مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
إني مهاجر إلى الله
ليست الهجرة مرة في العمر ، وليست الهجرة من مكان إلى آخر ، بل هي هجرة في كل لحظة ، مادامت إلى الله ، فهي استمساك بالدين ، ودعوة إلى الله ، والتزام بالأخلاق ، ومواجهة للفتن ، وتحقق بالإيمان وتحصن بالتقوى ، فليكن شعار مرحلتنا اليوم : ( إني مهاجر إلى الله )

فهل نحن قادرون على ترك السيئات ؟ ومفارقة المعيقات ؟ والخروج من المثبطات ؟ ، ما كانت كلمة الهجرة ترد في القرآن أكثر من عشرين مرة ، إلا لحكمة أراد الله منا ، أن نفهمها ، ونتدبرها ، وننفذها ، فهي مخرجنا اليوم مما يحاصرنا من صعاب وأزمات .



حيث نعلن :

رفضنا لغير التمسك بديننا منهجاً للحياة ، ولو تعاظمت الأقاويل ، وكثر العصاة ، فقول الله الصريح : ( واصبر على ما يقولون ، واهجرهم هجراً جميلاً ) ، ولو تناثرت العادات وتفاقمت الأخلاق السيئة ، وانتشرت المعاصي وتقابحت الذنوب ، فنداء الله القريب : ( والرجز فاهجر ) ، ولو تخبطت بنا المواقف ، وادلهمت بنا الحوادث ، فصوت القرآن يطمئن القلوب : ( ومن يخرج من بيته مهاجراً ، ثم يدركه الموت ، فقد وقع أجره على الله ) النساء 100 .



ففي الهجرة حياتنا :

وفي الهجرة انطلاقنا ، من الكسل إلى التضحية ، ومن التواني إلى البذل ، ومن الإدّعاء إلى الصدق ، فبشارة الله تستقبل المهاجرين : ( فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم ، وأوذوا في سبيلي ، وقاتلوا وقتلوا ، لأكفرن عنهم سيئاتهم ، ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ، ثواباً من عند الله ، والله عنده حسن الثواب ) آل عمران 195 ، ( والذين هاجروا في الله ، من بعد ما ظلموا ، لنبوئنهم في الدنيا حسنة ، ولأجر الآخرة أكبر ، لو كانوا يعلمون ) النحل : 41 ، فهل نحن للبشارة راغبون ؟ .



ولمَ لا .. ؟

وقد عقدنا العزم على ابتغاء فضل الله ورضاه ؟ وقد تعاهدنا على نصرة الله وافتداء رسوله ؟ لنحظى بمرتبة الصادقين ، في عالم يموج بالزعم ، وينتصر للزيف ، لنتشبه بجيل الهداة المهديين : ( للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم ، وأموالهم ، يبتغون فضلاً من الله ورضوانا ، وينصرون الله ورسوله ، أولئك هم الصادقون ) الحشر 41 .

فأين أهل الإيمان العميق ؟

أين أصحاب التكوين الدقيق ؟

أين مُلاك العمل المتواصل ؟

أين راغبي الدرجة العلياء ؟

( الذين آمنوا ، وهاجروا ، وجاهدوا في سبيل الله ، بأموالهم وأنفسهم ، أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون ) التوبة 20 .



إني مهاجر إلى الله :

لا هفوة صلة ، بل تواصل مع كل الناس لا ينقطع ، فالمهاجر الحبيب ، يحذرنا : ( لا هجرة بعد ثلاث ) ، أفٍ لمن لا ينهض فيواصل أحبابه ، ويصفو مع خلانه ، من الآن .

إني مهاجر إلى الله :

لا تهاون بُرهة ، بل عمل ودعوة ، وجهاد ونية ، ومقاومة ونضال ، فالمهاجر الحبيب ، قد أفصح وأبان : ( لا هجرة بعد الفتح ، ولكن جهاد ونية ) ، فعلام التواني ، والمتربصون لا ينامون ؟

إني مهاجر إلى الله :

لا غفلة خفقة ، بل قلب حي ، وفؤاد مستيقظ ، وروح وثابة ، فالمهاجر الحبيب ، يعلمنا ويربينا ويزكينا ، فيقول صلي الله عليه وسلم : ( ومن الناس من لا يذكر الله إلا مهاجراً ) ، يريد هجران القلب ، وترك الإخلاص ، في الذكر والمناجاة ، وكذلك يرشدنا ، فيقول صلي الله عليه وسلم : ( لا يسمعون القرآن إلا هجراً ) ، يريد الترك والإعراض عن فهم معانيه ، فهل نحن منتبهون لقوله تعالى : ( وقال الرسول : يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً ) الفرقان : 30.

إني مهاجر إلى الله :

لا توقف لحظة ، بل استمرار دائم ، فلا عذر مع نَفَس نبديه ، فالمهاجر الحبيب يقول : ( لا تنقطع الهجرة ، حتى تنقطع التوبة ، ولا تنقطع التوبة حتي تخرج الشمس من مغربها ) ، فهل هجرتنا عارضة أم دائمة ؟ وهل هجرتنا ممدودة أم مقطوعة ؟ .

إني مهاجر إلى الله :

لا تراجع حال ، بل هجران لكل ما يكرهه الله ، إلى ما يحبه الله ، فهي هجرة كل وقت ، والتقهقر فيها محال ، فالمهاجر الحبيب ، قد أرسى القاعدة : ( المهاجر مَنْ هجر ما نهى الله عنه ) ، فهل تحركت إرادتنا ، وقويت عزيمتنا ، وعلت همتنا ؟ .

إني مهاجر إلى الله :

نجعلها شعارنا من اليوم ، ونرددها في كل حين ، ونطرب لها في كل لحظة ، ونتأسي بشيخ الأنبياء إبراهيم ، عليه وعلى مهاجرنا الحبيب الصلاة والتسليم ، وهو يقول : ( إني ذاهب إلى ربي سيهدين ) أي مهاجر إلى ربي سيهدين ، وصدق الله العظيم : ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ، وإن الله لمع المحسنين ) العنكبوت : 66 .
.ينابيع
أضافة تعليق