مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
الطَبَائِعُ الأربع
د. عبد العزيز السيد عبد العزيز
طبيعة العبادة ، وطبيعة التفكير، وطبيعة التعبير الجميل، وطبيعة العمل والحركة..
هذه طبائع أربع تتفرق في الناس، وقلما تجتمع في إنسان واحد على قوة واحدة، فإذا اجتمعت معاً فواحدة منهن تغلب سائرهن لا محالة، وتلحق الأخريات بها في القوة والدرجة على شيء من التفاوت.
طبيعة العبادة: تدعونا إلى الاتصال بأسرار الكون للمعاطفة والتآلف بيننا وبينها، تدعونا إلى الحلول من الكون في أسرة كبيرة.
طبيعة التفكير: تثير في نفوسنا ملكات الكشف والاستقصاء، تدعونا إلى الحلول من الكون في معمل كبير.
طبيعة التعبير الجميل: تشب النار في سرائرنا، فتصهر معادن الجمال من هذه الدنيا وتفرغها في قوالب حسناء من صنع قرائحنا، وألسنتنا، وأيدينا، تدعونا إلى الحلول من الكون في متحف كبير.
طبيعة العمل والحركة: تعلمنا كيف نتأثر بدوافع الكون، وكيف نؤثر فيها، وتجذبنا إليها فنستمد منها القدرة التي تجذبها إلينا، تدعونا إلى الحلول من الكون في ميدان صراع، ومضمار سباق.
إن هذه الطبائع الأربع، أو إن شئت قل الضرورات الأربع هي مكونات أساسية في بناء شخصية الإنسان وفطرته التي فطره الله عليها، ولا يعنى عدم ظهورها بحال من الأحوال غيابها أو انعدامها؛ ولكن يعنى عدم الاهتمام بها، وإهمالها، وعدم الالتفات إليها.
ومن هنا جاءت نظرت الإسلام إلى الإنسان نظرة شاملة إلى جميع مكوناته من نزعات نفسيه، ومن حاجات ودوافع وميول ورغبات، يؤدي تزكيتها وتربيتها إلى السعادة في الدنيا، والفلاح في الآخرة.
فالروح التي تمثل السر الإلهي في الإنسان الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.
الروح هذه بهذا المعنى وهذا الفهم لا يصلحها إلا العبادة الخالصة لله عز وجل وفق منهج الله، لأن من عَلِـمَ السر هو من فَرض العبادة؛ ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير.
والعقل الذي هو نشاط ووظيفة فكرية، والذي هو مناط التكليف، ومحور المسؤولية، وشرف الإنسان وامتيازه على سائر الخلق.

العقل هذا لا يصلحه ولا يزكيه إلا الإعمال في الكشف والاستقصاء والنظر والتفكر في ملكوت السماوات والأرض.
والنفس التي هي القوة الحيوية التي تشمل الإرادة والغريزة، وهي التي تُلهم الفجور والتقوى.
النفس هذه لا يصلحها ولا يزكيها إلا خوف ورجاء، خوف من سوء العاقبة والإيذاء، ورجاء في الرضا والسرور، وهذا لا يتأتى بحبسها وكبتها، ولكن بترقيتها وشغلها بما يطمئنها.
والجسم الذي يمثل الوعاء والمحل لكل ما سبق، هو البناء الذي له ما يصلحه ويبنيه من غذاء وراحة وعمل.
الجسم هذا هو أداة العمل والصراع والإعمار.
هذه الرؤية الشاملة المتكاملة للإنسان في طبيعته وفطرته ومكوناته وبنائه، تستوجب ضرورة العناية بها وتنميتها في جملتها بصورة متكاملة من خلال المناشط التعليمية والمواقف التربوية في الأسرة والمدرسة والبيئة والمجتمع.

د. عبد العزيز السيد عبد العزيز
أستاذ المناهج وطرق التدريس المساعد
كليتي الآداب والتربية للبنات – جامعة الملك خالد
*تربيتنا
أضافة تعليق