أهل الضفة الغربية؛ حتى لا يُظْهِروا إنكارهم للسياسة اليهودية الهادفة إلى تقويض المسجد الأقصى، وتهويد مئات المساجد والمعالم الأثرية التي بنيناها وزَيَّنَّاها عبر أربعة عشر قرناً أو يزيد.
إن كل هذه السياسات وغيرها، خاصة في ظل التصعيد الجديد للصهاينة، والعودة إلى القصف المركَّز في قطاع غزة، واستمرار القتل ومواكب الشهداء، كل أولئك قد يورث اليأس من تَغَيُّرِ الأحوال في المنظور القريب، ويجلب علينا من الإحباط والقنوط، ومن الهَمِّ والغَمِّ ما يجعلنا حَرَضاً، أو نكون من الهالكين.
لكنَّ هذه الآية، وعلى لسان سيدنا يعقوب عليه السلام، تنهانا عن اليأس من رَوْحِ الله ورحمته، كما لم يكن سيدنا يعقوب نفسه آيِسَاً من عودة يوسف وأخويه؛ إِذِ احْتُجِزَ احدهما بتهمة السرقة، وأصرَّ كبيرهم على البقاء في مصر حتى يأذن له أبوه، أو يحكم الله له، وهو خير الحاكمين، على الرغم من أن الأسى الذي استبدَّ به قد تسبب في بياض عينيه، وذهاب بصره، لشدة ما يكظم من الغيظ، فما كان يشكو بَثَّه وحُزنه إلا إلى الله، وهو موقن أن الله تبارك وتعالى سيأتيه بهم جميعاً، رغم أن بَنِيهِ قد عاتبوه على استمراره في الأسف على فَقْدِِ يوسف، حتى أوشك أن تذهب نفسه عليه حسرات، أو يصبح باخعاً نفسه على غيابه المجهول.
لذلك فقد أمر بَنِيهِ بلهجة التعطف أن يذهبوا فيبحثوا عن يوسف وأخيه، ونهاهم أن ييأسوا من العثور عليهما، فإن رحمة الله قد وسعتْ كل شيءٍ، وإنه لا ييأس من رَوْحِ الله إلا القوم الكافرون؛ فإنهم لا يؤمنون بأن الله قد وسع كل شيءٍ رحمة وعلماً، ولا يعلمون أنه لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، كما لا يعجزه شيءٌ في الأرض ولا في السماء، إنما أَمْرُهُ إذا أراد شيئاً أن يقول له كُنْ فيكون.
إن الواجب علينا نحن - المؤمنين - ألَّا نقنط من رحمة الله، فإنه لا يقنط من رحمة ربه إلا الضَّالون، وقد أرانا كثيراً من آياته الكبرى، وأخرى تحبونها؛ نصرٌ من الله وفتح قريب.
هل كان سهلاً على شارون أن ينسحب من قطاع غزة، وهو يعلن أن مستوطنة نتساريم في جنوب مدينة غزة مثل تل أبيب؟!، بل هل خطر ببال أحدنا أننا بتلك السرعة سنخرجهم من القطاع أذلةً وهم صاغرون؟!، ومن كان يرى في المنام، أو حتى في أحلام اليقظة، أن الفلتان سَيُقْضَى عليه في ثلاثة أيام ليس أكثر؟!، بل مَنْ كان يتصور أن القطاع المحاصر لثلاث سنين عجاف قادر على التصدي لحرب عالمية، وأن يفشل أهداف ذلك العدوان، وأن يَرُدَّ الصهاينة ومن وراءهم بغيظهم لم ينالوا خيراً، وأن يكون ما حصل لهم في غزة من الانسحاب ثم الانهزام نسخة أخرى مما نزل بساحتهم في جنوب لبنان، وقد ساء صباحهم فيها كرتين، كما أسأنا وجوههم ههنا مرتين، ثم لا يتوبون، ولا هم يَذَّكَّرون.
إن كثيراً من المؤشِّرات والمبشِّرات يربط الله بها على قلوبكم؛ لتكونوا من المؤمنين، وهاَؤُمْ طرفاً منها:
1- إن اندلاع الانتفاضة في كل من القدس والخليل يوشك أن تتطور إلى المجابهة المسلحة؛ كالحال في ثورة المساجد أولاً، ثم في انتفاضة الأقصى ثانياً، وإن سيناريو غزة يجري اجتراحه في الضفة، والنتيجة واحدة، ولن تجد لسنة الله تبديلا.
2- إن جبهة الممانعة قد حسمت أمرها في حِلْفٍ عسكري واحد يضم كلاً من سوريا وإيران، بالإضافة إلى حزب الله وحركة حماس، ومعها فصائل المقاومة في الشعب الفلسطيني، والباب مفتوح لمن أراد الانضواء تحت رايتهم، وقد جعل هذا الحلف الصهاينة في مأزقٍ كبير؛ فإن أيَّ عدوانٍ على أيٍّ من أطرافه سيشعل المنطقة كلها بإذن الله.
3- إن تركيا تعود اليوم تدريجياً إلى أمجاد الخلافة، وتتخذ من فلسطين قضية مركزية لنشاطها الدبلوماسي، ودعمها الاقتصادي، وبين الحين والآخر توجه صفعةً مؤلمة للاحتلال.
4- كما نتوقع تغييراً سياسياً وشيكاً في مصر، ومهما كان لونه فلن يكون أشدَّ علينا من النظام الحالي الشائخ في الحكم، الشائح بوجهه عن القطاع والشرعية الشعبية المنتخبة فيه.
وعندما تلتقي القيادة السياسية التركية القوية بقيادة روحية مصرية مماثلة؛ سنشهد ميلاد الولايات المتحدة الإسلامية إن شاء الله.
5- إن أمريكا تُجري انتخاباتٍ مزيفةً في العراق وأفغانستان بين يدي هروبها من الخسائر البشرية والمادية اليومية، وعندها سينكشف الغطاء عن الصهاينة، وعن كثير من الأنظمة المسبحة بحمده.
6- إن المقاومة اليوم ليست كما كانت بالأمس؛ فإن كل شبر في فلسطين يمكن أن يكون هدفاً لصواريخها من جنوب لبنان أو جنوب فلسطين، والمتوقع أن تكون هناك مفاجآت وكرامات ربانية عديدة في بضع سنين، ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله، ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/World_Muslims/0/58994/#ixzz2dQLggEsQ