جمال أنعم
يَكذبُ عبده الجَنَديّ بغباء وتهوُّر مُبدياً فرحاً بأداء دورَ الكذّاب المفضوح ، أُضحُوكة رثةٌ تبعثُ على الرِّثاء .
يبالغ البعض في الإيذاء المبتذل بيقين أن لهم من ضعفهم ما يرفع عنهم العتب ، الجَنَديّ لا يشفقُ على نفسه ويُعوّل على إشفاقنا عليه ،الرئيس يستحقُّ الجَنَديّ وأمثالُه في هذا الوقت، الفضيحةُ تستدعي أشباهها ، وهؤلاء الذين نسيهم الزمن ولم يحضوا من سيدهم بأدنى التِفَات أيَّام قُوَّته يرضي رغباتهم المقموعة ، استنجادِه بهم لحظةَ ضَعفه ، يجدُ العبيدُ أنفسهم حالَ أُفُولِ السيِّد ، يَحضرون الاحتضار بِطَانةً وبُطُوناً أخيرة ، يعرف الجَنَديّ من أَيِّ ثلاجةٍ جِيءَ بِهِ ؛ لِينفُخَ في جُثَّةٍ مَيِّتةٍ أَشبَعتِ الشَّعبَ مَوْتاً على مدى عُقُودٍ .
ماذا تبقى لصالح غيرُ الكَذِب والكَذَّابين ، سُخرية مُستحقة ، ولكمْ يهزأُ التاريخُ ممن يَظُنَّون أنّ بإمكانهم الاستمرار في السخرية من شعوبهم .
هو ذا صالحُ : حاكمٌ في مهبِّ الثورة ، تعصفُ به النقمةُ ، ويُطَوِّحُ به الغضبُ . هو ذا صورةٌ جوفاءُ ممزقةٌ تُقتَلعُ من ذاكرةِ الإنسانِ والزمانِ والمكانِ .
هَذَا جِيلٌ جاءَ الحياةَ فلمْ يَجِدْها، بلْ وجد الرَّئيسَ. هذا جيلٌ قرَّر الوِلادةَ من جديد، قرَّر أن لا تظلَّ اليمنُ سجينةَ فردٍ أو أسيرةَ عائلة، جيل حكمَ على كل أدوائِه وأزماتِه بالمغادرةِ والرَّحيلِ فوراً، سقطَ حكمُ صالح في ضميرِ الوطن منذُ بدأَ اختزالَهُ في شخصهِ وأسرتِه، واليوم نُُسقطُهُ من حياتِنا تماماً. علامَ يُراهنُ الرجلُ؟ على كِذْباتِ الجُمعة؟
على طَبْلٍ قرعهُ، أم على لسانٍ قَطَعهُ؟ على كاميرة مكاثرة للحشد، على تصريحات الرجل المسكين في وزارة الإعلام ، على مناصرٍ بالصَّميل، على الحرسِ العائليّ ، على غازٍ أخفاه ، وبترولٍ صفَّاه ، وسراج طفَّاه .
علامَ يُعَوِّلُ ؟ على ’’ مجورٍ’’ إذْ أرسلهُ في رحلة استجارةٍ واستعطاف أخيرة لمنحه المددْ وطول المدة، أم عَلَى القاعدة هراوتَه المَعهودة في وجه التغيير ووجه أمريكا والغرب.
احترقتْ كل الأوراق، لا شيء يُواري السَّوءَةَ المنكشفةَ، عَملَ صالح طويلاً على ضرب شعبِه وأمريكا بالقاعدةِ، المضحك أن يلعبَ الآنَ بهذه الورقة التالفة.
سمحتْ أمريكا لنفسها أن تظلَّ أسيرة ملف مكافحةَ الإرهاب ، واختزلتْ إمكاناتها وحضورها فيه تماماً ، القوة العظمى استحالت مخاوف عابرة للقارات تبحثُ عن صياديّ جوائز عرفوا كيف يستثمرون تلك المخاوف مقابل طمأنينة أقل ، ومال كثير ، وخوف أكثر ،بعد الحادي عشر من سبتمبر شعرت أمريكا أنها دفعت ثمن الحرية فشرعت تعاقبُ نفسها والعالم الإسلامي بحرب جائرة تقتلُ العدالةَ لا الظُّلمَ ذاتُه ، تناست أمريكا أن عوالمَنا تدفعُ ثمنَ الاستبدادَ ، وأنَّها في حربها الثأريَّة تنتقمُ من حريات تلك العوالم .
من السهل أن تقتلَ عدوَّك وتلاحقهُ خارجكَ لكن من الصعب أن تفعل ذلك حين يسكنُ أعماقكَ.
لا أخطرَ من الخوف حينَ يتملك الروحَ والعقل، ويعيشُ في تفاصيل حياتنا كلِّها، لا فضاءَ يمكنك فيه اعتقالَ رعبِك وقتلِه ما لم تفعلْ ذلك داخلكَ .
مقتلُ بن لادن هل سينهي كوابيس أمريكا ذاتها؟ وقد صارت مؤسسات استخباراتية وعسكرية وأجهزة أمنية وتشريعات وثقافة مسكونة بالرعب ، وحروبا مدمرة وشركات آثمة، وتأريخا موصوما بالهَدْر لها وللآخر.
التلويحُ بورقة القاعدة قاسمٌ مشتركٌ للدكتاتورياتِ الآفلة ، تَحوَّلَ الإسلاميون كدروعٍ للنظمِ البوليسيةِ القمعيةِ ، سقط بن علي وهو يرفعُ الإسلاميين كفزاعةٍ لاستثارة شفقة أمريكا والغرب ، ومثله فعل مبارك في صورةٍ أكثر مقتاً بدا فيها حريصاً على البقاء فقط من أجل توفير راحة البال من الإسلاميين لأمريكا والغرب ولإسرائيل كمان ، خرتيت ليبيا الخرف لم ينسَ التحذير من إمارةٍ إسلامية توشك أن تخلف نظامهُ الشائن العتيق ، الأمر ذاته يتكرر في سوريا ، كلُّهم يبتزون أمريكا بالإسلاميين ، كلُّ ثورةٍ وراءها الإخوان ، كلُّ غضبٍ تكمُنُ خلفَهُ القاعدة ، مخاوفُ أمريكا تضغطُ على خيارات الشعوب، هكذا استثمر الحاكمُ العربيُّ الأمرَ؛ لتظلَّ أمريكا حبيسةَ خوفها ويظلُّ العربيُّ سجينَ الاستبداد ، وضعٌ فادحٌ غيرُ مُنصفٍ على الإطلاق ، تماهى فيهِ الأمريكان مع الحاكم المستبد في الوعي العربي المعاصر.
أضحى الإرهابُ تنميةً مستدامةً، حرباً تخلقُ شروط استمرارَها وانتشارَها، حرباً تُكاثرُ عداوةَ وخصومةَ الشعوب لأمريكا بقدر ما تخدمُ الحاكمَ الفرد.
احتفلتْ أمريكا بمقتل بن لادن وفي اليمن بدا لشبابِ الثورةِ شبحاً في ميدان السبعين، اكتسب اليمنيون خبرة في قراءة الرئيس كيف يفكر ويعمل ، خشوا أن يبعثه في عملية انتقامية عاجلة؛ فسارعوا للتحذير من ذلك .
صالح لم يسمح للقاعدة بأن تنتهي في اليمن كي لا يتوقف المال ويجف الدعم، لقد عمل على بقائه في اليمن وضمان وجوده بذات القدر الذي عمل فيه ويعمل على بقائه هو .
في باكستان، تخلصت أمريكا من خوفها بقتل بن لادن، تلك مصلحةٌ بررت من أجلها فعل كل شيء غير مبرر، وفي اليمن يثورُ الشعبُ وعلى نحو سلمي مشروع ومبرر للتخلصِ من حاكمٍ اغتاله وشرده في العوالم 33 سنة، هو يريد التخلص من الثورة ضدهُ بادعاء الإخلاص لأمريكا في محاربة مخاوفها وحماية مصالحها والآخرين. وقد خلصوا جميعا إلى أنه غيرُ صالح .
*الصحوة نت
يَكذبُ عبده الجَنَديّ بغباء وتهوُّر مُبدياً فرحاً بأداء دورَ الكذّاب المفضوح ، أُضحُوكة رثةٌ تبعثُ على الرِّثاء .
يبالغ البعض في الإيذاء المبتذل بيقين أن لهم من ضعفهم ما يرفع عنهم العتب ، الجَنَديّ لا يشفقُ على نفسه ويُعوّل على إشفاقنا عليه ،الرئيس يستحقُّ الجَنَديّ وأمثالُه في هذا الوقت، الفضيحةُ تستدعي أشباهها ، وهؤلاء الذين نسيهم الزمن ولم يحضوا من سيدهم بأدنى التِفَات أيَّام قُوَّته يرضي رغباتهم المقموعة ، استنجادِه بهم لحظةَ ضَعفه ، يجدُ العبيدُ أنفسهم حالَ أُفُولِ السيِّد ، يَحضرون الاحتضار بِطَانةً وبُطُوناً أخيرة ، يعرف الجَنَديّ من أَيِّ ثلاجةٍ جِيءَ بِهِ ؛ لِينفُخَ في جُثَّةٍ مَيِّتةٍ أَشبَعتِ الشَّعبَ مَوْتاً على مدى عُقُودٍ .
ماذا تبقى لصالح غيرُ الكَذِب والكَذَّابين ، سُخرية مُستحقة ، ولكمْ يهزأُ التاريخُ ممن يَظُنَّون أنّ بإمكانهم الاستمرار في السخرية من شعوبهم .
هو ذا صالحُ : حاكمٌ في مهبِّ الثورة ، تعصفُ به النقمةُ ، ويُطَوِّحُ به الغضبُ . هو ذا صورةٌ جوفاءُ ممزقةٌ تُقتَلعُ من ذاكرةِ الإنسانِ والزمانِ والمكانِ .
هَذَا جِيلٌ جاءَ الحياةَ فلمْ يَجِدْها، بلْ وجد الرَّئيسَ. هذا جيلٌ قرَّر الوِلادةَ من جديد، قرَّر أن لا تظلَّ اليمنُ سجينةَ فردٍ أو أسيرةَ عائلة، جيل حكمَ على كل أدوائِه وأزماتِه بالمغادرةِ والرَّحيلِ فوراً، سقطَ حكمُ صالح في ضميرِ الوطن منذُ بدأَ اختزالَهُ في شخصهِ وأسرتِه، واليوم نُُسقطُهُ من حياتِنا تماماً. علامَ يُراهنُ الرجلُ؟ على كِذْباتِ الجُمعة؟
على طَبْلٍ قرعهُ، أم على لسانٍ قَطَعهُ؟ على كاميرة مكاثرة للحشد، على تصريحات الرجل المسكين في وزارة الإعلام ، على مناصرٍ بالصَّميل، على الحرسِ العائليّ ، على غازٍ أخفاه ، وبترولٍ صفَّاه ، وسراج طفَّاه .
علامَ يُعَوِّلُ ؟ على ’’ مجورٍ’’ إذْ أرسلهُ في رحلة استجارةٍ واستعطاف أخيرة لمنحه المددْ وطول المدة، أم عَلَى القاعدة هراوتَه المَعهودة في وجه التغيير ووجه أمريكا والغرب.
احترقتْ كل الأوراق، لا شيء يُواري السَّوءَةَ المنكشفةَ، عَملَ صالح طويلاً على ضرب شعبِه وأمريكا بالقاعدةِ، المضحك أن يلعبَ الآنَ بهذه الورقة التالفة.
سمحتْ أمريكا لنفسها أن تظلَّ أسيرة ملف مكافحةَ الإرهاب ، واختزلتْ إمكاناتها وحضورها فيه تماماً ، القوة العظمى استحالت مخاوف عابرة للقارات تبحثُ عن صياديّ جوائز عرفوا كيف يستثمرون تلك المخاوف مقابل طمأنينة أقل ، ومال كثير ، وخوف أكثر ،بعد الحادي عشر من سبتمبر شعرت أمريكا أنها دفعت ثمن الحرية فشرعت تعاقبُ نفسها والعالم الإسلامي بحرب جائرة تقتلُ العدالةَ لا الظُّلمَ ذاتُه ، تناست أمريكا أن عوالمَنا تدفعُ ثمنَ الاستبدادَ ، وأنَّها في حربها الثأريَّة تنتقمُ من حريات تلك العوالم .
من السهل أن تقتلَ عدوَّك وتلاحقهُ خارجكَ لكن من الصعب أن تفعل ذلك حين يسكنُ أعماقكَ.
لا أخطرَ من الخوف حينَ يتملك الروحَ والعقل، ويعيشُ في تفاصيل حياتنا كلِّها، لا فضاءَ يمكنك فيه اعتقالَ رعبِك وقتلِه ما لم تفعلْ ذلك داخلكَ .
مقتلُ بن لادن هل سينهي كوابيس أمريكا ذاتها؟ وقد صارت مؤسسات استخباراتية وعسكرية وأجهزة أمنية وتشريعات وثقافة مسكونة بالرعب ، وحروبا مدمرة وشركات آثمة، وتأريخا موصوما بالهَدْر لها وللآخر.
التلويحُ بورقة القاعدة قاسمٌ مشتركٌ للدكتاتورياتِ الآفلة ، تَحوَّلَ الإسلاميون كدروعٍ للنظمِ البوليسيةِ القمعيةِ ، سقط بن علي وهو يرفعُ الإسلاميين كفزاعةٍ لاستثارة شفقة أمريكا والغرب ، ومثله فعل مبارك في صورةٍ أكثر مقتاً بدا فيها حريصاً على البقاء فقط من أجل توفير راحة البال من الإسلاميين لأمريكا والغرب ولإسرائيل كمان ، خرتيت ليبيا الخرف لم ينسَ التحذير من إمارةٍ إسلامية توشك أن تخلف نظامهُ الشائن العتيق ، الأمر ذاته يتكرر في سوريا ، كلُّهم يبتزون أمريكا بالإسلاميين ، كلُّ ثورةٍ وراءها الإخوان ، كلُّ غضبٍ تكمُنُ خلفَهُ القاعدة ، مخاوفُ أمريكا تضغطُ على خيارات الشعوب، هكذا استثمر الحاكمُ العربيُّ الأمرَ؛ لتظلَّ أمريكا حبيسةَ خوفها ويظلُّ العربيُّ سجينَ الاستبداد ، وضعٌ فادحٌ غيرُ مُنصفٍ على الإطلاق ، تماهى فيهِ الأمريكان مع الحاكم المستبد في الوعي العربي المعاصر.
أضحى الإرهابُ تنميةً مستدامةً، حرباً تخلقُ شروط استمرارَها وانتشارَها، حرباً تُكاثرُ عداوةَ وخصومةَ الشعوب لأمريكا بقدر ما تخدمُ الحاكمَ الفرد.
احتفلتْ أمريكا بمقتل بن لادن وفي اليمن بدا لشبابِ الثورةِ شبحاً في ميدان السبعين، اكتسب اليمنيون خبرة في قراءة الرئيس كيف يفكر ويعمل ، خشوا أن يبعثه في عملية انتقامية عاجلة؛ فسارعوا للتحذير من ذلك .
صالح لم يسمح للقاعدة بأن تنتهي في اليمن كي لا يتوقف المال ويجف الدعم، لقد عمل على بقائه في اليمن وضمان وجوده بذات القدر الذي عمل فيه ويعمل على بقائه هو .
في باكستان، تخلصت أمريكا من خوفها بقتل بن لادن، تلك مصلحةٌ بررت من أجلها فعل كل شيء غير مبرر، وفي اليمن يثورُ الشعبُ وعلى نحو سلمي مشروع ومبرر للتخلصِ من حاكمٍ اغتاله وشرده في العوالم 33 سنة، هو يريد التخلص من الثورة ضدهُ بادعاء الإخلاص لأمريكا في محاربة مخاوفها وحماية مصالحها والآخرين. وقد خلصوا جميعا إلى أنه غيرُ صالح .
*الصحوة نت