مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/08/24 20:11
حينما يصلي الساحر
حينما يصلي الساحر
 
لم أعد كالسابق احتار  من تناقضات مرضى القلوب بل من سلوكات بعض المجرمين الذين يتكلمون معك كلاما رطبا و يتقدمون المراتب الأولى من المعارف  لخدمتك ليتحول هذا  السلوك إلى إجرام كظاهرة جديدة تختلف عما سبق من عصور أين كان منحصرا على إطلاق رصاص باتجاه الضحية أو سرقة مال أو مجوهرات أو ضرب  و ما إلى ذلك من صور الجريمة المتنوعة بتنوع الغرض و المقصد و الفاعل..و الأمثلة عديدة كأن يتحول سائق بمسؤوله إلى ساحر أو خادمة استأمنتها السيدة على  البيت و أهله فتخدع و ما إلى ذلك من الأمثلة ....
قلت لم أعد احتار لأن المجتمع مليء بهؤلاء  المجرمين و بصيغة الإجرام الصعب و القاتل و من غير دليل للسلاح المستعمل إلا ما كشفته الفحوص و التحاليل الطبية و التي بدورها تقف عاجزة عن كشف سبب المرض أو وصف عارض من عوارضه  ، هم مجرمون بنزعة نفسية انتقامية حينما لا يتحقق لهم مراد أو لا يخضع لقولهم ساذج أو أحمق مثلهم ، هم هكذا مجرمون فوق العادة لأن الطبيعي من نصاب الشيء أن ترتكب جريمة مرة و لما يخشى المجرم  أن يكشف احد أمره  لا يكررها لأن من طبيعته الخوف  و الخوف ساكن في نفسه حتى بعد نجاح الجريمة ،و بالتالي يباعد في زمن ارتكاب الجريمة الثانية خاصة إن ما كان محترفا و هاويا للتعدي على الغير ، لكن هذا  العصر تنوع في وسيلة الجريمة ليصبح السحر  حفظنا الله منه و من ناسه جريمة غامضة لا دليل عليها أو منها، فهذه الكبيرة من الكبائر التي حرمها ديننا الحنيف أصبح دواء لكل مريض نفسي يهوى الانتقام و رؤية الغير يموتون أمامه في بطء شديد ،  و لا يرتاح له بال إلا و قد تأكد أن عمله قد نجح و إن لم ينجح يكرره بكل وقاحة و من الوقاحة ما استلزم الجلد لأجله خاصة إن ما ضاعت أرواح بريئة ضحية لهذا الفعل الشنيع الذي ساد أمما تريد أن تتقلد  مراتبا و تحظى بأموال و فرص غير حقة لهم فتلجأ للسحر لاسترضاء المعني بتسليم المنصب أو ليحقق  رجل مبتغاه  مع امرأة  يريد التزوج منها و يعرف أنها سترفضه فيلجأ لهذه الطريقة لنيل رضاها بصورة عمياء ، و قد يقع الكثير في شباك هذه العملية الشنيعة خاصة من لم يكن محصنا بالأذكار و تلاوة القرآن.
 لتكون إحدى المنجيات في احدى طرق التحصين الشرعية  ،و لكن  لا يعول على كل المخاطر و الأفعال الشريرة أنها بسبب السحر  إلا ما يتحقق منه حقيقة من خلال تجارب بعض الضحايا و الذي لم يكشف أمرهم إلا بالتقرب من الله و بالرقية الشرعية ليكتشفوا المستور من سحر فرقة و طلاق و موت وما إلى ذلك من الأمراض المستعصية التي وقف الطب عاجزا عن مداواتها...
صحيح أن ظاهرة السحر ظاهرة قديمة قدم وجود الإنسان و فيه سور كثيرة تنص على ذلك في القرآن الكريم و هي مقترنة بزمان  بسيرة سيدنا موسى عليه السلام أكثر ، و لكن يبقى الحرام حراما و لو بخطوات صغيرة و يبقى الحلال حلالا و لو بنظرة بريئة ، و ما عسانا نواسي ضحايا هذا الإجرام إلا بالقول انه ابتلاء و لا بد من الصبر مع الأخذ بالأسباب في الشفاء و الله من فوق سبع سماوات عينه لا تنام و يعلم خائنة الأعين ، و سؤالي اللحظة :
أين أنت بها أيها الساحر ؟ ثم ما ترجمة صلاتك أمام من يعرفك و أحسست أنه أحس بغربة سلوكاتك ؟ هل شعرت أن أمرك بدأ ينكشف أم شعرت بندم شديد لفعلتك ؟ ربما الأرجح في الاحتمال الأول و لا صدق في الاحتمال الثاني لأن تكييف السحر في الشرع هو من الكبائر و لا يغفر ذنب لذلك ، و ما تلك الصلاة منك إلا تمويه و تضليل لمن خشيت أن يكشف سيرة  إجرامك المغلف بحركات للصلاة و القلب يرتجف رعبا من أن يكشف احد أمرك ، لا عليك من الرعب لأنه لن يفيدك  فنار جهنم بانتضارك و قد  هيأت لك مقعدا فيها فلا صلاة تنفعك و لا تمويه ينجيك ما عدا صفعة قوية من رب كريم يمهل و لا يهمل...
و لكل من كان ضحية للسحر أقول وفق ما يقوله العلماء أن صبرا و احتسابا فأجر ذلك عند الله عظيم و ما النصر إلا من عند الله و ما الشفاء إلا بإذنه مع تحري الأسباب الشرعية لذلك و كل ألم و دمعة و خسارة للأحباب و الأصدقاء و الأزواج و الأموال و الأولاد و التفوق في الدراسة إلا معوض من عند الله ...و سيعود النهر لمجراه من منبعه الصافي لأن الله لا يضيع أجر الصابرين و المحتسبين....
صدقا يتلعثم اللسان عن الحديث في هكذا جريمة من غير دليل في مكان الألم إلا ما كشفه القرآن ، و صدقا مواساة عظيمة لمن كان ضحية لهذا الفعل الشنيع و صدقا لا يكمل القلم حديثا عن هذا الموضوع إلا مواساتي الشخصية لكل ضحايا السحر قائلة بصوت صادح بالحق و طلب الثأر من الله تعالى أن حسبنا الله و نعم الوكيل ، فلن لتنفعك تمويهاتك أيها الساحر الخبيث و لتفر إلى حيث شئت فملك الموت يترصدك في ميعاد موت و انتقام الله لك شديد و طوبى للمبتلين ..طوبى لمن قاطعه صديق بسبب السحر و طوبى لمن طلقها زوجها بسبب السحر و طوبى لمن مرضت مرضا قاتلا بسبب السحر فكل معوض من الله ثوابا عظيما ،  فهل أدرك السامعون لقصص المبتلين من السحر و المتضررين منه  و القارئون لهذا المقال أن جريمة السحر لا القانون يكيفها و لا يلتفت إليها مجرد التفاتة لأنه تبقى في نظر رجال القانون وهم و خرافة و يبقى الدين وحده الدستور الذي نص على نصوص لتحريمها و وضع العقوبة الصارمة لها بان لا يفلح الساحر حيث أتى ، أظن أن ذلك كاف لأن تمسحي دمعتك يا من كنت الضحية و الخاسر و الباكي و الشاكي و المعذب لكنك مأجورة بأعظم الجزاء دنيا و آخرة ، فليحذر الأتقياء من استئمان هذا الصنف من المجرمين الذين تبدو وظائفهم في  خدمة الناس و في الحقيقة هي لقتل و تشريد الحب و الوئام بين الناس.. و لخدمة مآرب أخرى يأمرون بإتيانها مقابل مال أو منصب او مرتبة ..
لكل مبتلي من ذلك أن يقول : ربي مسني الضر و أنت أرحم الراحمين..حسبنا الله و نعم الوكيل...و من وكل الله ماذا فقد ؟...

أضافة تعليق