مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2017/01/18 13:43
ماذا عن الرويبضة؟
ماذا عن الرويبضة؟
سميرة بيطام
 
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيأتي على الناس سنوات خدّعات، يُصَدق فيها الكاذب ويُكذَّب فيها الصادق، ويُؤتمن فيها الخائن ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة"، قيل وما الرويبضة يا رسول الله ؟ .. قال: «الرجل التافه يتكلم في أمر العامة".
يحدث و أن يتكلم الناس في آن واحد بلغة تصادمية فيها الكثير من الجدال و الغضب ، و يحدث أن يهان الأمين في عقر داره و في صرح مملكة صدقه ، كما يحدث و أن يصفع الوفي في عقر مملكة القيم  لأنه قال حقا و لم يرض بلغة للفهم سوى لغة الحق ، كما يحدث و أن يصفق للمخادع  طويلا و يمدح لدى العامة من الناس..و يحدث أن يجرح الكريم في كرامته لأنه راق جدا في كرمه و في هفوات أخطائه ان ما حدثت يسارع على الفور للتصحيح.
انها تسارع الأيام و ضيق الزمن فيما بين أوقاته و تكالب الناس على المصالح الشخصية و كفى و تهافت المحبين للدنيا على كل ما زينته المادة ليبدو العفيف فقيرا و الزاهد محتاجا و الحليم ضعيفا و المتأني في السير مبطأ و الساكت عن الفتن خائف و المبصر للظلم مجرما مساهما بسكوته..أعتقد أنه زمن التناقضات بكل ما تحمله الكلمة من معنى و أبعاد و المحظوظ من أنقذته فراسته من أن يقع فريسة الرويبضة.
حتى لو امتنع الكريم عن الكلام و اكتفى بالدعاء هو في كل الأحوال ممسك لدينه كالجمرة الحارقة و هو يسعى بمجهوده و لو كان ضئيلا لأن يمتنع عن اتيان منكر أو يساهم في باطل...لا يهم قيمة ما يعانيه المؤمن بل ما يهم ما حققه من امتناع عن المشاركة في أن يكون من جموع الرويبضة.
قناعتي في الحياة دائما أن التقي جميل و مكتف في كل الأشياء ،مال و صحة و عزة و كرامة و سؤال للحاجة لدى الناس مصداقا لقوله صلى الله عليه و سلم "من أصبح منكم آمناً في سربه ، معافى في جسده ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا بأسرها ).
اذا الكفاية في المأكل و النوم و البيت هي قمة القناعة و قمة الرضى في زمن أصبح الحرام يتخلل كل شيء ، و المتفرس لمآل دينه يبحث له دائما عن الحلال و لو قل.
صحيح ينتاب العقلاء شعور من أنهم مسلوبي الحقوق مهضومي السعادة و لكن في ناحية أخرى من التحليل المنطقي فان الدنيا ليست دائمة لأحد ، ليست باقية لأي كان مهما بلغ سلطانه ذروة التجبر و مهما كثر ماله لحد الطغيان ،لأنه في النهاية فيه موت نشترك فيه جميعا و كلنا نشرب من كأسه فلما الحسرة اذا؟ و على ما هذه الحسرة ؟.ثم أزمة الحقوق هذه ليست وليدة اليوم و انما ظهرت من عقود خلت و بالتالي لا نستغرب انقلاب الموازين و حياد كفة الظلم الى ذروتها مقارنة مع كفة الحق..في النهاية يطفو الصدق و النقاء و الطهر و التفوق و الامتياز على بركة الله و بإذن منه سيأخذ كل مجتهد نصيبه من التعب الذي تكبده و لم يشعر به الغير ، هذا الغير الذي يتعمد كسر ارادة المكافح هو في قرارة نفسه مهزوم داخليا و لكن لم تحن بعد فرصة التصريح بهذا الفشل الذريع ، و أخطر انهزام هو من يتحطم داخليا دون أن يتكلم ، فهو يعي جديدا حجم المظالم التي ارتكبها و يفهم جيدا حجم التجاوزات التي ارتكبها لكنه يستحي أن يعترف..و سيأتي اليوم الذي سيعترف رغما عنه فلا داعي لإحراج هذا النوع من الضعفاء.. فكثيرا ما أسمع أنه يقال يا ما في السجن من مظاليم و يا ما في الدنيا من مسلوبي الحرية وهم بغير نصير لهم و لا مدافع لهم باسم حقوق الانسان أو باسم المحاماة  أو باسم الدفاع عن انتهاك للحقوق..هي مجرد تسميات لتبقى العدالة الالهية هي أفضل من ينصف و أفضل من يقتص الحق و أفضل من يعيد للمظلوم كرامته و سط فوضى العارفين بغير علم و لا سند ووسط القائلين و المجادلين و المثرثرين بغير سند فقهي أو علمي يتجلى فصيحا على لسان ناطقيه..
تابع يا قلمي تسطير خطوط حمراء على منكسي الرؤوس الذين خدعوا وغدروا و انتهزوا و تطاولوا و حسبوا انهم متفوقون بل قل لهم: أن  الماء يتسلل من تحت كراسيكم فاحذروا السقوط الابدي لأنه لا نهوض من بعده و تلك الأيام تتدوال فيما بين الناس فأحسن يا انسان العشرة و السلوك و العبادة لتلقى الله و هو راض عنك و لا يهمك ان لم يصفقوا لكلامك لأنك في قناعة نفسك لا تحب التصفيق من كثرة ما أنت منشغل بتقويم الأخطاء فيك..دمت واعيا مصلحا تقيا وورعا.
 
 
 
 
 
 
 

أضافة تعليق