مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
مستقبل اليمن.. بين ظهور البيض، وملتقى ’’المشترك’’ وأذني الرئيس!!
مستقبل اليمن.. بين ظهور البيض، وملتقى ’’المشترك’’ وأذني الرئيس!!
فيصل مكرم.

منذ حرب صيف 94 وإعلانه الانفصالي الشهير في 21 مايو من ذلك العام ظل علي سالم البيض مختفياً عن الأنظار منشغلاً بشؤون حياته الخاصة، حيث يقيم في سلطنة عمان التي منحته من كرم الضيافة ما لم يحلم به لاجئ من قبله ولا هارب من بعده.. كان سخاء المحسنين في عمان على البيض مشروطاً بعدم ممارسته لأي نشاط سياسي يستهدف اليمن ووحدته وأمنه واستقراره، وقبل بالشرط العماني وحصل على وثائق رسمية بمنحه الجنسية العمانية وامتيازات تمكنه من العيش الكريم وتوفر له الحماية وحرية ممارسة أي نشاط تجاري أو استثماري داخل عمان وخارجها. فالرجل يمتلك ثروة طائلة حيث يتهمه بعض رفاقه ممن غادروا اليمن إبان الحرب أنه استحوذ على أموال كبيرة وتوارى مقاطعاً لهم سنين طويلة حتى لا يمنحهم فرصة لسؤاله عن هاتيك الأموال التي حولها إلى حسابات بنكية باسمه وأخرى حملها معه حين غادر البلاد.
قبل نحو عام ونيف ظهر البيض في بيروت أثناء حضوره حفل زواج ابنته على أحد المطربين اللبنانيين غير المشهورين بما يبرر البذخ الذي أنفقه على ذلك العرس الشهير والذي أغضب أصدقاء البيض وأقرب المقربين إليه من عائلته وأسرته وأصهاره، ناهيك عن أبناء وطنه، خصوصاً وأن مراسيم العرس كانت (شاهنشاهيه) بامتياز وافتقدت إلى حضور أبسط التقاليد اليمنية في مثل هذه المناسبات وتحديداً التقاليد الحضرمية التي يعتز بها المجتمع الحضرمي المحافظ ويرفض أي مساس بها.. ورغم ما قيل حينها عن ملايين من الدولارات أنفقها البيض على عرس ابنته، حيث تضاربت الأرقام الفلكية حولها، إلا أن هذه المسألة تبقى في إطار الخصوصيات الشخصية التي ينبغي احترامها وإنما يأتي الحديث عنها من باب الإيضاح حول مناسبات ظهور البيض طيلة فترة اختفائه لعقد ونصف من الزمن.
عشية الاحتفالات الرسمية بالعيد الـ 19 للوحدة اليمنية يوم الخميس الماضي ظهر البيض قافزاً إلى واجهة الأحداث والتطورات التي يشهدها اليمن من أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في النمسا ليعلن للعالم (كما يعتقد) بأنه عقد العزم على تحرير الجنوب من اليمن في مؤتمر صحافي حضره حصرياً ممثلون لبضع قنوات فضائية يحمل اهتمامها بالبيض وبالشأن اليمني مدلولاً بعيداً عن المهنية ومؤشراً غير بريء لجهة اليمن وأحواله ومتغيراته الداخلية الراهنة.. وكم كنت أتمنى أن يبقى البيض متوارياً ومختفياً على أن يظهر بتلك الصورة التي أطل بها علينا الخميس الماضي.
البيض بدا منهكاً وشاحباً تطغى عليه حماقة أخطائه بسوء ما دعا إليه وما حرض به وبما كشفه عن نواياه ونوايا من ساقوه عنوة إلى ذلك المربع الضيق والمحصور بخليط من الحماقة، والاحتقان والصراع مع الذات.
ومن المفارقات أن البيض ظهر في الوقت الذي كانت أحزاب المعارضة في ’’اللقاء المشترك’’ وفي مقدمتها الحزب الاشتراكي اليمني الذي كان البيض يوماً زعيماً له ومناضلاً سياسياً في مقدمة صفوفه تعقد ملتقاها التشاوري الموسع للتعبير عن مواقفها من التداعيات الراهنة في البلد والسعي لمكاسب سياسية مشروعة في مواجهة الحكم تمكنها من تحقيق أهدافها في الإطار الوطني، باعتبارها أحزاباً تمارس حقوقها وتدافع عن مواقفها وتعبر عن وجهة نظرها كشريك أساسي ومهم في المعادلة السياسية تحت سقف الوحدة والديمقراطية يرفض الإقصاء والإبعاد والتهميش، ويطالب بالحوار الذي يفضي إلى إصلاح الأخطاء والاختلالات التي تسببت في حدوثها سياسات الحكم وأدت إلى اندلاع تداعيات خطيرة في المحافظات الجنوبية باتت تشكل تهديداً لوحدة البلد وأمنه واستقراره.


ورغم أنني أستبعد أي توافق بين البيض وأحزاب ’’المشترك’’ على موعد ظهور الأول وانعقاد اللقاء التشاوري لـ’’المشترك’’ في مثل هذا الوقت، إلا أن المفارقة لا تخدم البيض ولا تبرر ظهوره بذات الحماقة التي تسببت في اختفائه لعقد ونصف من الزمن، ذلك أن الشيخ حميد الأحمر رئيس ملتقى التشاور الوطني كان أعلن قبل يوم من ظهور البيض مقاطعة ’’المشترك’’ الاحتفالات الرسمية بعيد الوحدة، وقال بأننا نريد أن نحتفل بعيد الوحدة وعلي سالم البيض بيننا، مؤكداً في نبرة احتجاج واضحة بأن البيض واحد من شركاء تحقيق الوحدة ومطالباً بعودة ألقها وبريقها الذي كانت عليه في 22 مايو 1990.. ربما كان حميد الأحمر وقادة أحزاب ’’المشترك’’ يعتقدون في عودة ظهور البيض بصورة مغايرة لما ظهر به من بؤس وحماقة وسوء بصيرة.
وفي هذا السياق أتمنى على الرئيس علي عبدالله صالح أن لا يسمع بأذنيه مواليه ومؤيديه أو بعض الفاسدين والنافذين وذوي المصالح ممن أوصلوا حال البلد إلى الحال الذي نحن عليه، وبأن يترك لهؤلاء أذناً واحدة ويسمع بالأذن الأخرى صوت معارضيه ومنتقديه، ثم يترك لبصيرته وتجربته ومسؤولياته الدستورية والوطنية والتاريخية تفنيد الغث من السمين، فذلك أدعى لمصلحة الوطن وضمان استقراره ووحدته وتلاحم جميع أبنائه.
.نيوزيمن
أضافة تعليق