مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/01/25 21:43
ابن وزير
ابن الوزير   ..
 
طالع هو نجمك عاليا حينما باركت كل لقطة كنت تسافر مع والدك..أمسكت يدك بيده لتمضيا في رحلة صنع المصير..الى هنا لم يتردد في ذهني أن أشك أن تلك الرفقة ان  كان سيسودها رسميات كثيرة قد تعقد الحاضر اكثر ما كان منه سهلا في الماضي..اليوم والدك وزير في مهنة حساسة و متعبة ستصنع منك ياقوتة مشعة بالجمال ظاهريا ..ستجلب لها أنظارا كثيرة و قد تكون محل كيد لم تنتبه له..احذر أيها الجميل فوالدك اليوم وزير و عليك أن تحتاط لمن حولك..لن تتصرف بكامل حريتك مثلما كان والدك موظفا عاديا..تمشي مع خلانك و تشتري ما جاد لك من رغبة و تصول و تجول حيثما شئت و كيفما شئت..
لكن الحاضر تبدل عليك كثيرا ، فقد كانت غفلتك أنك بقيت تراقب العالم بعيون وضيعة و بلمسات عادية و لم تنتبه أن كل شيء تغير من حولك حينما غدى والدك وزيرا ، فلا الصديق القديم سيبقى دائما جديدا و لا تصرفات اعتدتها ستبقى هي هي..انتبه و رافق خاطرك كما فرضته عليك بروتوكولات السياسة..لن تكون مجنونا ان أنت مشيت على الأقدام و لن تكون مقصرا في حقك ان تجردت من الضغوط..تخلص منها لوحدك و اصنع  لك عالما هادئا و جميلا ينسيك انك بن وزير..حاول أن تمتطي جواد التواضع و تبقى كما كنت و لن تتغير و ان تغيرت فلأن الظروف كانت أقوى منك ، لن يمنعك أحد من أن تبادر برسم لوحاتك الفنية بأناملك..أرسم و تمرغ على الأرض كما يحلو لك  و لن تبقى في منأى عن نقد المراقبين لك ما اقتضت الحالة ان تبقى بن وزير و لكن ان قبلت أن تغير نسق حياتك  ستعيش على ما تريده ارادتك و منهجك و شاكلة الاعتياد أن تتغير فيك  ملامح الترفع فتشعر أنك فوق الناس  مرتاح البال فافعل  و لن يخطر في بالك أبدا أن تبحث لك بقرارات سلطوية لتحظى بالعلو..فالعلو الحقيقي  أنت من يصنعه و على نسق خيالك الذي ركبته ملامح شخصيتك، أنت من تصنع مجدك و ليس والدك و أنت من سيمشي كما مشى العظماء المتواضعون حينما قرروا أن يتذوقوا طعم التعب و المرض و الكفاح ..باعتقادي أنك تذوقت العذاب و سمعت الكلام الجارح و حرمت من الفرص الثمينة في العيش السهل  الى هنا أظن انك  لن تكون مضطرا لأن تسافر حيث سافر الوفد بل ستكون مضطرا لأن تبني لك قصرا عتيدا فيه أفكارك و أحلامك و ستحققها بتعبك و كفاحك و بوسائل تمتلكها أنت و لم تسلم لك بصفة أنك بن وزير..و يوما ما ستصبح وزيرا فعلا و تعرف معنى المسؤولية التي أسندت لك بعيدا عن أضواء الغرور ..ستفهم وقتها أنك ملك للناس و لست ملكا لنفسك و أنك مكلف بتأدية أمانة..أمانة احقاق الحق و نصرة العدل..و اغاثة الملهوف و اعانة المحتاج..و كفاية السائل لك عن حاجته..
قنعت بالقوت من زماني                    و صنت نفسي عن الهوان
خوفا من الناس أن يقولوا                   فضل فلان على فــــــلان
من كنت عن ماله غنيا                      رأيته بالتي رآنــــــــــي
و من رآني بعين تم                         رأيته كامل المعانـــــــي
 
سيكون في مجالستك للبسطاء حياة سعيدة ما دمت اخترت فرشا على تراب و تذكرت أنك من تراب و الى تراب أنت عائد...
ان الملوك بلاء حيثما حـــــلوا              فلا يكن لك في أبوابهم ظـــــل
ماذا تؤمل من قوم اذا غضبوا              جاروا عليك و ان أرضيتهم ملوا
فاستعن بالله عن أبوابهم كرما              ان الوقوف على أبوابهــــــم ذل..  
رحلة موفقة بمعية الله ، فهي سبيلك لأن تتذكر أنك مجرد عابر سبيل ولو تقلدت أرفع المراتب...  فمراتب الجنان أغلى و أحلى و أروع..دمت متواضعا ...
 
 

أضافة تعليق