د. عبدالعزيز المقالح
لم يكن مرتداً كما وصفه زملاؤه في اليسار الفرنسي، ولا كان من هواة التنقل من فكر إلى آخر، كما قال عنه آخرون من متابعي تحولاته، وإنما كان واحداً من مفكري العصر الذين أنهكهم البحث عن الحقيقة الصافية، ودخوله إلى الإسلام من باب التصوف الراقي لم يكن مفاجئاً ولا قفزاً،
وإنما تم بعد مشوار طويل.وهناك من الإشارات ما يدل على أنه بدأ انطلاقته الفكرية الأولى في شبابه مع الإسلام، ثم تعثرت خطاه إلى أن عاد واطمأنت نفسه وألقى عصا التنقل.ومفكر كبير في حجم غار ودي لا بد أن تكون مواقفه موضع تساؤل مستمر،وأن تكون اختياراته مدخلاً إلى حوارات لا تتوقف.والناس العاديون هم الذين لا يثيرون اهتماماً ولا تثور حولهم العواصف، وحياتهم تمضي في هدوء وسكينة، كما تمضي حياة أي شيء لا يحرك ساكناً ولا يطرح سؤالاً.
والإنسان، نظراً إلى طبيعته الإنسانية،خاضع للظروف ولمتغيرات هذه الظروف، وبمرور السنين لا بد أن تتغير ميوله وتجاربه وأفكاره إلى أن يصل إلى ما يراه ثابتاً ومستقراً، وهكذا كان غار ودي الذي بدأ في شبابه منبهراً بالتصوف، ثم سافر بعيداً عنه . . هاجر إلى أكثر من قارة،وأكثر من فكر،وعاد بعد الرحلة الطويلة التي رأى فيها أشياء كثيرة واعتنق أفكاراً كثيرة، إلى أن عاد إلى المؤثر الأول، إلى ذلك الفيض المنبعث من نبع التصوف، حيث الزهد والبساطة والرضا والتوقف عن التمرد المضجر،وتلك هي الرحلة التي قطعها غار ودي منذ بداية شبابه إلى مطالع شيخوخته،حيث وضع تحفظاته جانباً واقترب من ساحة الطمأنينة التي أطال البحث عنها.
ومن الواضح أن الاختيار الأخير لغار ودي لم يكن ناتجاً عن رغبة في الإثارة أو الإدهاش، بل كان اختياراً ذاتياً نابعاً من أثر تراكمات الخبرة الطويلة في حقل الأفكار والديانات والفلسفات، إنه الاختيار المتأني الدقيق.والغريب أن أوروبا، وفرنسا خاصة، حيث تتعالى منذ أكثر من قرنين الأصوات الداعية إلى الحرية وكفالة حق الاعتقاد، بدت وكأن اختيار غار ودي المفكر الحر قد نزل عليها كالصاعقة، فسارعت تكيد له ووجدت في مراجعاته لما يسمى ب “الهولوكوست”، والمبالغات التي أحاطت به، وكيف تلاعبت الصهيونية بأرقام أعداد ضحايا النازية، سبباً في محاكمته، والتشهير بمواقفه، وتعريضه وهو في هذه السن المتقدمة لضغوط لا تحتمل . لكن ومهما تكن المعاناة التي تعرض لها غار ودي في آخر سنوات عمره، فإنها قد كشفت الدور الإرهابي الذي تمارسه الصهيونية ضد المفكرين، واستمرار ابتزاز المواقف من الأوروبيين بمثل هذه الطريقة غير اللائقة ولا المسبوقة.
لم يكن مرتداً كما وصفه زملاؤه في اليسار الفرنسي، ولا كان من هواة التنقل من فكر إلى آخر، كما قال عنه آخرون من متابعي تحولاته، وإنما كان واحداً من مفكري العصر الذين أنهكهم البحث عن الحقيقة الصافية، ودخوله إلى الإسلام من باب التصوف الراقي لم يكن مفاجئاً ولا قفزاً،
وإنما تم بعد مشوار طويل.وهناك من الإشارات ما يدل على أنه بدأ انطلاقته الفكرية الأولى في شبابه مع الإسلام، ثم تعثرت خطاه إلى أن عاد واطمأنت نفسه وألقى عصا التنقل.ومفكر كبير في حجم غار ودي لا بد أن تكون مواقفه موضع تساؤل مستمر،وأن تكون اختياراته مدخلاً إلى حوارات لا تتوقف.والناس العاديون هم الذين لا يثيرون اهتماماً ولا تثور حولهم العواصف، وحياتهم تمضي في هدوء وسكينة، كما تمضي حياة أي شيء لا يحرك ساكناً ولا يطرح سؤالاً.
والإنسان، نظراً إلى طبيعته الإنسانية،خاضع للظروف ولمتغيرات هذه الظروف، وبمرور السنين لا بد أن تتغير ميوله وتجاربه وأفكاره إلى أن يصل إلى ما يراه ثابتاً ومستقراً، وهكذا كان غار ودي الذي بدأ في شبابه منبهراً بالتصوف، ثم سافر بعيداً عنه . . هاجر إلى أكثر من قارة،وأكثر من فكر،وعاد بعد الرحلة الطويلة التي رأى فيها أشياء كثيرة واعتنق أفكاراً كثيرة، إلى أن عاد إلى المؤثر الأول، إلى ذلك الفيض المنبعث من نبع التصوف، حيث الزهد والبساطة والرضا والتوقف عن التمرد المضجر،وتلك هي الرحلة التي قطعها غار ودي منذ بداية شبابه إلى مطالع شيخوخته،حيث وضع تحفظاته جانباً واقترب من ساحة الطمأنينة التي أطال البحث عنها.
ومن الواضح أن الاختيار الأخير لغار ودي لم يكن ناتجاً عن رغبة في الإثارة أو الإدهاش، بل كان اختياراً ذاتياً نابعاً من أثر تراكمات الخبرة الطويلة في حقل الأفكار والديانات والفلسفات، إنه الاختيار المتأني الدقيق.والغريب أن أوروبا، وفرنسا خاصة، حيث تتعالى منذ أكثر من قرنين الأصوات الداعية إلى الحرية وكفالة حق الاعتقاد، بدت وكأن اختيار غار ودي المفكر الحر قد نزل عليها كالصاعقة، فسارعت تكيد له ووجدت في مراجعاته لما يسمى ب “الهولوكوست”، والمبالغات التي أحاطت به، وكيف تلاعبت الصهيونية بأرقام أعداد ضحايا النازية، سبباً في محاكمته، والتشهير بمواقفه، وتعريضه وهو في هذه السن المتقدمة لضغوط لا تحتمل . لكن ومهما تكن المعاناة التي تعرض لها غار ودي في آخر سنوات عمره، فإنها قد كشفت الدور الإرهابي الذي تمارسه الصهيونية ضد المفكرين، واستمرار ابتزاز المواقف من الأوروبيين بمثل هذه الطريقة غير اللائقة ولا المسبوقة.