مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/12/06 14:27
دولة الإرهاب العالمي
 

”ناقش تشومسكي تقرير الصحيفة الذي نشر بعنوان: “دراسة وكالة الاستخبارات المركزية للمعونات السرية تغذي الشكوك بشأن مساعدة المتمردين السوريين”. ونقل التقرير عن الرئيس باراك أوباما قوله إنه طلب من وكالة الاستخبارات المركزية إجراء مراجعة بهدف إيجاد فصائل (معارضة) “عملت بشكل جيد في البلاد، بهدف تمويلها وإرسال الأسلحة إليها، ولكن الاستخبارات الأميركية لم تخرج بنتيجة مهمة”.”

ان يعنون المفكر الاميركي المعروف، نعوم تشومسكي، مقاله: اميركا الدولة الإرهابية الرائدة، وهو يناقش تقريرا صحفيا، فهذا يقود بديهيا إلى مراجعة تاريخ الإرهاب والدور الاميركي الرائد فيه، وخصوصا برأي مفكر من اهلها، ولكن العنوان في حد ذاته واضح، أو يضع العنوان جوابا لأي سؤال، كما وضع تشومسكي عنوانا لتقرير الصحيفة الاميركية نيويورك تايمز، المنشور في 15 تشرين الأول/ اكتوبر الماضي. وإذا انتهينا من قراءة المقال فستكون القناعة التي توصل لها المفكر تشومسكي كافية ومثيرة للاستفهام بالقدر نفسه للاقتناع، بالرغم من انه يحث على فتح الملف بعناية ورهبة. ولعل في اعادة تذكيره بما اوردته الصحيفة عن امثلة سجلتها صفحات التاريخ وإشارات وآراء اخرى تدور في المضمون نفسه، ما يؤكد ذلك، ويثبت بالأدلة ما سبق وأشار اليه. علما ان الحقائق والوقائع التاريخية والراهنة والتي تمارسها توثق الرد على السؤال وتجيب مَن يريد ان يقتنع اكثر او يبحث عن ادلة اخرى. وهذا يعني في النهاية مَن هو مصدر الإرهاب في العالم!. ولماذا الدولة الاميركية هي الرائدة؟. القراءة للوقائع تشير إلى ان الادارة والأجهزة الامنية والاستخبارية التي تقودها وتديرها والمجمعات المالية والعسكرية والنفطية واللوبيات المتعددة والمختلفة التي تعمل خلفها أو تديرها بالواسطة هي المسؤولة والمكلفة به. وهو الأمر الذي لا يحتاج إلى كثير عناء للوصول إليه. رغم كل ما تبذله من حملات وجهود وتوظف له امكانات وأجهزة وأبواق مستأجرة وأساطيل حرب وإعلام ومرتزقة يتكاثرون بألسنتهم المتعددة اللغات، دفاعا عن حربها على الإرهاب، شعار ادارتها خلال كل عهود الرئاسات الجمهورية والديمقراطية، من ريجان إلى بوش الاب والابن، ومن كلينتون إلى اوباما. وأي محاولة لتبرير أو تفسير ما توصل إليه تشومسكي والصحيفة الاميركية تصب في الإطار ذاته، أي في تأكيد العنوان المشار إليه

ناقش تشومسكي تقرير الصحيفة الذي نشر بعنوان: “دراسة وكالة الاستخبارات المركزية للمعونات السرية تغذي الشكوك بشأن مساعدة المتمردين السوريين”. ونقل التقرير عن الرئيس باراك أوباما قوله إنه طلب من وكالة الاستخبارات المركزية إجراء مراجعة بهدف إيجاد فصائل (معارضة) “عملت بشكل جيد في البلاد، بهدف تمويلها وإرسال الأسلحة إليها، ولكن الاستخبارات الأميركية لم تخرج بنتيجة مهمة”. لذا، بات أوباما مترددا إزاء استمرار تلك الجهود. وللتوضيح استشهدت الصحيفة بثلاثة أمثلة رئيسية بشأن “المساعدات السريّة” في: أنجولا، ونيكاراجوا، وكوبا، إذ تعد كل حالة من الحالات الثلاث تلك، عملية إرهابية قادتها الولايات المتحدة. وقد عرفت النتائج والعواقب لكل منها بحق شعوب تلك البلدان وما اصابها من تلك “المساعدات السرية” والاستهدافات منها، والكوارث التي اسهمت في صناعتها. وهذه نماذج محدودة في المقال والتقرير للاستشهاد بها فقط. امثلة واضحة وصارخة، وطرية زمنيا.

حاربت اميركا مع جنوب افريقيا ضد انجولا وكانت إدارة رونالد ريجان، في ذلك الوقت، تقف وحيدة، تقريبا، في دعمها لنظام الفصل العنصري، لدرجة أنها انتهكت عقوبات الكونجرس ضد ذلك النظام، من خلال زيادة حجم تبادلاتها التجارية مع حليفتها حكومة جنوب إفريقيا. ودعمت المتمردين ضد الحكومة الشرعية ووقفت مع الغزو والاحتلال لانجولا. وتكاد نيكاراجوا لا تُذكر، في الحسابات التي استهلكتها الولايات المتحدة ضدها وضد الدول الأخرى من جيرانها. برغم أن محكمة العدل الدولية أدانت الحرب الإرهابية التي قادها الرئيس ريجان في نيكاراجوا، مطالبة الولايات المتحدة بإنهاء “الاستخدام غير القانوني للقوة”، ودفع تعويضات عنها. والعمل على منع انتشار تلك الحروب على الدول الأخرى في اميركا اللاتينية وما حصل فيها جراءها. اما في كوبا، وبعد فشل غزو “خليج الخنازير” عام 1961، وبعد الرد السوفييتي عليه وموقف الرئيس نيكيتا خروتشوف، أطلق الرئيس الأميركي جون كينيدي حملته القاتلة والمدمرة لجلب “أهوال الأرض” إلى كوبا ـ على حد تعبير المؤرخ ومستشار الرئيس الأميركي، آرثر شليزينجر، في كتابته سيرة روبرت كينيدي شبه الرسمية، وهو الذي تحمل مسؤولية الحرب الإرهابية فيها. وقد مارست الولايات المتحدة اعمالا وحشية وجرائم ضد الانسانية وما زالت ازاء كوبا. ومنها محاولات اغتيال الرئيس الكوبي فيديل كاسترو وتشديد الحصار الظالم المستمر إلى يومنا هذا. وبسبب السياسات الرعناء للإدارات الاميركية تدفع الشعوب في تلك البلدان وغيرها الثمن غاليا من دماء ابنائها وثرواتها وتقدمها.

ختم تشومسكي مقاله مستخلصا ان ما قامت به الإدارات الاميركية في مساعداتها السرية وصناعتها للكونترا ومجموعات الإرهاب والقتل الوحشية وخطط الحصار والغزو والتي رأى فيها: “حتى الآن، هذه هي النتائج الطبيعية للعمليات الأميركية التي ساعدت على انتشار “الجهادية”! من زاوية صغيرة في أفغانستان إلى جزء كبير من العالم”. ونقل آراء هي مدار نقاش واسع في الأوساط الفكرية والخبراء حول المقدمات والنتائج الحاصلة امامنا اليوم. منها ما قاله، المحلل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية جراهام فرلر “أعتقد أن الولايات المتحدة هي أحد المبتكرين الرئيسيين لهذا التنظيم”، “فتدخلاتها المدمرة في الشرق الأوسط، وحربها في العراق، كانت من الأسباب الأساسية لولادة داعش”. واضاف فولر إلى ما سبق ذكره، أن أكبر حملة إرهابية في العالم تتمثل بمشروع أوباما العالمي لاغتيال “الإرهابيين”. ويحتاج “تأثير توليد الاستياء” وغارات الطائرات من دون طيار والقوات الخاصة إلى مزيد من الدراسة والدراية من أجل التعليق على ما يجري. وذلك ملف يجب التفكير فيه مليًّا، مع قدر من الرهبة.”! (المقال مترجم إلى العربية من قبل ملاك حمود في جريدة السفير- بيروت يوم 18/11/2014).

ما وصل إليه تشومسكي ومن خلال قراءته لتقرير الصحيفة الاميركية وآراء خبراء معروفين يضيف إلى ما هو معروف او بات معلوما للجميع من هي دولة الارهاب العالمي، وان الواجب يقتضي العمل على وضع هذا التوصيف في قرارات دولية تمنعها من الاستمرار وتجبرها على تطبيق ميثاق الأمم المتحدة والحفاظ على السلم والأمن الدوليين وبناء عالم خال من الإرهاب.
*التجديد

أضافة تعليق