مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2017/01/28 19:53
خاطرة الهناء

خاطرة الهناء

سميرة بيطام
 

يكفيك يا ساعي الخير تبريرًا لأخطاء لم تكن متعمدًا فيها، رقَّت لك السنون بما جلبت لك من عبرات التُّقى فاسكن إلى من وسع صدره حلمًا وعفوًا عليك، فإلى متى الكلام من غير جواب؟ وإلى متى الانتظار من غير حلول فصل الربيع؟ وإلى متى البكاء من غير سكتة لولع الشوق المهذَّب؟!

 

اسأل ربك العفو والعافية، واعمل ما يرضيه لرسالة التوحيد بقلب عميق الأحاسيس بحبه، وافرح من أول لحظة سعيَت فيها لتحقيق طموح الحياة لتحصيل تذكرة الجنة.

 

إن أحلى الحياة هي تلك الطيبة التي تسكن قلبك الطاهر، وأجمل معرفة تألَّقت بها لما عرفت دينك فأتيت أوامر الله وانتهيت عند نواهيه، وأحلى حلَّة تزينت بها لما اقتفيت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسطع نور الحق يزين قلبك فقد سبقت رحمة الله ذنبك وهي أحلى حياة تسعد فيها وبها طول عمرك، لم تعطِ أهمية لمن خذلك، ولم تكن حقدًا على من صفعَكَ بقوة، كنت تزداد صلابة وقوة بذلك، حتى أيام الغربة لم تحوّل قلبك قسوة كزمهرير الجليد، فقد ركنت لأن تتذكر كل شيء يبقيك على أصلك وانتمائك، لقد على صوتك بعد أن لم ينفعك سكوتك، كتبت كلمات عن المحبة وعن الظلم وعن الأمل، نقشت في صخر النسيان أحرفًا من ذهب قرأتها بنفسك ألّا داعي للقلق، فلا شيء يبقى على حاله، فشمس الحق ستمحو كل ظلام، حتى رمال الصحراء انسكبت إلى أسفل أعماق التِّيه، ورسمَت لك ميعادًا قد تترك فيه آثارًا لحضارتك، نظراتك تحدٍّ واضح، صمتك ثورة على الضمير النائم، فعش في أحلى الفصول ستَختار الدافئ والحنون منها، ستعرف جيدًا منابع الاطمئنان عندما تشعر أنك تفوقت على ضعف قرارك، اتخذته في قمة الرضا فأصبحت لا تَقدر أن تعيش من غير أن تعفو عمّن ظلمك، تعلَّمت تفاسير الحلول للقضايا العالقة في حياتك، فأصبحت تتألق في كل خطواتك، فدعاء الخير عن ظهر الغيب أمَّن لك الطريق والخطر، فكنت ناجيًا منجيًّا في مغامراتك، لقد أتاك نسيم الأمل فاستقبلْه في أوانه حتى لا يرحل ويتركك تركض خلفه مرة أخرى، ومَن يدري؛ فقد لا توفق في الظفر به؟! هي الفرصة في أوانها، أمسِكْها ولا تعط الفرصة للماء أن يتسلَّل من بين أناملك المتينة، وحد التجانس فيما بينها؛ فإن للهواء انسحابًا من لقطة غفلة منك، أنت تدقُّ طبولك وحدك والكل يعزف معك تباعًا ما ارتد من ألفة وخير وعطاء، فبلدك يُهنيك، وأمك تُدنيك من البر، وجارك يحييك بفضل الاهتمام، وخالك يراقب فيك ركضات الرجال المتينة، أختك تنقش لك أحلى أناشيد الاحتماء بظلك المسجى بوصمة العزم والفرحة، وجدك يثني على إبداعك المتوارث من ابنه الصغير بالأمس؛ ليضحي الحفيد يكمل المسير خلفًا عن سلف.

 

ومن بعيد كان للقدس انتظار أن تهديها رحيق أملك ففرحَتْ بصبرها المعهود أن النصر قريب ما دام في الدنيا رجال أمثالك، هو الهناء في طوابع نُقشت من كرم الوفاء وسجت بقايا الكلام من هرم الشموخ، كان لك بالأمس حديث في الصغر هو من حوايا المستقبل البعيد والذي لم يأت بعدُ، واليوم كتب لك الله أن تعيش حضارة الأمس بنواميس الاقتدار، هكذا يعجبني سلاسة البلسم من ابتسامتك حينما ترسم خواتيم الظلام أن النصر لأمتك طال الزمن أم قصر، فقد لبَّيت فينا مراد الطفولة، وهنَّأتنا بركض الجياد وسعي الرحل إلى طيبة، إن اللقيا هناك لها صلاة خاصة في الروضة الشريفة على من رسم لنا درب الرسالة بمكارم الأخلاق، فيا ربِّ صل وسلم وبارك عليه صلاة وسلامًا تليقان بمقامه الكريم!

 

على الوعد التقَينا، وبالوعد نفترق إلى لقيا تجمعنا في هناءة العيش باستقرار الدول، ودوام السلام، وارتحال الرحل إلى قاطرة الانبعاث الحضاري من جديد، فقد كان كل تراتيب الانطلاق مرتبًا كما ترتضيه قلوب المحبّين لرحيق ورود الفخر والاعتزاز، ليس كلامًا يُقال، بل صنيعُ متيِّم من ذوي العقول الناضجة التي تشع نورًا على أصحابها، فخذ لك من طَيبةَ أحلى ذكريات أيامك الجميلة، وعد إلى وطنك، وحضِّر نفسك لميعاد الظهور، فليس يبقى لك إلا التفوق الأكيد بعد مسيرة طويلة من السعي الحثيث، واسكن في فصل الربيع بيتًا من هناء البال، ولست تلقى لومًا بعد ذلك على برد الشتاء، فالكل لك دفء وهناء بعد أن تجرَّعت طعم الكرامة والفخر العزيز، هنيئًا لك في ظل خاطرة الهناء، هي كالمغارة تخبئ لك ما لستَ تدري ما بداخلها، لكنك بنور بصيرتك ستتحسَّس الجميل أكيدًا مؤكَّدًا.

 

وبصمة ختامي هي:

إن القلوب لا تلين إلا للمواقف الصادقة، والآذان لا تستمع إلا للكملة الصادقة، فإن أتقنت روعة الكلمة وفن الخطاب وتعلَّمت السحر الحلال في الجدال والحوار استطعت أن تحول حال الناس من حال إلى حال، ووسائل التأثير في الناس هي أن تضرب الأمثال للتشبيه وتستعمل الحكمة في القول وتتحدث بآيات الترغيب والترهيب لأنه الحجة على صدق الكلام، فلا يَستقيم بذلك النار والماء في إناء البرهان، فاحرص على عدم المزج بين النقيض والصحيح حتى يستقيم الحديث ببلاغة اللغة وصدق النوايا.




أضافة تعليق