د. سلمان بن فهد العودة
عاداتي الخاصة أو المجتمعية ليست هي الدين الذي أتعبد الله به!
وليست فطرة الله التي فطر الناس عليها!
ثمَّ عادات تلائم الفطرة، وعادات تناقض الفطرة وتعاندها يسوغها الجهل والهوى.
سلوك الحيوان الأليف أو المتوحش ليس عادة ولكنه ’’طبيعة’’ مثل طبيعة الإحراق في النار.
ميل أحد الجنسين للآخر ليس عادة ولكنه ’’فطرة’’ أو ’’غريزة’’.
الموضة الشائعة في لباس الفتاة ليست عادة، بل ’’تقليد’’، وبقدر الحماس لها الآن تنصرف المرأة عنها بعد ذهاب وقتها، أو هي عادة خاصة تهم فئة أو طبقة من الناس فهي ضيقة النطاق نسبياً في انتشارها.
المجتمع الغافل يظن كل ثقافته وعاداته ’’فطرة إنسانية’’، ويعتقد أن العالم كله يجب أن يشاطره إياها، ومن لا يقر له بذلك فهو مريض أو ممسوخ الفطرة!
ولهذا يعزّ عليه الإقرار بالخلاف والتنوع والتعايش.
كثيراً ما يحارب الحق باسم العادات الراسخة وما كان عليه الناس.
شبَّه د. طه حسين مَنْ يحاولون تغيير العالم من أجل الحفاظ على عاداتهم بالذي يضيق عليه ثوبه فينقص وزنه ليلائم الثوب.
الموقف النقدي من العادات والتقاليد هو الموقف الذي يربط الأسباب بنتائجها من ناحية، فربما كانت العادة مقبولة بالأمس لأسباب قائمة ثم زالت أسبابها.
وهو الذي يستطيع التمييز بينما هو جزء من بنية المجتمع ’’في هذه اللحظة وهذه النقطة’’، وما هو مجرد محاكاة لسلوك سابق لم يعد له ما يبرره.
هل ستظل المرأة تقطع ذيل السمكة تقليداً لجدتها؛ التي كانت تفعل ذلك بسبب صغر المقلاة؟!
وهل سيظل الحارس واقفاً أسفل الدرج دون سبب لمجرد أن هذا السلم كان حديث عهد بالصبغ قبل خمسين عاماً، وكان يتعيّن تنبيه السالكين إلى الابتعاد عن الطلاء الجديد؟!
المتغير السياسي في العالم العربي سيتلوه حراك اجتماعي وثقافي مختلف؛ يوجب الفصل والفرز بين ما هو عادة وما ليس بعادة، كما يوجب الفرز بين ما هو عادة نحتاج إليها وما هو عادة قديمة لم يعد لها ما يسوغها.
مثل هذا الموقف النقدي ليس مجرد رفاهية فكرية في أروقة ودوائر المثقفين المغلقة، ولكنه مسألة حياتية يتوقف عليها تقدم المجتمع أو تراجعه.
الوعي هنا يعني إدراك أن ما هو بشري هو عرضة للتغير والفناء.. {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ} (19) سورة الانشقاق.
غياب الوعي يترتب عليه الاعتقاد بأن العادات الفردية والاجتماعية لا تتغيَّر وأنها في صحتها ويقينيتها مثل سائر الحقائق الشرعية أو العلمية وكأنها من طبائع الأشياء.
الثقافة المجتمعية ليست فطرية طبيعية بل هي اصطناعية، وهي مرنة ومتغيرة، وبسبب الغفلة عن ذلك يحارب الرأي الجديد كما حارب أتباع نيوتن ما تمخَّض عنه عقل آينشتاين.
وبإزاء عادات مجتمعية في الخليج -مثلاً- تقوم عادات مختلفة في مصر أو السودان أو المغرب، فليست العادات مثل حقائق العلم المتساوية المشتركة، وليست عادات بلد ما حاكمة على عادات البلد الآخر.
قيادة السيارة من اليمين إلى اليسار؛ كما هو في العالم العربي، أو العكس كما في بريطانيا ومستعمراتها؛ هو عادة ارتقت بأن تكون قانوناً وسميت ’’عرفاً’’.
حين نقيس عاداتنا الحالية مع ما كان عليه الأجداد منذ مدة ليست بعيدة سنقول إننا نعيش في عالم مختلف تماماً، وعلينا أن نعي أن حياة أحفادنا ستكون مختلفة أيضاً.
الحكم بتفوق عادات جيل ما حاضر أو سابق هو موضوع آخر، ولكن الأهم هو قياس تناسب العادات مع الواقع الجديد ومتغيراته وأن الثوب الذي نلبسه ملائم أجسادنا والمناخ الذي نمر به، فلا نلبس ثوب الشتاء للصيف أو العكس!
في المزرعة يكون دور المرأة مختلفاً عن دورها في مجتمع متعلم.
وتبعاً لذلك تتغير عادات الخطوبة والزواج، والسِّن والإنجاب، والتكاليف، والعلاقات الأسرية.
وتتغير نظرة الرجل إلى المرأة والعكس.
عادات المدينة تختلف عن عادات القرية.
عادات الأغنياء غير عادات الفقراء .
عادات المتعلمين غير عادات الأميين.
عادات المجتمع المزموم بالاستبداد والقبضة الأمنية وتكميم الأفواه غير عادات الانفتاح السياسي وحرية التعبير وعصر الانتخاب والتصويت..
وزمن الرسالة الواحدة الصادرة من الأعلى إلى الأدنى بجريدة أو قناة رسمية أو شبه رسمية غير عصر ’’تويتر، وفيس بوك، ويوتيوب’’، وآلاف الشبكات المسخَّرة للناس؛ برهم وفاجرهم، عالمهم وجاهلهم، مؤدبهم وبذيئهم!
الدين حاكم على العادات وليس تابعاً لها، وإن كان ثمَّ عادات كريمة يقرها الدين وتقتضيها الأخلاق.
من البصيرة إدراك التغيُّر الذي يطرأ على الناس والتعامل معه بذكاء، ولا يصح أن تعطي وصفة طبية واحدة لكل الآفات والشكايات.
الإسلام اليوم
عاداتي الخاصة أو المجتمعية ليست هي الدين الذي أتعبد الله به!
وليست فطرة الله التي فطر الناس عليها!
ثمَّ عادات تلائم الفطرة، وعادات تناقض الفطرة وتعاندها يسوغها الجهل والهوى.
سلوك الحيوان الأليف أو المتوحش ليس عادة ولكنه ’’طبيعة’’ مثل طبيعة الإحراق في النار.
ميل أحد الجنسين للآخر ليس عادة ولكنه ’’فطرة’’ أو ’’غريزة’’.
الموضة الشائعة في لباس الفتاة ليست عادة، بل ’’تقليد’’، وبقدر الحماس لها الآن تنصرف المرأة عنها بعد ذهاب وقتها، أو هي عادة خاصة تهم فئة أو طبقة من الناس فهي ضيقة النطاق نسبياً في انتشارها.
المجتمع الغافل يظن كل ثقافته وعاداته ’’فطرة إنسانية’’، ويعتقد أن العالم كله يجب أن يشاطره إياها، ومن لا يقر له بذلك فهو مريض أو ممسوخ الفطرة!
ولهذا يعزّ عليه الإقرار بالخلاف والتنوع والتعايش.
كثيراً ما يحارب الحق باسم العادات الراسخة وما كان عليه الناس.
شبَّه د. طه حسين مَنْ يحاولون تغيير العالم من أجل الحفاظ على عاداتهم بالذي يضيق عليه ثوبه فينقص وزنه ليلائم الثوب.
الموقف النقدي من العادات والتقاليد هو الموقف الذي يربط الأسباب بنتائجها من ناحية، فربما كانت العادة مقبولة بالأمس لأسباب قائمة ثم زالت أسبابها.
وهو الذي يستطيع التمييز بينما هو جزء من بنية المجتمع ’’في هذه اللحظة وهذه النقطة’’، وما هو مجرد محاكاة لسلوك سابق لم يعد له ما يبرره.
هل ستظل المرأة تقطع ذيل السمكة تقليداً لجدتها؛ التي كانت تفعل ذلك بسبب صغر المقلاة؟!
وهل سيظل الحارس واقفاً أسفل الدرج دون سبب لمجرد أن هذا السلم كان حديث عهد بالصبغ قبل خمسين عاماً، وكان يتعيّن تنبيه السالكين إلى الابتعاد عن الطلاء الجديد؟!
المتغير السياسي في العالم العربي سيتلوه حراك اجتماعي وثقافي مختلف؛ يوجب الفصل والفرز بين ما هو عادة وما ليس بعادة، كما يوجب الفرز بين ما هو عادة نحتاج إليها وما هو عادة قديمة لم يعد لها ما يسوغها.
مثل هذا الموقف النقدي ليس مجرد رفاهية فكرية في أروقة ودوائر المثقفين المغلقة، ولكنه مسألة حياتية يتوقف عليها تقدم المجتمع أو تراجعه.
الوعي هنا يعني إدراك أن ما هو بشري هو عرضة للتغير والفناء.. {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ} (19) سورة الانشقاق.
غياب الوعي يترتب عليه الاعتقاد بأن العادات الفردية والاجتماعية لا تتغيَّر وأنها في صحتها ويقينيتها مثل سائر الحقائق الشرعية أو العلمية وكأنها من طبائع الأشياء.
الثقافة المجتمعية ليست فطرية طبيعية بل هي اصطناعية، وهي مرنة ومتغيرة، وبسبب الغفلة عن ذلك يحارب الرأي الجديد كما حارب أتباع نيوتن ما تمخَّض عنه عقل آينشتاين.
وبإزاء عادات مجتمعية في الخليج -مثلاً- تقوم عادات مختلفة في مصر أو السودان أو المغرب، فليست العادات مثل حقائق العلم المتساوية المشتركة، وليست عادات بلد ما حاكمة على عادات البلد الآخر.
قيادة السيارة من اليمين إلى اليسار؛ كما هو في العالم العربي، أو العكس كما في بريطانيا ومستعمراتها؛ هو عادة ارتقت بأن تكون قانوناً وسميت ’’عرفاً’’.
حين نقيس عاداتنا الحالية مع ما كان عليه الأجداد منذ مدة ليست بعيدة سنقول إننا نعيش في عالم مختلف تماماً، وعلينا أن نعي أن حياة أحفادنا ستكون مختلفة أيضاً.
الحكم بتفوق عادات جيل ما حاضر أو سابق هو موضوع آخر، ولكن الأهم هو قياس تناسب العادات مع الواقع الجديد ومتغيراته وأن الثوب الذي نلبسه ملائم أجسادنا والمناخ الذي نمر به، فلا نلبس ثوب الشتاء للصيف أو العكس!
في المزرعة يكون دور المرأة مختلفاً عن دورها في مجتمع متعلم.
وتبعاً لذلك تتغير عادات الخطوبة والزواج، والسِّن والإنجاب، والتكاليف، والعلاقات الأسرية.
وتتغير نظرة الرجل إلى المرأة والعكس.
عادات المدينة تختلف عن عادات القرية.
عادات الأغنياء غير عادات الفقراء .
عادات المتعلمين غير عادات الأميين.
عادات المجتمع المزموم بالاستبداد والقبضة الأمنية وتكميم الأفواه غير عادات الانفتاح السياسي وحرية التعبير وعصر الانتخاب والتصويت..
وزمن الرسالة الواحدة الصادرة من الأعلى إلى الأدنى بجريدة أو قناة رسمية أو شبه رسمية غير عصر ’’تويتر، وفيس بوك، ويوتيوب’’، وآلاف الشبكات المسخَّرة للناس؛ برهم وفاجرهم، عالمهم وجاهلهم، مؤدبهم وبذيئهم!
الدين حاكم على العادات وليس تابعاً لها، وإن كان ثمَّ عادات كريمة يقرها الدين وتقتضيها الأخلاق.
من البصيرة إدراك التغيُّر الذي يطرأ على الناس والتعامل معه بذكاء، ولا يصح أن تعطي وصفة طبية واحدة لكل الآفات والشكايات.
الإسلام اليوم