مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/05/03 00:26
زواج غربي
آمال حملاوي
عندما تعيش المرأة مع رجل غريب لسنوات عديدة، ويتفقون على عدم إبرام عقد زواج رسمي، ويتبادلون جميع الحقوق والواجبات الزوجية في سلوك يشبه الزواج الغربي، ولكن بعد إصرار المرأة على الإنجاب، وطلب الزواج الشرعي تجد نفسها وحيدة، ويفر هذا الرجل ولا نقول الزوج – لأنه لا وجود لرباط شرعي بينهما -  ويتنكر لمسؤولياته اتجاه هذه المرأة التي عايشته لفترة من الزمن، وهذا الطفل الذي يرى النور لأول مرة، بينما هو في الحقيقة وبفعل هذه العلاقة غير الشرعية بين أبويه، سيواجه عالما مظلما مليئا بمفاجآت غير مرغوب فيها على الإطلاق، فتجد نفسها وابنها في وضع شاذ، فلا تعرف كيف تبدأ حياتها، أو كيف تنتهي بها الأمور، فمنهن من تنتحر، ومنهن من تقتل ابنها، ومنهن من تفضل أن ترمي به بعيدا سدا لباب المشاكل التي يتوقعنها   عند عودتهن إلى بيوتهن الأصلية، وبكل أسف إنهن فتيات جزائريات ومعظمهن من الجامعيات قدمن لتحصيل الشهادة، والعودة إلى بيوتهن مرفوعات الرأس، فيبهجن آباءهن وأمهاتهن، الذين كرسوا كل غال في سبيل تعليمهن، ولكن وللأسف قلدن  الفتاة الأوروبية في طريقة زواجها المُعتل، فقاسمن أصدقائهن منزلا واحدا لمدة من الزمن، وظن الناس الذين من حولهم بأنهن متزوجات زواجا إسلاميا، لأنهن في بلد إسلامي، ويدينن بالدين الإسلامي...
وهكذا كما قلت بعد فترة يتضح لهن أنهن أخطأن، ورحن يلهثن وراء المحاكم، بحثا عن الاعتراف بأطفالهن، ليصطدمن بحقيقة مرة قاسية، وهي أنه لا يوجد حل قانوني يحمي هذه الفئة من الأشخاص، وذلك لأنها ظاهرة دخيلة على مجتمعنا الجزائري الذي هو مجتمع مسلم، ويصبح أولادهن وبناتهن في نظر القانون والمجتمع غير شرعيين ...وتظهر هنا ظاهرة " الأم العازبة "  في مجتمعنا، وعوض أن نتصدى لها، ونحاربها بكل حزم وصرامة، رحنا نلتمس لها من الأعذار ما يبررها، ونهيئ المجتمع لتقبلها، بل عمدنا إلى تشجيعها، حيث رصدت وزارة التضامن منحة لها ولأبيها إذا قبل بإيوائها وطفلها الذي أنجبته بطريقة لاشرعية، ويسرت لمن هي من هذا الصنف، أسباب التكوين، وكأني بالوزارة تخاطب بنات الجزائر عبر موقفها ذلك قائلة: لا تتحرجن من إشباع نزواتكن، فالدولة تتكفل بكن وبخلفتكن، إذا ما تنكر لكن الأهل والمجتمع، وهكذا شجعت هذه الظاهرة وحملت الفتاة الجزائرية على عدم التحرج من ممارسة البغاء الذي كانت تأباه من قبل وتستعر منه، وأكره الرجل الجزائري المسلم الأنوف على أن يتديث، وهو الذي كان يضرب به المثل في الغيرة على العرض، وإيباء الضيم، وإلا كيف نفسر ظاهرة مثل هذه في مجتمع مسلم.
ولكن بقي الشطر الثاني وهو قانون المحاكم، فهنا يقول بعض المحامين الذين قصَدتهم فتيات وقعن في مثل هذه المشاكل، وأردن أن يمنحن أبنائهن وبناتهن اسما يعرفوا أو تُعرفن به يوما، أن المحامي يُقدم عريضة إلى المحكمة طالبا فيها إلحاق نسب الطفل بوالده، لكن المحكمة ترفض الدعوى شكلا وموضوعا، إذ لا شيء يثبت ارتباط المرأة بالرجل.
ولعل البعض يتساءل لماذا لا تلجأ المحكمة إلى تحليل الـــــــ: "أ دي أن" حتى يُعرف النسب، يقول بعض المحامين أنه عندما تطلب المرأة إلحاق النسب بإجراء تحاليل على الرجل، وتطالبه المحكمة بإجرائها، فإنه إذا امتنع ليس بإمكان القاضي إجباره، لعدم وجود نص قانوني يخوله ذلك. فتبقى القضية معلقة، والخاسر فيها هو المرأة وابنها. فما الحل لمثل هذه المعضلة؟
لا حل لها إلا باستصدار قانون يخول القاضي إجبار المعني على الخضوع لتحليل الـــــــ:" أ. دي. أن " وإجباره على منح لقبه للمولود والتكفل به، سواء أبقى على ارتباطه بأم المولود أم فَسَخه، وإلزامه بدفع تعويض مالي للمرأة وعائلتها، يقدر بحسب مكانتها الاجتماعية، جبرا للضرر الذي ألحقه بها بتعديه على شرف ابنتها. ففي مثل هذه العقوبات المغلظة ما يثني الجناة والمستهترين بالأعراض عن الاندفاع وراء نزواتهم الخسيسة، وقديما قال على بن أبي طالب كرم الله وجهه:((يستحدث للناس من الأقضية  بقدر ما يحدثون من فجور )).
أضافة تعليق