-
علجية عيش
اسرائيل تتكلم عربي ونحن في حاجة إلى خطاب مُقَاوِمٍ
يستمر الجدل عن الهوية، ويطرح كثير من الباحثين سؤال العروبة ولم يطرح هذا السؤول من طرف العرب فقط بل حتى من غير العرب، ومن غير المسلمين، وقالوا غير مستبعد أن تفقد اللغة، أيّة لغة هويتها التاريخية، وإنه لمستغرب أيضا أن يطرح سؤال الهوية على الكتابات العربية التي تكتب باللغة نفسها، وحصروها في الإعتبار السياسي، وفي مضمونها الإيديولوجي الذي يعيد سؤال الهوية إلى الخطاب السياسي شأن القول بقومية عربية، مغاربية، أمازيغية، أو قومية إسرائيلية، فالقومية ترتكز أساسا على لسان قوم ما (العرب كمثال)، قد يتساءل قائل لماذا أقحمت القومية الإسرائيلية هنا؟، الرد يكون: لأن إسرائيل تتكلم عربي، فاللغة هي عنوان كلّ أمّة، وفقا لحديث الرسول (ص) كل من تعلم العربية فهو عربي (فيما معناه)..، لقد لعب "المستشرقون " دورا جليا في الإحتكاك بالعرب والتقرب منهم بتعلمهم اللغة العربية كتابة وخطابا، وأصبحوا يكتبون ويدوّنون ويؤرخون للأحداث، أصبح اللسان مشتركا، إلا أن الفرق بين العرب والمستشرقين هو أن المستشرقون اتخذوا من اللغة العربية أداة حرب واستدمار، ومن ثمّ انقسم اللسان المشترك، وفقدت اللغة العربية هويتها، لأنها استخدمت كطُعْمٍ لضرب العرب والمسلمين ومن ثمّ القضاء على الدين الإسلامي.
إسرائيل امرأة شريرة لكنها تتكلم عربي، كان هذا عنوان مقال كتبناه منذ سنتين، أوضحنا فيه كيف تستخدم اللغة كأداة حرب، فالكيان الصهيوني لم يتوان يوما في استخدام وسائل الإتصال والتواصل مع الأجيال العربية والإسلامية، هادفا من ذلك التواصل إيجاد جيل من الشباب العربي والشباب المسلم تكون له قابلية التواصل مع الإسرائيليين والتعايش معهم، بل له قابلية صياغة التاريخ من جديد، ليكون تاريخ اليهود واليهودية على أرض المسلمين، حيث قامت وزارة الخارجية الصهيونية بفتح صفحة على موقع التواصل الإجتماعي (الفايسبوك) كونها هي صاحبة الملكية سمتها " إسرائيل تتكلم عربي" في محاولة جديدة لتطبيع العرب معها بطريقة "حداثية"، ثم لا ننسى ما قام به الإستعمار من نشاء المستوطنات في جميع البلدان المستعمَرَة (الجزائر نموذجا) والمستوطنون اليهود اليوم يطالبون الحكومات باسترجاع ممتلكاتهم التي تركوها، يقودنا الكلام إلى استعادة ما قاله المستشرق الإيطالي كاباتون cabatonعندما قال أن العرب منذ نبيّهم محمد (ص) يشكلون خطرا حقيقيا على كل الأصعدة بالنسبة لأوروبا كلها.
لذلك بات من الضروري تعلم لغتهم، ومنذ ذلك الوقت عرفت حركة الترجمة واستفاد العقل الأوروبي من المخطوطات العربية من خلال ترجمتها وترجمة القرآن إلى لغات عديدة، وسميت تلك المرحلة بعصر التنوير، لكنها في الحقيقة كانت مرحلة الهيمنة الغربية على العالم العربي ، وكان التمزق في كل أشكاله والعرب في غفلة عمّا يحدث، وكما يقول المثل العربي "الماء ينساب تحت أقدامهم وهم غافلون"، هكذا استعلمت إسرائيل اللغة العربية كأداة حرب، واستعان خطابها بعالم الصورة عن طريق تكنولوجيا الإعلام، حيث أخفت الضحية وعدّلت قامة المجرم، فالحديث عن لغة ما ( أيّة لغة) هو حديث عن الثقافة، فللثقافة خطابها، والثقافة التي تحوّل الضحية إلى جلّاد بدل من إحلال الحوار مكان القمع، ليست ثقافة بناء أو مقاومة، بل ثقافة الهدم والقتل وإلغاء الآخر وانتهاك حقوقه، هكذا استعملت إسرائيل وحلفائها من الثقافة العربية واللغة العربية أداة حرب، وادّعت بخطابها أنها في حالة " الدفاع" من اجل استرجاع حقوقها المسلوبة منها (الهيكل) وتأسيس دولتها، في وقت تمارس فيه الإعتداء وتستبيح أرواح المدنيين، ولم تكتف بهذا، بل عملت بالإضافة إلى تدمير المساكن والمصانع على قصف المدارس ومنابر الثقافة حتى يظل العرب جهلة ومتأخرون.