مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب
2016/05/15 18:54
التأثير الإسلامي في الفكر الديني اليهودي: فرقة القرائيم (1)

تناولنا في مقالاتنا السابقة من هذه السلسلة ملامح التأثير الإسلامي على شخصيتين من أهم الشخصيات الدينية اليهودية، وهما موسى بن ميمون وسعديا جاؤون، ونتناول في هذا المقال جوانب التأثير الإسلامي على أحد أهم الفرق اليهودية، وهي فرقة القرائيم.

والقرائيم فرقة يهودية أسسها عنان بن داود (715 - 795م) في العراق في القرن الثامن الميلادي، وانتشرت أفكارها في كل أنحاء العالم. ولم تُستخدم كلمة "قرائيم" للإشارة إليهم إلا في القرن التاسع الميلادي؛ إذ ظل العرب يشيرون إليهم بالعنانية نسبةً إلى مؤسسها.(1)

وتتسم التفاصيل التاريخية وجذور نشأة القرائيم وانتشارهم ببعض الغموض، وذلك لسببين: الأول: هو انعدام الحس التاريخي لدى الكُتاب القرائيم، وتعمُّدهم إرباك وتشويش الأسماء والتواريخ. والثاني: هو تلك العلاقات الجدلية التي وصلت بها المعلومات حول القرائيم من خلال مصادرهم ومصادر اليهودية التلمودية(*). ففي حين ترى بعض المصادر أن بداية القرائيم كانت أيام الهيكل الثاني منذ حدوث الانفصال بين الفريسيين (طائفة علماء الشريعة الربانيم قديماً) والصدوقيين (طائفة تؤمن بقدسية التوراة ولا تؤمن بالتلمود) - حوالي بين عامي (515 ق.م - 70م) - وحاول القرائيم أنفسهم أن يثبتوا أن عنان بن داود هو الحلقة الأخيرة في سلسلة الخلاف المتواصل مع الربانيم والذي بدأ مع الهيكل الأول. نجد أن مصادر الربانيم تكاد تجمع على ربط نشأة هذه الفرقة بعوامل شخصية تتعلق بعنان بن داود نفسه.(2)

وتروي المصادر المختلفة قصة تأسيس عنان بن داود لمذهبه بعد أن التقى بالإمام أبي حنيفة النعمان (699 - 767م) في السجن أيام الخليفة أبي جعفر المنصور (712 - 775م). وكان خلافاً قد نشب في بابل حول منصب رئاسة الجالوت الذي توفي ولم يترك وراءه ابناً يرثه. وتطلع ابن أخيه عنان إلى الرئاسة إلا أن الجاؤنيم (رؤساء المدارس الدينية اليهودية بالعراق منذ أواخر القرن السادس إلى منتصف القرن الحادي عشر الميلادي) قد فضلوا أخاه الأصغر حنانيا، ومن ثَم انتخبوه رئيساً للجالوت بدلاً من عنان الذي كان في نظرهم يعتنق أراءً أبيقورية (مفهوم هذا المصطلح عند اليهود يُطلق على من يصاب بالشك في الحقائق، ولا يصدق الروايات الدينية الشفوية، والعنعنات الحبرية، ويعارض التلمود، مع الانفكاك من قيود الدين والأخلاق، وكان قد أطلق في التلمود على فرقة الصدوقيين). وفي الوقت نفسه اختار أنصار الفريق الآخر عنان رئيساً للجالوت، وأدى ذلك إلى انقسام شديد وعداوة عميقة بين الفريقين، ووصل الأمر إلى الخليفة عن طريق حنانيا فألقى بعنان في السجن كمتمرد ضد السلطات، وانتظار حكم الإعدام. وفي السجن التقي عنان مع الإمام أبي حنيفة الذي نصحه بأن يرسل للخليفة ويوضح له آراءه المختلفة عن آراء بقية اليهود، وبالفعل استطاع عنان أن يقنع الخليفة ببراءته، باعتبار أنه ينتمي إلى جماعة دينية مختلفة عن الجماعة اليهودية، وخرج من السجن ليُنتخب رئيساً لطائفة جديدة تؤمن فقط بالعهد القديم المكتوب، واعترف الخليفة أبو جعفر المنصور بحق عنان في تأسيس طائفة مستقلة من الجمهور اليهودي، وتجمع حول الزعيم الجديد طوائف أخرى كانت موجودة قبل انقسام اليهود.(3)

ولا يمكن تفسير ظهور هذه الفرقة على أساس هذا الحادث الشخصي - بغض النظر عن مدى صحته - فمن الواضح أن ظهور هذه الفرقة يعود إلى عدة أسباب وعوامل داخل التشكيل الديني اليهودي وخارجه، شكلت تحدياً فكرياً ضخماً، من أهمها انتشار الإسلام في الشرق الأدنى وطرحه مفاهيم دينية وأطراً فكرية جديدة كانت تُشكل تحدياً حقيقياً للفكر الديني اليهودي، ويبدو أيضاً أنه كانت هناك، منذ هدم الهيكل عام 70م عناصر دينية ترفض اليهودية التلمودية من بقايا الصدوقيين والعيسويين أتباع أبي عيسى الأصفهاني (وهو يهودي كان قد ادعى النبوة وأسس فرقة في بلاد فارس حوالي القرن الثامن الميلادي). وهناك نظرية تذهب إلى أن يهود الجزيرة العربية الذين وُطِّنوا في عهد عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - في البصرة وغيرها من بقاع العالم الإسلامي، ولم يكونوا يعرفون التلمود، كانوا من أهم العناصر التي ساعدت على انتشار المذهب القرَّائي.(4)

وتأثر القرائيم بعلم الكلام عند المسلمين، وتأثر مؤسس الفرقة، عنان بن داود، بأصول الفقه على مذهب الإمام أبي حنيفة. ومن المتفق عليه أن فرقة القرائيم تمثل أكبر احتجاج على اليهودية التلمودية حتى العصر الحديث، وهي تمثل احتجاجاً بلغ من الضخامة حد أن اليهودية التلمودية اضُطرت إلى تحديد عقائدها على يد سعديا جاؤون (كما أشرنا في مقالنا السابق)، وإذا كان سعديا جاؤون قد تأثر بالفكر الديني الإسلامي، فإن احتجاج القرائيم كان أكثر استيعاباً لهذا الفكر وأكثر تأثراً به.(5)

وحجر الزاوية في فكر عنان بن داود العودة إلى النص الديني المكتوب نفسه، أي التوراة، مستخدماً القياس(**) الذي استقاه من الفقه الإسلامي. كما أنه رفض الشريعة اليهودية الشفوية (التلمود). وقد بذل ابن داود جهداً كبيراً في تفسير التناقضات الموجودة في التوراة، وكان يميل إلى التشدد في كثيرٍ من الأمور، مثل الزواج وشعائر السبت، ويظل المفتاح الأساسي لفهم فكره الديني عبارته: "فلتبحث بعناية فائقة في النص، ولا تعتمد على رأيي".(6) والذي جعل حركة القرائيم تبدو خطيرة في عين اليهودية التلمودية، هو تبحر زعيمها عنان بن داود في التلمود، وكثرة رجوعه إلى نصوصه بقصد تفنيده وهدمه.(7)

وفي الفترة الممتدة بين القرنين الثاني عشر والسادس عشر، انتشر مذهب القرائيم بين اليهود، خصوصاً في مصر وفلسطين والأندلس، وفي الإمبراطورية البيزنطية قبل الفتح العثماني. ومع حلول القرن السابع عشر، انتقل مركز النشاط القرَّائي إلى ليتوانيا وشبه جزيرة القرم التي يعود استيطان القرائيم إياها إلى القرن الثاني عشر. وابتداءً من القرن التاسع عشر، يبدأ فصل جديد من تاريخ القرائيم بعد ضم كلٍّ من ليتوانيا (عام 1793م) وشبه جزيرة القرم (عام 1783م) إلى روسيا. فحتى ذلك الوقت كانت المجتمعات التقليدية التي وجد فيها اليهود تُصنف كلاً من اليهود الربانيم (التيار الديني اليهودي الرئيسي) واليهود القرائيم باعتبارهم يهوداً وحسب دون تمييز أو تفرقة. ولكن الدولة الروسية اتبعت سياسة مختلفة إذ بدأت تعامل القرائيم كفرقة تختلف تماماً عن الربانيم، فأعفت القرائيم من كثير من القوانين التي تطبق على اليهود، مثل: تحديد الأماكن التي يمكنهم السكنى فيها، وتحديد عدد المسموح لهم بالزواج، والخدمة العسكرية الإجبارية، وعدم امتلاك الأراضي الزراعية في مناطق معينة. وحاول القرائيم قدر استطاعتهم أن يقيموا حاجزاً بينهم وبين الربانيم، فقدموا مذكرات للحكومة القيصرية يبينون فيها أنهم ليسوا مثل اليهود الربانيم. كما أن القرائيم كانوا يؤكدون أنهم لا يؤمنون بالتلمود الذي كانت الحكومة الروسية ترى أنه العقبة الكأداء في سبيل تحديث يهود روسيا. وقد قام المؤرخ والعالم القرائي أبراهام فيركوفيتش (1786 - 1874م) بإعداد مذكرة موثقة للحكومة القيصرية تبرهن على أن تطورهم الديني والتاريخي مختلف تماماً عن اليهود الربانيم، وأُعيد تصنيف اليهود القرائيم بحيث اعتُبروا قرائيم روسيين من أتباع عقيدة العهد القديم. وأثر هذا في الهيكل الوظيفي للقرائيم، حيث حصلوا على امتيازات استغلال مناجم الفحم، وكانوا من كبار الملاك الزراعيين الذين تخصصوا في زراعة التبغ واحتكروا تجارته في أوديسا، كما كانت تربطهم علاقة جيدة مع السلطات القيصرية. وبلغ عدد القرائيم في القرم حين ضمها الروس نحو 2400، ووصل العدد إلى 12907 عام 1910م، وإلى عشرة آلاف عام 1932م. وحينما ضمت القوات الألمانية القرم وأجزاء أخرى من أوربا إبان الحرب العالمية الثانية، قرَّر النازيون أن القرائيم يتمتعون بسيكولوجية عرقية غير يهودية. ولذا، لم تُطبَّق عليهم القوانين التي طُبقت على الربانيم، وجاء في بعض المصادر أن موقف القرائيم من أحداث الحرب العالمية الثانية كان يتراوح بين عدم الاكتراث والتعاون مع النازيين.(8)

-----------------------------

(1) عبد الوهاب المسيري (د)، موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، الموسوعة الموجزة، دار الشروق، القاهرة، الطبعة الثالثة، 2006م، المجلد الثاني، ص125.

(*) اليهودية التلمودية: هي التيار الديني اليهودي الرئيسي. وتترادف المصطلحات "اليهودية التلمودية"، و "اليهودية الحاخامية"، و "اليهودية الربانية"، و "اليهودية الكلاسيكية"، و"اليهودية المعيارية"، حيث تشير جميعها إلى شكل العقيدة اليهودية الحالي ونمط التدين السائد بين معظم اليهود في العالم.

(2) محمد جلاء محمد إدريس (د)، التأثير الإسلامي في الفكر الديني اليهودي، مكتبة مدبولي، القاهرة، 1993م، ص 32.

(3) المرجع نفسه، ص 32 - 33.

And look: jewish Encyclopedia

http://jewishencyclopedia.com/articles/1460-anan-ben-david

(4) عبد الوهاب المسيري (د)، مرجع سابق، المجلد الثاني، ص 125.

(5) المرجع نفسه، ص 126.

(**) القياس: عرفه ابن الحاجب بأنه: مساواة فرع لأصل في علة حكمه. وهو الدليل الرابع من الأدلة الشرعية التي اتفق جماهير المسلمين على الأخذ بها، واعتبروه مصدراً رئيسياً من مصادر التشريع الإسلامي، وهو ذو أهمية خاصة، لأن النصوص متناهية والوقائع غير متناهية، ولا يمكن أن يحيط المتناهي بغير المتناهي. ومثال القياس أن يقيس المجتهد النبيذ، وهو فرع، على الخمر، وهو أصل لاشتراكهما في علة الإسكار، وينقل حكم الخمر وهو الحرمة إلى النبيذ، فيكون النبيذ حراماً. انظر: محمد مصطفى الزحيلي (د)، الوجيز في أصول الفقه الإسلامي، دار الخير، دمشق، الطبعة الثانية، 2006م، ص 237 - 238.

(6) عبد الوهاب المسيري (د)، مرجع سابق، المجلد الثاني، ص127.

(7) حسن ظاظا (د)، الفكر الديني الإسرائيلي أطواره ومذاهبه، معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة، 1971م، ص 299.

(8) عبد الوهاب المسيري (د)، مرجع سابق ، المجلد الثاني ، ص 125 - 126.

- See more at: http://albayan.co.uk/RSC/Article2.aspx?id=3520#sthash.54eu0vbW.dpuf
...نتناول في هذا المقال جوانب التأثير الإسلامي على أحد أهم الفرق اليهودية، وهي فرقة القرائيم.

والقرائيم فرقة يهودية أسسها عنان بن داود (715 - 795م) في العراق في القرن الثامن الميلادي، وانتشرت أفكارها في كل أنحاء العالم. ولم تُستخدم كلمة "قرائيم" للإشارة إليهم إلا في القرن التاسع الميلادي؛ إذ ظل العرب يشيرون إليهم بالعنانية نسبةً إلى مؤسسها.(1)

وتتسم التفاصيل التاريخية وجذور نشأة القرائيم وانتشارهم ببعض الغموض، وذلك لسببين: الأول: هو انعدام الحس التاريخي لدى الكُتاب القرائيم، وتعمُّدهم إرباك وتشويش الأسماء والتواريخ. والثاني: هو تلك العلاقات الجدلية التي وصلت بها المعلومات حول القرائيم من خلال مصادرهم ومصادر اليهودية التلمودية(*). ففي حين ترى بعض المصادر أن بداية القرائيم كانت أيام الهيكل الثاني منذ حدوث الانفصال بين الفريسيين (طائفة علماء الشريعة الربانيم قديماً) والصدوقيين (طائفة تؤمن بقدسية التوراة ولا تؤمن بالتلمود) - حوالي بين عامي (515 ق.م - 70م) - وحاول القرائيم أنفسهم أن يثبتوا أن عنان بن داود هو الحلقة الأخيرة في سلسلة الخلاف المتواصل مع الربانيم والذي بدأ مع الهيكل الأول. نجد أن مصادر الربانيم تكاد تجمع على ربط نشأة هذه الفرقة بعوامل شخصية تتعلق بعنان بن داود نفسه.(2)

وتروي المصادر المختلفة قصة تأسيس عنان بن داود لمذهبه بعد أن التقى بالإمام أبي حنيفة النعمان (699 - 767م) في السجن أيام الخليفة أبي جعفر المنصور (712 - 775م). وكان خلافاً قد نشب في بابل حول منصب رئاسة الجالوت الذي توفي ولم يترك وراءه ابناً يرثه. وتطلع ابن أخيه عنان إلى الرئاسة إلا أن الجاؤنيم (رؤساء المدارس الدينية اليهودية بالعراق منذ أواخر القرن السادس إلى منتصف القرن الحادي عشر الميلادي) قد فضلوا أخاه الأصغر حنانيا، ومن ثَم انتخبوه رئيساً للجالوت بدلاً من عنان الذي كان في نظرهم يعتنق أراءً أبيقورية (مفهوم هذا المصطلح عند اليهود يُطلق على من يصاب بالشك في الحقائق، ولا يصدق الروايات الدينية الشفوية، والعنعنات الحبرية، ويعارض التلمود، مع الانفكاك من قيود الدين والأخلاق، وكان قد أطلق في التلمود على فرقة الصدوقيين). وفي الوقت نفسه اختار أنصار الفريق الآخر عنان رئيساً للجالوت، وأدى ذلك إلى انقسام شديد وعداوة عميقة بين الفريقين، ووصل الأمر إلى الخليفة عن طريق حنانيا فألقى بعنان في السجن كمتمرد ضد السلطات، وانتظار حكم الإعدام. وفي السجن التقي عنان مع الإمام أبي حنيفة الذي نصحه بأن يرسل للخليفة ويوضح له آراءه المختلفة عن آراء بقية اليهود، وبالفعل استطاع عنان أن يقنع الخليفة ببراءته، باعتبار أنه ينتمي إلى جماعة دينية مختلفة عن الجماعة اليهودية، وخرج من السجن ليُنتخب رئيساً لطائفة جديدة تؤمن فقط بالعهد القديم المكتوب، واعترف الخليفة أبو جعفر المنصور بحق عنان في تأسيس طائفة مستقلة من الجمهور اليهودي، وتجمع حول الزعيم الجديد طوائف أخرى كانت موجودة قبل انقسام اليهود.(3)

ولا يمكن تفسير ظهور هذه الفرقة على أساس هذا الحادث الشخصي - بغض النظر عن مدى صحته - فمن الواضح أن ظهور هذه الفرقة يعود إلى عدة أسباب وعوامل داخل التشكيل الديني اليهودي وخارجه، شكلت تحدياً فكرياً ضخماً، من أهمها انتشار الإسلام في الشرق الأدنى وطرحه مفاهيم دينية وأطراً فكرية جديدة كانت تُشكل تحدياً حقيقياً للفكر الديني اليهودي، ويبدو أيضاً أنه كانت هناك، منذ هدم الهيكل عام 70م عناصر دينية ترفض اليهودية التلمودية من بقايا الصدوقيين والعيسويين أتباع أبي عيسى الأصفهاني (وهو يهودي كان قد ادعى النبوة وأسس فرقة في بلاد فارس حوالي القرن الثامن الميلادي). وهناك نظرية تذهب إلى أن يهود الجزيرة العربية الذين وُطِّنوا في عهد عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - في البصرة وغيرها من بقاع العالم الإسلامي، ولم يكونوا يعرفون التلمود، كانوا من أهم العناصر التي ساعدت على انتشار المذهب القرَّائي.(4)

وتأثر القرائيم بعلم الكلام عند المسلمين، وتأثر مؤسس الفرقة، عنان بن داود، بأصول الفقه على مذهب الإمام أبي حنيفة. ومن المتفق عليه أن فرقة القرائيم تمثل أكبر احتجاج على اليهودية التلمودية حتى العصر الحديث، وهي تمثل احتجاجاً بلغ من الضخامة حد أن اليهودية التلمودية اضُطرت إلى تحديد عقائدها على يد سعديا جاؤون (كما أشرنا في مقالنا السابق)، وإذا كان سعديا جاؤون قد تأثر بالفكر الديني الإسلامي، فإن احتجاج القرائيم كان أكثر استيعاباً لهذا الفكر وأكثر تأثراً به.(5)

وحجر الزاوية في فكر عنان بن داود العودة إلى النص الديني المكتوب نفسه، أي التوراة، مستخدماً القياس(**) الذي استقاه من الفقه الإسلامي. كما أنه رفض الشريعة اليهودية الشفوية (التلمود). وقد بذل ابن داود جهداً كبيراً في تفسير التناقضات الموجودة في التوراة، وكان يميل إلى التشدد في كثيرٍ من الأمور، مثل الزواج وشعائر السبت، ويظل المفتاح الأساسي لفهم فكره الديني عبارته: "فلتبحث بعناية فائقة في النص، ولا تعتمد على رأيي".(6) والذي جعل حركة القرائيم تبدو خطيرة في عين اليهودية التلمودية، هو تبحر زعيمها عنان بن داود في التلمود، وكثرة رجوعه إلى نصوصه بقصد تفنيده وهدمه.(7)

وفي الفترة الممتدة بين القرنين الثاني عشر والسادس عشر، انتشر مذهب القرائيم بين اليهود، خصوصاً في مصر وفلسطين والأندلس، وفي الإمبراطورية البيزنطية قبل الفتح العثماني. ومع حلول القرن السابع عشر، انتقل مركز النشاط القرَّائي إلى ليتوانيا وشبه جزيرة القرم التي يعود استيطان القرائيم إياها إلى القرن الثاني عشر. وابتداءً من القرن التاسع عشر، يبدأ فصل جديد من تاريخ القرائيم بعد ضم كلٍّ من ليتوانيا (عام 1793م) وشبه جزيرة القرم (عام 1783م) إلى روسيا. فحتى ذلك الوقت كانت المجتمعات التقليدية التي وجد فيها اليهود تُصنف كلاً من اليهود الربانيم (التيار الديني اليهودي الرئيسي) واليهود القرائيم باعتبارهم يهوداً وحسب دون تمييز أو تفرقة. ولكن الدولة الروسية اتبعت سياسة مختلفة إذ بدأت تعامل القرائيم كفرقة تختلف تماماً عن الربانيم، فأعفت القرائيم من كثير من القوانين التي تطبق على اليهود، مثل: تحديد الأماكن التي يمكنهم السكنى فيها، وتحديد عدد المسموح لهم بالزواج، والخدمة العسكرية الإجبارية، وعدم امتلاك الأراضي الزراعية في مناطق معينة. وحاول القرائيم قدر استطاعتهم أن يقيموا حاجزاً بينهم وبين الربانيم، فقدموا مذكرات للحكومة القيصرية يبينون فيها أنهم ليسوا مثل اليهود الربانيم. كما أن القرائيم كانوا يؤكدون أنهم لا يؤمنون بالتلمود الذي كانت الحكومة الروسية ترى أنه العقبة الكأداء في سبيل تحديث يهود روسيا. وقد قام المؤرخ والعالم القرائي أبراهام فيركوفيتش (1786 - 1874م) بإعداد مذكرة موثقة للحكومة القيصرية تبرهن على أن تطورهم الديني والتاريخي مختلف تماماً عن اليهود الربانيم، وأُعيد تصنيف اليهود القرائيم بحيث اعتُبروا قرائيم روسيين من أتباع عقيدة العهد القديم. وأثر هذا في الهيكل الوظيفي للقرائيم، حيث حصلوا على امتيازات استغلال مناجم الفحم، وكانوا من كبار الملاك الزراعيين الذين تخصصوا في زراعة التبغ واحتكروا تجارته في أوديسا، كما كانت تربطهم علاقة جيدة مع السلطات القيصرية. وبلغ عدد القرائيم في القرم حين ضمها الروس نحو 2400، ووصل العدد إلى 12907 عام 1910م، وإلى عشرة آلاف عام 1932م. وحينما ضمت القوات الألمانية القرم وأجزاء أخرى من أوربا إبان الحرب العالمية الثانية، قرَّر النازيون أن القرائيم يتمتعون بسيكولوجية عرقية غير يهودية. ولذا، لم تُطبَّق عليهم القوانين التي طُبقت على الربانيم، وجاء في بعض المصادر أن موقف القرائيم من أحداث الحرب العالمية الثانية كان يتراوح بين عدم الاكتراث والتعاون مع النازيين.(8)

-----------------------------

(1) عبد الوهاب المسيري (د)، موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، الموسوعة الموجزة، دار الشروق، القاهرة، الطبعة الثالثة، 2006م، المجلد الثاني، ص125.

(*) اليهودية التلمودية: هي التيار الديني اليهودي الرئيسي. وتترادف المصطلحات "اليهودية التلمودية"، و "اليهودية الحاخامية"، و "اليهودية الربانية"، و "اليهودية الكلاسيكية"، و"اليهودية المعيارية"، حيث تشير جميعها إلى شكل العقيدة اليهودية الحالي ونمط التدين السائد بين معظم اليهود في العالم.

(2) محمد جلاء محمد إدريس (د)، التأثير الإسلامي في الفكر الديني اليهودي، مكتبة مدبولي، القاهرة، 1993م، ص 32.

(3) المرجع نفسه، ص 32 - 33.

And look: jewish Encyclopedia

http://jewishencyclopedia.com/articles/1460-anan-ben-david

(4) عبد الوهاب المسيري (د)، مرجع سابق، المجلد الثاني، ص 125.

(5) المرجع نفسه، ص 126.

(**) القياس: عرفه ابن الحاجب بأنه: مساواة فرع لأصل في علة حكمه. وهو الدليل الرابع من الأدلة الشرعية التي اتفق جماهير المسلمين على الأخذ بها، واعتبروه مصدراً رئيسياً من مصادر التشريع الإسلامي، وهو ذو أهمية خاصة، لأن النصوص متناهية والوقائع غير متناهية، ولا يمكن أن يحيط المتناهي بغير المتناهي. ومثال القياس أن يقيس المجتهد النبيذ، وهو فرع، على الخمر، وهو أصل لاشتراكهما في علة الإسكار، وينقل حكم الخمر وهو الحرمة إلى النبيذ، فيكون النبيذ حراماً. انظر: محمد مصطفى الزحيلي (د)، الوجيز في أصول الفقه الإسلامي، دار الخير، دمشق، الطبعة الثانية، 2006م، ص 237 - 238.

(6) عبد الوهاب المسيري (د)، مرجع سابق، المجلد الثاني، ص127.

(7) حسن ظاظا (د)، الفكر الديني الإسرائيلي أطواره ومذاهبه، معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة، 1971م، ص 299.

(8) عبد الوهاب المسيري (د)، مرجع سابق ، المجلد الثاني ، ص 125 - 126.
- See more at: http://albayan.co.uk/RSC/Article2.aspx?id=3520#sthash.54eu0vbW.dpuf

تناولنا في مقالاتنا السابقة من هذه السلسلة ملامح التأثير الإسلامي على شخصيتين من أهم الشخصيات الدينية اليهودية، وهما موسى بن ميمون وسعديا جاؤون، ونتناول في هذا المقال جوانب التأثير الإسلامي على أحد أهم الفرق اليهودية، وهي فرقة القرائيم.

والقرائيم فرقة يهودية أسسها عنان بن داود (715 - 795م) في العراق في القرن الثامن الميلادي، وانتشرت أفكارها في كل أنحاء العالم. ولم تُستخدم كلمة "قرائيم" للإشارة إليهم إلا في القرن التاسع الميلادي؛ إذ ظل العرب يشيرون إليهم بالعنانية نسبةً إلى مؤسسها.(1)

وتتسم التفاصيل التاريخية وجذور نشأة القرائيم وانتشارهم ببعض الغموض، وذلك لسببين: الأول: هو انعدام الحس التاريخي لدى الكُتاب القرائيم، وتعمُّدهم إرباك وتشويش الأسماء والتواريخ. والثاني: هو تلك العلاقات الجدلية التي وصلت بها المعلومات حول القرائيم من خلال مصادرهم ومصادر اليهودية التلمودية(*). ففي حين ترى بعض المصادر أن بداية القرائيم كانت أيام الهيكل الثاني منذ حدوث الانفصال بين الفريسيين (طائفة علماء الشريعة الربانيم قديماً) والصدوقيين (طائفة تؤمن بقدسية التوراة ولا تؤمن بالتلمود) - حوالي بين عامي (515 ق.م - 70م) - وحاول القرائيم أنفسهم أن يثبتوا أن عنان بن داود هو الحلقة الأخيرة في سلسلة الخلاف المتواصل مع الربانيم والذي بدأ مع الهيكل الأول. نجد أن مصادر الربانيم تكاد تجمع على ربط نشأة هذه الفرقة بعوامل شخصية تتعلق بعنان بن داود نفسه.(2)

وتروي المصادر المختلفة قصة تأسيس عنان بن داود لمذهبه بعد أن التقى بالإمام أبي حنيفة النعمان (699 - 767م) في السجن أيام الخليفة أبي جعفر المنصور (712 - 775م). وكان خلافاً قد نشب في بابل حول منصب رئاسة الجالوت الذي توفي ولم يترك وراءه ابناً يرثه. وتطلع ابن أخيه عنان إلى الرئاسة إلا أن الجاؤنيم (رؤساء المدارس الدينية اليهودية بالعراق منذ أواخر القرن السادس إلى منتصف القرن الحادي عشر الميلادي) قد فضلوا أخاه الأصغر حنانيا، ومن ثَم انتخبوه رئيساً للجالوت بدلاً من عنان الذي كان في نظرهم يعتنق أراءً أبيقورية (مفهوم هذا المصطلح عند اليهود يُطلق على من يصاب بالشك في الحقائق، ولا يصدق الروايات الدينية الشفوية، والعنعنات الحبرية، ويعارض التلمود، مع الانفكاك من قيود الدين والأخلاق، وكان قد أطلق في التلمود على فرقة الصدوقيين). وفي الوقت نفسه اختار أنصار الفريق الآخر عنان رئيساً للجالوت، وأدى ذلك إلى انقسام شديد وعداوة عميقة بين الفريقين، ووصل الأمر إلى الخليفة عن طريق حنانيا فألقى بعنان في السجن كمتمرد ضد السلطات، وانتظار حكم الإعدام. وفي السجن التقي عنان مع الإمام أبي حنيفة الذي نصحه بأن يرسل للخليفة ويوضح له آراءه المختلفة عن آراء بقية اليهود، وبالفعل استطاع عنان أن يقنع الخليفة ببراءته، باعتبار أنه ينتمي إلى جماعة دينية مختلفة عن الجماعة اليهودية، وخرج من السجن ليُنتخب رئيساً لطائفة جديدة تؤمن فقط بالعهد القديم المكتوب، واعترف الخليفة أبو جعفر المنصور بحق عنان في تأسيس طائفة مستقلة من الجمهور اليهودي، وتجمع حول الزعيم الجديد طوائف أخرى كانت موجودة قبل انقسام اليهود.(3)

ولا يمكن تفسير ظهور هذه الفرقة على أساس هذا الحادث الشخصي - بغض النظر عن مدى صحته - فمن الواضح أن ظهور هذه الفرقة يعود إلى عدة أسباب وعوامل داخل التشكيل الديني اليهودي وخارجه، شكلت تحدياً فكرياً ضخماً، من أهمها انتشار الإسلام في الشرق الأدنى وطرحه مفاهيم دينية وأطراً فكرية جديدة كانت تُشكل تحدياً حقيقياً للفكر الديني اليهودي، ويبدو أيضاً أنه كانت هناك، منذ هدم الهيكل عام 70م عناصر دينية ترفض اليهودية التلمودية من بقايا الصدوقيين والعيسويين أتباع أبي عيسى الأصفهاني (وهو يهودي كان قد ادعى النبوة وأسس فرقة في بلاد فارس حوالي القرن الثامن الميلادي). وهناك نظرية تذهب إلى أن يهود الجزيرة العربية الذين وُطِّنوا في عهد عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - في البصرة وغيرها من بقاع العالم الإسلامي، ولم يكونوا يعرفون التلمود، كانوا من أهم العناصر التي ساعدت على انتشار المذهب القرَّائي.(4)

وتأثر القرائيم بعلم الكلام عند المسلمين، وتأثر مؤسس الفرقة، عنان بن داود، بأصول الفقه على مذهب الإمام أبي حنيفة. ومن المتفق عليه أن فرقة القرائيم تمثل أكبر احتجاج على اليهودية التلمودية حتى العصر الحديث، وهي تمثل احتجاجاً بلغ من الضخامة حد أن اليهودية التلمودية اضُطرت إلى تحديد عقائدها على يد سعديا جاؤون (كما أشرنا في مقالنا السابق)، وإذا كان سعديا جاؤون قد تأثر بالفكر الديني الإسلامي، فإن احتجاج القرائيم كان أكثر استيعاباً لهذا الفكر وأكثر تأثراً به.(5)

وحجر الزاوية في فكر عنان بن داود العودة إلى النص الديني المكتوب نفسه، أي التوراة، مستخدماً القياس(**) الذي استقاه من الفقه الإسلامي. كما أنه رفض الشريعة اليهودية الشفوية (التلمود). وقد بذل ابن داود جهداً كبيراً في تفسير التناقضات الموجودة في التوراة، وكان يميل إلى التشدد في كثيرٍ من الأمور، مثل الزواج وشعائر السبت، ويظل المفتاح الأساسي لفهم فكره الديني عبارته: "فلتبحث بعناية فائقة في النص، ولا تعتمد على رأيي".(6) والذي جعل حركة القرائيم تبدو خطيرة في عين اليهودية التلمودية، هو تبحر زعيمها عنان بن داود في التلمود، وكثرة رجوعه إلى نصوصه بقصد تفنيده وهدمه.(7)

وفي الفترة الممتدة بين القرنين الثاني عشر والسادس عشر، انتشر مذهب القرائيم بين اليهود، خصوصاً في مصر وفلسطين والأندلس، وفي الإمبراطورية البيزنطية قبل الفتح العثماني. ومع حلول القرن السابع عشر، انتقل مركز النشاط القرَّائي إلى ليتوانيا وشبه جزيرة القرم التي يعود استيطان القرائيم إياها إلى القرن الثاني عشر. وابتداءً من القرن التاسع عشر، يبدأ فصل جديد من تاريخ القرائيم بعد ضم كلٍّ من ليتوانيا (عام 1793م) وشبه جزيرة القرم (عام 1783م) إلى روسيا. فحتى ذلك الوقت كانت المجتمعات التقليدية التي وجد فيها اليهود تُصنف كلاً من اليهود الربانيم (التيار الديني اليهودي الرئيسي) واليهود القرائيم باعتبارهم يهوداً وحسب دون تمييز أو تفرقة. ولكن الدولة الروسية اتبعت سياسة مختلفة إذ بدأت تعامل القرائيم كفرقة تختلف تماماً عن الربانيم، فأعفت القرائيم من كثير من القوانين التي تطبق على اليهود، مثل: تحديد الأماكن التي يمكنهم السكنى فيها، وتحديد عدد المسموح لهم بالزواج، والخدمة العسكرية الإجبارية، وعدم امتلاك الأراضي الزراعية في مناطق معينة. وحاول القرائيم قدر استطاعتهم أن يقيموا حاجزاً بينهم وبين الربانيم، فقدموا مذكرات للحكومة القيصرية يبينون فيها أنهم ليسوا مثل اليهود الربانيم. كما أن القرائيم كانوا يؤكدون أنهم لا يؤمنون بالتلمود الذي كانت الحكومة الروسية ترى أنه العقبة الكأداء في سبيل تحديث يهود روسيا. وقد قام المؤرخ والعالم القرائي أبراهام فيركوفيتش (1786 - 1874م) بإعداد مذكرة موثقة للحكومة القيصرية تبرهن على أن تطورهم الديني والتاريخي مختلف تماماً عن اليهود الربانيم، وأُعيد تصنيف اليهود القرائيم بحيث اعتُبروا قرائيم روسيين من أتباع عقيدة العهد القديم. وأثر هذا في الهيكل الوظيفي للقرائيم، حيث حصلوا على امتيازات استغلال مناجم الفحم، وكانوا من كبار الملاك الزراعيين الذين تخصصوا في زراعة التبغ واحتكروا تجارته في أوديسا، كما كانت تربطهم علاقة جيدة مع السلطات القيصرية. وبلغ عدد القرائيم في القرم حين ضمها الروس نحو 2400، ووصل العدد إلى 12907 عام 1910م، وإلى عشرة آلاف عام 1932م. وحينما ضمت القوات الألمانية القرم وأجزاء أخرى من أوربا إبان الحرب العالمية الثانية، قرَّر النازيون أن القرائيم يتمتعون بسيكولوجية عرقية غير يهودية. ولذا، لم تُطبَّق عليهم القوانين التي طُبقت على الربانيم، وجاء في بعض المصادر أن موقف القرائيم من أحداث الحرب العالمية الثانية كان يتراوح بين عدم الاكتراث والتعاون مع النازيين.(8)

-----------------------------

(1) عبد الوهاب المسيري (د)، موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، الموسوعة الموجزة، دار الشروق، القاهرة، الطبعة الثالثة، 2006م، المجلد الثاني، ص125.

(*) اليهودية التلمودية: هي التيار الديني اليهودي الرئيسي. وتترادف المصطلحات "اليهودية التلمودية"، و "اليهودية الحاخامية"، و "اليهودية الربانية"، و "اليهودية الكلاسيكية"، و"اليهودية المعيارية"، حيث تشير جميعها إلى شكل العقيدة اليهودية الحالي ونمط التدين السائد بين معظم اليهود في العالم.

(2) محمد جلاء محمد إدريس (د)، التأثير الإسلامي في الفكر الديني اليهودي، مكتبة مدبولي، القاهرة، 1993م، ص 32.

(3) المرجع نفسه، ص 32 - 33.

And look: jewish Encyclopedia

http://jewishencyclopedia.com/articles/1460-anan-ben-david

(4) عبد الوهاب المسيري (د)، مرجع سابق، المجلد الثاني، ص 125.

(5) المرجع نفسه، ص 126.

(**) القياس: عرفه ابن الحاجب بأنه: مساواة فرع لأصل في علة حكمه. وهو الدليل الرابع من الأدلة الشرعية التي اتفق جماهير المسلمين على الأخذ بها، واعتبروه مصدراً رئيسياً من مصادر التشريع الإسلامي، وهو ذو أهمية خاصة، لأن النصوص متناهية والوقائع غير متناهية، ولا يمكن أن يحيط المتناهي بغير المتناهي. ومثال القياس أن يقيس المجتهد النبيذ، وهو فرع، على الخمر، وهو أصل لاشتراكهما في علة الإسكار، وينقل حكم الخمر وهو الحرمة إلى النبيذ، فيكون النبيذ حراماً. انظر: محمد مصطفى الزحيلي (د)، الوجيز في أصول الفقه الإسلامي، دار الخير، دمشق، الطبعة الثانية، 2006م، ص 237 - 238.

(6) عبد الوهاب المسيري (د)، مرجع سابق، المجلد الثاني، ص127.

(7) حسن ظاظا (د)، الفكر الديني الإسرائيلي أطواره ومذاهبه، معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة، 1971م، ص 299.

(8) عبد الوهاب المسيري (د)، مرجع سابق ، المجلد الثاني ، ص 125 - 126.

- See more at: http://albayan.co.uk/RSC/Article2.aspx?id=3520#sthash.54eu0vbW.dpuf
من اعمال الباحث
أضافة تعليق
آخر مقالات