مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب
2017/03/17 15:44
الدبلوماسية النووية

  الدبلوماسية النووية

 
     بقلم المستشار السياسى /                          
       حسين خلف موسى

  ظهور السلاح النووي على الساحة الدولية :

ظهر السلاح النووي على الساحة الدولية أثناء الحرب العالمية الثانية حين نجح العالم الأمريكي – فيرمى – في عام 1942 في إجراء تجارب مكنت من تحويل الذرة إلى قوة تدميرية هائلة وعلى إثر ذلك بدأ المشروع الأمريكي المسمى – منهاتن - لصنع القنبلة النووية ؛ وفى 16 /7/1945 تم إجراء أول تفجير نووي إختبارى أمريكي ثم تلا ذلك إسقاط أول قنبلة نووية على اليابان في 6/ 8 /1945 على مدينتى هيروشيما ونجازاكى ؛ ولما كان الصراع على أشده بعد الحرب العالمية الثانية بين أمريكا وروسيا فإن الروس قد حرصوا على امتلاك القنبلة النووية للحاق بغريمتهم وقاموا بأول تفجير نووى إختبارى فى 1949 . وفى 1950 وافق الرئيس الأمريكي – ترومان  - على إجراء تجارب للقنبلة الهيدروجينية وتم إنتاج تلك القنبلة فى  11/ 1952 ثم لحق بها الإتحاد السوفييتى  فى  8/ 1953 ؛ وقد ظهر الصاروخ الروسى العابر للقارات والذى يحمل الرؤس النووية فى العام 1957فى مقابل الطائرات الأمريكية القادرة على نقل السلاح النووى إلى الأراضى السوفيتية ثم التحقت بريطانيا بالنادى النووى عام 1952 وفرنسا عام 1960 والصين عام 1964 والهند فى العام 1974 ثم باكستان إلى جانب البرازيل وإسرائيل وجنوب أفريقيا والتى لابعلم على وجه التحديد متى دخلت المجال النووى  .
 

المقصود بالدبلوماسية النووية :

تلك الجهود المبذولة من جانب المجتمع الدولى ممثلا فى منظمة الأمم المتحدة و والوكالة الدولية للطاقة الذرية لمنع انتشار الأسلحة النووية أفقيا ورأسيا فى مختلف مناطق ودول العالم مع الأخذ فى الإعتبار كيفية التوفيق بين حق الدول فى الإستفادة الكاملة من التطبيقات السلمية للطاقة النووية والإلتزام بالإمتناع عن استخدام هذه الطاقة فى الأغراض العسكرية وذلك بإخضاع الأنشطة والبرامج النووية لتلك الدول لرقابة دولية صارمة ومستمرة
 

  المجالات المختلفة للدبلوماسية النووية :

 للدبلوماسية النووية الكثير من الجوانب أو الأبعاد ؛ هذه الجوانب أو الأبعاد هامة ومتشابكة مما يزيد من صعوبة التعامل معها فى إطار حل دولى متكامل ؛ ومن أبرز هذه الجوانب أو الأبعاد :
  1. الجانب المتعلق بكيفية الحد من انتشار الأسلحة النووية فى المناطق التى لم يوجد فيها بعد السلاح النووى ؛ أو وجد فيها ولكن على نطاق محدود كما هو الحال فى شرق آسيا ( الصين – الهند – باكستان ) وفى الشرق الوسط ( إسرائيل )
  2.     الجانب المتعلق بكيفية ضمان أمن الدول غير الحائزة للأسلحة النووية والتى تنازلت عن حقها طواعية فى إنتاج هذه الأسلحة أو حيازتها فى مواجهة تهديدات قد تتعرض لها من قبل قوى نووية
  3.   الجانب المتعلق بكيفية الحد من انتشار الأسلحة النووية سواء اتخذ ذلك طابع الضبط والتقييد أو الإزالة التامة لتلك الأسلحة من ترسانات الدول التى أنتجتها فعلا وطورتها وخزنتها .
  4.  الجانب المتعلق بكيفبة إيقاف التجارب النووية بالنسبة للدول التى مازالت فى مرحلة التجريب والإختبار أو تلك التى قطعت شوطا فى مجال تطوير تلك الأسلحة .5-    الجانب المتعلق بكيفية تعامل المجتمع الدولى ممثلا فى الأمم المتحدة ومجلس الأمن فى حال احتمال  استخدام السلاح النووى سواء على مستوى عام شامل أو على مستوى إقليمى محدود ؛ وهذا الإحتمال وإن كان محدودا إلا أنه وارد على الأقل نظريا

الصعوبات التى تعوق الجهود الدبلوماسية المبذولة لتقييد انتشار الأسلحة النووية :

هناك العديد من الصعوبات الرئيسة التى عرقلت وما زالت تعرقل الجهود الدبلوماسية وتحول بينها وبين تحقيق أهدافها ومن ذلك :
 1-    فقدان مصداقية الضمانات الدولية النى قدمت  للدول التى قبلت التخلى طواعية عن حقها فى امتلاك السلاح النووى ووقعت على المعاهدات الدولية الخاصة بمنع انتشار الأسلحة النووية والتزمت بأحكام تلك المعاهدات .
 2-    ضعف آليات التحقق والرقابة الدولية على البرامج والأنشطة النووية ووجهة هذه البرامج والأنشطة  لكثير من الدول .
3-    وجود عدد من الدول النووية التى حازت السلاح النووى و ترى فيه آداة للردع الإستراتيجى وما زالت تطور أسلحتها النووية دون أدنى رقابة دولية عليها ولم تنضم إلى الإتفاقيات الدولية التى تستهدف منع الإنتشار النووى مثل : الهند – باكستان – إسرائيل
 . 4-    الحرية المطلقة للدول النووية الخمس الكبرى فى العالم صاحبة حق الفيتو فى مجلس الأمن والتى تنفق موارد مالية وتكنولوجية وبشرية هائلة على برامجها النووية دون أدنى رقابة من المجتمع الدولى مما يمثل وضعا شاذا غير مقبول فى مجال الحد من الإنتشار النووى
.5-    وجود شبكات دولية غير مشروعة تعمل فى مجال تهريب وتجارة المواد والتقنيات والمعدات النووية ومن الصعب تعقبها ورصد حركتها ونشاطها وبالتالى إخضاعها للمساءلة مما قد يوقع هذه المواد فى أيدى الجماعات الإرهابية
. 6-    تصاعد أخطار الإرهاب الدولى لضخامة موارده وإمكانياته على النحو الذى ظهر عليه فى 11 سبتمبر 2001 ورغبته فى فى حيازة هذا النوع من أسلحة الدمار الشامل وخاصة وفرة المصادر التى يمكن الحصول منها على المواد والتقنيات التى تستخدم فى إنتاج الأسلحة النووية الصغيرة ذات القوة التدميرية العالية
. 7-    إزدواجية المعايير الدولية المستخدمة فى ردع الإنتهاكات التى ترتكبها الدول فى خروجها على التزاماتها بعدم إنتاج أسلحة نووية : لاحظ الضغوط الدولية على كوريا الشمالية – إيران – العراق – ليبيا – سورية إلى الحد الذى أدى إلى انتهاك سيادتها الوطنية واستباحة أمنها القومى مقارنة بإسرائيل
.8-    إخفاق الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإقليمية فى الحل  السلمى لبعض النزاعات وهوالأمر الذى من شأنه أن يضعف الوازع لأطراف تلك النزاعات لحيازة الأسلحة النووية .
 

أهم النصوص فى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية :

هذه المعاهدة استغرقت المباحثات بشأنها 10 سنوات ؛ هذه المباحثات كانت ترمى إلى حظر انتشار الأسلحة النووية على المستوى العالمى الشامل فى نطاق ترتيبات للرقابة والتحقق ورصد الإنتهاكات التى تمثل إخلالا أو خروجا على التعهدات و الإلتزامات ؛ وقد تم التوقيع على هذه المعاهدة فى  يونيو 1968وسرى مفعولها فى مارس 1970 .
 
 ومن أهم مواد هذه المعاهدة - فى نظرى - المواد 1 ؛ 2 ؛ 10 : المادة الأولى : تلزم الدول النووية بألا تساعد أو تشجع أو تحرض الدول غير النووية على إنتاج الأسلحة النووية أو الحصول عليها بأى شكل من الأشكال ؛ وكذلك تلزمها هذه المادة بالإمتناع عن نقل الأسلحة أو المواد النووية إلى طرف آخر أو تمكينه من السيطرة عليها . أى أنها تقرر احتكار الدول الكبرى لهذا النوع من السلاح . المادة الثانية : تلزم الدول غير النووية بالإمتناع عن الحصول على السلاح النووى وغيره من المواد المتفجرة والإمتناع عن صنع هذه الأسلحة أو الحصول على مساعدات من الدول النووية تمكنها من صنع هذه الأسلحة . أى قطع كل طريق على الدول غير النووية فى ركوب الطريق النووى وقد كان يكفى فى ذلك المادة الأولى .  أما المادة العاشرة : فإنها أقرت لكل طرف فى المعاهدة أن ينسحب منها بشروط  : # - أن هناك أحداث استثنائية وقعت فعلا  تتعلق بالمعاهدة أضرت بالمصالح العليا لبلده . # - تقديم مذكرة بهذا الإنسحاب إلى جميع الأطراف الأخرى فى المعاهدة  قبل الإنسحاب ب  3 شهور . # - تقديم مذكرة أخرى إلى مجلس الأمن قبل الإنسحاب ب 3 شهور . # - يجب أن تتضمن  تلك المذكرة بيانا بالأحداث الإستثنائية التى يعتبرعا هذا الطرف إضرارا بمصالح بلاده العليا . فهل يقرر مجلس الأمن انسحاب طرف ما مهما كانت مبرراته ؟ ألم يخلق مجلس الأمن إلا لعقوبة الدول الضعيفة والتدخل فى شؤنها الداخلية وإهدار سيادتها ؟ !!6-    وضع كوريا الشمالية بعد انسحابها من المعاهدة وهل مازالت طرفا فى تلك المعاهدة من عدمه فى ضوء أحكام المادة 10 فقرة 2 : أعلنت كوريا الشمالية – جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية – إنسحابها من المعاهدة فى 11 يناير 2003 ولكن لم يصدر تصريح متفق عليه من باقى الدول الأعضاء أطراف المعاهدة أو من قبل مجلس الأمن وفق المادة 10 من نصوص المعاهدة أو حتى من دول الإيداع أى الدول التى تودع عندها صكوك التصديق وصكوك الإنضمام إلى المعاهدة   ( بريطانيا – الولايات المتحدة الأمريكية – روسيا ) ؛ ولما كانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية ليست طرفا فى المعاهدة وبالتالى ليست مؤهلة لتحديد الوضع القانونى لعضوية أى دولة فى المعاهدة فإن كوريا الشمالية لاتزال تحتفظ بعضويتها فى المعاهدة ؛ بل إن إدارة شؤن التسلح فى الأمم المتحدة مازالت تحتفظ بعضوية كوريا على قائمة دول المعاهدة . 
أضافة تعليق