هشام مصطفى
الصديقان العزيزان
سعيد الصقلاوي وعبد الرزاق الربيعي
(نحن لا نعبر النهر مرتين)
تائهون تحت أضواء الشوارع / هشام مصطفى
عَيْنان سوْداوانِ
يُمْزَجُ فيهما
صَمْتُ الحقيقةِ في ضجيج الإغترابْ
لا شيء ــ حين تسودَ رائحُ الوداع بريقها ــ
إلا عناقُ الحيرةِ الْعَمْياءِ
والتيهُ المُحَنَّى بالعذابْ
ما عاد يسْكُنُ ناظريها غيرُ تَمْتَمَةِ الضَّبابْ
كلُّ الوجوهِ تَشابهَتْ
حتى الشوارعِ لمْ تَعُدْ
تلك الشوارعَ في الصبا
فالعابرونَ على الرَّصيفِ عيونُهمْ
خانتْ خطاهمْ حِلْمَها
صارت جماداتٍ تشاطرها العنا
بردُ المدينةِ قارسٌ
لا يَعْرِفُ الدفءَ المُخَبّأ في
مصافحة الأيادي
تائهون وتحت أضواءِ الشوارعِ ننزوي
ملّتْ دروبَ الغُرْبةِ السَّكْرى الرؤى
فغدتْ أمانينا تُهَرّول للسرابْ
ماذا علينا غير لمْلَمَةِ الخطى
والهمسُ يَعْصِرُ أسْطرَ الكلمات كي
يجدَ الغريبُ جوابَهُ بين الأماكنِ
هل سَتَعْرِفُ روحُهُ طَعْمَ الإيابْ
والقلبُ يسألُ نَبْضَهُ
يا ضحكَةَ الأيامْ
أيْنَ أحبَّتي ... ؟
أيْنَ ارْتواءُ الحُلْمِ مِنْ كأسِ الغيابْ
ما زلْتُ أبْحَثُ في جزائرِ غُرْبتي
عن ذلك المجهولِ للْطفْلِ المُبَعْثرِ فيَّ
حيثُ تقودُ أسْئلةٌ يعاندُها الْجوابْ
ما زلْتُ في تيهِ الغُوايةِ لا أعي
للانهايةِ مُنْتهى ...
إذ لا سطورٌ تحتوي
حرفا تَمَرَّدَ ليس تنهاهُ الصِّعابْ
ما زلتُ في جُبِّ المسافةِ عالقا
بين انْطفاءِ الحُلْمِ وأشباهْ الْمُنى
أقتاتُ من معنىً تَغَيَّبَ حَرْفُهُ
عَنْ سَطْرِ شِعْرٍ لَمْ يَزَلْ
يرنو إلى حُضْنِ الصِّحابْ
مُنْذُ الْتقاء الطينُ بالماءِ المُقَدَّسِ لم أكنْ
إلا محاولةَ الوصولِ إلى يقينِ الحَقِّ
لِلْنورِ المُمَوْسَقِ في تراتيلِ السَّحابْ
أنا سِرُّهُ المَصْلوبُ مِنْ نور الحقيقةِ صِرْتُهُ
مِنْ (كانَ) كُنْتُ ومِنْ (يكونُ) أكونُهُ
هي رِحْلَةُ ....
حتى أعودَ كما بَدَأْتُ معانقا حُضْنَ التُّرابْ
لا تسألِ العينينِ عن حرْفٍ
تثاقل خوْفُهُ
لا تسألِ العينين عن معنى
تَضيقُ حروفُهُ عن حِمْلِهِ
سيزيف يحْمِلُ صَخْرَهُ
فمتى تراجعَ أو تساءلَ عن
نهاياتِ السُرى
ما نحنُ إلا أحْرفٌ
تُطْوى وأخرى تبتدي
سطرا بفاتحةِ الكتابْ