حرب الحوثيين في صعدة : ولاء لإيران أم مقاومة لأمريكا ؟
جهان مصطفى .
مع الإعلان عن استخدام الجيش اليمني لسلاح الجو في هجومه الجديد على معاقل الحوثيين ، ظهرت تساؤلات كثيرة على السطح من أبرزها: هل بدأت صنعاء الحرب السادسة في صعدة؟ وهل ما يحدث حاليا من اشتباكات دامية يأتي في إطار صراع داخلي فقط أم له امتدادات إقليمية أيضا؟
والإجابة على الأرجح أن صنعاء بدأت حربا لا هوادة فيها في صعدة ، وهذا ما تؤكده حصيلة الضحايا ، بجانب الاجتماع الأمني العاجل الذي ترأسه الرئيس على عبد الله صالح عشية بدء الهجوم ، وأخيرا الإعلان عن فرض حالة الطواريء في صعدة ، فالمؤشرات السابقة تؤكد أن الحكومة اليمنية مصممة هذه المرة على الحسم العسكري لمن تطلق عليهم المتمردين الحوثيين مثلما فعلت في خمس عمليات عسكرية سابقة في المنطقة أودت بحياة آلاف القتلى.
وكانت مصادر عسكرية يمنية أعلنت في 12 أغسطس/آب عن مقتل حوالي 50 شخصاً وإصابة عشرات آخرين من المتمردين في المواجهات الدائرة حاليا بين الجيش اليمنى وعناصر الحوثيين في محافظة صعدة شمال غربي اليمن.
ووفقا لتلك المصادر ، فإن الهجوم الذي بدأ في 11 أغسطس بمشاركة سلاح الجو أسفر عن سقوط 14 قتيلا في منطقة غلفقان وسقوط 30 فى ضحيان ، كما شهدت منطقة آل سالم سقوط عدد كبير من الجرحى.
هذا فيما أفادت مصادر قبلية في المنطقة أن القوات الحكومية أطلقت صواريخ على مقر قائد الحوثيين عبد المالك الحوثي الواقع في التخوم الجبلية في صعدة ، بجانب توجيه المقاتلات اليمنية ضربات جوية في عدة مناطق أبرزها العند والخفجي والقهرة .
وفي المقابل ، أكد الحوثيون سقوط 15 قتيلا منهم وعشرات الجرحى وأوضحوا أنهم سيطروا على مواقع للجيش بأسلحتها وذخائرها بعد فرار الجنود منها، وقال صالح هبرة القيادي بجماعة الحوثي في تصريحات لموقع ’’نيوزيمن’’ إن عشرات القتلى والجرحى من المدنيين سقطوا في الهجوم الصاروخي الذي نفذه الجيش ببعض المديريات ، نافياً قيام رجاله بقطع الطريق والاستيلاء على مقرات المؤسسات والمنشآت الحكومية.
وأضاف ’’لم يسقط من المجاهدين إلا شهيدا واحد وبعض الجرحى ، لقد سقط موقع للجيش بأسلحته وذخائره في منطقة الملاحيظ، وموقع آخر في المهاذر’’.
واختتم قائلا: ’’ نحن لا نخشى أحدا ونستمد قوتنا من الله ولن نهاب الصواريخ ولا الطائرات ولن تمثل شيئاً لنا’’ ، واتهم السلطات اليمنية بأنها تضربهم منذ خمس سنوات وتستقوي بالأمريكان ولكن ثقة الحوثيين بالله أكبر من ذلك.
وكان الهجوم العسكري الواسع بدأ بعد يوم من تصريح للرئيس اليمني علي عبد الله صالح في 10 أغسطس قال فيه إن تجدد هجمات المتمردين في شمالي البلاد يظهر أنه لا نية أو رغبة للمتمردين الحوثيين بتطبيق اتفاق للسلام أبرموه مع صنعاء قبل نحو عام ، مشددا على أن الدولة ستضرب هذه العناصر بيد من حديد حتى يستسلمون ويقدمون أنفسهم للعدالة والقضاء.
وجاء التصريح السابق في أعقاب اجتماع طاريء عقدته اللجنة الأمنية العليا انتهى إلى أن ما أسماها ’’عناصر التمرد والإرهاب في صعدة’’ رفضت الانصياع لنداء السلام الذي أعلنته الدولة، متهمة الحوثيين بـ’’قتل المواطنين وخطفهم ونهب الممتلكات العامة والخاصة والاستيلاء على المراكز الحكومية ومقار السلطات المحلية في المديريات وكذلك الاستيلاء على المراكز الصحية والمدارس والمساجد وقطع الطرق العامة وقصف المنازل وإحراق المزارع’’.
وكان موقع ’’26 سبتمبر’’ الرسمي اليمني نقل عن مدير عام مكتب التربية في محافظة صعدة محمد الشميري قوله إن عناصر تنظيم الحوثي سيطرت على 63 مدرسة في المحافظة وحولتها إلى مراكز للتدريب العسكري .
وأضاف ’’ما تقوم به عناصر التخريب والتمرد والفتنة من أعمال إرهابية ضد المدارس والمدرسين والطلاب لا يرضى به دين ولا ملة ويرفضه الناس جميعا’’ ، قائلا :’’ الحوثيين اعتدوا خلال الفترة الماضية على كثير من المدارس في المناطق التي يسيطرون عليها وحولوها إلى حطام بعد نهب محتوياتها وتخريب معاملها ونهب أثاثها ومكاتبها وطرد الطلاب منها وتحويلها إلى ثكنات للتخريب والاعتداء على أفراد الجيش والأمن’’.
من هم الحوثيين ؟
معظم الشعب اليمني البالغ عدده قرابة 18 مليون نسمة من السنة، أما الباقون فهم من الشيعة الزيدية ، ويرى البعض أن الحوثيين ، وهم من الشيعة الزيدية، يسعون إلى فرض حكم ديني شيعي كان سائدا في المنطقة حتى الستينيات من القرن الماضي وأنهم يتلقون دعما من إيران ، فيما يرى البعض الآخر أن تمرد الحوثيين يأتي في إطار الغضب من عدم اهتمام الحكومة بتنمية مناطقهم في محافظة صعدة ، هذا بالإضافة إلى رفضهم تحالف الحكومة مع الولايات المتحدة في إطار ما يعرف بالحرب على الإرهاب ، وهناك وجهة نظر ثالثة تبرر ما يحدث حاليا بأنه يأتي مدعوما من دول سنية مجاورة لليمن وبهدف التصدي للتغلغل الإيراني المتزايد في العالم العربي ، فيما يذهب تفسير أخير إلى أن حرب صعدة تعول عليها الحكومة اليمنية كثيرا لفرض قوتها على الأرض وإرسال تحذير عملي وليس بالأقوال فقط لمؤيدي دعوات الانفصال في الجنوب من مغبة الاستمرار في إثارة القلاقل وتهديد الوحدة اليمنية.
وأيا كانت صحة التفسيرات السابقة ، فإن مستقبل اليمن بات محفوفا بالمخاطر ، حيث يواجه مشاكل سياسية كبيرة بجانب حرب صعدة منها تصاعد نشاط تنظيم القاعدة على أراضيه ، بالإضافة لانتشار الغضب والسخط والرغبة في الانفصال في محافظات الجنوب ، وكل هذا يرتبط بحقيقة مفزعة وهى أن اليمن يعتبر أحد أفقر البلدان العربية .
وأمام ما سبق ، يجمع المراقبون أن الحسم العسكري قد يوقف تمرد الحوثيين لفترة من الزمن ، إلا أنه لن ينهي بالتأكيد المشكلة ، ولذا مناص من الحوار بين الجانبين والبحث عن نقاط مشتركة تحفظ لليمن وحدته واستقراره وتجعله قادرا على التصدي للقضايا الداخلية الأخرى الشائكة والتي تهدد جميع اليمنيين سواء كانوا سنة أو شيعة.
المصدر / محيط