مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/11/10 20:37
السياسة  في أولويات البحث


في الوقت الذي اعتمدت فيه دول الشرق الأوسط عدا تركيا على  الكهول الثيوقراطيين القابعين في محاريب القرون الوسطى أو صغار السن ومراهقي السياسة في رسم سياساتها والتخطيط لمستقبلها، والعيش بعيداً عن مؤسسات البحث العلمي ومراكزه، والتضييق على الباحثين المحترفين وعدم الإهتمام بهم وإقصائهم عن مراكز الحكم ودوائره السياسية.  
اعتمدت الدول الغربية على مؤسسات ومراكز ابحاث استراتيجية منظمة ومحددة الأهداف وخبراء متخصصين في شتى مجالات المعرفة الإنسانية، والمهتمة بشؤون حياة شعوب العالم قاطبة، وبلدان الشرق الأوسط على وجه التحديد، هذه المراكز البحثية يستعين بها صناع القرار في رسم سياساتهم واتخاذ قراراتهم السياسية والإقتصادية والعسكرية والإستخباراتية، استجابة للتحديات التي تواجهها وينتجها الحاضر والمستقبل، والتي تعتمد على الرصانة والبعد الفكري والتي قد تفوق ميزانية أحدها ميزانية إحدى دول العالم النامية في العالم الثالث.
والأدهى والأَمَرْ من ذلك هو سيادة ونفوذ دولة إسرائيل المتمركزة في قلب العالم العربي على معظم تلك المراكز والمؤسسات االبحثية إضافة إلى ما لديها من مراكز، وخاصة المهتمة منها في قضايا الشرق الأوسط وفقاً لتقرير نشرته الجزيرة نت، كما إنها من أبرز دول العالم إنفاقاً على البحث العلمي والتكنولوجي حيث  تنفق ما مقداره 9.4 مليار دولار ، لأن ذلك يلعب دوراً محورياً في توجيه سياسة القضايا البحثية الأمر الذي يؤدي إلى انحياز بعض المراكز والباحثين للدولة الداعمة لها أو إلى قناعتها المسبقة والمستقاة من مصادر غير محايدة.
 
وقد يستغرب البعض إذا ما سمع بأن كثيراً من الإختراعات المصنعة في أمريكا وبلدان الغرب أنتجتها عبقرية الشباب والكوادر العربية الذين ضاقت عليهم بلدانهم نتيجةً لعدم توفر مجالات البحث العلمي كون ما تنفقه الدول العربية مجتمعة لا يوازي ما تنفقه جامعة أمريكية واحدة إذ تنفق أمريكا 405.3 مليار دولار سنوياً على البحث العلمي وفقاً لأحد الدراسات الصادرة من المركز العربي للدراسات والأبحاث.
ذلك أن العالم انتقل من عصر القوة الميكانيكية حيث التفاوت الكمي بين الدول إلى عصر المعلومة سيما وأن المعلومة والتقنية الحديثة أصبحتا المصدر الأساسي للتفوق في كل المجالات، في الوقت الذي تُبعثَر فيه أموال العالم العربي والإسلامي على الصراعات البينية الإقليمية اللامتناهية، والتي لاتزيد الأمر إلا سوءاً وخوفاً وفرقةً وضياع.
 بسبب خوفها من مخرجات العلم، وتطلع شعوبها إلى مزيد من الحريات والممارسة الديمقراطية وركزت على حفَظة التاريخ والجغرافيا والمسائل التي عفى عليها الزمن كالعيش في خيالات الفرح بالماضي والتغني فقط بما كنا عليه في غابر الأزمان.
 وحتى الآن لم تعِ بلداننا العربية بأن البحث العلمي هو مرتكز الصناعة والزراعة والتجارة وهو الأمن القومي والمجتمعي، في حين أن بعض الدول ومنها إيران استغلت تلك الحالة من الركود وقصر النظر والبُعد عن منارات العلم وصناعها.
فاندفعت  إلى تفخيخ كل الطرق والملفات بين الشعوب العربية، وعملت على توسيع هوة الخلافات البينية بين الدول كأقطار، وبينها وبين حكامها، أو بينها وبين الدول الغربية والمنظمات الدولية لتشويه صورة هذه الشعوب وتدمير علاقاتها بالشعوب والمنظمات الإنسانية والحقوقية والسياسية الأخرى، إضافة إلى تفتيت لحمة العرب القومية بمقابل سمو وسيادة القومية الفارسية على القومية العربية المنهكة.
ختاماً،  وللتأكيد على ما جاء سابقاً فقد بلغ عدد براءات الإختراع لدولة الكيان الإسرائيلي 1162 براءة اختراع عام 2008م، وهي تفوق ما أنتجه العرب في تاريخ حياتهم  التي تعادل 836 براءة اختراع فقط.
 وعليه فإذا ضاقت بنا الحيل كعرب وتفرقت بنا السبل وظللنا بعيدين عن مسارات البحث ومراكزه وتخلفنا عن ركب المسيرة العلمية والصناعية العالمية، فسنبقى ضحايا لأنفسنا وجهلنا قبل أن نكون ضحايا للخصوم ومهوى للطامعين ومسخرةً بين الأمم.
 
       
أضافة تعليق