مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2015/06/14 15:32
بين الذنب والمسؤولية

تختلف وجهـات النظر في تحديد المسؤول عن جريمة ما، ويصعب على المرء تخيل قدر الذنب الذي يقع فيه المذنب حين يظن أن جريمته حق مشروع وهدف معلن .

حين يحدث شرخ في المجتمع ويتوزع شبابه بين تيارات مختلفة كل تيار ينازع غيره، ويقارعه الحرب في غياب كامل لحوارات عقلانية  بناءة؛  تختفي مؤسسات التربية وتعود المدرسة مجرد ناد للتسلية لاعلاقة لهـا ببناء جيل واع وناهض وقوي ورشيد، وحين يفتقد المعلم أبسط أدبيات  المسؤولية؛

هل ياترى الحرية التي يفتقدهـا شباب في مقتبل العمر هي السبب في هذا الانحراف والانجراف نحو الفكر المتشدد أو الجنوح نحو الإلحاد

أم هي التربية المختطفة من توجهات غريبة ومشبوهة أو أن محاضن التربية أصبحت غير قادرة على الإنجاب؟!

ترى من المسؤول ومن يحدد المسؤولية: هل السياسي الغافل عن أبسط حقوق المواطن أم المواطن المستهتر بحقوق الوطن؟

الأكاديمي أم التربوي أم المجتمع كله؟ هل نحن شركاء في الجريمة وفي الذنب بتحول الشباب نحو فضاءات خارجية خطيرة وعميلة ومشبوهة

أم المسؤولية تقع على الإعلام المعاصر الذي نظـَّر للجريمة الأخلاقية والجنائية ببرامج ومشاهد وأفلام موغلة في العنف والقتل والفساد؟ هل الترويج للخلاعة والجنس باسم الفن هي مهمة ومسؤولية الفضاء الإعلامي الحديث؟

من المسؤول عن جرائم القتل الجماعي في العالم: هل هي العولمة الحديثة أم ثقافة الاستغلال والاتجار بالبشر والمخدرات التي تدان من مروجيهـا أم ثقافة الحقد والكراهية؟

من المسؤول عن كل ما يحدث من خلل وصراع وانقسام وحروب وعنف في العالم اليوم سواء عالمنا العربي الصغير المستهلك والمنتهك أم العالم كله من حولنا؟

أسئلة كثيرة وكبيرة مازالت الأجيال العربية الشابة  تنتظر الإجابة عنهـا في محاولة يائسة من الشباب العربي في الجيل الحديث لفهم العلاقة بين الذنب والمسؤولية  .

لقد بدأ منذ قرن يفكر بعمق في مستوى ما وصلنا إليه من استعمار واستغلال واستلاب حضاري.

حضارة عربية تنهار، ثقافات تنصهر، هوية تذوب وتتلاشى .

مدن عربية كبيرة تتحول إلى ملاجئ، ملايين من النساء والأطفال والشيوخ العزَّل قابعة وحيدة وعارية في قارعة الطريق .

وجه طفل يخرج بين ركام الطين والبارود؛ ليسدد رمية سهم في قلب كل عربي ومسلم غيور على دماء سالت، ومازالت تسيل من أجل تسلط أنظمة، ورغبة حمقاء مجنونة في الاستئثار بالمال والملك والسلطة.

إن الطفل العربي والجيل الجديد القادم هو من سيحاكم هذا التاريخ المعاصر المثقل بالغبن والألم والجراح، ووحده من سيفسره ويتولى الإجابة عن الأسئلة الغامضة والملحة؛ التي تدور حول تحديد المسؤولية، وتعريف الذنب، ومن المذنب في حق جيل كامل من شعب عربي؛ كان يحلم بالعزة والكرامة والعدالة والنصر في غابة عولمة متوحشة لا ترحم .

أضافة تعليق