بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
من المفاسد التي إنتشرت عن طريق الإعلام وشبكات التواصل ظاهرة نشر الإشاعات والأخبار الكاذبة أو المحورة. حيث يستخدم الإعلام ما يسمى بالهندسة الإجتماعية لتحوير الأخبار لتبدو أكبر من حجمها ولتهيئة الناس خطوة بخطوة للوقوع في المشاحنات بإثارة الغضب من صغار الأمور. وربما يمكننا تشبيهه ذلك بتدوير الحقائق لتحقيق أغراض معينة، تماما كما يفعل بتدوير النفآيات لإعادة إستخدامها في أغراض مختلفة. ولا شك أن هذا عمل مذموم ويؤدي إلى وقوع الفتن بين الناس وإشعال الخصومات. بل قد يصل الأمر إلى إثارة الحروب والمشاحنات على نطاق الدول والمجتمعات. وقد لاحظنا في السنين الأخيرة وجود قنوات منشأة خصيصًا لهذه الأغراض الدنيئة، والتي أدت إلى مشاحنات بين الشعوب العربية خاصة. فمثلا منهم من ينزل مقاطع لأفراد لا يمثلون شعوبهم، ويتكلمون بكلام يثير حفيظة أهل أحد البلدان كالشتم أو الانتقاد الحاد، وينشر هذه المقاطع ثم تبدأ تبادل الشتائم والمناحرات بين الشعوب. والاسوأ هو وقوع افراد البلد المعني في الفخ وتصديقهم لهذه الشائعات ونسيان أن الأفراد لا يمثلون الشعوب بأكملها وأن كل شخص لا يمثل إلا نفسه. فينسوا أو يتناسوا أخوَّة الإسلام والنهي عن النميمة والفتن ونشر الأخبار الكاذبة والمشاحنات ويستجيبون لتلك الفتن بالعداوة وإبراز الشر ورفع مقاطع معادية للرد ويكون فيها ردود قاسية وطغيان بالشر.
فكان على هؤلاء التريث والبحث عن الخبر وعدم تحميل شعب كامل خطأ أحد أفراده.
قال تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ{[i]. والنميمة عمل خبيث وعقابها الحرمان من دخول الجنة. وذلك لأنها تقود إلى الفتنة التي تفسد تماسك المسلمين ووحدتهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة نمام"[ii]. وقد كان السلف رحمهم الله يتهيبون من اغتياب الناس وايقاع النميمة بينهم. قال ابن الجوزي رحمه الله عن سعيد بن جبير رضي الله عنه: *يؤتى بالعبد يوم القيامة فيدفع له كتابه، فلا يرى فيه صلاته ولا صيامه، ولا يرى أعماله الصالحة؛ فيقول: يا رب هذا كتاب غيري، كانت لي حسنات ليس في هذا الكتاب فيقال له: إن ربك لا يضل ولا ينسى ذهب عملك باغتيابك الناس*[iii]. وقال صلى الله عليه وسلم: "كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه، وماله، وعرضه"[iv]. ويجب العلم أن معظم من ينشرون هذه الفتن مرتزقة مأجورون من جهات معادية للإسلام، وبعضهم جهلاء لا يعرفون فن الخطابة فيطلقون ألفاظ قد لا يقصدون معناها وكثير منهم منافقون يريدون الإضرار بالمسلمين، ونفوسهم خبيثة تستمتع بإشعال الفتن وتفكيك شمل المسلمين. فلا تجد مؤمن خالص الايمان يقدم على اشعال الفتن. بل جاء في الأثر قولهم: (التمس لأخيك بِضعًا وسبعين عُذرًا). وهذا وإن لم يصح كحديث، ولكن هناك حديث يحمل معنى قريب منه وهو: "جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسولَ اللهِ، كم نعفو عن الخادمِ؟ فصمَتَ، ثم أعادَ عليه الكلامَ، فصَمَتَ، فلما كان في الثالثةِ قال: اعفُوا عنه في كل يومٍ سبعين مرةً"[v]. فنجد السلف كانوا يتسامحون فيما بينهم، ولا يشعلون الفتن، ولا يثيرون المشاكل من صغائر الأمور كما نراه يحدث الآن في السوشيال ميديا بين المسلمين من تنابز وتناحر من أتفه الأسباب. بل وربما نجد أحيانًا أن رؤساء الدول يقومون بمشاحنات بينما الشعوب أخوّتهم باقية.
- إشعال الفتن يفكك تماسك الدولة، ويتناقض مع مقصد سياسة الأمة.
- النميمة تمنع من دخول الجنة، ومن يفعلها لا يبالي بالوعيد ويتناقض هذا مع مقصد المواعظ، والانذار، والبشير، والوعيد.
- يجب ألا تؤخذ الأمور الصغيرة والشائعات كأسباب للتناحر بين الشعوب، لا سيما الإسلامية التي يربطها رباط الدين وأخوة الإسلام. وعلي المسلمين تذكر القاعدة التي تقول بأن كل شخص لا يمثل إلا نفسه.
- وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
من المفاسد التي إنتشرت عن طريق الإعلام وشبكات التواصل ظاهرة نشر الإشاعات والأخبار الكاذبة أو المحورة. حيث يستخدم الإعلام ما يسمى بالهندسة الإجتماعية لتحوير الأخبار لتبدو أكبر من حجمها ولتهيئة الناس خطوة بخطوة للوقوع في المشاحنات بإثارة الغضب من صغار الأمور. وربما يمكننا تشبيهه ذلك بتدوير الحقائق لتحقيق أغراض معينة، تماما كما يفعل بتدوير النفآيات لإعادة إستخدامها في أغراض مختلفة. ولا شك أن هذا عمل مذموم ويؤدي إلى وقوع الفتن بين الناس وإشعال الخصومات. بل قد يصل الأمر إلى إثارة الحروب والمشاحنات على نطاق الدول والمجتمعات. وقد لاحظنا في السنين الأخيرة وجود قنوات منشأة خصيصًا لهذه الأغراض الدنيئة، والتي أدت إلى مشاحنات بين الشعوب العربية خاصة. فمثلا منهم من ينزل مقاطع لأفراد لا يمثلون شعوبهم، ويتكلمون بكلام يثير حفيظة أهل أحد البلدان كالشتم أو الانتقاد الحاد، وينشر هذه المقاطع ثم تبدأ تبادل الشتائم والمناحرات بين الشعوب. والاسوأ هو وقوع افراد البلد المعني في الفخ وتصديقهم لهذه الشائعات ونسيان أن الأفراد لا يمثلون الشعوب بأكملها وأن كل شخص لا يمثل إلا نفسه. فينسوا أو يتناسوا أخوَّة الإسلام والنهي عن النميمة والفتن ونشر الأخبار الكاذبة والمشاحنات ويستجيبون لتلك الفتن بالعداوة وإبراز الشر ورفع مقاطع معادية للرد ويكون فيها ردود قاسية وطغيان بالشر.
فكان على هؤلاء التريث والبحث عن الخبر وعدم تحميل شعب كامل خطأ أحد أفراده.
قال تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ{[i]. والنميمة عمل خبيث وعقابها الحرمان من دخول الجنة. وذلك لأنها تقود إلى الفتنة التي تفسد تماسك المسلمين ووحدتهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة نمام"[ii]. وقد كان السلف رحمهم الله يتهيبون من اغتياب الناس وايقاع النميمة بينهم. قال ابن الجوزي رحمه الله عن سعيد بن جبير رضي الله عنه: *يؤتى بالعبد يوم القيامة فيدفع له كتابه، فلا يرى فيه صلاته ولا صيامه، ولا يرى أعماله الصالحة؛ فيقول: يا رب هذا كتاب غيري، كانت لي حسنات ليس في هذا الكتاب فيقال له: إن ربك لا يضل ولا ينسى ذهب عملك باغتيابك الناس*[iii]. وقال صلى الله عليه وسلم: "كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه، وماله، وعرضه"[iv]. ويجب العلم أن معظم من ينشرون هذه الفتن مرتزقة مأجورون من جهات معادية للإسلام، وبعضهم جهلاء لا يعرفون فن الخطابة فيطلقون ألفاظ قد لا يقصدون معناها وكثير منهم منافقون يريدون الإضرار بالمسلمين، ونفوسهم خبيثة تستمتع بإشعال الفتن وتفكيك شمل المسلمين. فلا تجد مؤمن خالص الايمان يقدم على اشعال الفتن. بل جاء في الأثر قولهم: (التمس لأخيك بِضعًا وسبعين عُذرًا). وهذا وإن لم يصح كحديث، ولكن هناك حديث يحمل معنى قريب منه وهو: "جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسولَ اللهِ، كم نعفو عن الخادمِ؟ فصمَتَ، ثم أعادَ عليه الكلامَ، فصَمَتَ، فلما كان في الثالثةِ قال: اعفُوا عنه في كل يومٍ سبعين مرةً"[v]. فنجد السلف كانوا يتسامحون فيما بينهم، ولا يشعلون الفتن، ولا يثيرون المشاكل من صغائر الأمور كما نراه يحدث الآن في السوشيال ميديا بين المسلمين من تنابز وتناحر من أتفه الأسباب. بل وربما نجد أحيانًا أن رؤساء الدول يقومون بمشاحنات بينما الشعوب أخوّتهم باقية.
إشعال الفتن من منظور مقاصد القرآن الكريم:
- إشعال الفتن ينشر السباب والعداوة بين المسلمين. وهذا أمر مذموم ونهي عنه القرآن الكريم، حيث قال تعالى: }إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ{[vi]. وقال صلى الله عليه وسلم: "لا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا تنافسوا، وكونوا عباد الله إخوانا"[vii]. ولذا فهي أمر يتناقض مع مقصد تهذيب الأخلاق ومقصد التشريع.- إشعال الفتن يفكك تماسك الدولة، ويتناقض مع مقصد سياسة الأمة.
- النميمة تمنع من دخول الجنة، ومن يفعلها لا يبالي بالوعيد ويتناقض هذا مع مقصد المواعظ، والانذار، والبشير، والوعيد.
النصائح والضوابط المقترحة:
- حري بنا التحري عن الأخبار والبحث عن مصادرها وهل هذه المصادر موثوق بها أم لا، قبل التسرع في الحكم عليها. ويجب عدم الأخذ بما يقال في شبكات التواصل الإجتماعي كمصدر للأخبار، بل ربما يمكن الاستئناس به في اخذ العناوين والبحث الجاد عنها في المصادر الموثوق بها. وحتى وإن صحت الأخبار يجب البحث في أصولها وإن كانت محورة أو زيد فيها أو نقص أو تمت إعادة كتابتها لتعطي إيحاءات معينة والتي قد تثير حفيظة فئات أو جنسيات وبلدان معينة.- يجب ألا تؤخذ الأمور الصغيرة والشائعات كأسباب للتناحر بين الشعوب، لا سيما الإسلامية التي يربطها رباط الدين وأخوة الإسلام. وعلي المسلمين تذكر القاعدة التي تقول بأن كل شخص لا يمثل إلا نفسه.
- وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
[i] سورة الحجرات، آية ٦.
[ii] أخرجه مسلم في صحيحه عن حذيفة، كتاب الإيمان، باب بيان غلظ تحريم النميمة، جزء ١، صفحة ١٠٥، حديث رقم ١٠٥.
[iii] ابن الجوزي، بحر الدموع، صفحة ١٣٣.
[iv] أخرجه البخاري (٦٠٦٤) مختصرا، ومسلم (٢٥٦٤).
[v] أخرجه الألباني في صحيح أبي داوود (٥١٦٤)، أبواب النوم، باب في حق المملوك، ٤/٣٤١.
[vi] سورة الحجرات، آية ١٠.
[vii] أخرجه مسلم في صحيحه، باب تحريم الظن والتجسس والتنافس والتناجش ونحوها، جزء ٤، صفحة ١٩٨٦، حديث رقم ٢٥٦٣
*نقلاً عن موقع مداد*
*نقلاً عن موقع مداد*