مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/05/21 17:04
حديث العطر

بسم الله الرحمن الرحيم
أن تبصم بإبهامك وثيقة ، أمر يحتاج إلى واثق وموثَق فقط .
 وأن تبصم الأرض فأنت تحتاج إلى قدمين تتسمران فتضغط التراب منضماً إلى بعضه فيظهر لك عنفوان تفاصيل قدميك ..        
  أما أن تبصم قلوب وعقول فالحاجة إلى نور البسمة كما هي الحاجة إلى نار الدمعة بل هي إشعال الأمل من تسعر الألم فإذا في النفس أزمتين تصنع لذتين !
مهذب نفوسنا طيب القلب والرائحة والفم والكلمة وإن لم يمس طيباً ! صلى الله عليه وسلم والذي قال فيه أنس بن مالك رضي الله عنه :
 ما شممت ريحاً قط ولا مسكاً ولا عنبراً أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقتدى  به خادمه الصغير الكبير لا يخرج للقاء الأخوان إلا وقد جعل طيباً في يده حتى إذا سلم عليه أحد يشم رائحة طيبة  .
سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام يُذيب الروح في بيان شفاف حين يقول :                             حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ ، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاة .. رواه النسائي                 فيلقي بنساء الأرض على حافة القمر في إقران تزاوج لا ازدواجية فما المرأة إلا العطر شفافاً مادة وإناء ! إنما عطرها الخبر يترجم عنها .
ردت أمنا الصديقة رضي الله عنها على عذب الكلام بعذوبة المسحور ،وبأسر المحبة وما أسرها ألا قيد حرير لكلمات المحبوب ، نظرت إليه عليه الصلاة والسلام وهو يخصف نعله وهي تغزل صوفها فإذا بقطرات عرقه لؤلؤاً استنار بمادة النور منحدر على جبينه الشريف متولداً منه النور فأبهتها ما رأت !
  ولَلْمرأة عِطر ولَلْعِطر يتعشق المرأة ولذهنها هو سالب وبأنوثتها هو مسلوب  !                     
 فقال عليه السلام : مالك بهت ؟
فقالت : يا رسول الله، نظرت إليك فجعل جبينك يعرق وعرقك يتولد نوراً، ولو رآك أبو كبير الهذلي لعلم أنك أحق بشعره، قال: وما يقول أبو كبير؟
قالت : يقول :
ومبرئ من كل غبَّر حيضة ** وفساد مرضعة وداء معضل
 وإذا نظرت إلى أسرة وجهه ** برقت كبرق العارض المتهلل
فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان بيده وقام وقبل ما بين عينيها وقال:               جزاك الله خيرا يا عائشة ما سررت مني كسروري منك  .
زخرفة الهوى ضوء وماء ونسمات انجذاب العنصر إلى العنصر في لقاء أنفاس الأرواح الخضر  .
اجتمعت فيه الكمالات البشرية فملأت ما بين السماء والأرض ، وبرشاش ماء النهر يجري على أرض خضراء أزهرت فأزهر كل ما حولها فنفر من الرائحة الكريهة وشقت عليه فجعل من الطيب قوة للروح في رحلتها عبر الجسد وفي الأثير مع الرب سبحانه وتعالى ومع الناس  فيتطيب قبل إحرامه وبعد إحلاله من حج وعمرة فتقول المفتونة بزخرف الهوى عائشة رضي الله عنها :
كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ (لمعانه) فِي مَفْرِقِ رأس النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ . متفق عليه .
هو الطَّيب عليه الصلاة والسلام لا يردّ الطِّيب، ويدعونا لقبوله أيضا، يقول صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ طِيبٌ فَلَا يَرُدَّهُ، فَإِنَّهُ طَيِّبُ الرِّيحِ، خَفِيفُ الْمَحْمَلِ ) صحيح مسلم              ويرغّبنا فيه ، ويدعو المسلم إلى التطيُّب يوم الجمعة أيضا فيقول صلى الله عليه وسلم ( غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ، وَسِوَاكٌ، وَيَمَسُّ مِنَ الطِّيبِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ ) . صحيح مسلم
وطرفي الصلاح والسوء في الصحبة ينعقد وينحل بالرائحة طِيبها وخُبثها فما الجليس الصالح إلا حامل مسك وما جليس السوء إلا نافخ كير ، يقول عليه الصلاة والسلام :
(إِنَّمَا مَثَلُ الجليس الصالحُ والجليسُ السوءِ كحامِلِ المسك، ونافخِ الكِيْرِ فحاملُ المسك: إِما أن يُحْذِيَكَ، وإِما أن تبتاع منه، وإِمَّا أن تجِدَ منه ريحا طيِّبة، ونافخُ الكير: إِما أن يَحرقَ ثِيَابَكَ، وإِما أن تجد منه ريحا خبيثَة ) متفق عليه
قدر النفوس زكاؤها وكراهتها جاذبية من تُجالس وتصطفي في اعتراك الحياة شئ يضاف إلى شئ ، وشئ يُطوى في شئ وإنما هو جليس وثوب ورائحة .
وعلى عادة الإمام الشافعي رحمه الله يخرج بالكلمات من فلك النبوة يكسوها الحِس والذائقة فيبث فيها الحياة محلقة تحليق الفراشات يحملها النسيم على اللهو تستعرض ألوانها بين صفحات كتبه وبراهين مذهبه  يأتي الدليل الشافعي  :
(من نَظّف ثوبه جاد فهمه ، ومن طَاب ريِحه زكى عقله )
وإنا لنشهد أن إبداعات العقل صورة من جمال الرائحة وجمال الرائحة غيث السمو الإنساني .
 
 
 

مقالات اخرى
شارك برأيك
1
حسن زايد
2016/05/22
اللهم صلي على الحبيب
🌹🐇🍒
💘
2
حسن زايد
2016/05/22
اللهم صلي على الحبيب
🌹🐇🍒
💘
أضافة تعليق