حسن عبدالحي
لم تَعُدْ مراقبةُ القائمين على حياة عامَّة الشُّعوب المسلِمة كافيةً في زجْر أصحاب المطامِع والأغراض السيِّئة والخبيثة، فضلاً عن القدرة على ردِّ عدوان أهْل الإجرام، الذين يعبثون بآدمية الناس ليلَ نهارَ في مجتمعاتٍ هي أشبهُ بالغابات.
بالإضافةِ إلى أنَّ كثيرًا من المعاملات الضروريَّة في المجتمعات البشريَّة لا ينضبط فيها العدلُ على وجْهه، ولا تُراعَى الأمانةُ فيها بشكل محكَم، إلا بالوازع الدِّيني أو الخُلقي داخلَ الضمير البشري، فليس كلُّ غشٍّ أو ظُلم يمكن أن تلحظَه النُّظمُ الرقابية المعنيَّة.
وقد ضَعُف كذلك الوازعُ الديني والخُلقي عندَ عامَّة الناس إلا مَن رَحِم الله تعالى، فاستحلَّ كثيرٌ منهم أعراضَ إخوانه وأموالَهم، فلم يبقَ للمرْء غير مراقبته وعنايته الذاتية لشؤون حياته، وعلى رأسها ضرورياته الدِّينيَّة والمعاشية.
لكلِّ هذا كان لزامًا على الفَرْد في كلِّ مجتمع البحثُ عن المخرَج الذاتي؛ أي: الخاص بجهده وفِكْره، الذي يقيه مهالك البيئة الحديثة، بكلِّ ما فيها مِن سموم التلوُّث الغذائي والصِّحي؛ بل والتلوُّث الفِكري.
وقد أمَرَنا نبيُّنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالحِرْص على كلِّ ما من شأنه تحقيقُ النفع لنا في الدنيا والآخرة، فقال: ((المؤمِن القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمِن الضعيف، وفي كل خير، احرصْ على ما ينفعك))؛ أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة.
وقد ناسَب جدًّا أن يكون من صِفات المؤمن القوي الحِرْصُ على ما ينفعه - كما في الحديث - وهذا الحِرْص في الحقيقة يتنوَّع بداخل صاحبه أنواعًا أُخَر من الهمِّ والانشغال والفِكْر والعمل؛ لذا لا يكون حريصًا على الحقيقة مَن لا تقوم في قلْبه تلك المعاني، التي هي مِن لوازم الحرْص.
معنى الوقاية الذاتية:
والوقاية الذاتية تَعْني في المقام الأول: الوعيَ الكافي بالواقع الذي يحياه كلُّ فرْد في مجتمعه، كما تعني أيضًا تحرِّيَ الأسباب الحافظة لمعاشه ودِينه، باعتبارهما متداخلين على الحقيقة.
والوقاية الذاتية: مَطْلَب شرعي وعقلي، كما أنَّها تَحرُّك ضروري نحوَ مجتمع أكثر إيجابية في شتَّى مناحي الحياة، وعلاقة المجتمع بعضه ببعض، وبهذا يُضيِّق الخناق على أصحاب المطامع السيِّئة، ويردُّ شرًّا عظيمًا عن الناس.
ولهذه الوقاية الذاتية مِن ظُلُمات العصر معالِمُها التي تقوم عليها، وسوف أحاول الوقوفَ عليها ما استطعت، على أنَّ القارئ الرشيد سيَزيد عليها بواقع تجرِبته وفِكْره.
المطالعة والتثقف:
فالذي لا يعرِف الشرَّ لا يُحسن أن يتقيَه، والشرُّ اليومَ بات له وجوهٌ كثيرة، يصعب أن يحيط بها إلا مَن كثرت مطالعته للواقِع، وهو معنَى التثقيف العام للشؤون الخاصَّة بالمرء في محيطه الغذائي أو الصحي أو البيئي، أو حتَّى الدِّيني.
وليس المراد أن يُلِمَّ المرء بتفاصيل العلوم المعاشيَّة، أو يقف على كلِّ دقائق الواقِع حولَه، فهذا ليس مستطاعًا فيُخاطَب به الناس؛ وإنما المراد أن يتسلَّح الإنسان قبلَ الإقدام على شيءٍ بثقافة عامَّة تؤهِّله للتمييز بيْن ما له وما عليه.
فعلى المريض - كمثال - أن يتحرَّى الشراءَ من الصيدليِّ الثِّقَةِ الذي جمَع بيْن الأمانة والعلم، فيسأله عن الدواء الذي صرف له قَبْل أن يتعاطاه، فيسأل: ألَه أعراضٌ جانبية؟ أو هل يضرُّ بأصحاب مرَض كذا أو كذا؟ وهكذا.
وأيضًا الحِرْص والتيقُّظ: بحيث لا يُؤتَى الإنسان من غفلته، فليس كلُّ أحد، أو كل شيء يُوثَق به، وإنْ أضفيت عليه شرعية أهلِ الرقابة، لا سيَّما بعد الانفتاح الهائل في عصْر العولمة، الذي تعجز نُظمُ المراقبة عن الإحاطة بما فيه كاملاً.
فإذا انتشر - مثلاً - بيننا حوادثُ زِراعة الكاميرات في غُرَف الفنادق، وعيادات الأطباء، وغرف تغيير الملابس، فالواجب على المرأة خاصَّة أن تتجنَّب رأسًا ما فيه المساسُ بسمعتها، أو التعرُّض لما فيه ابتزازٌ لها، وهكذا.
الحِكمة والتعقُّل:
وكثيرًا ما تقودنا حساباتُنا العقلية في معاشنا إلى الخير، وهذا إذا أحسنَّا النظرَ للأمور على وجهها الصحيح، وإذا جعلْنا الحِكْمة حاديَنا دون الهوى.
ومن أمثلة أثرِ التعقُّل في عملية الوقاية الذاتية: كشْف المفيد من الأغذية من المضرِّ، فعندما نقومُ بحساب تَكْلِفة بعض الأكلات في بيوتنا، ونوازن تلك التكلِفةَ بثمن الأكلات نفسها في مطاعمِ الأكْل الجاهز، ثم نجد فوارقَ التكلِفة في بيوتنا أعلى ثمنًا، فإنَّ هذا مؤشِّر واضحٌ أنَّ جودة مواد الطعام في تلك المطاعم أقلُّ من الجودة التي في بيوتنا.
وهذا مِثالٌ صحيحٌ جدًّا في واقعنا، فإنَّ عامة الأمراض الناتِجة عن الأغذية الفاسدة أو الملوثة، مصدرها مطاعم الأكْل الجاهِز؛ لما في تقليل أثمان موادِّ الطهي من أرْباح تعود على أصحاب تلك الأماكن، ولو كان وفورُ الرِّبْح عائدًا على حساب صحَّة الناس.
الاستعانة بالله والإيمان الصحيح:
إنَّ سؤالَ العَوْن من الله في توفيقنا لخيري الدنيا والآخِرة مطلبٌ أكيد للفلاَح؛ ولهذا أُمِرْنا أن نُكرِّر في اليوم أكثر من سبعَ عشرةَ مرَّة ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]؛ ولهذا كذلك كانتِ الاستعانة بالله سِرًّا من أسرار قوَّة المؤمِن؛ كما في حديث أبي هريرة الفائِت أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((احرِصْ على ما يَنفعُك، واستعنْ بالله ولا تَعجِز)).
فنحن إذَا أحسنَّا الاستعانة بالله، فإنَّه - تعالى - سيكفِينا شرورَ الدنيا وبلاياها المتعاقِبة، كما سيوفِّقنا للخير والبَركة.
كذلك الإيمان يدفَع عن العبْد المؤمِن ما يُراد به من سوء وشرٍّ؛ يقول ربُّنا - تبارك وتعالى -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [الحج: 38]، وإذا تدبَّرْنا قوله - تعالى -: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ﴾ [الروم: 41] علِمْنا سرَّ وجود هذا الكمِّ الكبير من الفساد في عصْر التقدُّم والرُّقيِّ والمدنيَّة، ولأيقنَّا أنَّ سبب هذا فسادُ الأخلاق والضمائر ببُعْدها عن الله - تعالى - ومنهجه.
الاعتصام بالإحسان أو صناعة المعروف:
يقول - صلَّى الله عليه وسلَّم - : ((صَنائِع المعروف تقِي مصارعَ السُّوء))؛ أخرجه الطبراني من حديث أبي أُمامة، وحسَّنه الألباني في ’’صحيح الجامع’’، ورُوي كذلك من حديث أنس وابن عبَّاس، وأمِّ سلمة، وغيرهم.
فرُبَّ حاجةٍ تُقضى، أو مال يُنفَق، أو معروف يُهدى، أو عِلم يُبذل، يردُّ عن صاحبه مصرعًا من مصارِع السوء، وقد كثُرت.
أخيرًا:
إذا قام الإنسانُ بما يجب عليه مِن الأسباب، ثم وقَع به مكروهٌ، فقد أعْذر من نفسه وممَّن يَعول، ولم يعجز؛ يقول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((المؤمِن القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى الله مِن المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، احرِصْ على ما ينفعك، واستعِنْ بالله ولا تعجِز، وإنْ أصابك شيءٌ فلا تقل: لو أنِّي فعلتُ، كان كذا وكذا، ولكن قل: قدَّرَ الله وما شاء فعَل، فإنَّ ’’لو’’ تفتح عملَ الشيطان)) [حديث أبي هريرة الفائت].
والحَمْدُ لله ربِّ العالمين، وصلِّ اللهمَّ وسلِّم على نبيِّنا محمَّد، وعلى آله وصحْبه ومَن تبعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Social/0/47221#ixzz2RL4pqGWL
لم تَعُدْ مراقبةُ القائمين على حياة عامَّة الشُّعوب المسلِمة كافيةً في زجْر أصحاب المطامِع والأغراض السيِّئة والخبيثة، فضلاً عن القدرة على ردِّ عدوان أهْل الإجرام، الذين يعبثون بآدمية الناس ليلَ نهارَ في مجتمعاتٍ هي أشبهُ بالغابات.
بالإضافةِ إلى أنَّ كثيرًا من المعاملات الضروريَّة في المجتمعات البشريَّة لا ينضبط فيها العدلُ على وجْهه، ولا تُراعَى الأمانةُ فيها بشكل محكَم، إلا بالوازع الدِّيني أو الخُلقي داخلَ الضمير البشري، فليس كلُّ غشٍّ أو ظُلم يمكن أن تلحظَه النُّظمُ الرقابية المعنيَّة.
وقد ضَعُف كذلك الوازعُ الديني والخُلقي عندَ عامَّة الناس إلا مَن رَحِم الله تعالى، فاستحلَّ كثيرٌ منهم أعراضَ إخوانه وأموالَهم، فلم يبقَ للمرْء غير مراقبته وعنايته الذاتية لشؤون حياته، وعلى رأسها ضرورياته الدِّينيَّة والمعاشية.
لكلِّ هذا كان لزامًا على الفَرْد في كلِّ مجتمع البحثُ عن المخرَج الذاتي؛ أي: الخاص بجهده وفِكْره، الذي يقيه مهالك البيئة الحديثة، بكلِّ ما فيها مِن سموم التلوُّث الغذائي والصِّحي؛ بل والتلوُّث الفِكري.
وقد أمَرَنا نبيُّنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالحِرْص على كلِّ ما من شأنه تحقيقُ النفع لنا في الدنيا والآخرة، فقال: ((المؤمِن القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمِن الضعيف، وفي كل خير، احرصْ على ما ينفعك))؛ أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة.
وقد ناسَب جدًّا أن يكون من صِفات المؤمن القوي الحِرْصُ على ما ينفعه - كما في الحديث - وهذا الحِرْص في الحقيقة يتنوَّع بداخل صاحبه أنواعًا أُخَر من الهمِّ والانشغال والفِكْر والعمل؛ لذا لا يكون حريصًا على الحقيقة مَن لا تقوم في قلْبه تلك المعاني، التي هي مِن لوازم الحرْص.
معنى الوقاية الذاتية:
والوقاية الذاتية تَعْني في المقام الأول: الوعيَ الكافي بالواقع الذي يحياه كلُّ فرْد في مجتمعه، كما تعني أيضًا تحرِّيَ الأسباب الحافظة لمعاشه ودِينه، باعتبارهما متداخلين على الحقيقة.
والوقاية الذاتية: مَطْلَب شرعي وعقلي، كما أنَّها تَحرُّك ضروري نحوَ مجتمع أكثر إيجابية في شتَّى مناحي الحياة، وعلاقة المجتمع بعضه ببعض، وبهذا يُضيِّق الخناق على أصحاب المطامع السيِّئة، ويردُّ شرًّا عظيمًا عن الناس.
ولهذه الوقاية الذاتية مِن ظُلُمات العصر معالِمُها التي تقوم عليها، وسوف أحاول الوقوفَ عليها ما استطعت، على أنَّ القارئ الرشيد سيَزيد عليها بواقع تجرِبته وفِكْره.
المطالعة والتثقف:
فالذي لا يعرِف الشرَّ لا يُحسن أن يتقيَه، والشرُّ اليومَ بات له وجوهٌ كثيرة، يصعب أن يحيط بها إلا مَن كثرت مطالعته للواقِع، وهو معنَى التثقيف العام للشؤون الخاصَّة بالمرء في محيطه الغذائي أو الصحي أو البيئي، أو حتَّى الدِّيني.
وليس المراد أن يُلِمَّ المرء بتفاصيل العلوم المعاشيَّة، أو يقف على كلِّ دقائق الواقِع حولَه، فهذا ليس مستطاعًا فيُخاطَب به الناس؛ وإنما المراد أن يتسلَّح الإنسان قبلَ الإقدام على شيءٍ بثقافة عامَّة تؤهِّله للتمييز بيْن ما له وما عليه.
فعلى المريض - كمثال - أن يتحرَّى الشراءَ من الصيدليِّ الثِّقَةِ الذي جمَع بيْن الأمانة والعلم، فيسأله عن الدواء الذي صرف له قَبْل أن يتعاطاه، فيسأل: ألَه أعراضٌ جانبية؟ أو هل يضرُّ بأصحاب مرَض كذا أو كذا؟ وهكذا.
وأيضًا الحِرْص والتيقُّظ: بحيث لا يُؤتَى الإنسان من غفلته، فليس كلُّ أحد، أو كل شيء يُوثَق به، وإنْ أضفيت عليه شرعية أهلِ الرقابة، لا سيَّما بعد الانفتاح الهائل في عصْر العولمة، الذي تعجز نُظمُ المراقبة عن الإحاطة بما فيه كاملاً.
فإذا انتشر - مثلاً - بيننا حوادثُ زِراعة الكاميرات في غُرَف الفنادق، وعيادات الأطباء، وغرف تغيير الملابس، فالواجب على المرأة خاصَّة أن تتجنَّب رأسًا ما فيه المساسُ بسمعتها، أو التعرُّض لما فيه ابتزازٌ لها، وهكذا.
الحِكمة والتعقُّل:
وكثيرًا ما تقودنا حساباتُنا العقلية في معاشنا إلى الخير، وهذا إذا أحسنَّا النظرَ للأمور على وجهها الصحيح، وإذا جعلْنا الحِكْمة حاديَنا دون الهوى.
ومن أمثلة أثرِ التعقُّل في عملية الوقاية الذاتية: كشْف المفيد من الأغذية من المضرِّ، فعندما نقومُ بحساب تَكْلِفة بعض الأكلات في بيوتنا، ونوازن تلك التكلِفةَ بثمن الأكلات نفسها في مطاعمِ الأكْل الجاهز، ثم نجد فوارقَ التكلِفة في بيوتنا أعلى ثمنًا، فإنَّ هذا مؤشِّر واضحٌ أنَّ جودة مواد الطعام في تلك المطاعم أقلُّ من الجودة التي في بيوتنا.
وهذا مِثالٌ صحيحٌ جدًّا في واقعنا، فإنَّ عامة الأمراض الناتِجة عن الأغذية الفاسدة أو الملوثة، مصدرها مطاعم الأكْل الجاهِز؛ لما في تقليل أثمان موادِّ الطهي من أرْباح تعود على أصحاب تلك الأماكن، ولو كان وفورُ الرِّبْح عائدًا على حساب صحَّة الناس.
الاستعانة بالله والإيمان الصحيح:
إنَّ سؤالَ العَوْن من الله في توفيقنا لخيري الدنيا والآخِرة مطلبٌ أكيد للفلاَح؛ ولهذا أُمِرْنا أن نُكرِّر في اليوم أكثر من سبعَ عشرةَ مرَّة ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]؛ ولهذا كذلك كانتِ الاستعانة بالله سِرًّا من أسرار قوَّة المؤمِن؛ كما في حديث أبي هريرة الفائِت أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((احرِصْ على ما يَنفعُك، واستعنْ بالله ولا تَعجِز)).
فنحن إذَا أحسنَّا الاستعانة بالله، فإنَّه - تعالى - سيكفِينا شرورَ الدنيا وبلاياها المتعاقِبة، كما سيوفِّقنا للخير والبَركة.
كذلك الإيمان يدفَع عن العبْد المؤمِن ما يُراد به من سوء وشرٍّ؛ يقول ربُّنا - تبارك وتعالى -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [الحج: 38]، وإذا تدبَّرْنا قوله - تعالى -: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ﴾ [الروم: 41] علِمْنا سرَّ وجود هذا الكمِّ الكبير من الفساد في عصْر التقدُّم والرُّقيِّ والمدنيَّة، ولأيقنَّا أنَّ سبب هذا فسادُ الأخلاق والضمائر ببُعْدها عن الله - تعالى - ومنهجه.
الاعتصام بالإحسان أو صناعة المعروف:
يقول - صلَّى الله عليه وسلَّم - : ((صَنائِع المعروف تقِي مصارعَ السُّوء))؛ أخرجه الطبراني من حديث أبي أُمامة، وحسَّنه الألباني في ’’صحيح الجامع’’، ورُوي كذلك من حديث أنس وابن عبَّاس، وأمِّ سلمة، وغيرهم.
فرُبَّ حاجةٍ تُقضى، أو مال يُنفَق، أو معروف يُهدى، أو عِلم يُبذل، يردُّ عن صاحبه مصرعًا من مصارِع السوء، وقد كثُرت.
أخيرًا:
إذا قام الإنسانُ بما يجب عليه مِن الأسباب، ثم وقَع به مكروهٌ، فقد أعْذر من نفسه وممَّن يَعول، ولم يعجز؛ يقول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((المؤمِن القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى الله مِن المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، احرِصْ على ما ينفعك، واستعِنْ بالله ولا تعجِز، وإنْ أصابك شيءٌ فلا تقل: لو أنِّي فعلتُ، كان كذا وكذا، ولكن قل: قدَّرَ الله وما شاء فعَل، فإنَّ ’’لو’’ تفتح عملَ الشيطان)) [حديث أبي هريرة الفائت].
والحَمْدُ لله ربِّ العالمين، وصلِّ اللهمَّ وسلِّم على نبيِّنا محمَّد، وعلى آله وصحْبه ومَن تبعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Social/0/47221#ixzz2RL4pqGWL