مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2017/01/06 10:34
من هي الحرية؟
من هي الحرية؟
سميرة بيطام
 
تكلموا كثيرا عن الحرية و عقدت مؤتمرات لأجلها و ألفت كتب و نشرت صحف و عقدت اجتماعات ..تحيرت عقول و بكت أعين و سال دم و تشردت أسر و بكى أيتام بسبب الحرية..هل صحيح الحرية متهم أم ضحية أم مكسب أم خلاص أم هي دواء ؟ ، هل الحرية تعطى أم تسلب ؟ لما الحرية مقرونة بفكرة مستعمر ولما الحرية موءودة في مجتمعات ضعيفة جدا ، لما الحرية قوية في مجتمعات قوية و لما هي الفيصل في كلام الساسة و المتحضرين ؟ ،ما دخل الحرية في تحرر دول و ما دخل الحرية في دفع الثمن لنيل الاستقلال؟
كيف هو لباس الحرية ؟ما لون الصدق فيها و هل فيها لبس ؟ ما صرح الحرية و ما حجم قيمتها المراد بها من التحرر ؟..هل انعتقت الحرية بمصطلحات الديمقراطية و حقوق الانسان و حرية التعبير ؟، هل لزم للحرية أن تستعين بمدافعين عنها أم أنها تفرض نفسها بالقوة وربما  بالضعف ، ربما بالكلمة أو ربما بموقف..من هي هذه الحرية و ما مرادها من كلمات الانعتاق؟..
الله خلق الانسان محررا مكرما و ما فكرة الاستعمار إلا جديدة بسبب أطماع و نوايا خبيثة ، لم تكن الحرية بحاجة لتعريف سوى أن ميزان العدل حقق لها ما تكفيها من القيمة المعاشة و المضافة .
فتعريفها واضح و هي قدرة الفرد على اتخاذ قرار أو اختيار مسار للعيش أو القيام بموقف دون  حاجة لتأثير خارجي أو مساعدة آخر ، الحرية هي مكسب لكل انسان في أن يعيش على النحو الذي يرضيه و الشاكلة التي تساعده  باستقلالية ذاتية تمنحه ترخيص بالقيام بما يراه مناسبا له و لقيمه و لدينه و لأخلاقه و لفكره ،فأن تولد حرا هو منطق التفرد بالشعور بذاك الاحساس أنك ملك لنفسك و أنك لن تستعين بغيرك ليدفعوك لأن تعيش حياتك في أدق تفاصيلها إلا ما كان تواصلا في بناء علاقات مع الغير .
هذه الحرية هي حق مكفول في الأديان و القوانين و نستدل في ذلك بقول عمر بن الخطاب " متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا"، اذ كلما أسيء فهم الحرية أو أسيء استعمالها أو احتكر مبدأها عن الغير كلما انتشرت الفوضى ،و يصبح التفوق للأقوى بمنظور التجاوز و الظلم ،و سبق و لوحظ انتهاك للحريات و قمعها و تكميم الأفواه ليستمر الاستبداد و تستمر الهيمنة الاحتكارية .
و لإعطاء المفهوم الحقيقي للحرية هي أن يعيشها كل فرد بوسطية موزونة فلا افراط و لا تفريط ، فالإفراط مبعث للفساد و التهور و المجون و الهلاك ، و التفريط في ضياع الحرية مبعث للخسارة و المذلة و ضياع الكرامة و من غير كرامة لا حياة حقيقية لمن ينشدها ولو بالقوى الشعارات و أرفع درجات الغنى ، فان تكون متشبعا بتمام الحرية ليس أن تكون فاقدا لها بدرجات التهور و الضياع
الحرية تنتهي بالنسبة لك حينما تبدأ حرية الاخرين و حريتك تبدأ حينما تنتهي حرية الآخرين و هذا التبادل في الاحترام هو ما يحقق مجتمعا سويا يتمتع بحقوقه و يعيش في سلام  و بطلاقة في فضاء فسيح من القيم و الأخلاق..
لا تعتقلوا الحرية و اتركوها كالطير يحلق في سماء العدالة فهي أحوج ما تكون كحاجة الطير لأن يتمتع بقيمة جناحيه  و لن يرتفع هذا الطير ما لم يمد جناحيه في متسع من الحرية قدر الامكان ليحلق عاليا ، هكذا هو طموح الانسان فمن غير حرية لن يتحقق و من غير توازن في الحرية لن يحفظ و لن يستمر.
 

أضافة تعليق