مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2020/02/10 18:38
انشُدُوا الطمأنينة بذكر الله

في خضم حياة صاخبة، تضِجُّ بتداعيات صناعية وتقنية لا حصر لها، وما ترتب عليها من جفافٍ روحيٍّ، تلاطمت بالإنسان المعاصر أمواجُ القلق والتوتر، وحاصرت بعضهم الهموم والهواجس من كل حَدَبٍ وصَوبٍ، وعانى البعض من أمراض الاكتئاب والوساوس والقلق النفسي، ومن دون أي مقدمات، وقد تستمر المعاناة منها لساعات أو حتى لأيام، في حين أن بعض تلك الإرهاصات قد تكون انتكاسية، لتأخذ شكل الحال المزمن؛ ما يزيد من احتمال تراكم المخاوف الوسواسية.

 

ومع هكذا تداعيات، ضاقت الأرض على بعض الناس، فباتوا يفكرون بالخلاص من هذا الصخب بأي شكل يُتاح من المعالجات التي ترِدُ على البال، حتى وإن كان استخدام البعض منها يؤدي إلى نتائج سلبية.

 

وفي خضم هذا الجو، ينسى الكثير أن الطمأنينة الحقة لا تكون إلا باللجوء إلى الله تعالى، والاعتصام بحبله المتين؛ على قاعدة ﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]؛ حيث يلوح في الأفق عندئذٍ نورُ السعادة والطمأنينة الربانية؛ ليبدد ظلمات القنوط، ويزيح عن المهمومين كربات الاكتئاب والقلق، ويخترق دواخلهم المتوترة لتطمئن وتأنس بنفحات هذا النور؛ تناغمًا مع حقيقة ما وعد الله تعالى به عباده المتوكلين عليه من إجابة بقوله: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 3].

 

ولا ريب أن من توكل على الله تعالى، وفوَّض أمره إليه، وألحَّ بالدعاء - كان الله حسبه، فأغناه عن الحاجة إلى الغير، وأعانه على تجاوز كل الهموم والوساوس والإرهاقات النفسية.

 

فما على الإنسان المبتلى بالاكتئاب والقلق، والمثقل بتداعيات صخب العصر - إلا أن يحرص على أن يكون قريبًا من الله تعالى، ويلهج لسانه بالدعاء، وهو موقن بالإجابة والفرج من الله تعالى؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ [البقرة: 186].

 

ولا شك أن الدعاء والتضرع إلى الله تعالى في كل شؤون الحياة، سيمنح النفوس ومضات إيمانية متجددة على الدوام، ويحصنها من مخاطر تحديات زعزعة اليقين وتكريس القلق والوساوس، والارتياب بسبب تداعيات العصر السلبية، فيترسخ إيمانها بالله، وتَكِل كلَّ مقاديرها إليه؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الأنفال: 2]،
وذلك حقًّا هو الإيمان اليقيني الراسخ الذي لا يتزعزع أبدًا مهما عصفت به التحديات، وهو سبيل الطمأنينة التامة والراحة النفسية المطلقة، الي تطرد كل الوساوس والهموم من حياة الإنسان.


*الألوكة
أضافة تعليق