12-2-2011
فالمعركة الحقيقية التي تخوضها الشعوب العربية الآن هي معركة القدرة على التحرر من الاستعمار بالوكالة، معركة تقرير المصير؛ من يملك تقرير مصير الشعوب، أهي الشعوب نفسها، أم ذلك المستعمر الذي مسخ عددًا من أفراد الشعب يحكمونه بالنيابة عنه؟ الإنجاز المصري هو الأخطر على إسرائيل، وعلى المشروع الغربي الأمريكي، بشقيه الناعم والدموي، في المنطقة، فمصر رأس حربة هذا المشروع، وما كان لأمريكا أن تحقق هذا النجاح لولا هذا النظام البائد، مصر كانت أول البلاد العربية تغريبًا، وكان تأثيرها الأقوى..
بقلم د. هيثم بن جواد الحداد
الحمد لله والصلاة على رسول الله، وبعد،
فلا أظن أنه من مبالغة القول إن سقوط النظام المصري يمكن أن يعتبر الأحدث الأهم في الخمسين سنة الماضية خلا أحداث سبتمبر التي كان لها آثار آنية سلبية على الإسلام والمسلمين، لكن سقوط هذا النظام الذي كان يحكم مصر بالوكالة عن القوى الغربية، يمثل سقوطا لما يعرف بالمشروع الأمريكي والغربي في المنطقة برمتها.
ولا أظن أحدًا كان يحلم ولو مجرد الحلم بسقوط النظام المصري الأقوى والأهم ما بين الأنظمة العربية، سيما المجاروة لإسرائيل، محور الصراع الإسلامي الغربي، خلال السنوات القادمة.
قد يعترض البعض بأن القادم لن يقل سوءا عنه، كما كان نظام مبارك أكثر سواء من نظام السادات الذي اغتيل، ومع تحفظنا على هذا الاحتمال في ظل الحالة الراهنة التي يشهدها العالم العربي بالخصوص، وهذا التواصل التقني والإعلامي، الذي أسهم بدور فاعل في إمداد هذه الثورات الشعبية بالزخم الكافي لاستمرارها، وكسب التعاطف العالمي معها، وتضييق الخناق على الالتفاف حولها؛ مع تحفظنا الشديد على هذا الاحتمال، إلا أن سقوط هذا النظام يعتبر تحريرًا وإنجازا غير مسبوق.
فالمعركة الحقيقية التي تخوضها الشعوب العربية الآن هي معركة القدرة على التحرر من الاستعمار بالوكالة، معركة تقرير المصير؛ من يملك تقرير مصير الشعوب، أهي الشعوب نفسها، أم ذلك المستعمر الذي مسخ عددًا من أفراد الشعب يحكمونه بالنيابة عنه؟
احتمال القادم أكثر سوءا أم لا، ليس بالقضية الأهم، إذ إنّ الأهم هو قدرة الشعب المصري ومن قبله الشعب التونسي على التغلب على حاجز العجز عن التغيير، ومن ثم استطاع هذان الشعبان كسر حاجز الخوف الذي ردحا تحته أكثر من نصف قرن، والحرب النفسية هي الأهم في أي حرب، ولما تحررت بلاد المغرب العربي من المستعمر الخارجي تسارعت خطى الاستقلال في البلاد العربية والإسلامية الأخرى.
إدراكنا لطبيعة المعركة والصراع يضع هذا الإنجاز التاريخي للشعب المصري بالذات، في مقدمة ما أنجزته الأمة العربية والإسلامية منذ سقوط الخلافة الإسلامية، فقد هيأ هذان الشعبان لباقي الشعوب العربية سابقة تاريخية، وقضائية، وسياسية بهذا التاريخ، والسوابق القضائية أصبحت في هذا الزمن العامل الأكثر في التأثير على الأحكام الجديدة.
الإنجاز المصري هو الأخطر على إسرائيل، وعلى المشروع الغربي الأمريكي، بشقيه الناعم والدموي، في المنطقة، فمصر رأس حربة هذا المشروع، وما كان لأمريكا أن تحقق هذا النجاح لولا هذا النظام البائد، مصر كانت أول البلاد العربية تغريبًا، وكان تأثيرها الأقوى، ولن ينسى أحد دور السينما المصرية في منتصف القرن الميلادي في تقنين ونشر الفساد الفكري والأخلاقي.
لن تجرؤ إسرائيل على ضرب غزة كما حدث قبل سنتين، ولن يقبل الشعب المصري بذلك، ولا أظن أن في قدرة أي نظام كبح جماح الشعب المصري، الذي أحس بنشوة نصر الثورة على نظام مبارك، وثمة كره متأصل لدى أغلب المصريين لكل ما هو إسرائيلي، ازداد هذا الكره بعد أحداث غزة، وتضاعف مع الانحياز الأمريكي الإسرائيلي مع النظام القمعي ضد الشعب المصري، وسيكون من الصعب على إسرائيل بالذات التواجد فكريًا وثقافيًا في مصر مرة أخرى.
الشعب المصري متدين بطبيعته، لكن الأنظمة العفنة نجحت في تصويره على أنه شعب ممسوخ الهوية، القاهرة بلد المآذن، ومظاهر إقبال الناس عل مساجدها مدهش للغاية، وانتشار الحجاب في هذا البلد التي تعرض لهجمة تغريبية قاسية، ومظاهر التدين في مدن ومحافظات أخرى أكثر من مظاهرها في العاصمة، هذا التدين سيزداد بشكل متسارع، وستستميت كل من أمريكا وإسرائيل في إخماده، ولن يفلحوا بعد هذه الهزيمة المروعة التي أوقعها الشعب المصري بهم.
ثورة الشعبين المصري والتونسي هذه ستفجر طاقات عربية أخرى، وستعيد الثقة للشعوب العربية بأن الفرد في العالم العربي يمكن أن يصنع تغييرًا، وأن التأثير الإيجابي والكبير للعصيان المدني لا يقتصر على البلاد غير الإسلامية، حتى ولو تكن دولة غربية كالهند مثلا، وستهفو الشعوب العربية لمزيد الحريات، وما فتحت الحريات في بلد من البلاد إلا وانتشر الإسلام؛ إذ هو دين الحرية، ودين الفطرة.
كان الكثيرون في العالم العربي يحملون نظرة سلبية تجاه مظاهر الاستنكار المدني، كالمظاهرات، والاعتصامات، أما الآن فأظن أصحاب هذه الرؤى سيتاورون قليلا، وستعيد الأنظمة العربية صياغة قوانينها لتسمح بهامش من هذه الممارسات التي أثبت التاريخ متوجًا بأحداث مصر أن لها قدرة كبيرة في تجيش الرأي العام ضد الأنظمة، وأتمنى أن ينظر المشايخ التقليديون بصورة أكثر واقعية لبعض أحكام العصيان المدني وموقعها في منظومة الفقه السياسي الإسلامي.
أظن أن الجميع سيعيد ترتيب أوراقه بعد هذا التحرير، هذا واضح بالنسبة للقيادات العربية السياسية، لكن لست أدري إن كانت القيادات الإسلامية في العالم العربي والإسلامي ستعيد ترتيب أوراقها، ليتها تفعل، فلا أظن الطريقة التقليدية التي سار عليها البعض ستكون مجدية في المرحلة القادمة، وقد يتوجب عليها مزيدا من الاهتمام بالشأن السياسي والاجتماعي، فعجلة التغير أسرع من أن تدركها تقليدية بعض أهل العلم.
أما الجماعات الإسلامية، فلا بد لها في التفكير جديًا في المشروعات السياسية البديلة ولو بشكل نظري، فلا يدري أحد متى تهب رياح التغيير، وليس من الصواب أن يكون حراكها مجرد ردود أفعال، أو محدودا بالجانب الشرعي من حياة الدول.
قد لا يكون أيًا من هاتين الثورتين إسلامية بالمعنى الدقيق، لكن مجرد حدوثها في بلد إسلامي هو الأهم، فالشعوب العربية والإسلامية، إسلامية حتى ولو تكن متدينة بالكافي، ومن استنار بنور الإسلام لن يستبدله بظلمة أي دين آخر، ولو طال بعد الشعوب عن الإسلام، فإنها ستعود إليه حتما، إنه دينها، ودين ربها، إنه تاريخها الذي كتبت به نصرًا على الشعوب الأخرى، إنه سبيلها إلى جنة المأوى، فلا يهمنا كثيرا من شارك في هذه الثورة، المهم أنه مسلم موحد ولو بالاسم، سيكون يوما قريبا بالفعل الحقيقي، المهم أن نتيح له الحرية أن يبصر الإسلام، وأن يعيش ولو شيئًا منه.
للعبرة: أولا لا نبد أن نديم الشكر لله على هذا النصر، فولا التدبير الإلهي لما حصل هذا الذي حصل، وأضرب مثالا واحدا فقط، فقبل جمعة السقوط، أصدر النظام المصري على لسان عمر سليمان بأن الرئيس أوكل إليه كل الصلاحيات، وكان السيناريو المحتمل أن يخرج حسني من مصر، وأن يتولى أمور الرئاسة عمر سليمان ليستعيد سيطرة النظام، لكن الله أوقعهم في شر أفعالهم، فزادت هذه التصريحات من ثورة الشعب، وأخرجت الملايين عليهم، وراجع الجيش حساباته نتيجة لذلك، فقطع الله دابر محاولة أمريكا الالتفات على الثورة الشعبية، أو نسبة النصر إليها، بل حتى لا ينسبها الجيش لنفسه، فسبحان الله كيف أعمى بصيرة الطغاة وبصرهم ليوقعهم في شر أعمالهم، والله يقول (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ {4} وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ {5} وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ {6})
الله أكبر، إنها حقًا مصر أم الدنيا، حررت نفسها، وأرجو أن يكون ذلك تحريرا لنا جميعًا، لا بل سيكون إن شاء الله،،
فالمعركة الحقيقية التي تخوضها الشعوب العربية الآن هي معركة القدرة على التحرر من الاستعمار بالوكالة، معركة تقرير المصير؛ من يملك تقرير مصير الشعوب، أهي الشعوب نفسها، أم ذلك المستعمر الذي مسخ عددًا من أفراد الشعب يحكمونه بالنيابة عنه؟ الإنجاز المصري هو الأخطر على إسرائيل، وعلى المشروع الغربي الأمريكي، بشقيه الناعم والدموي، في المنطقة، فمصر رأس حربة هذا المشروع، وما كان لأمريكا أن تحقق هذا النجاح لولا هذا النظام البائد، مصر كانت أول البلاد العربية تغريبًا، وكان تأثيرها الأقوى..
بقلم د. هيثم بن جواد الحداد
الحمد لله والصلاة على رسول الله، وبعد،
فلا أظن أنه من مبالغة القول إن سقوط النظام المصري يمكن أن يعتبر الأحدث الأهم في الخمسين سنة الماضية خلا أحداث سبتمبر التي كان لها آثار آنية سلبية على الإسلام والمسلمين، لكن سقوط هذا النظام الذي كان يحكم مصر بالوكالة عن القوى الغربية، يمثل سقوطا لما يعرف بالمشروع الأمريكي والغربي في المنطقة برمتها.
ولا أظن أحدًا كان يحلم ولو مجرد الحلم بسقوط النظام المصري الأقوى والأهم ما بين الأنظمة العربية، سيما المجاروة لإسرائيل، محور الصراع الإسلامي الغربي، خلال السنوات القادمة.
قد يعترض البعض بأن القادم لن يقل سوءا عنه، كما كان نظام مبارك أكثر سواء من نظام السادات الذي اغتيل، ومع تحفظنا على هذا الاحتمال في ظل الحالة الراهنة التي يشهدها العالم العربي بالخصوص، وهذا التواصل التقني والإعلامي، الذي أسهم بدور فاعل في إمداد هذه الثورات الشعبية بالزخم الكافي لاستمرارها، وكسب التعاطف العالمي معها، وتضييق الخناق على الالتفاف حولها؛ مع تحفظنا الشديد على هذا الاحتمال، إلا أن سقوط هذا النظام يعتبر تحريرًا وإنجازا غير مسبوق.
فالمعركة الحقيقية التي تخوضها الشعوب العربية الآن هي معركة القدرة على التحرر من الاستعمار بالوكالة، معركة تقرير المصير؛ من يملك تقرير مصير الشعوب، أهي الشعوب نفسها، أم ذلك المستعمر الذي مسخ عددًا من أفراد الشعب يحكمونه بالنيابة عنه؟
احتمال القادم أكثر سوءا أم لا، ليس بالقضية الأهم، إذ إنّ الأهم هو قدرة الشعب المصري ومن قبله الشعب التونسي على التغلب على حاجز العجز عن التغيير، ومن ثم استطاع هذان الشعبان كسر حاجز الخوف الذي ردحا تحته أكثر من نصف قرن، والحرب النفسية هي الأهم في أي حرب، ولما تحررت بلاد المغرب العربي من المستعمر الخارجي تسارعت خطى الاستقلال في البلاد العربية والإسلامية الأخرى.
إدراكنا لطبيعة المعركة والصراع يضع هذا الإنجاز التاريخي للشعب المصري بالذات، في مقدمة ما أنجزته الأمة العربية والإسلامية منذ سقوط الخلافة الإسلامية، فقد هيأ هذان الشعبان لباقي الشعوب العربية سابقة تاريخية، وقضائية، وسياسية بهذا التاريخ، والسوابق القضائية أصبحت في هذا الزمن العامل الأكثر في التأثير على الأحكام الجديدة.
الإنجاز المصري هو الأخطر على إسرائيل، وعلى المشروع الغربي الأمريكي، بشقيه الناعم والدموي، في المنطقة، فمصر رأس حربة هذا المشروع، وما كان لأمريكا أن تحقق هذا النجاح لولا هذا النظام البائد، مصر كانت أول البلاد العربية تغريبًا، وكان تأثيرها الأقوى، ولن ينسى أحد دور السينما المصرية في منتصف القرن الميلادي في تقنين ونشر الفساد الفكري والأخلاقي.
لن تجرؤ إسرائيل على ضرب غزة كما حدث قبل سنتين، ولن يقبل الشعب المصري بذلك، ولا أظن أن في قدرة أي نظام كبح جماح الشعب المصري، الذي أحس بنشوة نصر الثورة على نظام مبارك، وثمة كره متأصل لدى أغلب المصريين لكل ما هو إسرائيلي، ازداد هذا الكره بعد أحداث غزة، وتضاعف مع الانحياز الأمريكي الإسرائيلي مع النظام القمعي ضد الشعب المصري، وسيكون من الصعب على إسرائيل بالذات التواجد فكريًا وثقافيًا في مصر مرة أخرى.
الشعب المصري متدين بطبيعته، لكن الأنظمة العفنة نجحت في تصويره على أنه شعب ممسوخ الهوية، القاهرة بلد المآذن، ومظاهر إقبال الناس عل مساجدها مدهش للغاية، وانتشار الحجاب في هذا البلد التي تعرض لهجمة تغريبية قاسية، ومظاهر التدين في مدن ومحافظات أخرى أكثر من مظاهرها في العاصمة، هذا التدين سيزداد بشكل متسارع، وستستميت كل من أمريكا وإسرائيل في إخماده، ولن يفلحوا بعد هذه الهزيمة المروعة التي أوقعها الشعب المصري بهم.
ثورة الشعبين المصري والتونسي هذه ستفجر طاقات عربية أخرى، وستعيد الثقة للشعوب العربية بأن الفرد في العالم العربي يمكن أن يصنع تغييرًا، وأن التأثير الإيجابي والكبير للعصيان المدني لا يقتصر على البلاد غير الإسلامية، حتى ولو تكن دولة غربية كالهند مثلا، وستهفو الشعوب العربية لمزيد الحريات، وما فتحت الحريات في بلد من البلاد إلا وانتشر الإسلام؛ إذ هو دين الحرية، ودين الفطرة.
كان الكثيرون في العالم العربي يحملون نظرة سلبية تجاه مظاهر الاستنكار المدني، كالمظاهرات، والاعتصامات، أما الآن فأظن أصحاب هذه الرؤى سيتاورون قليلا، وستعيد الأنظمة العربية صياغة قوانينها لتسمح بهامش من هذه الممارسات التي أثبت التاريخ متوجًا بأحداث مصر أن لها قدرة كبيرة في تجيش الرأي العام ضد الأنظمة، وأتمنى أن ينظر المشايخ التقليديون بصورة أكثر واقعية لبعض أحكام العصيان المدني وموقعها في منظومة الفقه السياسي الإسلامي.
أظن أن الجميع سيعيد ترتيب أوراقه بعد هذا التحرير، هذا واضح بالنسبة للقيادات العربية السياسية، لكن لست أدري إن كانت القيادات الإسلامية في العالم العربي والإسلامي ستعيد ترتيب أوراقها، ليتها تفعل، فلا أظن الطريقة التقليدية التي سار عليها البعض ستكون مجدية في المرحلة القادمة، وقد يتوجب عليها مزيدا من الاهتمام بالشأن السياسي والاجتماعي، فعجلة التغير أسرع من أن تدركها تقليدية بعض أهل العلم.
أما الجماعات الإسلامية، فلا بد لها في التفكير جديًا في المشروعات السياسية البديلة ولو بشكل نظري، فلا يدري أحد متى تهب رياح التغيير، وليس من الصواب أن يكون حراكها مجرد ردود أفعال، أو محدودا بالجانب الشرعي من حياة الدول.
قد لا يكون أيًا من هاتين الثورتين إسلامية بالمعنى الدقيق، لكن مجرد حدوثها في بلد إسلامي هو الأهم، فالشعوب العربية والإسلامية، إسلامية حتى ولو تكن متدينة بالكافي، ومن استنار بنور الإسلام لن يستبدله بظلمة أي دين آخر، ولو طال بعد الشعوب عن الإسلام، فإنها ستعود إليه حتما، إنه دينها، ودين ربها، إنه تاريخها الذي كتبت به نصرًا على الشعوب الأخرى، إنه سبيلها إلى جنة المأوى، فلا يهمنا كثيرا من شارك في هذه الثورة، المهم أنه مسلم موحد ولو بالاسم، سيكون يوما قريبا بالفعل الحقيقي، المهم أن نتيح له الحرية أن يبصر الإسلام، وأن يعيش ولو شيئًا منه.
للعبرة: أولا لا نبد أن نديم الشكر لله على هذا النصر، فولا التدبير الإلهي لما حصل هذا الذي حصل، وأضرب مثالا واحدا فقط، فقبل جمعة السقوط، أصدر النظام المصري على لسان عمر سليمان بأن الرئيس أوكل إليه كل الصلاحيات، وكان السيناريو المحتمل أن يخرج حسني من مصر، وأن يتولى أمور الرئاسة عمر سليمان ليستعيد سيطرة النظام، لكن الله أوقعهم في شر أفعالهم، فزادت هذه التصريحات من ثورة الشعب، وأخرجت الملايين عليهم، وراجع الجيش حساباته نتيجة لذلك، فقطع الله دابر محاولة أمريكا الالتفات على الثورة الشعبية، أو نسبة النصر إليها، بل حتى لا ينسبها الجيش لنفسه، فسبحان الله كيف أعمى بصيرة الطغاة وبصرهم ليوقعهم في شر أعمالهم، والله يقول (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ {4} وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ {5} وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ {6})
الله أكبر، إنها حقًا مصر أم الدنيا، حررت نفسها، وأرجو أن يكون ذلك تحريرا لنا جميعًا، لا بل سيكون إن شاء الله،،