مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/05/29 00:21
رقمنة الملف الطبي بين التخطيط الجزائري و الكندي
رقمنة الملف الطبي بين التخطيط الجزائري و الكندي
 
يعمد الباحثون في مجالات الحياة على تطوير مجالات العلم و الابتكار و العصرنة في حد ذاتها بتكنولوجيا متطورة و بفكر يبحث له دائما عما يقلل للمجتمع سلبيات أي ظاهرة أو أي مشروع ، و لكن العقول المخططة تختلف و بدرجات و ما  مشروع رقمنة الملف الطبي إلا احدى المشاريع التي أفردت لها متابعة مختصرة و لكن بتدقيق في التخطيط بين الفكرة الجزائرية كبادرة أولية لإحداث تغيير في حفظ السر العلاجي للمريض و في تقديم خدمة أسرع و أنجع بأقل تكلفة في الوقت و الجهد و بين الفكر الكندي الذي لمحت من خلال مطالعتي لبعض المواضيع انها تختلف تماما عن طريقة تناولها لدى الاعلام الجزائري..
فالبدء بالحمد لله أولا و اخيرا ، و بعدها و في مقال نشر في جريدة النهار للسيدة أسماء منور بعنوان: الملف الالكتروني للمرضى ..وداعا للأخطاء الطبية ، و في الواجهة الأخرى للاعلام الكندي مقال بالفرنسية
لكاتبه  :Christiane larouche  
la Numérisation des dossiers médicaux -Un processus à bien documenter
  Le médecin du québec :Volume 47 ; numéro 11 novembre 2012 

وداعا للأخطاء الطبية و عدم تحمل المسؤولية ، هكذا ابتدأ الأخت الاعلامية أسماء في مقالها على جريدة النهار ليوم الخميس 28 أفريل 2016 الموافق ل20 رجب 1437 هـ،  و كذا الوداع لتنقل المريض من مصلحة لأخرى لرؤية الطبيب ، كل هذا بفضل النقلة النوعية التي وفرتها تكنولوجيا الاعلام و الاتصال .
أما في الصحيفة الأجنبية :

 
فقد وردت مقدمة المقال كما يلي :
Avant de s'engager dans un processus de numérisation .il faut bien cerner ses besoins et les moyens dont on dispose .la numérisation est un processus ambitieux et généralement couteux  
.........donc être élaboré avec soin Par conséquent ; , il peut être judicieux de recourir aux services d'une entreprise spécialisée dans le domaine
اذن ، ليلحظ معي القارئ الكريم تفاوت احترافية محرري المقال سواء الجزائري أو الكندي سيلاحظ فرق في طريقة الطرح في المقدمة و في احتضان الموضوع للقارىء بين عيني المتحفص لفهمه و تحليله و من ثم معرفة مستوى الصحة  و العلاج و تطويرها و كذا معرفة مصداقية نجاعة المشروع و نباهة الصحفي في طرحه للهدف من المشرع.
ففي المقال الجزائر ي، كاتبة المقال فتحت صياغة للعيش على سراب القضاء على الأخطاء الطبية من خلال رقمنة الملف الطبي ، و كأن عصا موسى أوتيت لمن سيحملها و يخلق الحلو لما أستعصي من الكلام ، ناسية الأخت الكريمة أن الخطأ الطبي في حد ذاته صعب حصره و مراقبته و حصره على مستوى ضيق من المعاينة ليتم تقليل الظاهرة ، و لا اقول القضاء عليه لأنه يستحيل ذلك ،  ثم ليست رقمنة الملف الطبي من سيقضي على الأخطاء الطبية و التي هي منتشرة بكثرة في البلدان الغربية و ليس العربية و الاسلامية فقط ، ثم الكاتب الكندي انطلق في معالجة الملف باستراتيجة واضحة الأبعاد و بخطة ممنهجة فيها الكثير من الصدق و الواقعية بدءا بطرح تساؤل عن لماذا ترقيم الملف الطبي و لماذا ستتم رقمنته و في تساؤلات منه في صميم المقال تساءل عن كيف تتم رقمنة الملفات الطبية و كيف يتم تحقيق الحماية اللازمة للسر اللصيق بالحياة الخاصة للمريض؟..
و لم يبدأ محرر المقال ب :وداعا للأخطاء الطبية ، لأنه يعي جيدا حجم هذا الاقرار في توديع معضلة صعبة للغاية ففضل معالجة الموضوع  بنوع من الجرأة الأدبية التي تخللتها أسئلة معاشة و من واقع ملموس للحقائق، على عكس الاعلامية الجزائرية في صحيفة النهار التي عنونت بحلم سيتحقق لا محالة ، و هنا لا بد من تحري الاحترافية المهنية للإعلامي هذا أولا ، ثانيا أن معالجة الملفات المهنية الحساسة تحتاج الى طريقة تفكير و تحرير للموضوع بنوع من ملامسة حقيقية للواقع ، فرقمنة الملف الطبي الغاية الأكيدة منه هو اختزال متاعب العمل من الوقت و الحركة و اختزال الاستعمال الورقي للملفات الطبية ليحمل البرنامج الكلي لعلاج المريض في ملف الكتروني يحمل كل البيانات الخاصة بالعلاج المقدم و اسم الطبيب المتابع و المعلومات الخاصة بالمريض ووضع رسم سري  خاص به لا يستعمله إلا الطبي المعالج و الممرض حفاظا على السر المهني و حفاظا على علاقة العلاج الموجودة أو القائمة بين المريض و الطبيب.

اذا ، اذا كان طريقة تحرير و معالجة مواضيع اخذت لها منحى من التقدم  و التطور بهكذا أسلوب في الكتابة من غير تقص للواقع فهذا يعني نوع من التمويه و نوع من ذر رماد التقدم و في حقيقته لن يتم بكامل مواصفاته ان لم يتم سد النقائص و المشاكل الأخرى المتعلقة بريتم و نسق معيشة الطبيب و الممرض الجزائري ، على النقيض من الأمر في كندا يكون مرتب مستخدمي الصحة مرتفعا و الوسائل المستخدمة مهيأة بتقنية عالية يعرفها جميع المستخدمين و ليس لديهم مشاكل  عملية مفبركة يومية قد تضغط على الاداء العلاجي..
فليس ما ينقصنا أن نمدح التكنولوجيا لأنها وفرت لنا سرعة في رقمنة الملف الطبي و بالتالي مساعدة المريض على أن لا يتنقل كثيرا بحثا على طبيبه لأن التواصل فيما بين الأطباء سيتم بطريق الحواسيب، ثم ما علاقة الخطأ الطبي برقمنة الملف الطبي ؟ ، هل لأن الطبيب مقيد بساعة عمل تسجل في الملف و تظهر في الحاسوب و بالتالي يعرف من تأخر عن أداء عمله ؟، هذا ليس يقينا يقلل من الأخطاء الطبية ، لأن التكنولوجيا لا تحمي موت الضمير من توخي الحذر في العلاج و التكنولوجيا لا تبعث روح اليقظة في الأخلاق و التكنولوجيا لا ترضي المريض حينما لا يتنقل كثيرا ، و فيما بعد العلاج رواسب أخرى لم يتم تداركها ، فالتجربة الكندية ذكرت ان حفظ الملفات الطبية سيكون لعشر سنوات بحسب تقرير الجمعية الكندية للحماية الطبية و البدء يكون من آخر ولوج الى الملف الذي تمت رقمنته ، يعني فيه حسابات  و ضوابط وتأكيدات ، فهل التجربة الجزائرية لحقت الى  هذا المستوى من الحفاظ على ملفات المرضى ؟ و هل سيكتب لمثل هكذا مشاريع الديمومة و الممرض لا يزال يعاني و يشتكي من ظاهرة  التغيب عن العمل بسبب الضغط الممارس عليه ؟، هل تم تلطيف أجواء العامل النفسي لممارسي الصحة و تهيئة مناخ جيد للعمل قبل ادخال آخر صيحة تكنولوجيا لهم ؟ ، و المعروف بل ما تم معاينته حقيقة من بعض العنف الممارس بداخل المستشفيات أن الطبيب او الممرض او حتى المريض ان  ما تعرض لنبرة قلق يحدث على الفور عطب بجهاز العلاج او الحاسوب ، فيه فكرة انتقام نمت بسبب ظروف في حين المجتمعات الغربية لا تملك ثقافة التخريب و المعاملة للعودة للوراء ...
لن أسترسل في الحديث عن رقمنة الملف الطبي لأن  تفاصيل المشروع موجودة عبر وسائل الاعلام و يوجد الكثير لمن يريد الاطلاع لكن اردت فقط وضع أصبعي على زر الحاسوب لأوقف فيه لقطة صناعة تقدم تقني و الطبيب و الممرض البعض منهم  لا يملك ليومنا هذا ثقافة الانسانية و الضمير الحي ، الآلة المرقمنة تلبي أي طلب نطلبه منها بزر دون مبالغة أو توان لكن العقل البشري يرفض ان يلبي صحوة ضمير في موقف من مأساة مع مريض و لا يهم في ، ذلك لأن المريض لا يقرب للمعالج و ربما المريض لم يحترم توصيات الطبيب في الأخذ بالعلاج في وقته المناسب ، فتغيب ثقافة الوعي و ثقافة الاحترام و ثقافة الائتمان لتحل محلها ثقافة أن التكنولوجيا تصنع المستحيل و بالتالي تقضي على الأخطاء الطبية و التي هي من صنع بشر..هل فعلا الخطأ الطبي يريد له الاندثار وسط مجتمع اصطفت  في أجنحة الأرشيف ملفات عالقة و في أروقة المحاكم و لم ينفض عنها الغبار بعد؟ ..
ثم اذا كان بعض المعالجين يقدمون أرقاما خاطئة لعدد العمليات الجراحية التي أجرونها و لعدد الفحوصات التي قاموا بها و يصرحون للوزارة الوصية ان عمليات زرع الأعضاء تتقدم بشكل كبير   و متميز ،أظن أنه فيه خلل في القيم و في تفعيل الأخلاق و هي الصدق و الأمانة و الاستقامة ، فهل سيوفر لنا زر حاسوب بتكنولوجيا عالية قيمة حضارية بأقل عناء ؟؟..

أترككم أنتم الأوفياء لتجيبوا أو تحللوا من منطلق المنطق و الواقع ...و ليس من منطق الانبهار بتكنولوجيا لم نعرف بعد ان كان فيها الخير حقيقة لنتقدم أم فيها الاختزال الكبير للقيم لنتأخر ، قيم الضمير و الصحوة العقلية...
فمن يقي الأخطاء الطبية من الحدوث العقل و الضمير أم التكنولوجيا برقمنة متطورة ؟.


 
 
 
 
 
 
أضافة تعليق