كم كتبنا مع المواجع شعراً.. وقرأنا فلم نجد ما نقول!
السبت, 05 تموز/يوليو 2014 14:18 د. نايف الرشدان
د. نايف الرشدان
تمضي بنا دارنا جريا لأخرانا
وندّعي أننا عشنا لدنيانا
والله ياموت لم ننكرك من زمن
ومافقدناك في الأضلاع أحزانا
ولم نزل منك في سقم وفي كمد
ولم تزل أنت تأريخا وعنوانا
ولم تغب عنك فلذات وأفئدة
مضيت تصحبها سرا وإعلانا
هاأنت ذا ناظم في العقد أثمنه
أكنت تكتال للألحاد أثمانا
فما انتضيت حساما كي ترين به
لكن لتغمده في القلب حرمانا
مازلنا بعد فقده نغشى بيوتنا أطلالا، ونضم قلوبنا ظلالا، بعد رحيله استحالت ذكراه آهات ساخنات، وتلاحقت خطانا وراءه زفرات، نعيش أحلامنا من بعده مصفرة الأوراق، وأيامنا في فقده مغبرة الأنساق، مكانه الأشم يعبق خاليا بالذكرى، صوره الخالدة في الذهن تطوف مرة وأخرى:
رابنا الصمت، واعترانا الذهول
ووقفنا.. كأننا لا نزول
أيها الحزن.. غيرتك الليالي
حلت دهرا.. وفجأة.. لا تحول
كم كتبنا على المواجع شعرا
وقرأنا فلم نجد ما نقول
يا أبا الجود لم تزل في سمانا
إنما الأرض للأعالي تؤول
خلت الأرض من رجل أنموذج في الوفاء والإيثار وحسن الظن، إن ذكروا عنده إساءة شخص له دافع عنه وأثنى عليه:
إذا ذكروا العداوة أوغرونا
وزادوافي الضراوة والإوار
فنذكر من محاسنهم علينا
وما صنعوه من كرم معار
فينقلب الفؤاد لهم خدينا
وتعبق جنة من بعد نار
وعادوا وقد استحال مرجل يغلي في صدورهم إلى رجل يكبر في عقولهم هكذا كان ذلك الرجل أنموذجا مضيئا في استثمار بقايا القيم وتوظيف ركام المبادئ، وإعادتها للحياة دون خدش لجدارالعلاقات:
إذاجرحت مساوئهم فؤادي
صبرت على الإساءة وانطويت
وجئت عليهم طلق المحيا
كأني ما سمعت و لا رأيت
إنما مثله كمثل من يحيل معاول الهدم أدوات بناء، ويحيل جنادل الصخر ينبوع ماء. لقد كان والدي رحمه الله رحمة واسعة جيلا من الشيم، وجبلا من الخلق أشمّ، في غياب المرء يقف مدافعا في صفه، وفي حضوره يذكره بما ينقصه من وصفه التسامح لديه يفعل مالا يفعله التشفي والثأر وملاحقة رغائب النفس:
ينز إليه مني العفو حتى
كأني و التسامح في سباق
فلا ألقى التشفي منه نصرا
وليس الثأر يعرف من خلاقي
يثير القلوب بحديثه عن مكارم الأخلاق، ذاكرته التراثية ملأى بآداب وقيم ومرويات من النثر والشعر، فلا يجد مجالسه إلا أن يستزيده ويطرب له، تأسره في سير الأولين أحاديث الكرم والشيم والقيم، ووالله ما من أحد إلا ويعددها من صفاته وماغابت عن مسار حياته و سلوكه وسماته، ويأنف أبي رحمه الله في أحاديث وقصص السابقين من الظلم والضعف والبخل والقسوة والغدر والخيانة والتخاصم والانتقام والخنا والرداءة، ووالله ما علم أحد ممن عرفه عليه شيئا منها. لم يول المال قدرا إلا في الواجب أو حين تنزل النوائب:
هرعت للمال لا للعمر أجمعه
لكن لأغرسه في الأرض أشجارا
لولم يكن منه إلا بسمة وشفا
لسقته بالرضا نبعا و أنهارا
يقوم مجاهدا نفسه بأعماله، همه راحة الآخرين:
يذوب الشمع من خجل حثيثا
ليحيي الليل يطلبه نهارا
ويأنف أن يموت دجى وحيدا
لكيلا يسقط الساري عثارا
يريد أن يكون مرافقه في سفره وإقامته في راحة:
أجد العناء إذا رضيت تحية
وأرى المشقة إن برئت سلاما
وإذا أقبل عليه الضيف فرح به وكأنه مسد إليه معروفا:
يبش لضيفه جذلا و أنسا
كأن قدومه قطر السماء
يلين بجانب ويغض طرفا
ويأنف من مجادلة المراء
يعيش وفاءه للخلق صحوا
و حين ينام يحلم بالوفاء
ما ضاعت أمانة كانت بين يديه، ولا اختل عهد أشهد الله عليه.. تلك مدرسة القيم الحميدة والخصال الكريمة طويت صفحاتها في شهر شعبان، كانت أقرب أمانيه العمرة في رمضان وحج بيت الله الحرام، رحل رحمه الله على فراش طويل من المرض القصير بكل هدوء إلا من نحيب صدور تغلي مراجل حزنها عليه، رحل مبتسما إلا من لوعة في قلوب فاقديه، رجل أحبه جميع الناس وأحبهم بصادق الإحساس:
نعاني فقدك الأبدي حتى
كأن الموت فاعلنا المضاف
و ما أبكيك من جزع ولكن
فراغ الأرض منك له ارتجاف
دهتنا لوعة لم تبق شيئا
فمادت بالشواهيق الشغاف
رحل والدي أكرم الله نزله ووسع مدخله، وقد تحدثت عن بعض أخلاقه ولم أتحدث عن شئ من طاعاته و تعبده وعلاقته الوثيقة بالله فتلك التي أرجو الله أن يعظم له أجرها، ويرفعه بها، رحم الله من كان مؤنس البيت والدور ومن كان منارة من نور، رحم الله الرجل العطوف الرحيم الذي بكاه جيرانه وأقرباؤه وأصدقاؤه ومن عرفه عن قرب، ومن سمع به وجاء فيه معزيا مواسيا:
كان شمسا نظنها لا تغيب
أفتنا في جراحنا يا طبيب
حين نأوي إلى الفراش بحزن
أترانا مع الهموم نشيب
لوعتنا شدائد ما توانت
و كوتنا بجمرهن الكروبُ
كم دعونا جراحنا للتأني
و أصاخت لكنها لا تجيبُ
يا أبانا هل مالت الأرض حقا
أم أننا ينداح فينا الغريبُ
سامنا الهم والمنى مقفرات
وطوانا على البعيد القريبُ
قد علمنا حبيبنا من تدانى
فتعالى مع التنائي الحبيب
يطلب الله بعد فقدك أمرا
والرضا الحق أننا نستجيب
تعبق الروح إذ دعوك و إنّا
قد علقنا من الرؤى ما نصيبُ
يا أبا الجود طبت حيا وميتا
كل شيء من وحي ذكراك طيب
ولكم بكاه عماله الذين أحسن إليهم في العطاء والكساء والغذاء، رحل من كان فقده نقصا في دنيانا، وخسارة على جمعانا، رحل حبيب المجالس، أنيس المسافر، نقي السرائر اللهم ارحم عبدك رشدان بن عتيق الهجلة وجازه عنا خير ماجزيت به المحسن الكريم والأب الرحيم وصاحب الخلق القويم.
معيّة الله خير من معيتنا
جواره فوق أخرانا ودنيانا
فكيف بالعبد في الجنات منزله
وكيف بالضيف عند الله مولانا
ــــــــــــ جريدة الرياض
وندّعي أننا عشنا لدنيانا
والله ياموت لم ننكرك من زمن
ومافقدناك في الأضلاع أحزانا
ولم نزل منك في سقم وفي كمد
ولم تزل أنت تأريخا وعنوانا
ولم تغب عنك فلذات وأفئدة
مضيت تصحبها سرا وإعلانا
هاأنت ذا ناظم في العقد أثمنه
أكنت تكتال للألحاد أثمانا
فما انتضيت حساما كي ترين به
لكن لتغمده في القلب حرمانا
مازلنا بعد فقده نغشى بيوتنا أطلالا، ونضم قلوبنا ظلالا، بعد رحيله استحالت ذكراه آهات ساخنات، وتلاحقت خطانا وراءه زفرات، نعيش أحلامنا من بعده مصفرة الأوراق، وأيامنا في فقده مغبرة الأنساق، مكانه الأشم يعبق خاليا بالذكرى، صوره الخالدة في الذهن تطوف مرة وأخرى:
رابنا الصمت، واعترانا الذهول
ووقفنا.. كأننا لا نزول
أيها الحزن.. غيرتك الليالي
حلت دهرا.. وفجأة.. لا تحول
كم كتبنا على المواجع شعرا
وقرأنا فلم نجد ما نقول
يا أبا الجود لم تزل في سمانا
إنما الأرض للأعالي تؤول
خلت الأرض من رجل أنموذج في الوفاء والإيثار وحسن الظن، إن ذكروا عنده إساءة شخص له دافع عنه وأثنى عليه:
إذا ذكروا العداوة أوغرونا
وزادوافي الضراوة والإوار
فنذكر من محاسنهم علينا
وما صنعوه من كرم معار
فينقلب الفؤاد لهم خدينا
وتعبق جنة من بعد نار
وعادوا وقد استحال مرجل يغلي في صدورهم إلى رجل يكبر في عقولهم هكذا كان ذلك الرجل أنموذجا مضيئا في استثمار بقايا القيم وتوظيف ركام المبادئ، وإعادتها للحياة دون خدش لجدارالعلاقات:
إذاجرحت مساوئهم فؤادي
صبرت على الإساءة وانطويت
وجئت عليهم طلق المحيا
كأني ما سمعت و لا رأيت
إنما مثله كمثل من يحيل معاول الهدم أدوات بناء، ويحيل جنادل الصخر ينبوع ماء. لقد كان والدي رحمه الله رحمة واسعة جيلا من الشيم، وجبلا من الخلق أشمّ، في غياب المرء يقف مدافعا في صفه، وفي حضوره يذكره بما ينقصه من وصفه التسامح لديه يفعل مالا يفعله التشفي والثأر وملاحقة رغائب النفس:
ينز إليه مني العفو حتى
كأني و التسامح في سباق
فلا ألقى التشفي منه نصرا
وليس الثأر يعرف من خلاقي
يثير القلوب بحديثه عن مكارم الأخلاق، ذاكرته التراثية ملأى بآداب وقيم ومرويات من النثر والشعر، فلا يجد مجالسه إلا أن يستزيده ويطرب له، تأسره في سير الأولين أحاديث الكرم والشيم والقيم، ووالله ما من أحد إلا ويعددها من صفاته وماغابت عن مسار حياته و سلوكه وسماته، ويأنف أبي رحمه الله في أحاديث وقصص السابقين من الظلم والضعف والبخل والقسوة والغدر والخيانة والتخاصم والانتقام والخنا والرداءة، ووالله ما علم أحد ممن عرفه عليه شيئا منها. لم يول المال قدرا إلا في الواجب أو حين تنزل النوائب:
هرعت للمال لا للعمر أجمعه
لكن لأغرسه في الأرض أشجارا
لولم يكن منه إلا بسمة وشفا
لسقته بالرضا نبعا و أنهارا
يقوم مجاهدا نفسه بأعماله، همه راحة الآخرين:
يذوب الشمع من خجل حثيثا
ليحيي الليل يطلبه نهارا
ويأنف أن يموت دجى وحيدا
لكيلا يسقط الساري عثارا
يريد أن يكون مرافقه في سفره وإقامته في راحة:
أجد العناء إذا رضيت تحية
وأرى المشقة إن برئت سلاما
وإذا أقبل عليه الضيف فرح به وكأنه مسد إليه معروفا:
يبش لضيفه جذلا و أنسا
كأن قدومه قطر السماء
يلين بجانب ويغض طرفا
ويأنف من مجادلة المراء
يعيش وفاءه للخلق صحوا
و حين ينام يحلم بالوفاء
ما ضاعت أمانة كانت بين يديه، ولا اختل عهد أشهد الله عليه.. تلك مدرسة القيم الحميدة والخصال الكريمة طويت صفحاتها في شهر شعبان، كانت أقرب أمانيه العمرة في رمضان وحج بيت الله الحرام، رحل رحمه الله على فراش طويل من المرض القصير بكل هدوء إلا من نحيب صدور تغلي مراجل حزنها عليه، رحل مبتسما إلا من لوعة في قلوب فاقديه، رجل أحبه جميع الناس وأحبهم بصادق الإحساس:
نعاني فقدك الأبدي حتى
كأن الموت فاعلنا المضاف
و ما أبكيك من جزع ولكن
فراغ الأرض منك له ارتجاف
دهتنا لوعة لم تبق شيئا
فمادت بالشواهيق الشغاف
رحل والدي أكرم الله نزله ووسع مدخله، وقد تحدثت عن بعض أخلاقه ولم أتحدث عن شئ من طاعاته و تعبده وعلاقته الوثيقة بالله فتلك التي أرجو الله أن يعظم له أجرها، ويرفعه بها، رحم الله من كان مؤنس البيت والدور ومن كان منارة من نور، رحم الله الرجل العطوف الرحيم الذي بكاه جيرانه وأقرباؤه وأصدقاؤه ومن عرفه عن قرب، ومن سمع به وجاء فيه معزيا مواسيا:
كان شمسا نظنها لا تغيب
أفتنا في جراحنا يا طبيب
حين نأوي إلى الفراش بحزن
أترانا مع الهموم نشيب
لوعتنا شدائد ما توانت
و كوتنا بجمرهن الكروبُ
كم دعونا جراحنا للتأني
و أصاخت لكنها لا تجيبُ
يا أبانا هل مالت الأرض حقا
أم أننا ينداح فينا الغريبُ
سامنا الهم والمنى مقفرات
وطوانا على البعيد القريبُ
قد علمنا حبيبنا من تدانى
فتعالى مع التنائي الحبيب
يطلب الله بعد فقدك أمرا
والرضا الحق أننا نستجيب
تعبق الروح إذ دعوك و إنّا
قد علقنا من الرؤى ما نصيبُ
يا أبا الجود طبت حيا وميتا
كل شيء من وحي ذكراك طيب
ولكم بكاه عماله الذين أحسن إليهم في العطاء والكساء والغذاء، رحل من كان فقده نقصا في دنيانا، وخسارة على جمعانا، رحل حبيب المجالس، أنيس المسافر، نقي السرائر اللهم ارحم عبدك رشدان بن عتيق الهجلة وجازه عنا خير ماجزيت به المحسن الكريم والأب الرحيم وصاحب الخلق القويم.
معيّة الله خير من معيتنا
جواره فوق أخرانا ودنيانا
فكيف بالعبد في الجنات منزله
وكيف بالضيف عند الله مولانا
ــــــــــــ جريدة الرياض