بـــي يا أبـي وجــلٌ وبــي جــزعُ
و بــداخلــي وجـــعٌ بـــهِ وجـــــع
بــي يا أبــي عَـــمَــدٌ ممـــــدّدَةٌ
تجـــتثنــي مِـــنّــي وتـــقــتلـــعُ
أركـــــانٌ نــــيـرانــي ثــمـانـــيـةٌ
مـن ثُـــلثِ قـــرنٍ فِـــيَّ تنـــدلــعُ
حــــربٌ غــــلاءٌ غُــــربةٌ مــــرضٌ
طـــفــلٌ رغيـــــفٌ فتـــــنةٌ جُـــرَعُ
النـــــومُ منـــذ وُلــــدتُ منفــصلٌ
عنـّــي .. وعـــن عينَــيّ منقــطعُ
والحُـــزنُ فــــي خـــــديَّ مُتكــئٌ
والسُّـــهدُ في جَــفنيَّ مضطجعُ
بـــي يا أبــي مذ جئتَ بي وطنٌ
يُصــغي إلــــى جوعيْ ويستمعُ
ويغضُ عنـــي طـــرفَ مســـمعهِ
والـــــوكُ أمـــعـــائــي وابــتـــلِعُ
بـــي يـــا أبـــي وطـــنٌ زواحـفه
تعـــلـــو وكـــلُّ طــــيورهِ تـــــقعُ
بـــي يـــا أبـــي وطـــنٌ عُـروبته
زيـــفٌ وأمــجـــادي بــــه خُدَع
بـــي يـــا أبـــي وطــــنٌ قبـائلُهُ
فِـــــرَقٌ وكلُّ شُــــعوبــهِ شِـــيعُ
بـــي مــوطن أقمارُهُ طُـــمِسَت
بخريــف من بربــيعهم سطعوا
بـــي موطنٌ طــارت ســـلاحفُهُ
وتسلحَــــفَت أحْـــلامُـــهُ البجعُ
بي موطــنٌ شاخـــتْ طـــفولتـهُ
واخــضَرَّ فـيها الشيب والصلعُ
رؤســـاؤهُ خُـــشُــبٌ مُــسَـنّــدةٌ
ومـــلــوكُــه وولاتُــــــهُ سِــلـــــعُ
فُـــرَقـــاؤهُ بِــــيد العَدوِّ دُمَــــىً
أنٌَّـــى يَـــدُقُّ طُـــبولَـــه ابتـرعوا
أتـــراحُــــهُ سُـــــنَنٌ مُـــؤكَّــــدةٌ
شــرعــاً.. وأفــــراحي بِه بِــدعُ
أيّـــامُ عُــمري كُـــلُّهـــا عُـــطَـلٌ
وجمـــيعُهــا ياوالــــدي جُمَــعُ
وأنـــا بــه لــم أدرِ أيــــن أنـــا
وبـــأي خــــارطـــةٍ فمـــي يقـعُ
لم أدر منــذ اجْتَـــثَّ ذاكــــرتي
مِنّـــي أنــا عـــيسى أم اليسعُ
خــــالٍ أنـــا مِـــنِّي ومُــمتـــلئٌ
بفراغِ من خـــرجــوا وما رجعوا
بِحريقِ من قَصفوا ومــن قذفوا
بســموم من لـدغوا ومن لسـعوا
بسهامِ مــن خانوا ومـن غـدروا
برصاص مـَن مكروا ومن خدعوا
بنـــفاقِ من أدّوا الـصـلاةَ ومَــن
لله كـــم سَـــجدوا وكــــم ركــعوا
بنعيــقِ من ربــحــت تِـجارتُـهم
بدمِـي ومَـــن بنزيـفيَ انتــفعوا
بفجورِ من شهدوا وما حضروا
وبظـــلم من حكموا وما اطَّلَعُوا
بصـــــراخِ أيــتامٍ لفـــــقـد أبٍ
وبـــدمع أهــــلٍ بابنهم فُـجعوا
كُـــلِّي بِــكلي ضــاقَ بــي وأنا
مـــا عـــاد بــي لي قَـطُ متسع!!