مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب
مشكلات وحلول -نوع الإستشارة إيمانية
2014/08/17 20:16
مشكلات وحلول
نوع الإستشارة إيمانية
صاحب المشكلة كريم
المستشار مركز راحتك للاستشارات

الاستشارة :


السلام عليكم ورحمة الله،
جزاكم الله خيرا على الجهد المشكور لكم في هذا الموقع، وأدعو الله أن يتقبله منكم.
المشكلة التي أود أن تنصحوني في كيفية التعامل معها هي مشكله اثنين من الإخوة الطلاب: الأول منهما في الثانوية العامة، والثاني في الثانوي الصناعي.. هما في جلسة تربوية واحدة؛ والمشكلة المشتركة بينهما هي التقصير في التحضير - وإن كان مادة واحدة فقط - وحاول المشرف مساعدتهم في تحضيرها لمرة أو مرتين متتاليتين، وهما أيضًا يقصران في الجلسة التربوية وثقافتهما ضحلةٌ بشكل لافت للنظر.
الأول منهما طفولي جدا، ولا يحب أن يُعامل كصغير في السن - برغم أننا لا نعامله أبدا علي أنه صغير، بل نحاول أن نحدثه دائما فيما يجعل عقله ينضج، ونوكل إليه الأعمال ولكنه يهملها، وهو برغم مرور عامين تقريبا على وجوده في جلسة تربوية مستقرة إلا أنه لا يعرف الكثير عن الدعوة، حتى ما هو موجود في منهجه الثقافي؛ ومما يجدر الإشارة إليه أنه يعاني من بعض التحكم في بيته من والديه، والضغط عليه بسبب المذاكرة، وهو أيضا لا يستمر في أي شيء لمدة طويلة - نفسه قصير -، وهو أيضا غير منظم في حياته بشكل عام.
الثاني: مميز في الجوانب الفنية بشكل جيد، ويتم تفعيله فيها بشكل معقول أيضا، ولكنه غير محافظ علي أوراده كلها، ويفضل في كثير من الأحيان عمله - برغم أنه طالب وغير محتاج - على أي عمل دعوي.
ملحوظة: المشرف المسئول عنهما من المشرفين الأكفاء، وهو على علاقة فوق الممتازة بكليهما، ولكنه مشرفهما منذ أن كانا في المرحلة الإعدادية وحتى دخولهما المرحلة الثانوية.
ما هو الطريق السوي للتعامل معهما؟
أرجو أن تردوا علينا بخطوات عملية حتى و لو كانت طويلة الأجل.
الرد على الاستشارة :
أخي الفاضل كريم، جزاك الله خيرا على هذا الحماس للدعوة إلى الله، وعلى حرصك على من تدعوهم، ونسأل المولى عز وجل أن يتقبل منك.
في البداية - أخي الكريم - نود أن نشير إلى أنه من الضروري أن يكون تقديرك لهذه المشكلات التي يعاني منها هؤلاء الطلاب - بالإضافة إلى ما تسمعه من مشرفهم - من خلال قربك من هؤلاء الطلاب ومعايشتك أنت لهم، وتعاملك الشخصي معهم حتى تستطيع أن تقيم هذه المشكلات بصورة واقعية وموضوعية، ثم تضع تصورا للتعامل مع هذه المشكلات، ونرجو أن تكون النقاط التالية مما يعينك على معالجة هذا المشكلات والتعامل معها.
أولا- لترتق بثقافتهم:
بالنسبة للمشكلة الأولى وهي عدم التحضير وما ينتج عنها من ضحالة في مستواهم الثقافي، فنقترح عليك الأمور التالية للتعامل مع هذه المشكلة:
- إيجاد دافع التعلم لديهم:
وذلك بالإكثار من الحديث معهم حول العلم وفضائله، وعن العلماء ومكانتهم عند الله تعالى، وتزويدهم بالكثير من قصص وتراجم العلماء، ومن الأمور التي من الممكن أن تساعد أيضا على إيجاد الدافع: زيارة بعض العلماء وفتح حوار معهم حول أهمية العلم بالنسبة للمسلم، وكيف يحصله؟ وكيف حصلوا هم ما وصل إليه من علم ... إلخ.
- التدرج في تنمية مهارة التحضير:
فلا نطلب منهم أن يحضروا ما قد تقعد بهم عزائهم عنه، بل نتدرج معهم في هذا الأمر، فنطلب منهم في بادئ الأمر تحضير ولو صفحة واحدة من كتيب صغير، فإن استجابوا - وأظنهم يستجيبون إن شاء الله - زيدت الصفحة لاثنتين ثم ثلاثة، حتى يصلوا إلى المستوى المطلوب.
كذلك نتدرج معهم في طريقة التحضير، فنسمح لهم بالقراءة من الكتاب في بادئ الأمر، ثم نطلب منهم بعد ذلك أن يحاولوا الاستغناء عن الكتاب بنقل أهم ما يريدون أن يقولوه في ورقة، ثم ننتقل بعد ذلك إلى كتابة بعض النقاط الهامة فقط في الورقة وهكذا، فهذا التدرج يشعرهم بالإنجاز ويمنحهم الثقة في أنفسهم ويشجعهم على الاستمرار.
- تنويع مصادر تحصيل الثقافة:
فالكتاب ليس وحده الطريق الأوحد لتحصيل العلم والثقافة - وإن كان أفضل الطرق وأعمقها -، ولكن هناك وسائل أخرى عديدة من الممكن استخدامها أيضا في الارتقاء بالمستوى الثقافي لهؤلاء الطلاب مثل: دروس العلم، وشرائط الكاسيت، وأفلام الفيديو، وبرامج التليفزيون، والقنوات الفضائية، والإنترنت، واسطوانات الكمبيوتر، وغير ذلك.
ومن الممكن أن نطلب منهم الاستماع إلى شريط كاسيت يتناول موضوعا معينا، ثم ندير نقاشا حول موضوع هذا الشريط، أو نذهب معا لحضور أحد دروس العلم، أو نجلس لمشاهدته من خلال اسطوانة الكمبيوتر ... إلخ.
- تغيير وتنويع أساليب تناول الموضوعات:
فبدلا من الاقتصار على استعمال الطريقة التقليدية بأن تطلب منهم قراءة موضوع معين ليلقوه على زملائهم في المرة التالية، يمكنك استخدام طرق أخرى أكثر إثارة وتشويقا مثل استخدام طريقة حل المشكلات، وفيها تقوم بصياغة ما تريد تناوله معهم من موضوعات في صورة مشكلات تحتاج إلى حل، ثم تثير معهم هذه المشكلة، طالبا منهم الاجتهاد في البحث عن حلول لها، مع إرشادهم إلى المراجع التي يمكنهم أن يستعينوا بها في الوصول إلى الحلول.
وهكذا نجتهد في ابتكار واستخدام أساليب أخرى غير تلك التي اعتدناها فأصبحت تجلب الملل والكسل، ولا إثارة فيها ولا تشويق.
- تنمية قدراتهم الأخرى:
ومن الضروري أن تبحث عن نقاط القوة والتميز الأخرى لديهم، وتعمل على إبرازها وتنميتها والعناية بها، محاولا الاستفادة بها في تنمية قدراتهم في تحصيل الثقافة.
ثانيا- مساعدتهم على بناء الإرادة الصلبة:
فبناء الإرادة الصلبة سيساعدهم على علاج بعض المشكلات التي يعانون منها، مثل عدم الاستمرار في أداء أشياء يقومون بها، أو الكسل عن التحضير، أو عدم المحافظة على الأوراد، ويمكنك مساعدتهم على ذلك من خلال مطالعة الرابط التالي.
صناعة الإرادة .. خطوات عملية
ثالثا- وصايا للتعامل مع الطالب الأول:
- راعِ مراهقته:
وبالنسبة لقضية أنه لا يحب أن يعامل معاملة الصغار، فهذا الأمر ليس خاص به وحده، بل إنه إحدى سمات هذه المرحلة العمرية التي يعيشها، وهي مرحلة المراهقة، والتي يرغب المراهق فيها أن يعامل معاملة الكبار بينما من حوله يعاملونه معاملة الصغار أو على الأقل لا يعاملونه المعاملة التي يرى نفسه جدير بها، وفي الوقت نفسه يطلبون منه في مواقف أخرى أن يتصرف تصرف الكبار، فتحدث لديه ما يمكن تسميته بأزمة الانتماء، فلا يدري إلى أيهما ينتمي.. إلى عالم الصغار أم إلى عالم الكبار؟ ويؤثر ذلك على انفعالاته وثباتها، وبالتالي على سلوكياته وتصرفاته.
ولكي نعينه على تخطي هذه الأزمة علينا أن نعامله على أنه كبيرٌ بالفعل، ونقدر قدراته، ونحترم عقله ورأيه، ولا نعامله على أنه صغير ونريد أن نجعل عقله ناضجا كما ذكر في السؤال، ولكن نعامله على أنه شاب ينتمي إلى عالم الكبار، ويكون كل تعاملنا معه مبني على هذه النظرة، فنكسبه الثقة في نفسه، ونملك قلبه لأننا ننظر إليه النظرة التي يريد كل مراهق أن يعامله بها الآخرين.
- أهله ومذاكرته:
وبالنسبة لمشكلة ضغط أهله عليه من أجل المذاكرة، فمن الضروري أن يكون لك معه ومعهم دور، فمن ناحيته تحثه على الاجتهاد في المذاكرة وتوجد لديه الدافع لها، وتعلمه كيف يذاكر دروسه بطريقة صحيحة، وتدربه على تنظيم وقته بصورة جيدة يوازن فيها بين مذاكرته وحضور الأنشطة الدعوية وغير ذلك، وترشده إلى الطريقة التي يكون بها منظما في كل شئونه، فهذا بلا شك سيمنح أهله ثقة فيه وفي جده، فيتركون له مساحة يتحرك فيها.
ومن ناحية أهله، فمن الضروري أن تكون على اتصال بهم، وتطمئنهم على دراسته، وأنك تحثه على ذلك وتساعده على أن يكون من المتفوقين، وفي نفس الوقت تحاول أن توضح لهم أن الضغط عليه قد يأتي بنتيجة سلبية.
رابعا- وصايا للتعامل مع الطالب الثاني:
- ليحافظ على أوراده:
بالنسبة لمشكلة عدم محافظته على أوراده فيمكنك مساعدته على المحافظة عليها من خلال الأمور التالية:
1- إيجاد الدافع لديه: وذلك بالإكثار من ذكر فضائل هذه الأوراد التي تتفق معه على القيام بها، فهذا يوجد لديه دافعا ذاتيا لأدائها.
2- القليل الدائم: فلتبدأ - أخي الفاضل – معه بورد بسيط يمكنه المحافظة على أدائه ولا تثقل عليه، وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ’’يا أيها الناس، خذوا من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا، وإن أحب الأعمال إلى الله ما دام وإن قل’’ رواه البخاري.
3- وتعاونوا على البر والتقوى: من الضروري أن تعاونه على أداء هذه الأعمال التي يتم الاتفاق عليها، فمثلا تعاونه على الاستيقاظ لأداء صلاة الفجر، وتحاول مقابلته في بعض الصلوات وتطمئن على أحواله ومن بينها الحالة الإيمانية ... إلخ.
4- درّبه على محاسبة نفسه: من خلال الوقوف مع نفسه في نهاية كل يوم ومحاسبتها على ما لم تؤده من أعمال، ودرجة إتقانها، وإخلاصها فيما أدته من أعمال، وفي هذا يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ’’حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم’’.
5- ليستدرك ما فاته: فإذا فاته شيءٌ من هذه الأوراد فليجتهد في القيام بها حتى ولو فات وقتها، كما أرشدنا إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: ’’من نام عن حزبه، أو عن شيء منه، فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، كتب له كأنما قرأه من الليل’’ رواه مسلم.
بين العمل والدعوة:
وعن عمله وهو مازال طالب يدرس، فهذا سلوكٌ جيدٌ في حد ذاته ولا يستحق منا الذم، بل يستحق التقدير والاحترام والتشجيع، ولكن ما يحتاجه أن نعلمه أن يوازن بين هذا العمل وبين الأنشطة الدعوية بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر، ولنعاونه على ذلك بأن نحاول التوفيق بين مواعيد عمله ومواعيد الأنشطة الدعوية.
ويفيدك في هذا الشأن - أخي الكريم - مطالعة هذه الاستشارة:
بين الدنيا والآخرة .. ساعة وساعة
خامسا- مشرف آخر:
وأخيرا - أخي - أقترح أن يتم تغيير المشرف المتابع لهما؛ لأنه قد يظل يعاملهم بنفس الطريقة التي كان يعاملهم بها حين كانوا صغارا، وهم الآن يحتاجون إلى معاملة أخرى غير هذه؛ نظرا لطبيعة المرحلة العمرية التي يمرون بها، ولا يكفي أن نعتمد على العلاقة الطيبة بينهم وبين المشرف، وكذلك لا ينبغي أن نركن لكفاءة المشرف، فقد يكون مشرفا كفأ في مرحلة ما، ولكنه قد يكون الآن غير قادر على تلبية احتياجات هؤلاء الطلاب في هذه المرحلة.
وفي النهاية لا تغفل عن الاستعانة بالله تعالى، والابتهال إليه سبحانه وتعالى أن يعينك على حسن التعامل مع هؤلاء الطلاب، وأن يرزقك الوصول إلى مفاتيح قلوبهم، وأن يفتح قلوبهم لدعوته سبحانه.
ندعو الله عز وجل أن يتقبل منك جهدك وعملك، وأن ينفعك وينفع بك.
*مركز راحتك

استشر الان