مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2017/02/08 18:44
لا تحاسب المتفوق على ذكائه
لا تحاسب المتفوق على ذكائه
سميرة بيطام
 
 
على مر سنوات مسيرتي المهنية و الشخصية تعاملت مع أصناف عديدة من البشر ، القلق و الهادىء  ، المثقف و المتعلم ،  الجاهل و الصامت و الساكت، الخير و الحسود ، المريض في قلبه مرض الغيرة و الطيب القلب رفيع الخلق، المبتسم للأمل رغم ظروف اليأس ، و المتشائم من الدنيا و هو محاط بالمال و الولد و الصحة ، تعلمت و استفدت و أفدت ، فكان التبادل في الأخذ و العطاء و لكن لا عطاء و لا أخذ من صنف لم أجد له طريقا للوصول الى قلبه  فيلين للحضارة الآملة ، فاكتفيت بالانسحاب بشرف و الدعاء له بالهداية ، لأن في قلبه مضغة شر لا يريد الشخص نفسه مساعدة نفسه و من لا تكون له الرغبة في التغيير نحو الأفضل فلن يستطيع الغير مساعدته، لكن ثقتي كبيرة في أن الحياة تستمر و لا و لن تقف عند هذا الصنف ،  و يستمر التفاؤل و تستمر خطى النجاح بثقة كبيرة في الله أولا و فيمن نقرأ فيهم الخير و حتى من  يحبون التعامل بالسوء  هم كذلك طاقة فاعلة ستهتدي مع الوقت.
تلقيت نقدا و ملاحظات و استمعت لآراء و فواصل من أفكار ، أجبت بالردود المقنعة و تلقيت ودا و تقديرا فأجبت بالشكر ، و على الضفة الأخرى من التحدي تلقيت تجاوزات متعمدة فصبرت عليها و كتبت بقلمي ردودا رفيعة المستوى من غير الرد بالمثل ، فالتغيير يكون في أن لا نكون مثل ما كان عليه غيرنا ،من جهة أخرى  التفت الى صنف من البشر من ينزوي بالسكوت و لا يترجم ما في قلبه و يعاند و يقلد في كثير من الأحيان رغبة منه في التحضر ، و التحضر الذي أقصده أن يتألق ، أقول في هذه المناسبة أن عمر التألق كبير جدا و مجهوده أكبر و فنياته لا يملكها إلا المحظوظون من الله من أوتوا حكمة التعامل باللين و العفة و التجاوز عن الزلات و تمني الخير لكل البشر و لكل المجهودات التي تبذل في سبيل غد أفضل.و فوق كل ذلك تعجبني بل تسحرني ابتسامة الطفل الصغير الذي يجلس في حجري و يحاكيني عن مغامراته  ،أليس عيبا يحدوه صمت احتشام  في أن نستمع لبراءة ترسم حضارة التألق منذ الصبى و بابتسامة عريضة جدا فيها الكثير من الطيبة و الخير و الفرح و الكبار يتصارعون و لا يتجاوزون عن أخطائهم ؟؟؟.
  صدقا تبهرني هذه الشخصية الصغيرة جدا و تعلمني الحكمة من البراءة و العطاء من غير مقابل..و أكررها دائما بل أعيشها في فواصل برامج يومياتي لأني أجدد الابتسامة مع هكذا لعب طريف جدا...
كثيرون جدا من يملكون عقدا و مخاوفا و نقصا في تركيبة الشخصية السوية و ينافسون و يبارزون من غير سلاح حقيقي يليق بحلبة الصراع المتألق و الموزون و ليس بالمتهور ، و كثير من يريدون النجاح على حساب الغير و لا يهمهم آلامهم و لا تأوهاتهم ، فالمهم ان تلمع أسماؤهم و كفى ، أقول في هذا الظرف بالذات ، هذه فوضى و أنانية و اجحاف لحق المتواضعين ، هؤلاء المتواضعين هم المتألقون فعلا لأن العلم زادهم رفعة و الخلق زادهم جمالا و التسامح زادهم بريقا في سماء الرحمة، فمتى عرف الحق و أهله أسند النصر لمن يستحقه...هكذا هو النصر الحقيقي ان تحترم طاقات الغير و لا تستغلها بل تشارك بطاقتك ليكون  العمل جماعيا و فيه حلاوة التفوق  ..فقط لا تقلد و لا تكسر و لا تضع حواجز تمنع الغير من أن يتألق ما دام هذا الغير يملك مقومات و مؤهلات التحضر الرفيع جدا و لا تصلح أصلا للتقليد ..و لو أنه بك أو بدونك هو متألق في جميع الأحوال و مع كل الظروف ، لأنه جبل على التحدي في سماحة و المضي بخطوات فيها الكثير من الآمال و الوعود للكل.
اذا نصيحتي : ارض بما قسمه الله لك تكن أسعد الناس و شارك الغير نشاطاتهم و فرحته تنل ذخرا في الدنيا و الاخرة و من تفوق عليك في مجال ما فهذا لأنه يستحق ذاك التفوق و خاصة ان ما كان في التحضر و الأخلاق و العلم ، فليست كل الألوان تليق بمفضليها و ليست كل ال الأكلات تشبع آكليها و ليس الفهم  لكل العقول إلا لنوابغ رضعت من حليب النباهة و الذكاء..فهل ستخاصمون الجينات بعد اليوم ؟. أكيد لا ، إلا الجينات فلا نقاش في تركيبتها و ما تحمله من مورثات و لكن بالإمكان ان يحسن الانسان من مؤهلاته من غير ايذاء للمتفوقين، و هنيئا لكل من يحمل جينات الاسلام في دمه، هذا ما يجمعنا جميعا ويوحد صفنا و يقوي عزيمتنا لإرضاء الله عز وجل  فلا تتحاسدوا و لا تتباغضوا ان ما رأيتم عزيز قوم انتصر فهو فخر لكم ان  كان يحمل جنسية اسلامية ، فلا تركضوا خلف الذكي لتغتالوا طموحه ، دعوه يتألق و سيصلكم شذى الندى من جماله أكيد، لا تتعتبوه بالحواجز و العراقيل و الفتن من كل صوب ، هو في سباق  مع الزمن و مع التحضر فمهدوا له الطريق و صفقوا له لأنه أخذ بالأسباب و ركض خلف التفوق في حين أنتم قابعون في مكان واحد تترصدون خسارته في أي لحظة ...أحيوا قلوبكم بحب الخير للغير ستشعرون بنخوة الاسلام تبدأ من هنا..أليس كذلك؟.
 


أضافة تعليق