مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب
2016/02/19 18:47
التعريف بشريعة محمدعليه الصلاة والسلام

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :

إذا تدبرت شريعة محمد عليه الصلاة والسلام وأحكامها، وما اشتملت عليه من التفاصيل لأمور الدين والدنيا والآخرة، ونظرت في ذلك نظرة منصف بعيداً عن التعصب أو التقليد، فإنك تجزم أن هذه الشريعة لا يمكن أن يأتي بها بشر، بل لاشك أنها من عند الله، وأن محمداً عليه الصلاة والسلام حقاً رسول الله؛ وذلك للأسباب التالية:

1- أن محمداً عليه الصلاة والسلام نبي أمي لا يعرف القراءة والكتابة، ولم يسبق أن تعلم في مدرسة أو جامعة، بل كان العرب في ذلك الوقت من أبعد الأمم عن التعليم .

2- أنه يستحيل على بشر بمفرده -مهما كانت قدراته العلمية والعقلية- أن يأتي بكل تلك الأحكام الشرعية التفصيلية الدقيقة، ففيها من الكمال والعظمة والحكمة واليسر والرحمة ما يجعلك تجزم أنها من عند خالق السماوات والأرض .

3- أنك لو نظرت إلى جزئيات الشريعة حُكماً حُكماً تجد أن كل حكم من أحكامها القطعية لو عرض على عقلاء الناس وحكمائهم أن يأتوا بأفضل منه لانقطعوا لما في تلك الأحكام من العدل والفضل ما يجعله فوق قدرة البشر، بل برهان على أن شريعة محمد عليه الصلاة والسلام من عند الله . (1)

ولأنه لا يسع المقام هنا لتفصيل أحكام تلك الشريعة العظيمة من جميع جوانبها، ولك أن ترجع إلى مصدر هذه الشريعة وهو كتاب الله القرآن الكريم والسنة النبوية التي هي أقوال محمد عليه الصلاة والسلام التي أوحاها الله تعالى غير القرآن، وما كتبه علماء المسلمين في تفسير القرآن وشرح السنة من المدونات والمؤلفات كي تدرك عظمة هذه الشريعة. ولكن يمكننا أن نقف على نبذة مختصرة تدلنا على ما وراءها من أحكام وتشريعات وهي ما يسمى بمقاصد الشريعة وخصائصها .

أولاً: مقاصد شريعته عليه الصلاة والسلام:

معنى المقاصد :

المقاصد هي المعاني والحكم التي راعاها الشارع في التشريع عموماً وخصوصاً لتحقيق مصالح العباد (2). أو هي: الحكم التي أرادها الله من أوامره ونواهيه لتحقيق عبوديته وإصلاح العباد في

المعاش والمعاد (3). وتوضيح ذلك أن مقاصد الشريعة هي الغايات والأهداف التي أراد الله تبارك وتعالى تحقيقها من شريعة محمد عليه الصلاة والسلام، وشرع تلك الشرائع لكي تتحقق تلك الغايات، وبمعرفة تلك الغايات وبعض الأمثلة من الأحكام التي شرعت لتحقيقها فإنك سوف تدرك إن شاء الله تعالى عظمة هذه الشريعة، ويجعلك تزداد قناعة ويقيناً بأنها من عند الله، وأن محمداً رسول الله حقاً. وإليك أهم مقاصد الشريعة، وهي حفظ الدين والنفس والمال والعقل.

أولاً: المقاصد الضروريـة :

1- حفظ الدين:

ويعتبر هذا المقصد أهم المقاصد وأعظمها، وبه قيام أمر الدنيا والآخرة، والمقصود بذلك هو تحقيق الهدف الذي من أجله خلقت البشرية بأن تعرف خالقها سبحانه وتعالى بربوبيته وأسمائه وصفاته وتتوجه إليه وحده لا شريك له بالعبادة، فلا تعبد أحداً من المخلوقين سواءً من البشرية أم من غيرهم من شمس وقمر وصنم ونحوه، بل يكون معبودها هو الله وحده، وكذلك تعمل بشريعته وأوامره ونواهيه في جميع جوانب حياتها من سياسة واقتصاد وأخلاق ومعاملات وأحوال شخصية، ولا تخرج عن أوامر ربها وخالقها جل وعلا في أي جزئية من الجزئيات، بل تعلم أن في ذلك الخروج شقاءها وضلالها .

2-حفظ النفس :

والمقصود هنا النفس الإنسانية المعصومة؛ وذلك بحفظها من الاعتداء عليها كلياً أو جزئياً والمحافظة على النفس من الهلاك ودفع الأذى والشر عنها، والأحكام الواردة في الشريعة الإسلامية في ذلك على قسمين، الأول: جانب الوجود، الثاني: جانب العدم .

1-الأحكام الواردة في إيجاد النفس الإنسانية :

ولأجل إيجادها وتكثيرها فقد شرع الزواج وكذلك الوطء بملك اليمين، وكذلك تعدد الزوجات كعلاج صحيح لمشكلة كثرة النساء وقلة الرجال وحماية المجتمع من الرذيلة وتعويض ما يفقد من الرجال في الحروب والحوادث ونحو ذلك .

2-الأحكام الواردة في الحفاظ على النفس بعد وجودها ومنها :

1- تحريم الاعتداء على النفس بقتل أو ضرب أو حتى أدنى جناية .

2- تحريم الوسائل المؤدية إلى القتل حتى حرمت الشريعة مجرد الإشارة بالسلاح على سبيل المزاح .

3- وجوب القصاص من القاتل عمداً وذلك بقتله، إلا أن يرضى أولياؤه بالدية أو يرضوا بالعفو، فإذا لم يعفوا ولم يقبلوا ديته فالقصاص .

4- وجوب دية الأطراف والمعاني كقطع اليد أو الرجل أو ذهاب السمع والبصر وأروش الجنايات الأخرى .

5- ضمان النفس المعصومة والتي قتلت خطئاً أو شبه عمد بالدية.

6- تأخير القصاص إذا ترتب على ذلك الضرر بالغير كما لو كان القاتل امرأة حاملاً، فلا تقتل حتى تضع حملها.

7- الإرشاد إلى العفو أو الدية في قتل العمد استبقاء لنفس القاتل والحرص عليها بعد إقامة البينة على القتل .

8- إباحة المحظورات عند الضرورة، فإذا كان يتعرض للموت إذا لم يأكل لحم الخنزير أو الميتة أو يشرب الخمر فيجوز فعل ذلك إذا كان سيؤدي به الجوع إلى الموت بقدر الضرورة فقط.

9- وجوب إقامة النفس بالطعام والشراب ودفع الصائل عنها .

10-   دفع الأمراض القاتلة عن النفس قبل نزول المرض، ولذا أمرت الشريعة الإسلامية بالطهارة من النجاسات والبعد عن جماع الحائض، وحرمت شرب الخمور والزنا واللواط وأكل الخنزير والميتة والدم؛ صيانة للنفس من المرض قبل نزوله.

11-   علاج الأمراض بعد نزولها، فأشارت الشريعة إلى ضرورة التداوي من جميع الأمراض ودفع الهلاك عن النفس وعدم تعريض النفس للموت، ومما جاءت به الشريعة التداوي بالعسل والحبة السوداء، وغير ذلك من الأدوية التي عرف نفعها بالتجربة ما لم تكن محرمة شرعاً.

3-حفظ المال :

ومما جاءت به شريعة محمد عليه الصلاة والسلام المحافظة على الأموال من إضاعتها أو الاعتداء عليها، إذ المال عصب الحياة وقيام مصالح الناس من المصارف وهو ما يسمى بالزكاة،ولا يجوز صرف المال فيما يعود على المجتمع بالشر والفساد والخراب والدمار في دينهم أو دنياهم.

وخلاصة ما ورد في الشريعة الإسلامية من الأحكام هنا ثلاثة :

1- العمل على إيجاد المال :

وذلك بالسعي في الأرض بعمارتها وزراعتها والمتاجرة فيها وممارسة الحرف والصناعات المختلفة للحصول على المال بالطرق المشروعة، فأباحت البيع والشراء والشركات والصناعات والتوكيل والمضاربة وإحياء الموات والوقف ونظمت أمور الميراث ونحوه.

2- المحافظة على المال بعد الحصول عليه :

وذلك بتحريم الاعتداء على أموال الناس سواءً برشوة أو قمار أو سرقة أو احتيال ومغالطة أو ربا أو تطفيف المكيال والميزان، ولذا وجب توثيق الديون والإشهاد وتعريف اللقطة وحفظ الودائع وأداء الأمانات. وحرمت الشريعة العبث بالمال على وجه الإسراف والتبذير.

3- بيان الحقوق المتعلقة بالمال:

لم تطلب الشريعة من صاحب المال أن يخرج ما زاد عن حاجته، ولم تترك له المجال ينمي ماله من حلال أو حرام، سواءً عاد ذلك بالضرر على غيره أم لا، وإنما وضعت جزءاً من ماله لأبناء المجتمع من الفقراء والمساكين والمحتاجين ونحوهم.

4- حفظ العقل :

ومما جاءت به شريعة محمد عليه الصلاة والسلام المحافظة على العقل البشري، إذ هو مناط التكليف وبه قيام أمر الدنيا والآخرة وعمارة الأرض وقيام مصالح الناس وتنفيذ الشرائع، ولأجل ذلك حرمت الشريعة جميع ما يذهب بالعقول من سائر المسكرات والمخدرات والحشيش ونحوه.

  5- حفظ النسل (العرض) :

والمقصود بالنسل هنا البشرية والذرية، حيث جاءت الشريعة بما فيه المحافظة على النوع الإنساني من الانقراض والزوال فأمرت الشريعة بالزواج ونكاح المرأة الولود، والتعدد في النكاح تكثيراً للأمة وصيانة لها من الرذيلة، وحرمت الشريعة الخروج عن هذا المنهج سواءً في ذلك الخروج إلى الزنا أو اللواط ونحوه من صور الشذوذ الجنسي الذي يؤذن بقلة البشرية ويهدد المجتمع بالزوال والأمراض الاجتماعية الفتاكة التي نسمع بها اليوم، نتيجة الخروج عن شريعة الله تعالى في هذا الباب . (4)

ثانياً: المقاصد الحاجية:

ومن أهداف الشريعة التي جاء بها محمد عليه الصلاة والسلام رفع الحرج والمشقة عن الخلق ودفع الضيق المؤدي إلى الحرج والمشقة قال تعالى:"يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر"(5)، ومن مظاهر ذلك إباحة الرخص لدفع المشقة كالفطر في رمضان للمريض والمسافر، وإباحة التيمم لمن لم يجد الماء، وإباحة التمتع بالطيبات من المأكل والمشرب والمركب والملبس، وإباحة عقود الإجارة والسلم والمضاربة والمساقاة والتوكيل، ومن ذلك تحمل العاقلة لدية الخطأ وشبه العمد دفعاً للضرر عن الجاني وذلك لأن كل إنسان لو كان لا ينتفع إلا بما هو ملكه ولا يستوفي الحق إلا ممن هو عليه ولا يأخذه إلا بكماله ولا يتعاطى أموره إلا بنفسه لكان في ذلك مشقة عظيمة، ولهذا أباح الشارع الانتفاع بملك الغير بطريقة الإجارة والإعارة والقرض والاستعانة بالغير وكالة وإيداعاً وشركة ومضاربة ومساقاة وبالاستيفاء من غير المديون حوالة وبالتوثيق على الدين برهن أو كفيل ولو بالنفس وبإسقاط بعض الدين صلحاً وإبراء.

ثالثاً: المقاصد التحسينية:

ومما جاءت به شريعة محمد عليه الصلاة والسلام الارتقاء بالبشرية في سلم المعالي والفضائل، والتحذير من الرذائل وصقل الشخصية بمكارم الأخلاق ومحاسن الشيم والمروءات ومراعاة أفضل المناهج وأحسن السبل والاتصاف بمعالي الأمور والبعد عن سفاسفها، ومن الأمثلة على ذلك:

1- تحريم النجاسات لنفرة الطباع عنها وخستها، كالبول والخمر ونحوه .

2- الأمر بالطهارة والنزاهة عن الأقذار ليكون المسلم على أحسن هيئة وأجمل صورة .

3- الالتزام بالآداب الشرعية سواءً في المأكل والمشرب أم في الزيارات والمناسبات أم في الملبس ونحوه .

4- أخذ الزينة وستر العورة والبعد عن الفحش في القول والعمل .

5- المنع من بيع النجاسات لما فيه من ملامستها، وكذا بيع فضل الماء لما فيه من البخل والأنانية، ومنع المرأة من مباشرة العقد لأنه يشعر بما لا يليق من المروءة وقلة الحياء، وذلك حملاً للخلق على أحسن المناهج وأجمل السير . (6)

ثانياً: خصائص الشريعة الإسلامية:

لقد أراد الله تعالى أن تكون رسالة محمد عليه الصلاة والسلام هي آخر رسالة إلى البشرية فلا نبي بعد محمد عليه الصلاة والسلام ولا كتاب بعد القرآن، والله تعالى هو الرب وهو الرحمن وهو الحكيم لا يليق بعظمته تعالى وحكمته أن يختم النبوة ثم يترك البشرية بشريعة لا تصلح لهدايتهم، ولا تكفي لبيان أمور حياتهم، أو يوحى إليهم بشريعة خاصة لقوم فقط كما هو حال الشرائع السابقة .

لأجل هذا جاءت شريعته عليه الصلاة والسلام شاملة وكاملة لكل ما يحتاج إليه البشر بعيدة عن الغلو والتطرف أو الإفراط والتفريط أو الجمود على حالة واحدة.. وإليك بعض خصائص هذه الشريعة العظيمة التي تدلك عن نبوة محمد عليه الصلاة والسلام ، إذ لا يمكن أن يأتي نبي أمي لا يقرأ ولا يكتب بمثل هذه الشريعة من عنده في حين قد عجز جميع من في الأرض أن يأتوا بمثلها .

الخاصة الأولى: أنها من عند الله تعالى :

ومعناها أن هذه الشريعة من عند الرب جل وعلا، فالله تعالى هو الذي شرعها فمصدرها من عنده تبارك وتعالى وبإرادته ومشيئته وحده، وليس من عند فرد أو طبقة أو حزب، وغايتها توجيه الناس إلى الله تعالى، وكونها من عنده تعالى خالق هذا الإنسان وهو أعلم به كيف خلق ولماذا خلق، وما الذي يضره وما الذي ينفعه، لاشك أن ذلك يجعل لهذه الشريعة مكانة عظيمة إذ كل تشريع من عند غير الخالق جل وعلا يعتريه النقص والضعف ولا يصلح لهذا الإنسان إلا شريعة من خلقه وأوجده، وإذا تدبرت أحكامها كما سبق بيانه في المقاصد أيقنت حقاً أن محمداً عليه الصلاة والسلام لا يمكن وهو نبي أمي أن يأتي بمثل هذه التفاصيل والأحكام التي يعجز الجماعة من البشر أن يأتوا بمثل جزء منها، فهي بلا شك من عند الله ولا يخالف في ذلك إلا معاند (7)، وكونها ربانية من عند الله فإن لذلك آثاراً كثيرة، منها :

1- سلامتها من التناقض والاضطراب والخلل الذي يعتري قوانين البشر .

2- أنها موافقة للفطرة والخلقة الإنسانية لأنها من خالق هذا الإنسان، ولذا فهي تشتمل على بيان الحكمة من خلق هذا الإنسان، وما يجب أن يكون عليه في هذه الحياة .

3- تحرير الإنسان من العبودية لغير خالقه تعالى لأنها توجهه إليه وتربط هذا الإنسان بخالقه تعالى دون غيره .

4- الثقة بهذه الشريعة وتوقيرها وتعظيمها لأنها من عند الله تعالى، فليس فيها محاباة ولا مجاملة لأحد ولا تفضيل لأحد على غيره مهما كان إلا بالعمل الصالح وفق هذه الشريعة . (8)

الخاصة الثانية: الإنسانية :

فهي شريعة موجهة لهذا الإنسان ومرتبطة بفطرة هذا الإنسان وعقله وترتيب أحواله في جميع جوانب الحياة وهو المخاطب بها دون غيره.. وما دام هذا الإنسان لم يتغير عبر التاريخ فلا يزال هو نفسه الإنسان القديم الذي يسمع ويبصر ويمشي على رجلين وله يدان يبطش بهما، فهذه الشريعة مرتبطة بهذه الخلقة وهذه التركيبة. وهناك سؤال يطرح وهو: كيف يمكن لهذا الإنسان تطبيق هذه الشريعة وقد نزلت قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة وقد تغير الوضع وتطورت الحياة تطوراً هائلاً في جميع الجوانب عما كانت عليه أيام بعثة محمد عليه الصلاة والسلام؟ والجواب: أن هذه الشريعة مرتبطة بهذا الإنسان وهو لم يتغير ولم يتبدل، بل لا يزال الإنسان في عهد آدم وفي عهد محمد عليه الصلاة والسلام وفي عهدنا اليوم هو نفسه لم يحدث فيه تبديل وما دام كذلك بنفس العقل والفطرة والأجهزة، فهذه الشريعة موجهة إليه .

حوار مع السفير الفرنسي بصنعاء :

في زيارة قام بها السفير الفرنسي بصنعاء لفضيلة الشيخ/ عبدالمجيد الزنداني، ودار بينهما هذا الحوار :

السفير: هل اكتملت الحياة وصورها؟

الشيخ: لا .

السفير: وهل اكتمل الدين؟

الشيخ: نعم .

السفير: فكيف يتسع الدين المحدود الذي اكتمل لحاجات الحضارة وصورها المتجددة؟

الشيخ: هل تركيب عينك هو نفس تركيب أعين من كانوا يعيشون في عصر محمد عليه الصلاة والسلام وفي عصر عيسى عليه السلام؟

السفير: التركيب واحد لم يتغير .

الشيخ: هل تركيب أعضاء جسمك هو نفس تركيب أعضاء من كانوا يعيشون في عهد محمد عليه الصلاة والسلام وفي

عهد عيسى عليه الصلاة والسلام .

السفير: نعم. تركيب أجسامنا لم يتغير ولم يتبدل .

الشيخ: هل تحب وتكره وتخاف وتطمع؟

السفير: نعم .

الشيخ: الذين كانوا يعيشون في عصر النبي محمد عليه الصلاة والسلام وفي عصر المسيح عليه السلام هل هم مثلنا يحبون ويكرهون ويطمعون؟

السفير: نعم .

الشيخ: إذاً التركيب النفسي لنا ولهم لم يتغير ولم يتبدل .

السفير: نعم هذا صحيح .

الشيخ: لو أن لدينا مليون سيارة مرسيدس بتصميم هندسي واحد (موديل واحد) قد صنعت لخطة هندسية واحدة، ولها كتاب إرشاد (كتالوج) واحد فهل يصلح كتاب الإرشاد (الكتالوج) الواحد لتسيير وتشغيل أي سيارة من هذه المليون السيارة؟

السفير: طالما الموديل واحد والصنعة واحدة فلابد أن يكون (الكتالوج) واحد، والكتالوج الواحد يصلح لأي سيارة من هذه السيارات .

الشيخ: ولو وزعناها على القارات آسيا وأوربا وأمريكا .

السفير: ولو وضعت في أي مكان على الأرض. فإنها لا تعمل إلا بنفس الكتالوج الذي صنعت طبقاً له ما لم يتغير تركيبها .

الشيخ: ولو أخرجناها بعد ألف وأربعمائة سنة فهل لا يزال الكتالوج نافعاً لها ويصلح لتشغيلها؟

السفير: نعم لا يزال يصلح لها ما لم يتغير تركيبها .

الشيخ: إذا كانت الإرشادات (الكتالوج) التي تقدمها مصانع السيارات تصلح لتشغيل تلك السيارات من نفس تلك الصنعة (الموديل) مهما اختلف الزمان والمكان، فكذلك الشريعة والدين الذي جاء من عند الله متعلقاً بفطرة الإنسان البدنية والنفسية التي لم تتبدل ولم تتغير بتغير الزمان والمكان لا يزال صالحاً لفطرة الإنسان التي خلق الله الناس عليها وصالحاً للبشرية الموحدة في فطرتها وخلقتها كما قال الله:"فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ"[الروم-30] ، ثم قلت له والدين الذي جاءنا من عند الله تعالى جاء في صورة قواعد كلية هادئة تستوعب كل الصور المتجددة لتطورات الحياة ويقوم العلماء المجتهدون بتنزيل أحكام الدين على صوره المتجددة، كما يقوم الخياط الذي يفصل الملابس وفق قواعد الخياطة فيجعلها متناسبة مع أحجام الناس ونوعية القماش ومناسبة لفصول السنة وفقاً لقواعد التفصيل والخياطة والبيئة التي يعمل فيها الإنسان، ولو قام المجتهدون بعملهم كاملاً لما قصرت الشريعة عن إيجاد حل لأي مشكلة تستجد للفطرة الإنسانية الثابتة .

وهكذا تعلقت الشريعة بالفطرة الثابتة التي لا تتغير وكانت مرنة بعمل المجتهدين الذين يستنبطون من قواعدها الأحكام المناسبة للصور المتجددة (9)

الخاصة الثالثة: الشمولية :

ومعنى ذلك أن الشريعة مبينة لجميع جوانب الحياة وهي لجميع الخلق وفي جميع الأزمان فهي شمولية للإنسان وللمكان وللزمان إلى يوم القيامة، فالله تعالى هو الذي خلق هذا الإنسان على الأرض وأمره أن يعبده حتى يموت ولا تتغير الحكمة من خلق هذا الإنسان بتغير الأزمان وهذه الشريعة بيان لما يحتاجه الإنسان في جميع جوانب حياته، وهذا ما تجده في الشريعة الإسلامية، فلا تجد جانباً من جوانب الحياة في العقيدة والعبادة والسياسة والاقتصاد والأخلاق ونظام المجتمع وأحوال السلم والحرب والعقاب والثواب حتى أحوال الإنسان الشخصية في أكله وشربه ولباسه وقضاء حاجته وسيره في الطريق ونومه واستيقاظه إلا وقد بينته الشريعة بياناً كاملاً إما نصاً أو إشارة أو إيماءً وتنبيهاً أو غير ذلك .

يقول الإمام حسن البناء رحمه الله تعالى: "إنها الرسالة التي امتدت طولاً حتى شملت آباد الزمان وامتدت عرضاً حتى انتظمت آفاق الأمم، وامتدت عمقاً حتى استوعبت شؤون الدنيا والآخرة، فهي رسالة وشريعة من عند الله لجميع الخلق من الجن والإنس، وفي جميع أطوار حياتهم من الولادة حتى ما بعد الموت ولجميع ما يحتاج إليه في كل جانب من جوانب الحياة(10).

الخاصة الرابعة: التيسير ورفع الحرج :

ومما تميزت به الشريعة التي جاء بها محمد عليه الصلاة والسلام التيسير ورفع الحرج في جميع تكاليفها، وإذا تأملت الشريعة بجميع جوانبها في العقيدة والعبادة والأخلاق والمعاملات وجدت اليسر والسهولة في جانبيها :

الأول: الفهم والاستيعاب، فلا تجد صعوبة في فهمها وإدراكها ومعرفة ما جاءت به من العقائد والأعمال .

الثاني: التطبيق، فلا تجد صعوبة في تنفيذ أوامرها، وإذا حصلت للمكلف مشقة أثناء تطبيقها بسبب السفر

أو المرض أو غيره فإن الشريعة تخفف الحكم حتى يكون عند مقدور المكلف أو تسقطه

حتى زوال العذر .

وهذه ما لا تكاد تجده في الدين النصراني، فأول صعوبة تواجهك هي فهم الإله من هو وهل هو واحد أم ثلاثة، وما حقيقة ألوهية عيسى وهو بشر وألوهية مريم وكيف صلب ومات، ومن الذي كان يدبر أحوال العالم في تلك المدة… إلى غير ذلك من الأسئلة التي ترد عليك وأنت تريد أن تفهم العقيدة المسيحية، وهكذا قل في بقية العقائد فتجد من الصعوبة في فهمها والصعوبة في تطبيق أحكامها .

وأما الشريعة الإسلامية فلا تكاد تجد صعوبة في فهم أحكامها أو تطبيق تكاليفها. ولذا تجد أن التكاليف في الشريعة لا تجب إلا على العاقل البالغ القادر، بينما سقطت كثير من الأحكام عن الأطفال والنساء والشيخ الكبير والمجنون والعبيد سواءً في العبادات أم في المعاملات أم في الجهاد ونحوه، وصار من القواعد الشرعية المعروفة عند المسلمين في شريعتهم أن "المشقة تجلب التيسير " (11) .

الخاصة الخامسة: الواقعيـة :

ولا نعني بالواقعية هنا ما يعنيه الفلاسفة من إنكار ما وراء الحس، وإنما المقصود بالواقعية في الإسلام أن هذه الشريعة تراعي واقع الخلق والكون والحياة تراعي واقع هذا الإنسان من حيث هو مركب من الروح والجسد تراعي فطرته وعقله ولا تكون أحكاماً خيالية لا يمكن تطبيقها في الواقع، ولذا كانت أحكامها تأخذ بهذا الإنسان شيئاً فشيئاً لأنها تراعي ارتباطاته وميوله ونزعاته وغرائزه. ولقد كان كثير من أحكامها يستغل من قبل أعداء الإسلام لتشويه الشريعة، وما أن مرت الأيام حتى ثبت أن ما جاءت به الشريعة هو الحق الموافق لواقع البشرية، ومن الأمثلة على ذلك :

1- التملك الفردي: فقد فطر الإنسان عليه وهذا حاله، فجاءت الرأسمالية تبيحه بإطلاقه، وجاءت الشيوعية تمنعه، فكانت النتيجة عكس ما أريد من النظرين، لأن كليهما يصادم الفطرة، وجاءت الشريعة فأباحته لكن بضوابط هي الحلال والحرام الموافق لمراد الله لا المصالح الفردية كما عند الرأسمالية ولا التجاهل لغريزة التملك كما عند الشيوعية .

2- الربـا: فقد كان يقال إن الربا عامل أساسي للازدهار الاقتصادي، وهذا عكس ما جاءت به الشريعة الإسلامية ومع مرور الأيام ثبت أن الربا هو أساس دمار الاقتصاد .

يقول الاقتصادي الشهير (كينز): "إنه لا يمكن للمجتمع أن يعيش في عدالة اجتماعية إلا بالقضاء على سعر الفائدة ".

3- الطلاق: اضطرت الدول المسيحية إلى الاعتراف به، فاعترفوا بالطلاق على المستوى الدولي وأنه لا علاج غيره في حالة التنافر بين الزوجين، وهذه شهادة بفضل شريعة الإسلام .

هذه فقط أمثلة من الوقائع الكثيرة التي ثبت فيها أن ما جاء به محمد عليه الصلاة والسلام هو الحق وهو الموافق لحال البشر(12).

الخاصة السادسة: الوسطيـة :

ومعناها العدل في أحكام الشريعة والجمع بين حاجات الروح ومتطلبات الجسد بدون إفراط ولا تفريط، فالله تعالى هو الذي خلق الإنسان "ألا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ"(13)، وهذه الشريعة لهذا الإنسان هي من عند الخالق، ولذا جاءت أحكامها متوازنة لا تغلب جانباً على آخر سواءً وسطية في المعتقدات، أم في العبادات أم في الأخلاق والمعاملات، أم غير ذلك مما جاءت به الشريعة .

لا رهبانية في الإسلام :

فالإسلام لا يريد من البشر أن ينقطعوا في المعابد والمساجد للذكر والصلاة والتبتل والانقطاع عن الحياة، ولذا أنكر النبي عليه الصلاة والسلام على من أرادوا أن يفعلوا ذلك، فقد روى البخاري أن ثلاثة رهط جاؤوا إلى بيوت أزواج النبي عليه الصلاة والسلام يسألون عن عبادته عليه الصلاة والسلام فلما أخبروا كأنهم تقالوها فقالوا أين نحن من النبيعليه الصلاة والسلام وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فقال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبداً، وقال الآخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً. فجاء رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا .

أما إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، ولكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني(14).

 ثالثاً: حفظ شريعته عليه الصلاة والسلاموبقاؤهـا:

من رحمة الله تعالى بعباده وكمال ربوبيته على خلقه أن بعث فيهم الأنبياء والمرسلين يدعونهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ويعلمونهم ما يحتاجون إليه في حياتهم، قال تعالى:"وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ"(15)، وكان الأنبياء السابقون يبعثون إلى أممهم خاصة، فلما أراد الله تعالى أن يختم النبوة ببعثة محمد عليه الصلاة والسلام جعل رسالته رحمة للعالمين وهداية للخلق أجمعين، فلا نبي بعد محمد عليه الصلاة والسلام ولا كتاب بعد القرآن .

ولأجل ذلك فقد تكفل الله عز وجل بنفسه بحفظ مصدر الشريعة التي جاء بها محمد عليه الصلاة والسلام وهو القرآن الكريم، قال تعالى:"إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"(16)في حين لم يتكفل بحفظ الكتب السماوية السابقة وإنما استحفظ عليها أهلها فقط، نظراً لأنها كانت أساساً لشرائع مرحلية مؤقتة ستنسخها شرائع أخرى آخرها شريعة محمد عليه الصلاة والسلام (17). ومصدر هذه الشريعة هو القرآن الكريم والسنة النبوية وكلاهما وحي من عند الله عز وجل وليس من عند النبي عليه الصلاة والسلام ، فهو عليه الصلاة والسلام يبلغ رسالة الله تعالى فقط قال تعالى:"وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ"(18) .

1- حفظ القرآن الكريم :

القرآن الكريم هو المصدر الأول لشريعة محمد عليه الصلاة والسلام ، وقد كانت همته عليه الصلاة والسلام متوجهة إلى حفظه واستظهاره حتى بلغ من حرصه أنه كان يحرك لسانه به وقت نزوله رغم ما يجد من الشدة والتعب أثناء الوحي مخافة أن تفوته كلمة أو يفلت منه حرف، حتى طمأنه ربه عز وجل ووعده أن يجمعه له في صدره ويسهل له قراءته وفهم معانيه قال تعالى:"لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِإِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ"(19)فكان عليه الصلاة والسلام هو جامع القرآن في قلبه الشريف وسيد الحفاظ في عصره المنيف(20) .

كتاب الوحي :

ومبالغة من النبي عليه الصلاة والسلام في حفظ القرآن وتقييده فقد اتخذ كتاباً للوحي كلما نزل شيء من القرآن أمرهم بكتابته وكان هؤلاء الكتاب من خيرة الصحابة ومنهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاوية وأبي بن كعب وزيد بن ثابت رضي الله عنهم جميعاً، وكان عليه الصلاة والسلام يدلهم على الموضع الذي توضع فيه كل آية نزلت ومعنى أمية الأمة وعدم قراءتها وكتابتها أن أغلبهم كذلك والذين يقرؤون ويكتبون عدد قليل(21)، وكان أغلب الصحابة يعتمدون على حفظهم فهو الوسيلة لحفظ ما يرد عليهم من القرآن، ونظراً لبداوتهم وسهولة عيشهم وصفاء أذهانهم وسلامة فطرهم فقد كان الحفظ قوياً حتى كانوا يحفظون القصائد والأشعار في الجاهلية قبل الإسلام، ولذا لم ينزل القرآن جملة واحدة، بل نزل قليلاً قليلا في خلال ثلاث وعشرين سنة، فسهل عليهم حفظه وتدبره والعمل به .

جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه :

مات رسول الله عليه الصلاة والسلام وهناك من الصحابة من يحفظ القرآن كاملاً ومنهم من يحفظ أغلبه ومنهم نصفه وهكذا، وممن حفظ القرآن عبدالله بن مسعود وسالم ومعاذ وأبي بن كعب، ولذا قال عليه الصلاة والسلام:" خذوا القرآن من أربعة: من عبدالله بن مسعود وسالم ومعاذ وأبي بن كعب"(22)، وكان من الحفاظ أيضاً أبو الدرداء وزيد بن ثابت وأبو زيد وغيرهم، ولم يكتب القرآن في مصحف عام، حيث كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يترقب نزول الوحي من حين لآخر لاحتمال النسخ أو الزيادة .

كما كان هناك كثير من القرآن مكتوباً في اللحاف والعسب والأكتاف والجريد، ولما وقعت حروب الردة مات كثير ممن كان يحفظ القرآن، فجاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأشار على أبي بكر رضي الله عنه بجمع القرآن وكتابته خشية عليه من النسيان والضياع فشرح الله صدر أبي بكر الصديق لذلك فأرسل إلى زيد بن ثابت الذي عرف بكتابة القرآن وحفظه وأمره أن يقوم بجمع القرآن من الصحف ويتتبع الرجال الحفاظ من الصحابة ويجمع ما عندهم حتى جعله في مصحف عام ووضعه عند أبي بكر رضي الله عنه على مرأى ومسمع من الصحابة جميعاً. روى البخاري عن زيد بن ثابت قال: "أرسل إليّ أبو بكر مقتل أهل اليمامة فإذا عمر بن الخطاب عنده فقال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال إن القتل قد استمر يوم اليمامة بقراء القرآن وإني أخشى أن يستمر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن، وإني أريد أن تأمر بجمع القرآن. فقلت لعمر: كيف نفعل شيئاً لم يفعله رسول الله عليه الصلاة والسلام، قال عمر: هو والله خير فلم يزل يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد قال: أبو بكر إنك شاب عاقل لا نتهمك وقد كنت تكتب لرسول الله عليه الصلاة والسلام فتتبع القرآن فاجمعه فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل مما أمرني به من جمع القرآن. قلت: كيف تفعلان شيئاً لم يفعله رسول الله عليه الصلاة والسلام قال هو والله خير فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح صدر أبي بكر وعمر، فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللحاف وصدور الرجال ووجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع غيره "لقد جاءكم رسول من أنفسكم"(23) حتى خاتمة براءة فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله ثم عند عمر حياته ثم عند حفصة بنت عمر(24) ولاشك أن قراءة أبي بكر وعمر واطلاع سائر الصحابة على ما جمعه زيد بن ثابت مع كونه كان يكتب الوحي لرسول الله عليه الصلاة والسلام يدل على حفظ القرآن وجمعه وسلامته من الزيادة والنقصان .

 جمع القرآن في عهد عثمان رضي الله عنه :

ما الذي فعله عثمان بن عفان رضي الله عنه؟ هل صحيح أنه أحرق المصاحف وكتب القرآن من عنده؟ هناك معلومات خاطئة غير صحيحة عند كثير ممن لا يدينون بالإسلام لجهلهم بالإسلام من جهة وعدم بحثهم وتتبعهم وسؤالهم عن الحقيقة من جهة ثانية، ونظراً لجهود أعداء الإسلام من جهة ثالثة، أن الذي فعله عثمان رضي الله عنه هو جمع المسلمين على مصحف وكتاب واحد فقط ولم يأت بشيء من عنده .

وتوضيح ذلك أن القرآن نزل بلغة العرب وبالذات بلغة قريش، وكان العرب يتكلمون اللغة العربية ويختلفون في بعض الألفاظ والكلمات من قبيلة إلى أخرى، حيث يعبر بعضهم عن المعنى بكلمة والآخر بكلمة أخرى، ويطلق بعضهم اسماً على شيء معين بينما يسمى عند غيرهم اسماً آخر.. فأذن الله تعالى لهم توسعة ورحمة أن يقرؤوا القرآن بلغاتهم المختلفة ولم يكلفهم أن يتعلموا لهجة قبيلة واحدة يقرؤون بها القرآن فصار كل واحد يقرأ القرآن بلهجة قبيلته ولم يحدث بينهم نزاع وإن حصل نزاع جاؤوا إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام فأرشدهم إلى أنه كل واحد منهم مصيب .

فعن عبدالله بن مسعود قال: سمعت رجلاً قرأ آية وسمعت النبي عليه الصلاة والسلام يقرأ خلافها فجئت به النبي عليه الصلاة والسلام فأخبرته فعرفت في وجهه الكراهية فقال: (كلاكما محسن فلا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا)(25). وعن عبدالله بن عباس قال: إن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: (اقرأني جبريل على حرف فراجعته فلم أزل أستزيده فيزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف(26).

جمع الأمة على حرف واحد :

وبهذا يتبين لنا أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يقرؤون القرآن على سبعة أحرف على عهده عليه الصلاة والسلام وعهد أبي بكر وعمر وشطراً من عهد عثمان. ولكن اتسعت الفتوحات الإسلامية وكثر المسلمون من العرب والعجم وتفرق الصحابة في الأمصار وصار كل واحد يعلم القرآن على حرفه ولهجته، فحصل بين المسلمين الجدد خلاف ونزاع ففزع حذيفة بن اليمان لذلك وخشي اختلاف الناس فأشار على عثمان رضي الله عنه أن يدرك الأمة قبل أن تختلف. فأمر عثمان رضي الله عنه جماعة من الصحابة بكتابة المصحف على حرف واحد وهو لسان قريش وهم زيد بن ثابت وعبدالله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبدالرحمن بن الحارث، وقال للرهط القرشيين الثلاثة إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنه إنما نزل بلسانهم ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف أرسل عثمان إلى كل أفق بمصحف منها وأمر بإحراق ما سواه من المصاحف. وتلقت الأمة ذلك بالطاعة والقبول على أن يتركوا قراءة القرآن بالستة الأحرف الأخرى ويقرؤوه بلغة قريش لأنه نزل بلغتهم ولا ضير في ذلك فإن القراءة بالأحرف السبعة ليست واجبة(27).

وسمع الصحابة جميعاً في عهد عثمان رضي الله عنه ممن حفظ القرآن من رسول الله عليه الصلاة والسلام ولم ينكروا من ذلك شيئاً ولو زاد عثمان في القرآن كلمة أو سورة لما سكتوا على ذلك، ولا أقروه، إذ كيف وقد انتقدوا على عمر بن الخطاب أن معه ثوب طويل وليس معهم مثله وقال له سلمان لا سمع ولا طاعة حتى تخبرنا من أين لك هذا الثوب، فأخبرهم أنه جمع ثوبه وثوب ابنه عبدالله فجعلهما ثوباً واحداً لأنه رجل طويل. هذا في ثوب، فكيف لو كان الأمر متعلقاً بكتاب الله تعالى وحفظه وعدم تغييره لا شك أنه أشد، إذ هو مصدر الإسلام ومنبع الشريعة .

2- حفظ السنة النبوية :

1- تعريف السنة: هي كل ما أثر عن النبي عليه الصلاة والسلام من قول أو فعل أو تقرير أو صفة(28) .

2- تدوين السنة النبوية :

السُنة النبوية وحي أوحاه الله تعالى إلى رسوله محمد عليه الصلاة والسلام قال تعالى:"وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إلاّ وَحْيٌ يُوحَى"(29)، وهي تشتمل على كثير من الأحكام الشرعية في جميع جوانب الحياة وتوضح المراد بكثير من نصوص القرآن الكريم. وقد اعتنى الصحابة رضي الله عنهم بحفظها كما حفظوا القرآن الكريم واعتنوا أيضاً بكتابتها ومدارستها ونقلوها إلى الجيل التالي من بعدهم وهم التابعون الذين قاموا بحفظها وتدوينها وكتابتها في الصحف والرحلة في البلاد التي تفرق الصحابة فيها وسماعها منهم وهكذا نقلوها للجيل التالي من بعدهم والذين قاموا بدورهم أيضاً بحفظها وكتابتها جيلاً بعد جيل حتى وصلت إلينا اليوم صحيحة سليمة كما جاءت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ، وما حصل من إضافة فيها أو كذب أو زيادة فقد بينوه ووضحوه وألّفوا في ذلك المؤلفات الكثيرة التي ذكروا فيها الأحاديث الضعيفة والموضوعة والمكذوبة على رسول الله عليه الصلاة والسلام كما ألّفوا كتباً في أسماء الكذابين والوضاعين الذين كانوا يكذبون على رسول الله عليه الصلاة والسلام من أجل أن تحذر منهم الأمة، وكذلك وضعوا القواعد والشروط لقبول الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام مثل السؤال عن السند ومقارنة رواية الراوي برواية غيره واختبار مدى حفظه وكذلك التأكد كثيراً من الشيخ نفسه إذا قال حدثني فلان فيذهبون إلى فلان ليسألوه هل حدثه أم لا واستعملوا التاريخ لإدراك الكذب ممن لا يدركه الكذابون، وكذلك أسماء البلدان ومشايخها وتلاميذ كل شيخ، وغير ذلك مما هو معروف في علم الحديث عند المسلمين.   وقد مر تدوين السنة وكتابتها بالمراحل التالية :

أولاً: في عهد النبي عليه الصلاة والسلام وصحابته :

1- في بداية الإسلام نهى النبي عليه الصلاة والسلام الصحابة عن كتابة السنة خوفاً من أن تختلط عليهم بالقرآن الكريم، ولكي لا يتشاغلوا بالحديث عن السنة النبوية(30)، ولكي لا يتركوا الحفظ ويعتمدوا على الكتابة وكذلك لقلة الكتاب بينهم فلم يكتب منها إلا القليل، ومن الأحاديث التي فيها النهي عن الكتاب ما رواه مسلم عن أبي سعيد قال رسول الله عليه الصلاة والسلام :"لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه"(31) .

2- لما عرف الصحابة وميزوا بين القرآن والسنة أذن لهم النبي عليه الصلاة والسلام بكتابة الحديث بل وأمرهم بذلك ومن ذلك قوله لعبدالله بن عمرو بن العاص (أكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلا الحق(32) .

وقولهعليه الصلاة والسلام في خطبة حجة الوداع لما خطب فقال رجل من اليمن اكتبوا لي يا رسول الله، فقال عليه الصلاة والسلام (اكتبوا لأبي شاه)(33)

ومما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "ما من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام أحد أكثر حديثاً عنه مني إلا ما كان من عبدالله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب"(34). وغير ذلك من الأحاديث في الإذن بالكتابة للحديث والأمر به. ولكن لم يكتب الصحابة إلا قليل منهم لقلة الكتاب والاعتماد على الحفظ .

وقد اشتهرت الكتب والصحف في عهد الصحابة ومن صحفهم المشهورة صحيفة سعد بن عبادة وصحيفة عبدالله بن أبي أوفى ونسخة سمرة بن جندب وصحيفة أبي موسى وصحيفة جابر والصحيفة المشهورة لعبدالله بن عمرو بن العاص وصحيفة أبي سلمة وصحيفة همام بن حنين التي نقلها عن أبي هريرة وكتاب أبي رافع وغير ذلك من صحف الصحابة(35) .

ثانياً: في عهد التابعين :

اهتم التابعون بالسنة النبوية حفظاً وكتابة وسماعاً من الصحابة رضوان الله عليهم ورحلوا في الأمصار والبلدان لسماع حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام وحفظه وكتابته، فجمعوا إلى ما كتبه الصحابة شيئاً كثيراً وكان من أبرزهم محمد بن شهاب الزهري وأبو بكر بن حزم وأبو الزبير وابن جريج وغيرهم كثير، وممن كانت لهم صحف مشهورة سعيد بن جبير تلميذ ابن عباس وبشير بن نهيل كتبها عن أبي هريرة ومجاهد بن جبير تلميذ ابن عباس وأبو الزبير تلميذ جابر وهشام بن عروة وغيرهم من التابعين(36)، وكان من أسباب نشاط التدوين والكتابة في السنة في عهد التابعين هو أن الخليفة عمر بن عبدالعزيز أمر بتدوين السنة وكتابتها ونشرها بين الناس(37) .

ثالثاً: عصر أتباع التابعين :

ويعتبر هذا هو القرن الثالث الهجري وهو عصر ازدهار العلوم الإسلامية ويعتبر أزهى عصور السنة، حيث نشطت الحركة العلمية والتدوين والرحلة وجلوس المشايخ لنشر العلم فظهرت كتب المسانيد والسنن والصحاح التي تعتبر هي دواوين الإسلام وبرز فيها من الأئمة الكبار والعلماء أمثال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وابن المديني ويحيى بن معبد وأبي زرعة وأبي حاتم الرازيين فدونت السنة النبوية، ومن أشهر الكتب في السُنة في هذا العصر :

1- كتب المسانيد، مثل مسند أحمد بن حنبل، ومسند أبي داود الطيالسي، ومسند أبي بكر بن أبي شيبه، وغيرها كثير .

2- كتب السنن، وأشهرها سنن أبي داود والنسائي وابن ماجه والترمذي .

3- كتب الصحاح، وأشهرها صحيح البخاري ومسلم اللذان هما أصح الكتب المصنفة .

4- كتب مختلف الحديث ومشكلها، مثل كتاب الشافعي وعلي بن المديني، وغير ذلك من الكتب التي دونت في هذا العصر(38). ثم نشط التدوين بعد ذلك وتنوع ورتبت أبواب الأحاديث وفهرستها وتخريج أحاديثها وعللها وغير ذلك .

شروط قبول الحديـث :

وفي أثناء حركة التدوين والنقل والرواية حاول بعض المغرضين والمندسين أن يدخل في السنة ما ليس منها بعد أن عجزوا عن تحريف القرآن، فتوجهوا إلى الكذب على رسول الله عليه الصلاة والسلام والزيادة في سنته ما ليس منها، وقد تفطن الصحابة والتابعون ومن بعدهم لأولئك الطاعنين في الإسلام، فوضعوا شروطاً دقيقة جداً لقبول الحديث ولكل من ينقل عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ، وبتلك الشروط حفظت السُنة وعرف الكذابون وعرفت أحاديثهم وأسماؤهم وهي مدونة عند المسلمين إلى اليوم. ومن شروط قبول الحديث :

1- الاتصال في السند: ومعناه أن يثبت سماع كل راوي يروي الحديث عن شيخه فإن عرف أنه لم يسمع منه مباشرة ولا بواسطة ثقة عدل رد حديثه .

2- العدالة: ومعناها أن يكون الراوي للحديث عاقلاً بالغاً سالماً من أسباب الفسق وخوارم المروءة .

3- الضبط: ومعناه أن يكون الراوي للحديث حافظاً متقناً، ويشتمل الضبط على نوعين :

- ضبط صدر: وهو الحفظ والتثبت للحديث بحيث يستحضره متى شاء، وهذا إذا كان يعتمد على حفظه .

- ضبط كتاب: ومعناه أن يحفظ كتابه بعد أن يكتب الحديث من العبث به أو الزيادة عليه فإن عرف عنه التساهل بحفظه وعدم الإتقان لما يحفظ ترك .

4- عدم الشذوذ: ومعناه أن الراوي إذا روى الحديث لا يخالف غيره من الرواة لأنهم كانوا يقومون بمقارنة روايته برواية غيره، فإن خالفهم تركوا روايته .

5- عدم العلة: ومعناها ألا يطلع في الحديث على أمر خفي قادح يقتضي رد حديثه من تدليس أو إعضال أو نحوه(39).

وبمثل هذه الشروط وغيرها من قواعد علم الحديث عند المسلمين حفظت السنة النبوية كما حفظ القرآن الكريم، وهيأ الله تعالى هذا الدين رجالاً دافعوا عنه وسهروا من أجله وصبروا على الجوع والفقر والعري وشدة الحر والبرد في الجبال والصحراء، وهم يرحلون من بلد إلى آخر حفظاً للسنة وجمعاً لها، وذباً عنها وفضحاً للكذابين، حتى كان الرجل ربما يرحل شهراً كاملاً من أجل أن يتأكد من صحة حديث واحد، وجرت لهم في ذلك أخبار ووقائع واختبارات ومذكرات يرجع إليها في كتب السنة وعلومها، وبذلك تحقق حفظ الله تعالى القائل:"إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"(40) .

 رابعاً: من شهادات المنصفين على عظمة شريعته عليه الصلاة والسلام:

ومما يدل على عظمة شريعته عليه الصلاة والسلام ومكانتها شهادة المنصفين الغربيين الذين أطلعوا عليها أو سمعوا بها، ومن ذلك :

1- المؤرخ (هـ.ج.ويلز) في كتابه (معالم تاريخ الإنسانية) يقول:"إن الإسلام ساد لأنه كان خير نظام اجتماعي وسياسي استطاعت الأيام تقديمه وهو قد انتشر لأنه كان يجد في كل مكان شعوباً تسلب وتظلم وتخوف ولا تعلم ولا تنظم . "

2- مؤلف قصة الحضارة (ول ديورانت) يقول: "لقد ظل الإسلام خمسة قرون يتزعم العالم كله في القوة والنظام وبسطة الملك وجميل الطباع والأخلاق وفي ارتفاع مستوى الحياة والتشريع الإنساني الرحيم والتسامح الديني والآداب والبحث العلمي والعلوم والطب والفلسفة "(41) .

3- الدكتور (ايزكوانساباتو) يقول: "إن الشريعة الإسلامية تفوق في كثير من بحوثها الشرائع الأوربية بل هي التي تعطي للعالم أرسخ الشرائع ثباتاً" .

4- (الأستاذ بشرل) عميد كلية الحقوق بجامعة فيينا، يقول: "إن البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد عليه الصلاة والسلامإليها إذ أنه رغم أميته استطاع قبل بضعة عشر قرناً أن يأتي بتشريع سنكون نحن الأوربيين أسعد ما نكون لو وصلنا إلى قمته بعد ألفي سنة"(42) .

5- الكاتب البريطاني (توماس كارلايل) في كتابه (الأبطال)، يقول: "من العار أن يصغي أي إنسان متمدن من أبناء هذا الجيل إلى وهم القائلين بأن دين الإسلام كذب وأن محمداً عليه الصلاة والسلام لم يكن على حق لقد آن أن نحارب هذه الادعاءات السخيفة المخجلة، فالرسالة التي دعا إليها هذا النبي ظلت سراجاً منيراً أربعة عشر قرناً من الزمان لملايين كثيرة من الناس، فهل من المعقول أن تكون هذه الرسالة التي عاش عليها الملايين وماتت أكذوبة كاذبة أو خديعة مخادع"، إلى أن قال: "هل رأيتم رجلاً كاذباً يستطيع أن يخلق ديناً ثم يتعهده بالنشر بهذه الصورة"(43) .

_________________

(1)رسالة خاتم النبيين، د/ ثامر غشيان، ص371 .

(2)مقاصد الشريعة لمحمد اليوبي ص37 .

(3)مقاصد الشريعة عند شيخ الإسلام ليوسف البدوي، 54 .

(4)مقاصد الشريعة عند شيخ الإسلام ابن تيمية ليوسف البدوي (446-487) باختصار، والمقاصد لمحمد اليوبي ص(192-303) باختصار .

(5)البقـرة، آية (185)

(6)مقاصد الشريعة لليوبي (318-333) باختصار .

(7)خصائص الإسلام، د/ يوسف القرضاوي، 9 .

(8)المصدر السابق، ص48 .

(9)بينات الرسول، ص211 .

(10)خصائص الإسلام، للقرضاوي ص105 .

(11)قاعدة المشقة تجلب التيسير، عامر زيباري، ص15 .

(12)قاعدة المشقة لعامر الزيباري، ص19 .

(13)الملك، آية (14) .

(14)رواه البخاري- الفتح  (5063 . )

(15)النحل، آية (36) .

(16)الحجر، آية (9) .

(17)شريعة الإسلام، د/ يوسف القرضاوي، ص13 .

(18)النور، آية (54) .

(19)القيامة، الآيات (16-19) .

(20)مناهل العرفان للزرقاني (1/240) .

(21)المصدر السابق 1/246 .

(22)رواه البخاري برقم (4999) .

(23)التوبة، آية (128) .

(24)رواه البخاري برقم (4986) .

(25)رواه البخاري 5062 .

(26)رواه البخاري 4991 .

(27)علوم القرآن، مناع القطاع، 130 وما بعدها بتصرف يسير .

(28)فتح المغيث (1/6) .

(29)النجم، الآيات (3-4) .

(30)بحوث في السنة، د/ أكرم العمري 291 .

(31)رواه مسلم (3004) .

(32)رواه أحمد (2/192)، وصححه شعيب في تحقيق المسند رقم (6802)

(33)رواه البخاري ومسلم برقم (2434)، وبرقم (1355)

(34)رواه البخاري (1/38) برقم (113) .

(35)بحوث في السنة (295)

(36)تدوين السنة، د/ محمد مطر الزهراني 95 .

(37)بحوث في السنة 299 .

(38)تدوين السنة ، د/ محمد مطر الزهراني 109 وما بعدها .

(39)تيسير مصطلح الحديث للطحان ص(34) .

(40)الحجر، آية (9)

(41)شريعة الإسلام للقرضاوي ص65-67 .

(42)المصدر السابق 97 .
(43)لماذا يكرهونه ص109، د/ باسم خفاجي – كتاب البيان – ط1، 1427هـ.

من اعمال الباحث
أضافة تعليق
آخر مقالات